مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

كيف تقبل عودة الاسرائيليين لأرضهم بعد آلاف السنين وترفض عودة الفلسطينين بعد خمسين عاما ؟

وزير الصحة الفرنسي السابق ليون شفارتزنبيرغ swissinfo.ch

ليون شفارتسنبيرغ وزير الصحة الفرنسي السابق العائد من زيارة لأراضي الحكم الذاتي الفلسطينية في شهر ديسمبر الماضي، أدلى بشهادته يوم الأربعاء أمام الصحافة الدولية في جنيف عن الأوضاع السائدة فيها.

الوزير الفرنسي السابق ركز في تصريحاته على طبيعة الذخيرة التي استعمله الجيش الإسرائيلي لمواجهة الانتفاضة الجديدة وتعمد الإصابة القاتلة خلافا لما كان متبعا أثناء الانتفاضة الأولى، وتساءل كيف يمكن قبول مبدأ استعادة الإسرائيليين لبلدهم بعد آلاف السنين بينما يتم رفض عودة الفلسطينيين إلى أراضيهم بعد خمسين عاما.

الدعوة جاءت في البداية من اللجنة العربية لحقوق الإنسان، وعلى إثرها قام البروفسور ليون شفارتسنبيرغ ” وزير الصحة الفرنسي السابق ” بزيارة في شهر ديسمبر الماضي للأراضي الفلسطينية جال خلالها على العديد من المستشفيات للوقوف على واقع القطاع الصحي واحتياجاته على ضوء الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في موفى شهر سبتمبر الماضي .

شهادة الوزير الفرنسي السابق أمام الصحافة الدولية في جنيف أتت لتوضح بلغة صريحة واقع القطاع الصحي الفلسطيني في ظل الحصار المفروض على وصول الأدوية وصعوبة تنقل فرق الإغاثة والمرضى من جهة ، ولإدانة صمت المجموعة الدولية وصمت السلطات السياسية الدولية والفرنسية من جهة أخرى . وقد أعاد السيد ليون شفارتسنبيرغ توضيح الإحصائيات المتداولة منذ اندلاع الانتفاضة أي مقتل اكثر من 400 فلسطيني وجرح 13000 اخرين خمسون بالمائة منهم بإصابات في القسم العلوي من الجسم.

ويرى البروفسور شفارتسنبيرغ آن الفرق بين الانتفاضة الحالية والانتفاضة الأولى ” أن الجنود الإسرائيليين في الانتفاضة الأولى كانوا يعمدون إلى توبيخ الأطفال رماة الحجارة ثم ضربهم بالعصي وبعدها فقط إطلاق الرصاص المطاطي عليهم الذي قد يكون مضرا ولكنه يرتطم بالجسم دون القدرة على اختراقه . أما في الانتفاضة الحالية فإن السيد باراك قرر قمع هذه الانتفاضة وإيقافها في غضون خمسة أيام . وقد تم استعمال ذخيرة مطاطية ولكنها في الواقع ذخيرة نواتها فولاذية مغلفة بمادة مطاطية بإمكانها آن تخترق الجسم ” .

وأضاف البروفسور شفارتسنبيرغ أن الجنود الإسرائيليين استعملوا أيضا الذخيرة العادية كما استعملوا ” ذخيرة عالية الاختراق ، وهي الذخيرة التي بإمكانها أن تخترق عدة أعضاء في نفس الوقت ومنها من يصل حتى إلى الدماغ ” . وأوضح الوزير الفرنسي السابق للصحة أن الجنود الإسرائيليين يستعملون أيضا ذخيرة ” دم- دم المحرمة دوليا “.
ويرى الوزير الفرنسي أن زيارته لمستشفى ” الشفاء” في غزة سمحت له بالتعرف على
” كفاءة الأطباء الفلسطينيين وعلى مواجهتهم للوضع بهدوء “.

لكن الوزير الفرنسي حتى وإن أوضح بأن المراكز الطبية الفلسطينية مزودة بالمعدات الطبية الضرورية التي قدمتها جمعيات غير حكومية وأن الجرحى يتلقون علاجا جيدا على الرغم من صعوبة الحالات ، فإنه يشير إلى نقص في مواد التطعيم بحيث لم يعد السكان يتلقون التطعيمات الضرورية كالتطعيم ضد الحصباء او الشلل او الدفتيريا.

ويركز البروفسور في شهادته على التأثيرات النفسية الناتجة عن أعمال العنف ويشبه ما يشعر به الفلسطينيون تجاه الجنود الإسرائيليين ” بما كان يعيشه الفرنسيون أثناء الاحتلال النازي ” . وقد ركز السيد شفارنتسبيرغ في حديثه عن الجانب النفسي في هذه المواجهة على الشعور بالخوف السائد في أوساط الجنود الإسرائيليين ويشبه ذلك ” بما كان سائدا بين صفوف الجنود الأمريكيين أثناء حرب فيتنام بحيث يتم إطلاق النار كلما سمع صوت ورقة شجرة تتحرك ، وأثناء الانتفاضة يتم إطلاق النار كلما شوهد طفل يجري وهو ما أدى إلى إصابة طفل في عينه لما خرج يجري من مدرسته لإخبار أهله بنجاحه في الامتحان ومقتل صديقه الذي هرع لمساعدته “.

وفي تعليله للدوافع التي أقنعته بالقيام بهذه الزيارة وتقديم هذه الشهادة يقول البروفسور ليون شفارتسنبيرغ إن الدافع الأول هو للتنديد ” بجبن الغرب “. وهاجم الوزير السابق بالدرجة الأولى وزير الخارجية الفرنسي الحالي الذي قال ” أنه قابل بصحبته مرات عديدة قادة منظمة التحرير الفلسطينية ، ولكنه يلتزم الصمت في منصبه الحالي كوزير خارجية لان الدبلوماسية تفرض ذلك “.

ويرى السيد شفارتسنبيرغ وهو من أصل يهودي ” أن هناك تغليطا كبيرا للرأي العام عند القول بأن اسرائيل تواجه خطرا كبيرا ” . فالفلسطينيون لا يلقون الدعم الكافي من الحكومات العربية حتى ولو أن الشعوب العربية تبدي تعاطفها معهم . ولهذا يعتبر السيد شفارتسنبيرغ ” أن الدوافع الأخلاقية تدفعنا إلى التعبير عن ثورتنا ضد اعتبار أن الإسرائيليين يرغبون في استعادة بلدهم بعد آلاف السنين وان نرفض قبول استعادة الفلسطينيين لأرضهم بعد خمسين عاما”.

محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية