مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في سويسرا .. للحيوانات حقوق

القانون الجديد يراعي حساسية الحيوانات الأليفة ويعتبرها كائنات حية لها كرامة يجب احترامها Keystone

قررَ مجلسُ النواب السويسري سـنَّّ قانون يقضي بمنحِ الحيواناتِ الأليفة صفةً قانونيةً وعدمِ اعتبارها مُجرد أشياء. لكن التعديل القانوني الجديد لن يُدَوَّن في الدُّستور كما طالبت بذلك مبادرتان شعبيتان.

من ناحيتها، تؤيد الحكومة الأخذ بعين الاعتبار ضرورة احترام حساسيات وكيان الحيوانات لكن دون إضفاء صفة “الإنسانية” عليها…

وأخيرا، أثمرت جهودُ “أصدقاء الحيوانات” بعد قُرابة عشر سنوات من الكفاح. فقد صادق البرلمان السويسري يوم الأربعاء 18 سبتمبر بـ96 صوتا مُقابل 11 على سن قانون يمنح للحيوانات الأليفة صفة قانونية ويمنع اعتبارها مجردَ أشياء من ضمن الملكيات الخاصة.

وعلى غرار مجلس الشيوخ، رفض مجلس النواب تدوينَ المبدأ الجديد في الدستور كما تطالب بذلك مبادرتان شعبيتان. واعتبر المجلس أن التعديلات القانونية التي صادق عليها مجلس الشيوخ كافية وتستجيب لمطالب المبادرتين.

تحوُّل مُلفت

وكان مجلس النواب قد رفض أصلا في ديسمبر عام 1999 بـ73 صوتا مقابل 58 الخوض في ملف الوضع القانوني للحيوانات. اثر هذا الرفض، تسلمت الحكومة الفدرالية مبادرتين شعبتين من نشطاء في مجال الدفاع عن الحيوانات والطبيعة، تدعوان إلى احترام حساسية وكرامة الحيوانات وتشددان على أنها كائنات حية وليس مجرد أشياء.

وسُلمت المبادرة الأولى بعنوان “من أجل وضع قانوني أفضل للحيوانات” في أغسطس من عام 2000 تلتها مبادرة “الحيوانات ليست أشياء” في نوفمبر من نفس السنة. لكن البرلماني ديك مارتي من الحزب الراديكالي أعد مشروع قانون في إطار مبادرة برلمانية، اعتُُبرَ مشروعا مضادا غير مباشر للمبادرتين الشعبيتين.

وكان المشروع القانوني للنائب مارتي بمثابة الحل الوسط، حيث يشدد على أن الحيوانات لا تنتمي إلى صنف البشر كما أنها ليست أشياء. وكان أبرز محور في هذا المشروع اعتماد بند جديد في القانون المدني يقضي بأن الحيوانات ليست أشياء، لكنه نص على خضوعها للإجراءات المتعلقة بالأشياء في صورة عدم وجود ترتيبات متعارضة.

من يأخذ الحيوان في حالة الطلاق؟

وبموجب هذا التعديل القانوني، سيصبح بإمكان القاضي، في حال النظر في قضية طلاق مثلا، منح ملكية الحيوان للزوج الذي يضمن له العناية الأفضل. وفي حالة وفاة حيوان أو إصابته بجروح، سيصبح بإمكان صاحبه المطالبة بتعويضات. فعلى سبيل المثال، سيحق لشخص ضرير، في حال وفاة أو إصابة الكلب الذي يرافقه، أن يطالب بتعويضات تفوق القيمة المادية للكلاب المتخصصة في مرافقة الضرير التي غالبا ما يتطلبُ تدريبها وقتا طويلا وتكاليف باهضة.

وسيأخذ القاضي بعين الاعتبار في مثل هذه الحالات “القيمة العاطفية” للحيوان، فضلا عن قيمته المادية. وللقاضي أن يحدد مبلغ التعويضات مع احترام مبدأ النسبية. وقد أعرب عدد كبير من النواب عن تحفظات شديدة على الأخذ بعين الاعتبار للقيمة العاطفية للحيوان. وذهبَ بعض نواب حزب الشعب ذي الاتجاه اليميني إلى حد المطالبة برفض التعديل القانوني بسبب خشيتهم من أن يعطي القانون الجديد مكانة مبالغا فيها للحيوانات. ويرفض هؤلاء النواب أن تتجاوز التعويضات القيمة الحقيقية للحيوان.

الحيوانات ستظل حيوانات..

أما الحكومةُ السويسرية، فقد أعربت على لسان وزيرة العدل والشرطة روت ميتزلر، عن دعمها للمشروع القانوني وعن ثقتها في المحاكم الكفيلة بتقييم الجوانب العاطفية للحيوانات، دون المُخاطرة بتقليد أسلوب التعويضات الأمريكي المُتعلق بالحيوانات والمعروف بالمُغالاة.

واثر صدور قرار مجلس النواب، سارعت منظمات الدفاع عن الحيوانات التي أعدت مبادرة “من أجل وضع قانوني أفضل للحيوانات” إلى الإعراب عن ارتياحها وعن نيتها في سحب المبادرة. لكن فرانس فيبير، المدافع عن البيئية وكاتب مبادرة “الحيوانات ليست أشياء” قرر عدم سحب المبادرة في الوقت الحالي.

السيد فيبير، الذي أنشأ مؤسسة لحماية الحيوانات والطبيعة تحمل اسمه وهو ايضا صاحب فكرة انشاء “أمم متحدة للحيوانات”، اقترح في مبادرته إنشاء “مؤسسة لمحامي الحيوانات” واعتبار الحيوان شخصية قانونية لها حقوق وعليها واجبات. ولا تتوقف طموحات جمعية فرانس فيبير عند ضمان الحماية الضرورية للحيونات الأليفة، بل تنوي الدفاع أيضا عن حقوق حيوانات المزرعة.

غير أن مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس النواب يوم الأربعاء 18 سبتمبر، لا يستجيب لكافة مطالب مؤسسة فيبير. كما أنه لا يَقبل أن يصبح الحيوان وريثا. في المُقابل، يُتيح أن تتم في إطار القوانين المُتعلقة بالميراث، مُراعاة رغبة الشخص المُتوفى بشأن حيوانه الأليف. وفي كافة الأحوال، كسب المدافعون عن الحيوانات الرهان… وليت لكل مظلوم من البشر محامون مثل هؤلاء!

صوت مجلس النواب السويسري بالأغلبية لصالح تعديل قانوني يقضي بعدم اعتبار الحيوانات اشياء وبمنحها صفة قانونية تضمن مراعاة حساسيتها واحترام كرامتها ككائنات حية. ومن اهم انعكاسات التعديل القانوني الأخذ بعين الاعتبار القيمة العاطفية للحيوان. ففي حال الطلاق على سبيل المثال يمكن للقاضي منح ملكية الحيوان الى الزوج الذي يضمن له الرعاية الأفضل.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية