مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قمة بيروت: ولادة حقيقية أم حمل كاذب؟

الاستعدادات الرسمية لعقد القمة العربية لا زالت متواصلة لكن العديد من الأسئلة لا زالت مطروحة حول ما سيدور فيها Keystone

هل بات مصير القمة العربية في بيروت، المقررة في 27 مارس - آذار المقبل، مرتبطا بمصير مبادرة ولي العهد السعودي الامير عبد الله، حول مبادلة الإنسحاب الشامل بالاعتراف الشامل مع اسرائيل؟

هذا السؤال طرح نفسه بقوة في اعقاب الزيارة المفاجئة التي قام بها يوم الاثنين الماضي الى بيروت المبعوث الشخصي للامير عبد الله وزير الدولة مساعد العيبان، حيث اجرى محادثات مع الرئيس اللبناني اميل لحود اتسمت بالسرية التامة.

وتشير مصادر دبلوماسية اوروبية في العاصمة اللبنانية الى ان المبادرة السعودية “تتضخم” يوما بعد يوم، بعد ان تلقت ترحيبا من الرئيس الاميركي بوش ووزير خارجيته باول، وبعد ان ظهرت مؤشرات على احتمال ان تحظى ايضا بدعم الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة. بيد ان هذا التضخم قد لا يكون في صالح القمة العربية”.

لماذا؟

تجيب المصادر ان الملوك والرؤساء والامراء العرب لا يستطيعون أقرار مبادرة بهذا الحجم خلال يومين من المحادثات في قمة بيروت، خاصة وانها( المبادرة) لا تقتصر على الافكار العامة المتعلقة بمبادلة الاعتراف بالانسحاب، بل هي تتعلق أيضا بمسألة وقف الانتفاضة الفلسطينية( تحت شعار انهاء العنف) في اطار “مبادرة ميتشل” الامنية الاميركية الشهيرة.

ومعروف ان العديد من الدول والاطراف العربية والاسلامية، بينها سوريا وايران و”حزب الله”، ترفض فكرة وقف العنف التي تشترطها امريكا واسرائيل قبل استئناف المحادثات الفلسطينية – الاسرائيلية.

كما أن هذه الاطراف تتخوف أيضا من ان يتعرض العرب مجتمعين الى ضغوط اميركية قوية، لحملهم على قبول بنود في التسوية تتعلق بضم الاحياء اليهودية والحائط الغربي في القدس الشرقية الى اسرائيل، وابقاء المستوطنات اليهودية في منطقة القدس الكبرى، واغلاق ملف اللاجئين بطريقة غير عادلة.

الشكوك القائمة

وهذا ما يجعل مسألة المشاورات العاجلة بين الاطراف العربية ضرورية قبيل انعقاد القمة، خاصة وان الطرف الوحيد الذي أعلن دعمه العلني لها كان الرئيس المصري حسني مبارك الذي سيزور واشنطن خلال أيام.

لكن هل الفترة الزمنية التي تفصلنا عن القمة(أقل من 30 يوما) كافية لاجراء هذه المشاورات الضرورية؟

هذه نقطة.

وثمة نقطة ثانية لا تقل اهمية، وهي الشكوك التي تراود الكثير من الاطراف في الشرق الاوسط بان الاهداف الاميركية الحقيقية من تشجيع السعوديين على تقديم المباردات الفلسطينية ليس في الواقع الوصول الى تسوية للقضية الفلسطينية، بل مجرد تحقيق “الهدوء” في الضفة وغزة تمهيدا لتمديد الحرب الاميركية ضد الارهاب الى العراق.

ولا ننسى هنا ان نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني سيقوم خلال الاسبوعين المقبلين، أي قبل أيام من أنعقاد قمة بيروت، بجولة على دول الشرق الاوسط، تستهدف في الدرجة الاولى شرح المبررات التي تدفع الرئيس الاميركي بوش الى وضع مسألة الاطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين على رأس جدول اعماله.

اما قضية فلسطين ومعها المبادرة السعودية، فلم تظهر البتة حتى الان على شاشة رادار جولة تشيني.

الحرب والسلام

هذه الاجواء العابقة بالتساؤلات والشكوك، تكسي لحما ودما المقولة التي لا تزال تتردد منذ اكثر من شهر في العاصمة اللبنانية من أن الشعوب العربية لن تصدق بان قمة بيروت قد عقدت، الا حين ترى ذلك بأم العين. ومبادرة الامير عبد الله الجديدة ستزيد طين القمة
المبتل أصلا بهذه الشكوك بالمزيد من البلل.

واحدى المفارقات الكبرى هنا ستكون في احتمال ان يصب الملوك والرؤوساء العرب كل جهودهم لايجاد مخرج ما نحو سلام فلسطين، فيما الولايات المتحدة تصب كل جهودها لايجاد مدخل لها نحو حرب العراق.

وهذه مفارقة قد لا تتحملها الانظمة العربية التي تجد نفسها هذه الايام في وضع صعب للغاية بين مطرقة امريكا الغاضبة والحانقة، وبين سندان الشعوب العربية التي لا تقل غضبا وحنقا.

وقد لخّص وزير لبناني بارز، رفض الكشف عن هويته، كل هذه الاجواء الصاخبة التي تحيط بالقمة بقوله: “ان قمة بيروت قد تكون اول قمة عربية من نوعها تعاني من هذا القدر الطاحن من ” ازمة الهوية ” . فلا هي قادرة على ان تكون عربية حقا، كما تريدها الشعوب العربية ان تكون خاصة في ما يتعلق بدعم الفلسطينيين وحركة المقاومة العربية ضد اسرائيل، ولا هي قادرة على ان تكون اميركية حقا كما تريدها امريكا، لان ذلك سيؤكد كل اتهامات اسامة بن لادن للانظمة العربية”.

حسنا. الى أين من هنا؟

ببساطة الى غرفة انتظار في مستشفى الولادات التاريخية: فأما ان يتمّكن القادة العرب من الان وحتى 27 مارس من استيلاد القمة العتيدة برغم كل المخاضات العسيرة الراهمة، أو تثبت التطورات بان الحمل بالقمة كان كاذبا اصلا .. ومنذ وقت غير قصير أيضا!

سعد محيو- بيروت

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية