مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

لماذا يتقدَم الإسرائيليون ويتأخر العرب؟

علماء في مكان سري في إسرائيل يدرسون قمر التجسس الإصطناعي الإسرائيلي "تيسكار" الذي أفيد أنه أطلق في الهند في 21 يناير الماضي للتجسس على إيران Keystone

هل ثمة قرار إستراتيجي دولي بإبقاء المنطقة العربية في ثلاجة التأخر الإجتماعي - الإقتصادي، كما التخلف السياسي؟ وإذا ما كان الامر كذلك، لماذا؟

هذا السؤال لا يبدو جديداً في الشرق الأوسط، إلا بمعنى واحد: البحث عن الجُـذور الاقتصادية الحقيقية للأزمة الكُـبرى الراهنة، التي حوّلت العرب إلى “الرجل المريض” الجديد في العالم، بعد أكثر من نصف قرن أو حتى قرنين، من التركيز الشديد على السياسة والفكر.

ثم إن هذا السؤال سيكون جديداً ومشروعاً أكثر، حين نقارن ما فعلت وتفعل، أمريكا والغرب في دول ومناطق أخرى، قاومتهما ثم إستسلمت لهما، كاليابان وألمانيا والصين وأمريكا اللاتينية والأوروبيتين، الشرقية والجنوب شرقية، بما فعلتا وتفعلان الآن في الشرق الأوسط العربي.

سنأتي إلى هذه المقارنة بعد قليل، لكن، قبل ذلك، تذكير أولاً بالأرقام حول أوضاع المنطقة العربية هذه الأيام ثم أخذ مصر (بصفتها أهم حليف عربي لأمريكا في المنطقة) كمنوذج لهذه الأوضاع.

الاقتصاد أولاً

التقارير المتلاحقة التي أصدرتها الأمم المتحدة حول أزمة التنمية العربية منذ عام 2003 وحتى الآن، قدّمت لوحة رقمية – تحليلية كافية لكل مَـن يريد أن يرى المشهد العربي الشامل كما هو، لكن البروفسور بول سوليفان، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الدفاع القومي الأمريكي، أبرز الأولوية القصوى للاقتصاد على ما عَـداه في التسبب بالإزمة العربية حين قال: “برغم أن العديد من القوى المولّـدة للعنف واللااستقرار والغضب في العالم العربي، قد لا تكون إقتصادية بطبيعتها، إلا أن الجمود الاقتصادي خلال العقدين الأخيرين لم يساعد على تبريد السُّـخونة في المنطقة. فإنحدار الدخول والأجور واللامساواة في الدخل والثروات والفرص والبطالة المقـنعة والبطالة الحقيقية والفقر وأزمات الإسكان والتنوع البطيء للاقتصاديات، واستمرار انخفاض مستويات التصنيع والمستويات المرتفعة من الأمّية وأزمات نوعية التعليم والفساد الاقتصادي والقمع السياسي والتوترات الديموغرافية، كل ذلك ضخَّـم المشاكل السياسية والاقتصادية”.

لائحة مُـذهلة في طولها؟

أجل، لكنها ليست شيئا مقارنة بالأرقام التي تعبّـر عنها، والتي أوردتها مؤخراً هيئات دولية مختصة:

• هناك 240 مليون نسمة في العالم العربي، انتاجهم القومي العام يتراوح بين 504 و552 مليار دولار، وهذا مبلغ يبلغ فقط ضعفي الدّخل القومي لولاية أمريكية واحدة، هي الميسيسيبي، وحتى في الدول العربية التي تُـعتبر غنية، كالسعودية، فإن دخل الفرد فيها لا يتجاوز العشرة آلاف دولار، وهذا يُـعتبر تحت خط الفقر في الولايات المتحدة بالنسبة لعائلة من أربعة أفراد، أما دول الخليج الأغنى في المنطقة، فهي لا تُـمثل سوى عشرة في المائة من السكان العرب.

• ما بين 600 و800 مليار دولار من الأموال العربية مُـستثمرة، إما في أوروبا أو في أمريكا، ويقول هنا البروفوسور سوليفان: “تخيَّـلوا ماذا كان يمكن أن يحدث لو أن هذه الأموال موظّـفة في العالم العربي. إن حجم هذه الاستثمارات أكبر من كل الدخل القومي العربي، مُـجتمعاً. ومن بين هذه الاستثمارات، يأتي 60 مليارا منها من مصر. وفي المقابل، لا تشكّـل الاستثمارات الأجنبية في الوطن العربي، سوى نسبة ضئيلة من الاستثمارات العالمية (3% فقط).

• الصادرات الصناعية العربية ضئيلة، لا تتعدّى 19 مليار دولار (في منطقة تضُـم 240 مليون نسمة)، هذا في حين أن الصادرات الصناعية في إسرائيل (6 ملايين نسمة)، تبلغ 24 مليار دولار سنويا. بعض الدول، كمصر وخاصة تونس، حققت بعض الاختراقات الصناعية، لكن ليس بالمستوى الكافي.

• في معظم الدول العربية، انخفض أو تجمّـد الدخل الفردي، وكذا الأمر بالنسبة للأجور التي تدهورت خلال العقدين الماضيين، في حين أن البطالة في ارتفاع: في الجزائر 30% وفي العراق (قبل الحرب) 50% وفي الضفة الغربية وغزة 35-50 %، وحتى في دول مثل السعودية، التي تستورد ملايين العمال الأجانب، نسب البطالة مرتفعة للغاية.

• برغم أن النمو السكاني إنخفض في العديد من الدول العربية، إلا أن نمو القوة العاملة لا يزال مرتفعا (2-3% سنوياً)، النمو في القوة العاملة سيستمر في العقد المقبل وسيشكل الفتية والشبان 30-40% من إجمالي السكان. وحين يدخل هؤلاء الى سوق العمل، لن يجدوا سوى البطالة طويلة الأمد، وما لم تدخل تغييرات سريعة، فإن المنطقة ستكون مُـقبلة على حال من اللاإستقرار، والعنف لم يسبق له مثيل حتى في حِـقبة التسعينات.

النموذج المصري

هذا عن الصورة العامة في المنطقة العربية، ماذا الآن عن النموذج المصري؟ “هبة النيل” (كما يُـطلق على مصر) عطشى هذه الأيام. عشرات آلاف القرى ومئات آلاف الفلاحين لم تعد تصلهم لا مياه الشفة ولا صنابير الري. 64% من مراكز محافظة كفر الشيخ وقُـراها، على سبيل المثال، محرومة من مياه الشرب ومزارعو الإسماعيلية، على سبيل المثال أيضاًُ، يهدّدون بالإضراب المفتوح، إذا لم تحل مشكلة إمدادهم بالمياه.

العاطلون عن العمل تجاوز عددهم السبعة ملايين، وهم يزدادون مليوناً كل سنة، فيما إرتفع سن الزواج لدى الشباب إلى 35 سنة، بسبب غلاء المعيشة والإرتفاع الشاهق في أسعار المساكن.

حالات الطلاق بلغت أرقاماً فلكية لسوء الأوضاع الإقتصادية ووصلت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى نحو 35% (وفق الإحصاءات الرسمية).

نقرأ للكاتب اليساري المصري بهاء الدين شعبان: “ساعد انتشار الفقر على تفاقم معدّلات الانهيار في الأوضاع المعيشية للملايين من المصريين، وتزايدت معدّلات العنف والجريمة وتعددت حالات الإنتحار بسبب الإملاق واليأس وتفاقمت الرشوة والفساد وتضاعف عدد “أطفال الشوارع” وحاصرت تلال القُـمامة وأحزمة البؤس، القاهرة وبقية المدن”.

ونقرأ للدكتور حسن نافعة: “الطبقة الكادحة وصلت إلى بؤس غير مسبوق، بعد أن اتسعت بشدة الفجوة بين الفقراء والأغنياء وتدهورت مستويات معيشة الشرائح الدُّنيا من الطبقة الوسطى”.

أما الأوضاع الصحية، فقد ورد وصفها في تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للإنماء والتنمية: 5 ملايين مصري مُـصابون بفيروس التهاب الكبد الوبائي الذي يتزايد بمعدل 750 ألف إصابة كل عام، و4 ملايين مواطن مصابون بمرض السكر، و14% منهم يعانون من حساسية الصدر، وأكثر من 15 مليوناً مصابون بالأنيميا (فقر الدم)، و100 ألف يصابون سنوياً بالسرطان.

التفسيرات التي قدّمت لتحليل هذه الظواهر المقلقة، تتلون بتلَون المنطلقات الإيديولوجية لأصحابها. فاليمينيون ينحون باللائمة على الانفجار الديموغرافي (السكاني) الكبير، الذي قفز بعدد مواطني مصر من 20 مليوناً إلى 75 مليوناً خلال ثلاثة عقود، الأمر الذي شكَـل ضغطاً كبيراً على الموارد المائية والبنى التحتية وموارد الدولة.

واليساريون يتَّـهمون “الرأسماليين الجُـدد”، المتحالفين من “الخارج” بتبديد الثروة المائية في فِـلَلهم الفارغة وعِـزبهم الشاسعة وملاعب الغولف والمشاريع الفاشلة مثل “توشكي” والقرى السياحية المخصصة للأغنياء، وأيضاً بتدمير القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية لصالح قطاع الخدمات والسياحة، الذي لا يطال سوى نسبة ضئيلة من السكان، مما خلق الفجوة الضخمة الراهنة بين الإنفجار السكاني وبين الموارد الإقتصادية.

مقارنات

كِـلا الطرفين يُـمكن أن يدّعي الإمساك بناصية الحقيقة، لكن ثمة أمر واحد لا يمكن أن يختلف عليه الطرفان: التَّـدهور في أوضاع مصر تَـم في حقبة السلام مع إسرائيل وفي مرحلة التحالف مع أمريكا، وهو حدث تمَّ بإشراف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وباقي مؤسسات وهيئات الإقتصاد الرأسمالي العالمي، مثل هذا التطور (كما ذكرنا في البداية)، لم يحدث في الدول الأخرى التي قاومت أمريكا ثم استسلمت لها.

فاليابان، التي دمَّـرتها القنابل الذرية الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، سمح لها الإحتلال الأمريكي بانطلاقة صناعية – تكنولوجية جعلتها في خلال عقود قليلة ثاني أكبر إقتصاد في العالم.

الأمر نفسه حدث في ألمانيا المحتلَّـة، التي حوَلها مشروع مارشال الأمريكي إلى القلعة الاقتصادية – الصناعية الأولى في أوروبا أيضاً خلال عقود قليلة.

وفي حقبة ما بعد نهاية الحرب الباردة، طرأ تحوّلان كبيران بإشراف القوة العظمى الأمريكية، التي أصبحت وحيدة في العالم:

الأول، السماح للصِّـين بالاندماج في الاقتصاد الرأسمالي الدولي بوصفها “المصنع الجديد” (لا “الكباريه” السياحي اللاانتاجي) لآسيا والعالم، وهذه الخطوة لم تكن لتتِـم، لولا تدفق الإستثمارات الهائلة على القطاعات الإنتاجية في بلاد الهان من بلاد اليابانيين والأمريكيين والأوروبيين أو بكلمات أوضح من الثالوث الرأسمالي الذي يحكم العالم.

هذا التطور حدث برغم وجود نِـقاط توتُّـر ساخنة بين أمريكا والصين في مضائق تايوان وفي الصراع على النفوذ بينهما في شرق وجنوب شرق آسيا وفي طبيعة النظام الرأسمالي غير المكتمل في الصين.

التحوّل الثاني أطل برأسه في أوروبا الشرقية والجنوب شرقية، حين إنصبت بعد عام 1990 مئات مليارات الدولارات ثم اليورو من الاستثمارات الغربية على القطاعات الإنتاجية في هذه المناطق، مما مكَـن بعضها من تحقيق إنطلاقة إقتصادية جديدة.

صندوق النقد الدولي قدَر بأنه ضخ إلى المنطقة في الفترة بين 1990 و2000 أكثر من 120 مليار دولار، في حين أن هيئات دعم الديمقراطية في الولايات المتحدة وأوروبا، كانت تنفق 160 مليون دولار سنوياً على كل من مشاريع “تحرير” الاقتصاد والسياسة.

أمريكا اللاتينية، لِـوهلة، قد تبدو إستثناءً في هذه المسيرة، وبالتالي، أكثر شبهاً بالمنطقة العربية، فهذه القارة المنكوبة لا تزال منكوبة: 40% من الأمريكيين اللاتينيين يعيشون تحت خط الفقر، اللامساواة الطبقية هي الأسوأ في العالم، الخُـمس الأدنى من سكان القارة يتلقَّـون 4% من الدخل القومي، فيما الخُـمس الأعلى يحظى بأكثر من 55% من الدخل.

ووفق دراسة حديثة لبنك التنمية الأمريكي اللاتيني، تتكسَّـر هذه الفروقات الطبَـقية على أسُـس إثنية وجنسية، حيث الأكثر فقراً هم الهنود الحمر الأصليون (ربع سكان القارة) والنساء. “الحال من بعضه” إذن بين القارتين، اللاتينية والعربية؟

كلا. هناك فرق هائل: الأولى “سمح” لها بإستيلاد نخب وطنية وقومية جديدة نجحت في تطوير أفكارها وبرامجها بما يتوافق مع العولمة والنظام العالمي الجديد الذي برز بعد انتهاء الحرب الباردة، فيما الثانية لا تزال عاقِـراً ولا يُـسمح لها بأن تستولد (حين تستولد)، سِـوى حركات تطرّف أصولي تُـحارب التأخر بمزيد من التأخُّـر وتقاتل المستقبل بسَـيف الماضي وتواجه الفقر والبطالة بالعُـنف الإنتحاري.

الوطنيون اللاتينيون أرسَـوا إستراتيجيتهم الناجحة الجديدة التي أوصلتهم إلى الحُـكم في دزينة دول، على الآتي:

1- أولوية النهضة الإقتصادية على السياسة. هذا الانقلاب في الأولويات من الثورات الأديولوجية المسلحة التي شهدتها القارة اللاتينية طيلة قرن كامل إلى الثورات الطبقية السلمية، أسفر عن نجاح كبير للحكومات اليسارية وعن صعود كاسح للاقتصادات، كالبرازيل، إلى مصاف القِـوى الكبرى الاقتصادية.

2- التركيز على إحياء المجتمع المدني بدل العمل على تدمير المجتمع السياسي، وهذا قلَـب مفاهيم العمل السياسي في القارة رأساً على عقِـب: من تنظيم النُّـخب من فوق إلى تأطير القواعد من تحت، من التراكيب الحزبية الضيقة إلى التيارات الشعبية الواسعة. والحصيلة: بروز يسار جماهيري محصَّـن ضدّ المؤامرات والانقلابات الاجتماعية بقوة مجتمعات مدنية حرّة ودينامية.

3- وأخيرا، إحالة عَـداء اليسار الطفولي للديمقراطية إلى رفوف التاريخ ودمج هذه الأخيرة بكل برامج عمل النهوض القومي والطبقي.

أي إدماج؟

كل هذه التطوّرات الكُـبرى التي كانت تشهدها هذه المناطق – المحاور الرئيسية في العالم، تندرِج تحت مسمَّـى واحد: عملية الإدماج في النظام الرأسمالي العالمي. وكل الدول التي طالتها عملية الإدماج هذه، والتي كانت في السابق معادية لأمريكا، أطلق عليها وصف “بلدان المرحلة الانتقالية”.

وحدها الدّول العربية، لا تزال تُـراوح مكانها ولا تنتقل إلى أي مكان، سوى نحو المزيد من التأخر والفقر والتخلف.

مصر، التي بنت إباَن حقبة استقلالها الناصرية (1952-1967) قاعدة صناعية – زراعية – تعليمية مهمّـة، اعتقدت أن سلامها مع إسرائيل سيفتح أمامها أبواب الجنَات الإستثمارية الرأسمالية. فإذا بها بعد 38 عاماً من إنتقالها من المعسكر السوفييتي إلى المعسكر الأمريكي، وبعد 28 عاماً من السلام مع إسرائيل، تكاد تنفجِـر من سوء أحوالها الاقتصادية والمعيشية، كما أسلفنا.

وفي المملكة المغربية، التي تُـعتبر أقدم حليف تاريخي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لا تزال التنمية الإقتصادية الحقيقية علماً وخبرا، ومعدلات الفقر فيها تتجاوز69%.

ودول شبه الجزيرة العربية، برغم غِـناها النفطي، أصبحت مجرد محطَّـات وقود استهلاكية مهددة، وهويتها العربية مهدّدة بالاجتياح، ديموغرافياً، على يد ملايين العمال الآسيوييين الذين يُـديرون عجلة إقتصادها.

ودول الهلال الخصيب العربي (سوريا ولبنان والأردن والعراق وفلسطين) ممنوعة من الصرف في مجال التنمية والإنتاج أو في أي مجال يتعلق بالتفوّق التكنولوجي الإسرائيلي.

إضافة، فكل المنطقة العربية تُـعتبر ساحة حرب في إطار ما بات يُـعرف بـ “إعادة تشكيل النظام الشرق أوسطي الجديد” والتي تتضمَّـن تفكيك وتركيب العديد من الدول على أسس طائفية ومذهبية وقبلية.

هل يعني ذلك أن ثمَّـة توجها لإبقاء المنطقة العربية خارج أبواب النظام الرأسمالي العالمي؟ كلا، البتة، الإدماج مطلوب وحتمي، وهو سيتم بوتائر متسارعة، لكن السؤال هو: أي إدماج؟

هنا قد تتَّـضح تماماً معالم مشاريع “الشرق الاوسط الجديد” (الإسرائيلي البيريزي)، و”الشرق الأوسط الأوسع (الأمريكي البوشي) و”الإتحاد المتوسطي” (الأوروبي الساركوزي)، فهذه كلها تدعو لأن يتِـم الإدماج الرأسمالي على الأسس الآتية:

تحويل العرب إلى مجرّد مستهلكين ومنع أي دولة منهم من تحقيق نهضة إنتاجية – تكنولوجية ذات معنى.

تقسيم العمل في المنطقة وِفق الاختصاصات التي حدّدها شمعون بيريز: التكنولوجيا والصناعة في “المركز الإسرائيلي، والرساميل والعمال في “الأطراف العربية”.

دفع العديد من الدول العربية إلى “التخصص” في القطاعات غير الإنتاجية، كالسياحة والخدمات غير التكنولوجية، وإبقاء العديد منها في طور الزراعات غير الحديثة.

هذه التوجهات، التي تعني في العمق “أسرلة” الشرق الأوسط، أي إخضاعه للسيطرة الإسرائيلية، قد يبدو مبالغاً به في أحسن الأحوال أو نسخة أخرى من “نظرية المؤامرة” في أسوئها.

فالدولة العبرية في النهاية، كِـيان صغير لا يتجاوز تِـعداد سكانه اليهود، الأربعة ملايين، وبالتالي، فهو غير قادر على بناء أو إدارة مثل هذه الإمبراطورية الشاسعة.

بيد أن التحفُّـظات تتبدَّد حين نضع في الميزان الوزن الإقتصادي والمالي الكبير لليهودية العالمية، خاصة منها جناح المصرفيين العالميين الذين يمسكون بمُـعظم زمام الاقتصاد العالمي المتعولم.

حينذاك، التلاحم بين القُـدرات الإسرائيلية المحدُودة والإمكانيات اليهودية العالمية غير المحدودة، (والتي تتحكم بدورها في القرار الشرق أوسطي الأمريكي)، سيتكفل في سد الثغرات المحتملة في صرح “الشرق الأوسط الجديد”.

هل أجبنا على سؤالنا الأولي حول إحتمال وجود قرار إستراتيجي دولي بإبقاء المنطقة العربية في ثلاجة التأخر الاجتماعي – الاقتصادي؟ وهل هذه الإجابة مقنعة؟

إذا لم يكن الأمر كذلك، قد يكون كافياً أن نتلفت قليلاُ إلى الخريطة العربية، ثم نطرح السؤال: لماذا كل العالم في “مرحلة انتقالية”، إلا العرب؟ ولمصلحة من يحدُث ذلك؟

سعد محيو – بيروت

إسرائيل:

عدد السكان 7 ملايين
الدخل القومي 150 بليون دولار
حصة الفرد 12.00 دولار “1750 دولار شهريا”.
نسبة النمو 4%
معدل الغلاء 2.5%

ما زالت إسرائيل تعتمد على المساعدات الأمريكية والتعويضات الألمانية، وهى تبحث عن دول أخرى لتستنزف الأموال منهم بدعوى اضطهادها لليهود في أوروبا. إسرائيل دولة لا تستطيع أن تعيش بسلام مع جاراتها، وسيظل الصراع معها قائماً حتى تأتي ظروف معينة.

مصر:

عدد السكان 77 مليون نسمة
الدخل القومي 116 بليون دولار
حصة الفرد 1500 دولار سنويا “حوالي 125 دولار شهريا”.
معدل الغلاء 6%

مازالت مصر تعانى من مشاكل أمنية، كالتفجيرات التي حصلت في منتجع ذهب، ويخشى المراقبون أن تؤدى تلك المشاكل إلى تشديد العمل بقانون الطوارئ، وإلى انتكاس المسيرة نحو الديمقراطية.

السعودية:

عدد السكان 26 مليون نسمة
الدخل القومي 370 بليون دولار
حصة الفرد 14.50 دولار “حوالي 1200 دولار شهرياً”
نسبة النمو 5%
معدل الغلاء “الأرقام غير متوفرة”

يحاول الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذه السنة الثانية من سنوات حكمه إيجاد توازن بين احتياجات الدول المصدرة للنفط وبين الدول المستوردة. فهذه مسؤولية تقع على عاتق المملكة السعودية لكونها أكبر بلد مصدر للنفط في العالم. ويسعى الملك عبد الله أيضا إلى سد الهوة القائمة بين الأغنياء في بلاده وبين الفقراء، كما يحاول حل المشكلة الناتجة عن اضطرار المملكة إلى التحالف مع بعض الدول الأجنبية، بالرغم من وجود معارضة في الأوساط الشعبية ضد ذلك التحالف.

الجزائر:

عدد السكان 33 مليون نسمة.
الدخل القومي 105 بلايين دولار
حصة الفرد 3.100 دولار “ـ 25 دولار شهريا”.
نسبة النمو 9%
معدل الغلاء 4%

يحاول الرئيس بوتفليقة أن يرفع مستوى الأجور والمعيشة بتحويل جزء كبير من عوائد النفط إلى مشاريع استثمارية. ما زالت جبهة التحرير الوطني، التي يرأسها بوتفليقية، متفوقة على الأحزاب الأخرى.

الأردن:

عدد السكان 6 ملايين
الدخل القومي 15 بليون دولار “حوالي عُـشر دخل إسرائيل”
حصة الفرد 2400 دولار سنوياً “حوالي 200 دولار شهريا”.
نسبة النمو 4.5%
نسبة الغلاء 3.5%

الأردن بلد محاط من جميع الجهات ببلدان منكوبة أو تتعرض لتهديدات، وقد مُـني اقتصاده بضربة قوية، نتيجةً لنكبة العراق الذي كان يستورد نصف منتوجات الأردن ويقدم إليه نفطاً بسعر مخفض. معظم الأردنيين يكرهون سياسة أمريكا، بالرغم من أنها تستورد ربع صادرات الأردن، بالمقارنة مع المملكة السعودية المجاورة التي تستورد 5% فقط من الصادرات الأردنية.

لبنان.
عدد السكان 4 ملايين في لبنان، والمهاجرون ضعف هذا العدد.
الدخل القومي 24 بليون دولار.
حصة الفرد 6459 دولارا سنوياً “حوالي 540 دولارا شهرياً”.

دمر الغزو الإسرائيلي سنة 1982، ومؤخرا خلال عام 2006كثيراً من المدن والقرى اللبنانية فأدت تكاليف إعادة التعمير إلى تكبّـد ديون تقارب 40 بليون دولار، حالياً يوجد صراع داخلي بين حزب الله وبين الحكومة اللبنانية المنتخبة.

العراق:

عدد السكان 30 مليون
الدخل القومي 36 بليون دولار
حصة الفرد 1200 دولار سنويا “100 دولار شهريا”
نسبة النمو صفر “%”
معدل الغلاء 50%

كان العراق من أغنى دول العالم بالنسبة لتعداد سكانه ولكن الاحتلال دمر كلّ شيء وأحال الشعب العراقي إلى شعب فقير ومهدد بتمزق بلاده إلى ثلاثة أقسام، وقد خسر العراق نصف مليون من الأطفال قبل الاحتلال بسبب الحصار الاقتصادي الذي منع وصول الأدوية وخسر مليون نسمة منذ الاحتلال، وما زال القتال ضد المحتلين والاقتتال بين الطوائف مستمرا.

جميع الأرقام منقولة عن مجلة “الإيكونومست” البريطانية

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية