مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لا حماية دستورية للسر المصرفي

swissinfo.ch

رفض مجلس النواب مقترحا يدعو إلى ترسيخ السر المصرفي السويسري في الدستور الفدرالي، بعد أن وافق على خطة مماثلة قبل عامين.

وقد أيد معظم النواب الرأي القائل بأن حماية من هذا القبيل للسر المصرفي، لم تعد ضرورية منذ التوقيع على معاهدة هامة مع الاتحاد الأوروبي.

هذا المقترح الذي تقدم به حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، حصل في شهر ديسمبر 2003 على تأييد واسع في ظل الضغط الشديد، الذي كانت تتعرض له الكنفدرالية حينها من طرف الاتحاد الأوروبي من أجل دفعها إلى التخفيف من صرامة السرية المصرفية.

أما اليوم، فإن الاتفاقيات الثنائية التي أبرمت في الأثناء بين الطرفين، تضمن احترام الاتحاد الأوروبي للقوانين السويسرية المتعلقة بالسرية المصرفية. كما تنص على أن البلدان الأوروبية ستحصل على نسبة من الضرائب المفروضة على فوائد الأموال المودعة من طرف مواطني دول الاتحاد الخمس والعشرين في البنوك والمؤسسات المالية السويسرية.

ويوضح شارل فافر، الذي كان عضوا في اللجنة البرلمانية المكلفة بالنظر في المقترح، أن “الظرف قد تغير، خصوصا بعد المفاوضات المتعلقة بالحزمة الثانية من الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي”. وتنص إحدى الاتفاقيات المهمة أنه يجب على مواطني الاتحاد الأوروبي، إما الكشف عن أموالهم المودعة في سويسرا إلى سلطات الضرائب في بلدان إقامتهم، أو الموافقة على تحويل أكثر من 15% من الرسوم المفروضة على فوائدها مقابل سرية المعلومات المتعلقة بهم، (ومن المنتظر أن تبلغ قيمة الرسوم المفروضة على فوائد الأموال المودعة في البنوك السويسري إلى 35% بحلول عام 2011).

السرية محمية

في سياق متصل، يضيف النائب شارل فافر أن السرية المصرفية أضحت محمية أكثر من أي وقت مضى وأنه لم تعد هناك ضرورة لترسيخها في الدستور السويسري، لذلك، يرى “أن أي محاولة للقيام بذلك، ستبعث برسالة سياسية غير ملائمة وعدوانية إلى جيران سويسرا”.

من جانبه، قال ريمون غيزين، وهو نائب من وسط اليسار وعضو آخر في نفس اللجنة، “إن المقترح كان سيتطلب منطقيا تضمين أنواع أخرى من حماية السرية في الدستور”، حيث أن التنصيص في الدستور على السرية المصرفية سيعني أيضا “إضافة شيء ما حول أسرار مهنية أخرى، مثل السرية الطبية والقانونية”، حسب قوله.

وعلى الرغم من أن التصويت النهائي حول المقترح كان واضحا تماما، (حيث رُفض بـ 112 صوت مقابل 43 صوت مؤيد)، إلا أن مؤيديه استمروا في الادعاء بأن السرية المصرفية السويسرية لا زالت “تحت التهديد”.

رسوم

في هذا الإطار، عاد النائب اليميني هانس كوفمان إلى ترديد اتهامات سابقة لبروكسل وقال: “إن الاتحاد الأوروبي يواصل التدخل في الشؤون السويسرية، مثلما هو مشاهد من خلال خطواته الرامية إلى معارضة قيام الكانتونات السويسرية بفرض نسب خاصة بها للضرائب. كما تسلّـط الأضواء حاليا على البنوك السويسرية على عكس منافسيهم البريطانيين أو الفرنسيين”.

وكان النائب يشير إلى خلاف قائم هذه الأيام بين سويسرا والاتحاد الأوروبي، الذي يزعم أن ما يُـسمّـى بالكانتونات ذات النسب الضرائبية الضعيفة، ليست سوى شكل من أشكال الدعم المقنّـع، وهو ما تعتبره بروكسل انتهاكا لاتفاقية التبادل التجاري الحر المبرم منذ 1972 بين الطرفين.

وقد رفضت سويسرا هذه المزاعم وردّت بأن المعاهدة المذكورة لا علاقة لها بالتنافس في المجال الضريبي، وأنها تقتصر على تنظيم التجارة في بعض المنتجات والخدمات.

من جانبها، أكّـدت رابطة المصرفيين السويسريين أن ترسيخ مفهوم السرية المصرفية في الدستور السويسري – رغم أنه يساعد على تعزيز المكانة التفاوضية لسويسرا مع الاتحاد الأوروبي – إلا أنه لن يوفر حماية إضافية لها.

ويرى عدد من الخبراء أن السرية المصرفية ستواجه المزيد من الضغوط مجددا على المدى البعيد، حيث أن الاتحاد الأوروبي أوضح بما لا يدع مجالا للشك، أنه يريد وضع حدّ للسرية المصرفية داخل الاتحاد، وأنه سيحتاج إلى تعاون سويسرا لإقناع أعضائه، وخاصة بلجيكا والنمسا واللوكسمبورغ لإلغاء قوانين السرية المصرفية فيها.

سويس انفو مع الوكالات

تقدم اليمين المتشدد بمقترح تضمين السرية المصرفية في الدستور الفدرالي قبل عامين، وقد قوبل حينها بتأييد واسع، نظرا للضغوط التي كانت تتعرض لها سويسرا من طرف الاتحاد الأوروبي في هذا المجال.
في الأثناء، توصلت سويسرا إلى اتفاق مهم مع الاتحاد الأوروبي يسمح لبرن بتحويل نصف الرسوم المفروضة على فوائد ودائع المواطنين الأوروبيين في البنوك السويسرية إلى سلطات بلدانهم.
اعتبرت أغلبية (112 مقابل 43) أعضاء مجلس النواب أن الاتفاق المبرم مع بروكسل يُـغني عن تضمين السرية المصرفية في الدستور الفدرالي.
لازالت مسألة الضرائب محور جدل بين برن وبروكسل، حيث أعرب الاتحاد الأوروبي مؤخرا عن انشغاله لتدني نسب الضرائب في عدد من الكانتونات السويسرية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية