مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تجمّد صادراتها من العتاد الحربي إلى الإمارات

القنبلة التي يُزعم أنه عُثِر عليْها في حوزة الجيش الحر السوري المعارض هي جزء من شحنة أسلحة سويسرية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة تمت في عام 2003 Keystone

جمّدت وزارة الإقتصاد السويسرية جميع طلبات الحصول على مبيعات العتاد الحربي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في أعقاب التقارير الصحفية التي تحدّثت عن العثور على قنابل يدوية من صنع سويسري في حوزة الجيش الحر السوري المعارض، حيث تحاول القوات الحكومية هناك سحق تمرد اندلع منذ 16 شهرا.

وقالت كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية يوم الأربعاء 4 يوليو 2012 أن التحقيقات مستمرة مع الإدارات الحكومية للوقوف على تفاصيل وحيثيات الوجود المزعوم لقنابل يدوية من صنع سويسري في سوريا. كما كشفت عن اتصال الحكومة السويسرية بحكومة الإمارات العربية المتحدة بهذا الغرض، حيث يرجّح حاليا أن السلاح محلّ الجدل هو جزء من شحنة أسلحة صدّرتها سويسرا إلى الإمارات العربية المتحدة في عام 2003.

وأشار البيان إلى أن التجميد المؤقت في طلبات الإمارات المعلّقة شمل 20 رخصة تصدير سبق إصدارها من الجهات المعنية، ولكنها لم تنفّذ إلا بشكل جزئي. ورغم أن البيان تجنّب الخوض في التفاصيل، إلا أن كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية لم تستبعد اتخاذ تدابير أخرى يتعيّن اتخاذها بعد أن تتوضّح القضية بما فيه الكفاية.

 حالات متكررة

ليست هذه هي المرة الأولى التي يُثار فيها لغط حول صادرات الأسلحة السويسرية في السنوات القليلة الأخيرة، حيث تصدّرت عناوين الصحف والنشرات الإخبارية في يوليو 2011، خبرا يفيد بأن القنابل التي كانت تباع إلى دولة قطر، كانت تجد طريقها لاحقا إلى ليبيا في خرق واضح لقوانين التصدير، مما أجبر كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية على فرض حظرا فوريا على صادرات العتاد الحربي إلى هذا البلد، ولم يرفع ذلك الحظر إلا بعد الحصول على اعتذار من قطر، وبعد ستة أشهر كاملة.

وفي حديث إلى swissinfo.ch، أشار ألان بوفاي، مسؤول بالفرع السويسري من منظمة العفو الدولية ببرن إلى العديد من الحالات الاخرى التي تكررت في السنوات الأخيرة، ويؤكّد أن: “دبابات من نوع “بيرانها”، تصنّعها شركة موفاك، التي يوجد مقرّها في تورغوفي، ثم بيعت إلى المملكة العربية السعودية قد شاركت بشكل مباشر في قمع احتجاجات المعارضة في الأشهر الاخيرة في البحريْن”.

هذا الخبر لم تنفه كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية حين تم نشره، بل أضافت بأن سويسرا “قد باعت فعلا إلى المملكة العربية السعودية في التسعينات ما يقارب عن  30 دبابة من النوع المشار إليه سابقا”.

وفي سياق متصل، كشف ألان بوفاي لswissinfo.ch أن “حكومة جنوب إفريقيا أعلمت لجنة العقوبات بالأمم المتحدة في 9 ديسمبر 2011، أن شركة Nobleteq Arms قد قامت بشحن 3.300 خرطوشة من صنف 40 ملم إلى جهاز الشرطة في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي فرضت الأمم المتحدة عليها حظرا بشأن العتاد الحربي. وقد تبيّن لاحقا أن تلك الذخيرة سبق أن صدّرتها شركة Brugger & Thomet AG السويسرية إلى الشركة الجنوب إفريقية”.

هل سويسرا مسؤولة عن هذه الإنتهاكات؟

أمام هذه الحالات المتكررة، توجهت العديد من الجمعيات والمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان بانتقادات للحكومة والشركات السويسرية كمنظمة العفو الدولية، والمبادرة الشعبية من اجل وقف تصدير العتاد الحربي، ومنظمة حقوق للجميع.

ورغم أن آلان بوفاي المسؤول بالفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية لا يرى: “من الناحية المبدئية أي مسؤولية لسويسرا على هذه الأحداث، مادامت صفقات الأسلحة تشتمل على بنود تمنع إعادة التصدير لمناطق وبلدان تشهد نزاعات أو تنتهك فيها حقوق الإنسان”، فإنه يؤكّد رغم ذلك على “المسؤولية الاخلاقية لسويسرا في ما يحدث، وإن من الصعب تحميلها أي مسؤولية قانونية”.

  

وردّا عن سؤال توجهت به إليه swissinfo.ch  حول موقف منظمة العفو الدولية من الدعوات المنادية بفرض حظر شامل على تصدير المعدات إلى منطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا، قال بوفاي: “نحن لا نطالب بأي حال من الاحوال بهذا النوع من الحظر الشامل، لكننا نطالب بتوفير كل الضمانات لعدم استخدام السلاح بطريقة غير مشروعة، وأن تقوم الجهات المصدّر بتحليل معمّق وضاف للاوضاع قبل إبرام عقود البيع”.

ويتزامن هذا الجدل مع عقد الامم المتحدة لمؤتمر دولي في نيويورك حول تصدير الأسلحة، والذي من المنتظر أن يتوّج بتوقيع معاهدة تجارة الأسلحة، وبهذه المناسبة دعت العديد من المنظمات السويسرية غير الحكومية وفد بلادهم إلى العمل من اجل تضمين تلك المعاهدة نصّا يحظر تصدير أي نوع من العتاد الحربي يمكن ان يستخدم ضد السكان المدنيين أو من أجل إذكاء النزاعات المسلحة في البلدان التي تشهد حالة من عدم الإستقرار.

في عام 2011، بلغت قيمة صادرات العتاد الحربي من سويسرا إلى الإمارات العربية المتحدة 266 مليون فرنك، كانت أساسا مقابل طائرات من نوع بيلاتوس PC-21 ، وهو ما جعل الإمارات أوّل مورّد من سويسرا من بين بقية بلدان الخليج العربي.

قبل أربعة ايام وتحديدا يوم الأحد 2 يوليو 2012، نشرت كل من سونتاغس تسايتونغ والنسخة الاسبوعية من صحيفة “لوماتان” صورة لقنبلة يدوية من صنع سويسري قيل ان مراسل صحفي إلتقطها بمدينة مريّا السورية في نهاية شهر يونيو 2012.

حققت صادرات الأسلحة السويسرية بما في ذلك قطع الغيار أرقام قياسية بلغت 872.7 مليون فرنك في العام.

   

الزيادة المسجّلة في قيمة هذه الصادرات والبالغة 36% في عام 2010 تعود في الاساس إلى بيع سويسرا 25 طائرة من نوع PC-21  من صنع شركة بيلاتوس والمعدّة للتدريب.

  

تتوجه الصادرات السويسرية من العتاد الحربي إلى 68 بلدا من بينها البلدان المجاورة (إيطاليا وألمانيا)، وأيضا بلجيكا وإسبانيا. ويحتاج تصدير هذا النوع من العتاد على الموافقة المسبقة من أجهزة الدولة الرقابية.

تقول كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية إنها بصدد فرض قيود على تصدير العتاد الحربي إلى بلدان في شمال افريقيا وفي الشرق الاوسط، خاصة المملكة العربية السعودية وباكستان ومصر.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية