مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية في ضوء الأزمة الراهنة

يوم 15 يوليو 2013، اجتمع الجنرال عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري (على اليمين) في القاهرة بويليام بيرنز، نائب وزير الخارجية الأمريكي Keystone

إلى أي مدى يُمكن أن تتأثّر العلاقات المصرية الأمريكية، بعد تلويح بعض الجهات الرسمية في القاهرة بإمكانية الإتّجاه شرقا إلى روسيا أو الصين؟ وما إمكانية تنفيذ مصر لهذا التوجه؟ وهل يمكن لروسيا بوضعها اليوم أن تعوّض أمريكا بالنسبة لمصر، على المستوى العسكري والإقتصادي؟ ثم إلى أي مدى تستطيع دول الخليج الوفاء لمصر بما تعهّدت به عوضا عن الغرب (حوالي 20 مليار دولار)، وما قُدرتها على الاستمرار في ذلك؟

هذه الأسئلة المتداولة والمثيرة للإهتمام في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ العلاقات بين البلدين طرحها مُراسل swissinfo.ch في القاهرة على خبيرين مصريين، أحدهما متخصّص في الشؤون العسكرية والإستراتيجية، والآخر متخصّص في الإقتصاد المصري والدولي.. فكان هذا التقرير.

قرار صعب للغاية على مصر

في البداية، وردّا على سؤال حول إلى أي مدى مصر قادرة فعلاً على الإستغناء عن العلاقات مع أمريكا، وخاصة فيما يتعلّق بالمِحوَر العسكري؛ أوضح العميد محمد صفوت الزيات، الخبير بالشؤون العسكرية والاستراتيجية، أنه “بعد اعتمادها لأكثر من 30 سنة على التكنولوجيا الأمريكية والعديد من أنظمة التسليح للجيش المصري، وعلى نحو خاص، القوات الجوية والمدرّعة، يصعب على مصر اتخاذ مثل هذا القرار”، مشيرا إلى أن “هذا الائتلاف لا يمكن الخروج منه بطريقة صحية، كما أنه من المؤكد أن مصر ستتأثّر وبشدة”.

وقال صفوت الزيات، الضابط السابق في الجيش المصري، في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “الواقع اليوم، يؤكد أن الولايات المتحدة، مصدر أساسي للسلاح، يفرض قيوداً شديدة للغاية على الدول التي يورد لها السلاح، بمعنى أنه إذا كنا نتصوّر أنه من الممكن أن نُناوِر معها للحصول على أسلحة أو قِطع غيار أو ذخائر أو بعض أنواع التحديثات المطلوبة، فإن هذا الأمر سيشكّل صعوبة كبيرة”.

وأضاف: “نحن نعلم أن أمريكا تتمتّع بنفوذ كبير، على الأقل في القارة الأوروبية، التي تُعتَبر المنتج الثاني للسّلاح، بعد الولايات المتحدة، من خلال عضويتها في حلف الناتو. وعليه، فإنني أعتقد أن الأمور ستتأثر بشدّة في مصر في حال قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، وخاصة من الناحية العسكرية. هذا إذا كُنا صادقين في الردّ على الأسئلة”.

السعودية تدور في الفَلَك الأمريكي

وعن تعليقه على تصريحات وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، باستعداد المملكة للوقوف بجانب مصر في مواجهة الضغوط الأوروبية والتهديدات الأمريكية، قال الزيات: “السعودية تخضع بدرجة كبيرة للولايات المتحدة وتدور في فلَكها. وإذا قرّرت أمريكا قطْع السلاح عن مصر، فلن تجرؤ دولة أخرى على أن تمدّها به. لأن مُستورِد السلاح في الشرق الأوسط، تُفرَض عليه قيود كثيرة، لا تتوقّف عند منع تصدير قِطع الغيار أو الذخائر أو بعض التكنولوجيا، بل إن الأمر وصل إلى تحديد مواقع تمركُز الطائرات والصواريخ”.

وأضاف الخبير العسكري: “يجب أن نعلم أن الولايات المتحدة تتعامل مع السوق الخليجي بذكاء وحذر شديديْن ولديها قواعد وقيود في تصدير الأسلحة إليه، أهمها أن لا تنقل أسلحة أو ذخائر إلى دول الطوق حول إسرائيل (مصر– لبنان– سوريا – الأردن – فلسطين)، مشيرا إلى أنه “في شمال السعودية، يُمنع استخدام بعض الأسلحة طويلة المدى، والتي يمكن أن يصل مداها إلى إسرائيل”.

دول الخليج لا تستطيع تخطّي حدودها

وحول ما يُمكن أن تقدّمه دول الخليج لمصر في أزمتها الحالية، كشف الزيات عن أن “دول الخليج تملك إمداد مصر بالدّعم المالي أو الاقتصادي. لكن في مسائل الدعم العسكري، أعتقد أنها لا تستطيع أن تتخطّى حدودها. فهي تستطيع أن توفّر لمصر قُدرات مالية لشراء السلاح من السوق الروسي أو الصيني”، مستدركا بقوله: “لكن هذا السوق الجديد بالنسبة لمصر، يخضع لقيود كثيرة من الولايات المتحدة، فضلاً على أنهم يتّفقون معاً على ضرورة عدم الإخلال بالتّوازن العسكري في منطقة الشرق الأوسط”.

في هذا السياق، دعا الخبير الإستراتيجي مصر إلى التمتّع بالرّشد والعقلانية، وأشار إلى أن “توفير دول الخليج للموارد المالية، لا يعني أن مصر انفتحت مرة واحدة على سوق آخر للسلاح، كما أن هذا السوق متأخر تكنولوجياً عن الولايات المتحدة، فضلاً على أنه لا يتمتع بمصداقية”، معتبرا أن “روسيا هي أسوأ سوق للسلاح في العالم، لأنها تولي العامل السياسي أولوية عن العامل المادي، وهذا نراه واضحاً في سوريا اليوم”.

ضمن تأكيدات الرئيس “أوباما” خلال خطابه – الذي ألقاه في 11 فبراير 2011 – على الدّعم الأمريكي لمصر أثناء تلك المرحلة الانتقالية الحساسة في تاريخها نحو إرساء قواعد الديمقراطية، فقد خصصت الإدارة الأمريكية مبلغ 150 مليون دولار من بين المبلغ الإجمالي للمساعدات التي لم تستغل حتى الآن (في أنبوب المساعدات) لدعم الاقتصاد الوطني في الوقت الحالي.

كما أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة “هيلارى كلينتون” عن مُقترحات أخرى لدعم الاقتصاد المصري خلال زيارتها للقاهرة في 15 مارس 2011، مثل مبادرة الكونغرس الأمريكي بإنشاء صندوق للأعمال Enterprise Fund، لدعم الاستثمارات الخارجية الواردة لمصر ودول الشرق الأوسط من خلال مؤسسة الاستثمارات الخارجية OPIC.

ثم جاء إعلان الرئيس أوباما خلال خطابه الذى وجهه للشرق الأوسط يوم 19 مايو 2011، ليُعلن عن حزمة من المساعدات الأمريكية للاقتصاد المصري، جنباً إلى جنب مع الاقتصاد التونسي، للتعبير عن الدّعم الأمريكي لإرادة الشعوب ولاستكمال كِفاح شعوبهما نحو الإصلاح والتطوير خلال تلك المرحلة التاريخية الراهنة، والتي ستكون من خلال القنوات التالية:

– الاتفاق مع كلٍ من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتقديم برنامج لتطوير الاقتصاد المصري، خلال قمة الدول الصناعية الثمان الكُبرى التي عقدت بفرنسا.

– مُبادلة الديون المصرية بمِقدار مليار دولار، يتم استغلالها في شكل قروض وضمانات قروض.

– تخصيص اعتماد مليار دولار من صندوق تنمية المشروعات لمؤسسة الاستثمارات الخارجية OPIC، الذي خصصه الكونغرس لدعم مشروعات القطاع الخاص بمصر وتونس.

– التنسيق مع الاتحاد الأوروبي بشأن البدء في إعداد اتفاقات للتجارة الحُرة مع دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

· أقرّت اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية، التابعة للجنة الاعتمادات بمجلس النواب الأمريكي، مشروع قانون اعتمادات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية للعام المالي 2012 خلال شهر يوليو 2011، ويتعيّن أن يستتبع ذلك إقراره من لجنة الموازنة، التي تحيله لمجلس الشيوخ للإقرار النهائي.

وتضمّن مشروع القانون، تقديم مساعدات عسكرية لمصر بمقدار: (1.3 مليار دولار) على أن تشمل أنشِطة وبرامج خاصة بتأمين الحدود في سيناء، وتخصيص مبلغ 250 مليون دولار مساعدات اقتصادية، بحيث يتِم استغلال جزء منها للأنشطة الداعمة لإجراء الانتخابات وحماية حقوق الإنسان ودعم المجتمع المدني.

التوازن العسكري في الشرق الأوسط

على صعيد آخر، أوضح الزيات أن “الضّامِن لأمن هذه الدول الخليجية، هي الولايات المتحدة، وبدونها لن تستطيع هذه الدول أن تتقدّم خطوة واحدة. فرغم أن لديهم أنواع حديثة من الأسلحة والطائرات، لكنها مُقيَّدة تقييدًا لا يشمل فقط نقل الأسلحة، ولكن حتى شكل التمركزات. هذا فيما يخصّ الدائرة الخليجية”، أما في دائرة شرق المتوسط “فهناك قرار دولي ضمني بعدم التهاون مع أية دولة من دول الطوق حول إسرائيل تتخطّى حدودها”.

وأشار إلى أن “الولايات المتحدة متعهِّدة بأن أي تصدير لتكنولوجية عسكرية متقدِّمة، لا يجب أن يخل بالتوازن العسكري في منطقة الشرق الأوسط، وهذا أمر يتفق عليه كل رؤساء أمريكا”، موضحا أن “الرئيس الأمريكي باراك أوباما، عندما ذهب إلى “إيباك” وخطب في لجنة الشؤون العامة، قال: إننا لن نسمح أبداً بحدوث خلل في التوازن العسكري، إلا في صالح إسرائيل”.

وتابع الخبير الاستراتيجي قائلاً: “إذن هذا تعهّد أمريكي واضح، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل مصر أصبحت دولة عفية لدرجة أن تتجه شرقاً أو غرباً؟ وهل لديها بالفعل العافية الاقتصادية والشعبية لفعل مثل هذا؟”.

على قائمة “الدول المنبوذة”؟

وردا على سؤال حول قُدرة مصر على أن تأتي بالسلاح من الشرق (روسيا أو الصين)، قال الزيات: “علينا أن ننتبِه إلى أن تطوّر تكنولوجيا السلاح في العالم اليوم، لم يعد يتيح للجغرافيا شيئا. فعندما ضربوا ليبيا من الغرب، لم يحتاجوا لأخذ قاعدة من مصر أو من إسرائيل. فالتقنية التكنولوجية اليوم عالية جداً وتتعدّى كل هذه العوائق والمسافات والأبنية. والولايات المتحدة اليوم تستعرض التكنولوجية العالمية والـ “هاي تك”.

ويستدرك الخبير العسكري قائلاً: “لكن، أن تحاول أن تقنعني بأن مصر قادِرة على أن تأتي بالسلاح من الشرق (روسيا أو الصين) بين يوم وليلة. فهذا كلام غير منطقي، فضلاً عن أننا لو انقلبنا إلى الشرق، فسنخسر الغرب”، مشيرا إلى أن “القرار الأمريكي لن يكون قراراً مرتبطاً فقط بمسائل التسليح، إنما قد يتعدّاه إلى إجراءات عقابية، كأن توضع مصر في قائمة الدول المنبوذة في العالم”.

المعونات الأمريكية = 2.15 مليار دولار

فيما يخصّ المحور الإقتصادي، أوضح الخبير الاقتصادي رمضان عبد العال، أن “العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، تحكمها علاقة استراتيجية ممتدّة لأكثر من 30 عاما، وتحديدا بعد اتفاقات السلام التي تمّت في أعقاب حرب 1973، ونتج عنها عدد من الاتفاقات، كان على رأسها مشروع المعُونة لمساعدة مصر على الخروج من أزمتها الاقتصادية، الناتجة عن اقتصاد الحرب إلى اقتصاد الرخاء.

وقال عبد العال، نائب رئيس تحرير جريدة الأحرار، في تصريحات خاصة لـ swissinfo.ch: “هذه الاتفاقات ربطت بين الدولتين بعلاقة استراتيجية على المستوى الاقتصادي، وكان من أهمّها (محور المعونات)”، مشيرا إلى أن “هذه المعونات تنقسِم إلى قسمين رئيسييْن، هما: المعونات العسكرية، وهي التي تحوذ على الجانب الأكبر، ثم المعونات الاقتصادية”.

 وأضاف أن “إجمالي مِحور المعونات كان 2.15 مليار دولار، منهم 1.3 مليار دولار معونات عسكرية والباقي حوالي 850 مليون دولار معونات اقتصادية”، موضحا أن “المعونات الاقتصادية كانت ثابتة حتى اتّخذت الحكومة الأمريكية في عام 2005 قرارا بتخفيضها بنسبة 5% سنويا، ومن ثم فهي في تناقُص مستمر”.

الشريك التجاري الثاني بعد “الأوروبي”

وأشار عبد العال إلى أن “التقييمات السنوية التي تجريها هيئة المعونة الأمريكية بالقاهرة والوزارات المعنية بالإشراف على برامج المعونة الموجودة في مصر، تثبت أن هناك عدم استفادة تصل نسبته إلى 60% من أموال المعُونة الاقتصادية الأمريكية”، مؤكدا أن هذا “أمر ناتج عن فشل الإدارات المعنية بمصر في تقديم مشاريع تتّفق مع الضوابط والقواعد التي تضعها هيئة المعونة لتنفيذ المشروعات”.

ويكشف عبد العال عن أن “أمريكا تُعتَبر الشريك التجاري الثاني لمصر بعد الاتحاد الأوروبي، بعد أن كانت الشريك الأول على مدى الثمانينيات، إلا أنها أصبحت في منتصف التسعينيات، الشريك الثاني، وهذا يمثل تراجعا في حركة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، في النصف الثاني من فترة حُكم الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك”.

أمريكا تستثمر في ثلاثة أنشطة بمصر

ويوضِّح الخبير الاقتصادي أن “الاستثمارات المباشرة الأمريكية أو للشركات الأمريكية بمصر، تتركّز في ثلاثة أنشطة رئيسية وهي: نشاط الخدمات المالية بأنواعها، وهو نوع يراه كثير من الخبراء ليس ذو تأثير كبير على معدّلات النمو الاقتصادي. ثم قطاع البتروكيماويات، وأخيرا قطاع الاتصالات”، معتبرا أن “دورها محدود جدا في تمويل المشروعات الصناعية ومشروعات الاقتصاد القديم (اقتصاد الآلة) ومشروعات الزراعة، وتلك التي تتّفق مع أولويات الخطّة التنموية المصرية”.

ويؤكّد عبد العال أننا “لو أجرينا تقييما بسيطا، فسنجد أن جملة الاستثمارات الأمريكية في المشروعات التي تحظى بأولوية على مستوى خطط التنمية المصرية، محدودة للغاية، وأن الدور العربي أكبر بكثير منها والدور الأوروبي أكبر بكثير، وكذا دور بعض الدول الأخرى في شرق آسيا”.

“كويز” أمريكا.. حيلة للتطبيع مع إسرائيل

ويشير إلى مِحور ما يُسمى باتفاق الـ “كويز” أو إعادة تشغيل المواد المؤهّلة، وهو بالأساس اتفاق بمشاركة عدّة دول عربية (المغرب – الأردن)، مع الطرف الأساسي، وهو إسرائيل، إلى جانب السوق الأمريكية. هذه الاتفاقات كان لها بالدرجة الأولى بُعد اقتصادي وآخر سياسي. البُعد الاقتصادي هو الذي يستفيد منه الاقتصاد المصري وهو تنمية علاقة التصدير، ما بين صناعات المنسوجات، تحديدا إلى السوق الأمريكية”.

وقد وضعت الاتفاقية قيودا على الاستثمارات. ومن هذه الاشتراطات أن تكون نِسبة المكوِّن الإسرائيلي في هذه المشروعات التي تحظى بالرعاية والدعم الأمريكي، حوالي 40%. فهو مشروع أمريكي هدفه الأساسي “دعم خطّة التطبيع ما بين مصر والكيان الصهيوني”.

تأتي الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري لمصر، في حين تحتلّ مصر المرتبة الـ 52 في قائمة أهم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، ويحق لمصر – من ضمن مجموعة دول نامية – الاستفادة من النظام المعمم للمزايا GSP الأمريكي، والذي يسمح بتصدير بعض المنتجات المصرية إلى السوق الأمريكية، وإعفائها من الجمارك.

وصل إجمالي التجارة البينِية إلى 9.065 مليار دولار أمريكي عام 2010، حيث بلغت الواردات المصرية من الولايات المُتحدة الأمريكية 6.837 مليار دولار والصادرات المصرية 2.228 مليار دولار، وقد بلغ العجز 4.609 مليار دولار، حيث سجلت التجارة البينِية تطوّراً ملحوظاً، مقارنةً بعام 2009، عندما بلغ حجم التجارة البينية 7.809 مليار دولار أمريكي، وعجز ميزان التجارة البينية 3.200 مليار دولار أمريكي عام 2009.

في إطار عدم وجود اتفاق خاص بمنطقة للتجارة الحُرّة مع الولايات المتحدة الأمريكية بعد، تركّزت الفُرص الممكنة لتنمية التجارة الخارجية الأمريكية من خلال التوسع في نشاط المناطق الصناعية المؤهلة QIZ مع إسرائيل، كما أن التحول السياسي والاقتصادي في مصر قد يكون من شأنه أن يطرح مسألة فتح ملف اتفاقية التجارة الحرة مرة أُخرى للنقاش.

(المصدر: بيانات وزارة الصناعة والتجارة الخارجية المصرية).

أمريكا والمؤسسات النقدية الدولية!

وأوضح عبد العال أن “تأثير الإدارة الأمريكية على المؤسسات النقدية والمالية الدولية الراعية، والتي تقدّم المساعدات والمِنح والقروض للاقتصادات الدولية بصفة عامة، وللاقتصادات الناشئة والنامية بصفة أساسية، هو أهَم دوْر تلعبه الولايات المتحدة في تهيِئة الخريطة الدولية لخدمة مصالحها.

وكشف أيضا أن “هذا الدور يرجِع إلى وجودها ونفوذها في هذه المؤسسات، وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدولييْن، وغيرها من الشركات المتعددة الجنسيات، والتي تلعب دورا كبيرا في عمليات تدفق رؤوس الأموال في المناطق المختلفة، بحكم علاقاتها المتشعِّبة مع دوائر رأس المال الدولي، هذا هو البُعد الأساسي والذي تلعب فيه السياسة الأمريكية الدّور الأبرز في تهيِئة الأجواء الدولية للحصول على فُرص أكبر للتنمية، من خلال تدفقات رؤوس المال العابرة للاستثمار على أراضيها”.

“ضغط” لا “قطع”..

عبد العال يرى أن “هذه التلويحات لن تصل بالأمور إلى القطْع الكامل للعلاقات، وإنما من المُمكن أن تصِل إلى تأثيرات مُباشرة في ملفات مهمّة، لأن قطع العلاقات في هذه الآونة، أصبح موقفا دوليا عدائيا، إنما ستكون هناك ضغوط”، مشيرا إلى أن “المسائل الاقتصادية تحكمها مصالح أفراد ومصالح دول، والخسائر ستكون مشتركة”.

ومن ناحية تقدير الخسائر، يرى الخبير الإقتصادي أن “الجانب الأضعف يكون هو الأكثر تأثرا بوجود هذا النوع من العلاقات المُلتهبة، لكنني أعتقد أن الموقِف الرّاهن ستحكمه أوراق ضغط لتحقيق مصالح مُعيَّنة، وتحسين شروط الاتفاق”، معتبرا أن “الموقف الحالي بين مصر والولايات المتحدة تحكمه سياسة الضغوط، لا سياسة القطع”.

وفي الختام، أشار عبد العال إلى أن “العشرين مليار دولار التي تحدث عنها وزير الخارجية السعودي، لن تكون في صورة مِنح وقروض، وإنما هي حِزمة من المساعدات المالية الخليجية للإقتصاد المصري، بعضها قد يكون في صورة قروض وتيسيرات مالية، وبعضها سيكون في صورة تشجيع الشركات الخليجية على تخصيص جزء أكبر من استثماراتها الدولية للسوق المصري”.

بدأت العلاقات المصرية الأمريكية رسميا بفتح قنصلية للولايات المتحدة في مصر عام 1832.

وترجع بداية المساعدات الأمريكية لمصر إلى أوائل سنوات ثورة 23 يوليو عام 1952، وبالتحديد عقِب صدور القانون الأمريكي العام للمَعونة رقم 480 لسنة 1953، والذي تم إقراره بدافع المحافظة على مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط.

وصلت التفاعلات المصرية الأمريكية قمّتها الصراعية في عام 1967، حين اتّخذت مصر قرارا بقطع العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة، فيما وصلت قمّتها “التعاونية” في السنوات الأخيرة من حُكم الرئيس الأسبق محمد أنور السادات.

عادت الولايات المتحدة إلى مصر والعالم العربي في مرحلة السبعينيات، بعد أن استطاعت الدبلوماسية الأمريكية أثناء فترة الحرب الباردة، احتواء النفوذ السوفييتي وإبعاده من المنطقة.

وحتى عام 1970، لم تكن ثمة علاقات دبلوماسية بين البلدين، ثم تمّ استئناف هذه العلاقات في مارس 1974. وخلال سنوات قليلة، استطاعت مصر أن تطوّر علاقات خاصة مع الولايات المتحدة.

منذ عام 1976، بدأت العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.

  

منذ عام 1978 أصبحت الولايات المتحدة الشريك الأساسي في العلاقات المصرية الإسرائيلية، والمصدِّر الرئيسي للأسلحة وأكبر مانح للمساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية