مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قمة بلير- بوش، تفاهم على العراق وتفاوت على الشأن الدفاعي الأوروبي

بوش وبلير في المؤتمر الصحفي المشترك في كامب ديفيد Keystone

يحمل رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في جعبته الكثير من المسائل التي يتعين عليه البحث فيها، خلال جولته التي تستغرق ثلاثة ايام إلى أميركا الشمالية. وقد تطرق الى البعض منها خلال توقفه في كندا يوم الخميس في المحطة الأولى من جولته، قبل أن يواصل الى منتجع كامب ديفيد الذي وصله منتصف ليلة الخميس الجمعه.

إلا أن ابرز المواضيع التي تخص الحوار البريطاني – الأميركي يتناول في شكل خاص قضية العراق وكيفية فرض “عقوبات ذكية” عليه، ولعلها تكون القضية التي تستحوذ على أكبر نسبة تطابق في وجهات النظر بين البلدين الحليفين، مقارنة ببقية المسائل التي سيشملها أول لقاء يجمع بين بلير وخليفة صديقه السابق، بيل كلينتن.

وتقر الأوساط السياسية البريطانية بأن الغارات التي جرى شنها الأسبوع الماضي ضد بغداد لم تسفر عن تحقيق نسبة النجاح المطلوبة وأن الاصابات المحققة لم تتجاوز 03 في المئة على الأكثر، واقتصرت على ارباك أعمال تطوير منظومة الدفاع الجوي التي تقوم بها بغداد.
وبين القضايا التي يتضمنها جدول اعمال القمة، علاوة على الملف العراقي، مسألة درع الصواريخ المضادة للصواريخ البالستية وهي مسألة خلافية، وكذلك أيضاً مسألة إنشاء قوة التدخل السريع الأوروبية التي أقرتها قمة الاتحاد الأوروبي في نيس في ديسمبر/كانون أول، والتي يعتبرها التيار اليميني في الحزب الجمهوري الحاكم في واشنطن بمثابة خيانة أوروبية للتحالف القائم بين أوروبا الغربية والولايات المتحدة.

ويبدو الموقف البريطاني متميزاً عن بقية المواقف الأوروبية في هاتين المسألتين مقارنة مع مواقف بقية الدول الأعضاء في حلف الناتو، بما في ذلك كندا التي أثار رئيس وزرائها جان كريتيان، بعد لقائه بلير الخميس، عاصفة احتجاج في الدوائر الأميركية حينما أكد أنه سمع الرئيس بوش يؤكد له قبل أسبوعين حينما التقاه، أن واشنطن لن تمضي قدماً في مشروعها لبناء منظومة درع الصواريخ “إذا كان من شأن ذلك أن يثير مشاكل لحلف الناتو، أو في حال تعذّر العثور على تفاهم مع الروس والصينيين في هذا الخصوص”.

وتعتبر بريطانيا أكبر عضو أوروبي في حلف شمال الأطلسي، وهي تعتمد على الحضور الأميركي القوي في الحلف للعب دورها في الساحة الدولية. كما تعتبر بريطانيا أكبر حليف أوروبي لواشنطن وأكثرها التصاقاً بها في الساحة الدولية، الأمر الذي يتطلب منها جهوداً إضافية للتوفيق بين تحالفها ومصالحها مع الولايات المتحدة من جهة، وبين المكانة التي تحتلها أوروبياً في وقت يميل الاتحاد الأوروبي في شكل تدريجي الى الخروج من الوصاية الأميركية.

كما ينسحب الأمر نفسه على الدور الذي تحاول لندن الاضطلاع به في الشرق الأوسط، حيث تسعى لندن إلى الظهور بمظهر المتباعد دبلوماسياً عن السياسة المتشددة والأكثر شمولية التي تنهض بها واشنطن بحكم هيمنتها على مقاليد الأمور في المنطقة.
ويندرج في إطار هذه النقطة الأخيرة الجهد الذي تبذله لندن لاقتراح حلول دبلوماسية، ترمي في المقام الأول، الى امتصاص النقمة التي لا يزال يثيرها في الشارع العربي استمرار الحصار المفروض على الشعب العراقي، ودرء الانتقادات المتصاعدة ضد استمرار هذه العقوبات، في وقت يحمل انهيار مسيرة السلام على اشتداد النقمة في الشارع العربي ضد المصالح البريطانية والامريكية في الشرق الأوسط.

وتقول الأوساط الدبلوماسية المطلعة في لندن إن بلير وبوش سيجددان تمسكهما بسياسة التصدي للرئيس العراقي خلال المحادثات الخاصة بالقمة. كما سيؤكدان ضرورة تعزيز التعاون العسكري بينهما في ضوء الضربات الأخيرة التي وجهتها طائراتهما للعراق على مدى الأيام الماضية.

وكانت المصادر الدفاعية المطلعة في لندن أشارت إلى القوات البريطانية الموجودة في الخليج بدأت في استخدام طائرة استطلاع رصد من طراز »نمرود« مخصصة لاغراض المراقبة ومجهزة بمعدات الكترونية للتنصت. وساهمت هذه الطائرة بالفعل في تقديم الاسناد التكتيكي والراداري لطائرات »تورنيدو« البريطانية الأربع التي شاركت في شن الغارة الأخيرة على ضواحي البصرة قبل ثمانية أيام، وألقت صاروخين من أصل 63 صاروخاً استهدفت المواقع العراقية.

وقالت المصادر البريطانية إن الهجوم الأخير نُفّذ بناء لمعلومات قدمتها لندن إلى واشنطن واستقتها وزارة الدفاع البريطانية، التي تربطها علاقات وثيقة ببلغراد، من إدارة الرئيس اليوغسلافي الجديد كوستونتيتشا، بعدما عمد هذا الأخير، سعياً إلى إظهار رغبته في تعزيز تفاهمه مع الغرب، الى وقف العمل باتفاق سري سابق كانت بغداد أبرمته مع نظام الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسفيتش لبناء منظومات للدفاع الجوي وملاجئ لا تستطيع طائرات حلف الناتو تدميرها، مشابهة إلى حد كبير لتحصينات القوات اليوغسلافية ومنظوماتها الدفاعية إباّن حرب كوسوفو قبل عامين.

ويتوقع المراقبون أن تسهم القمة الثنائية بين بلير وبوش في تعريف الرجلين على بعضهما البعض، وإن كان من غير المعتقد أن يتجاوز التفاهم بين الزعيمين عملية التفاهم على الشأن العراقي ومواصلة سياسة الحصار المفروضة على بغداد.



إبراهيم الشريف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية