مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قصف مصراتة بالقنابل العنقودية “قد يرقى الى مستوى الجرائم الدولية”

باخرة من الخط البحري الإنساني الذي شرعت فيه الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الى مصراتة ونقل المحاصرين منها Keystone

تدين مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الحصار المفروض على مدينة مصراتة، وتقول أن قصفها بالقنابل العنقودية "قد يرقى الى مستوى الجرائم الدولية". ويتزامن صدور هذا الموقف مع وصول أولى المساعدات الانسانية الأممية للمحاصرين في المدينة من مواطنين وعمال أجانب.

أخيرا بدأت المجموعة الدولية في التحرك لإنقاذ سكان مصراتة المحاصرة من قبل كتائب القذافي منذ أكثر من سبعة أسابيع، وهذا بعد توافد أنباء عن سقوط مئات المدنيين من جراء استخدام القوات النظامية للقصف المدفعي والهاون بطريقة عشوائية ضد الاحياء السكنية، وبالأخص بعد توافد أنباء عن استخدام كتائب القذافي لقنابل عنقودية.

كما تمثل تحرك المجموعة الدولية ايضا في تلبية مطلب لطالما نادت به عدة منظمات إنسانية، الا وهو فتح ممر إنساني بحري لإيصال المساعدات الإنسانية للمدينة المحاصرة، ولترحيل آلاف العمال المهاجرين االذين ظلوا عالقين في منطقة الميناء.

انتهاكات “قد ترقى الى جرائم دولية”

عبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، في بيان لها صدر يوم الأربعاء 20 ابريل 2011 ” عن إدانتها لما تردد من استخدام للقنابل العنقودية والاسلحة الثقيلة من قبل القوات الحكومية ( التابعة للقذافي) في محاولاتها لاستعادة السيطرة على مدينة مصراتة”. وتعد هذه إدانة جديدة لما يتعرض له المدنيون في ليبيا وبالتحديد في مدينة مصراتة على ايدي القوات النظامية.

وقالت المفوضة السامية “إن مثل هذه الهجمات التي تستهدف المناطق الآهلة بالسكان، وتخلف العديد من القتلى في صفوف المدنيين، قد ترقى الى مستوى جرائم دولية”.

وبالاستناد الى تقارير توصلت بها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أشارت السيدة نافي بيلاي: “الى سقوط قنابل عنقودية على مقربة من مستشفى مصراتة، وإصابة مصحتين بقصف بقذائف الهاون أو بطلقات القناصة”.

وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات مدققة عن عدد الضحايا المدنيين،  فإن الفوضة السامية لحقوق الإنسان أشارت الى “أن استخدام مثل هذه الأسلحة غير دقيقة التصويب من هاون، وراجمات صواريخ، واستخدام القنابل العنقودية في المناطق الآهلة بالسكان، يقود لا محالة الى سقوط ضحايا من المدنيين”. كما اشارت الى وجود “تقارير متعددة عن استهداف القناصة للمدنيين”.

تحذير من العواقب

وفي تحذيرها لمرتكبي هذه الانتهاكات، أوضحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بأن “على القوات الموالية لنظام القذافي، بما في ذلك القادة وباقي الموظفين، أن يدركوا جيدا، بأن تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم المُحتَمَل ارتكابها، سيدقق في كل الأوامر التي أعطوها، والعمليات التي قاموا بها”.

واشارت المفوضة السامية لحقوق الإنسان الى “أنه بموجب القانون الدولي يعتبر الاستهداف المتعمد للمنشآت الصحية جريمة حرب. كما يعتبر الاستهداف المتعمد او التعريض للخطر بدون تمييز للأحياء السكنية المدنية عملا قد يرقى الى مستوى الانتهاكات الخطيرة للقانون الانساني الدولي وحقوق الإنسان”.

أخيرا “ممر إنساني” نحو مصراتة

مصراتة المحاصرة منذ حوالي شهرين والتي ظلت تعتمد على شجاعة بعض المنظمات الانسانية الليبية التي تغامر بإيصال ما استطاعت من مساعدات على متن قوارب، لم تجد نداءات استغاثتها استجابة دولية إلا مع بداية هذا الأسبوع.

إذ أعلنت منظمة الهجرة الدولية التي مقرها في جنيف عن وصول ثلاث بواخر الى ميناء مصراتة، قادمة من بنغازي ومحملة بمواد إغاثية من تقديم عدد من المنظمات الانسانية الليبية.

فعلى سبيل المثال، غادرت السفينة الثالثة ميناء بنغازي يوم الثلاثاء محملة بحوالي 500 طن من المواد الطبية والمواد الغذائية ووسائل التنظيف الممنوحة من قبل القطاع الخاص الليبي ومن قبل جمعيتي الهلال الأحمر القطرية والإماراتية. كما سافر على متن الباخرة 13 طبيبا، 2 لاستبدال زميلين لهما في مستشفى بنغازي، والبقية، كما قال مسؤول منظمة الهجرة على عين المكان: “لمراقبة جرحى الحالات الخطيرة أثناء نقلهم الى مستشفى بنغازي”.

وقد عادت في اتجاه بنغازي محملة بحوالي 1000 شخص من المحاصرين في مصراتة، من بينهم 586 من النيجر، و239 ليبي، و92 من نيجيريا، و26 من بنغلاديش، و24 من الفيلبين، و16 باكستاني، وآخرين من الجزائر، ومصر، وأوكرانيا، وتشاد.  

وقد رحبت  المفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي بخبر قبول ليبيا يوم الاثنين لتواجد إنساني للأمم المتحدة في طرابلس، وناشدت السلطات “باتخاذ خطوات عملية بعد التأكيدات الشفوية، وفي مقدمة ذلك وأكثرها أهمية واستعجالا رفع الحصار المفروض على مصراتة”، على حد قولها.

وتهدف منظمة الهجرة الدولية بالدرجة الأولى، من خلال هذه العمليات البحرية، الى ترحيل حوالي 5000 عامل أجنبي من العالقين في مدينة مصراتة غالبيتهم من نيجيريا.

وكما قالت منظمة الهجرة العالمية: “تم في الرحلتين السابقتين  الممولتين من قبل هيئة المساعدة الانسانية التابعة للاتحاد الأوربي، ترحيل 2100 شخص، 100 منهم من الليبيين.

ولكن منظمة الهجرة العالمية تحذر من أن هذا الترحيل الى بنغازي لا يعمل إلا على نقل المشكل من مكان الى آخر. إذ تعتبر أن نقص التمويل يحول دون تمكين هؤلاء العمال المهاجرين من العودة الى بلدانهم .

 وقد ذكرت المنظمة بأن حدود ليبيا مع مصر وتونس والنيجر مازال بها حوالي 5000 عامل اجنبي عالقين ينتظرون إمكانية  توفير وسائل إعادتهم الى بلدانهم. أما من الفئات التي تم تحديدها داخل ليبيا على أنها في حاجة ماسة الى ترحيل فئة التشاديين المقدرة بحوالي 30 الف شخص بما في ذلك النساء والأطفال.

أما منظمة اليونيسيف فأعلنت من جهتها عن أن فرعها في ألمانيا أرسل باخرة الى مصراتة محملة بمياه صالحة للشرب ومعدات طبية ولعب للتخفيف عن حوالي 25 الف طفل.

وكانت فاليري آموس المسؤولة الأممية عن المساعدة الانسانية بمنظمة الأمم المتحدة قد أعلنت يوم الاثنين بعد زيارتها لطرابلس “أن حكومة القذافي تعهدت بالسماح بقيام موظفي الاغاثة الامميين بنشاطهم”.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه  عدة عواصم أوربية عن استعدادها لإرسال قوات مسلّحة الى ليبيا لمرافقة قوافل الاغاثة الانسانية ، شددت المسؤولة الأممية على حرص الأمم المتحدة “على تقديم المساعدة الانسانية بطريقة محايدة في كل الظروف”.

الى جانب المدنيين، يقدم الصحفيون من ليبيين وأجانب ثمنا باهضا في الحرب الدائرة في ليبيا عموما، وفي مصراتة بالخصوص.

وآخر ضحايا التغطية الإعلامية لأحداث ليبيا، سقوط اثنين من كبار المصورين الغربيين، البريطاني تيم هيثيرينغتون، والأمريكي كريس هوندروس اللذان كانا يتابعان معارك الثوار مع كتائب القذافي في مدينة مصراتة.

وقد عبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان  بهذا الخصوص”عن قلقها البالغ للمعاملة التي يتعرض لها الصحفيون من قبل السلطات الليبية”. إذ أشارت في بيانها الى مقتل اثنين على الأقل ( اربعة الآن، التحرير) وفقدان 16 صحفيا، عشرة منهم من الصحافة الدولية وستة من الليبيين”.

وجدير بالذكر أن الصحفيين اللذيْن قتلا من قبل في الصراع الليبي ،هما محمد النبوس مؤسس تلفزة “ليبيا الحرة” عبر شكة الإنترنت، ومصور الجزيرة حسن الجابر.

وقد وجهت المفوضة السامية لحقوق الإنسان نداء للسلطات الليبية “من أجل الافراج عن الصحفيين المعتقلين”.      

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية