مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط .. لماذا الآن؟

يوم 18 نوفمبر 2006، رفع متظاهرون إيطاليون مؤيدون للسلام في الشرق الأوسط في مدينة ميلانو شعارات تطالب ببلدين لشعبين وتدعو لمنحهما نفس الكرامة ونفس الحقوق ونفس الأمن Keystone

فجأة ودون إنذار مسبق، راح أكثر من مسؤول أوروبي ينادي بضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، معتبرين أن احتمالات تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، تشكِّـل فرصة سانحة لمثل هذا اللقاء الدولي.

وبادرت كل من إسبانيا وفرنسا ومعهما إيطاليا، إلى إطلاق تصريحات قوية حول ضرورة تطبيق خارطة الطريق، الخاصة بفض النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.

بادرت كل من إسبانيا وفرنسا ومعهما إيطاليا، إلى إطلاق تصريحات قوية حول ضرورة تطبيق خارطة الطريق، الخاصة بفض النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، لاسيما وأن الخارطة، التي لم تغادر جُـعبة صانعيها حتى تُـترجم على أرض الواقع، تنص على عقد مؤتمر دولي، بل إن رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو أعلن أن المبادرة الإسبانية – الفرنسية – الايطالية للسلام في الشرق الأوسط تنص على وقف أعمال العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتبادل الأسرى وعقد مؤتمر دولي للسلام.

بدت كلمات ثاباتيرو وكأنها تخرج عن نية صادقة، وربما أوحت نبرة صوته بقوة ما يقف وراء مثل هذه المبادرة التي تأتي في وقت تشهد فيه الساحة الفلسطينية أشد مراحلها قتامة.

الرئيس الفرنسي جاك شيراك اعتبر من جهته أن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يبقى مكتوف الأيدي أمام “الوضع المأساوي، الذي يزداد مأساوية في الشرق الأوسط، وفلسطين خصوصا”. وقال: “سنتولّـى قيادة عمل مشترك مع الحكومة الإسبانية والحكومة الإيطالية بمساعدة الاتحاد الأوروبي (…) في محاولة لإجراء إصلاحات معنوية وسياسية، لابد منها في الشرق الأوسط”.

وردّت الرئاسة الفلسطينية بالتّـرحيب بالمبادرة، مشدّدة، كما جاء على لسان المتحدث باسمها، نبيل أبو ردينة على ضرورة تطبيق خارطة الطريق، ولم يتردّد المتحدث الفلسطيني الرسمي بالتأكيد أن عملية السلام تمُـر بمرحلة جمود، وهذا ما يتطلّـب تحركا دوليا لإحيائها من جديد.

مبادرة للالتفاف

ولعل من المفيد التذكير بأن مطلقي مبادرة السلام الجديدة، هم أنفسهم أعضاء (من خلال الاتحاد الأوروبي) في اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، التي انضمت قبل ثمانية أشهر إلى الإدارة الأمريكية وإسرائيل، لفرض الحصار السياسي والمالي على الفلسطينيين.

صحيح أن الحصار جاء على خلفية إصرار حركة حماس، التي تقود الحكومة الفلسطينية على عدم الاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات الدولية التي عقدتها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية في السنوات العشر الأخيرة.

لكن، لا يمكن أيضا فهم المبادرة الجديدة دون الالتفات إلى حقيقة رئيسية، مفادها أن الحصار الذي يشارك فيه الاتحاد الأوروبي لم يفلح سوى في دفع الأمور إلى حافة الهاوية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكذلك، فإن أقطاب السياسية العالمية، بما في ذلك أعضاء الاتحاد الأوروبي، يُـدركون أيضا أن تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، لا يعني إخراج حماس من اللّـعبة السياسية، ولا يُـمكن تفسيره كذلك بإجبارها على تلبية شروط الرباعية، بل وعلى العكس من ذلك، فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وفق الطريقة التي تُـجرى بها الأمور (في الوقت الحاضر على الأقل)، ستعمل فقط على إنقاذ حركة حماس وإعفائها من حصّـتها من المسؤولية عن الخراب الذي ضرب الفلسطينيين خلال فترة الحصار الأخيرة.

ولكن يمكن أن تفسَّـر الأمور أيضا على أنها محاولة من هذه المجموعة، التي تدعو إلى عقد مؤتمر دولي، لتجاوز “الخطأ” الذي ارتكبته في المشاركة في حصار الفلسطينيين، والقول أن ثمة طرق أخرى لحل المسألة.

بيد أن النقاط العامة، التي يتحدث عنها دُعاة المؤتمر الدولي العتيد حول السلام، أقل بكثي ممّـا تدعو إليه خارطة الطريق ذاتها، التي قبِـل بها الفلسطينيون، في الوقت الذي كانت فيه العساكر الإسرائيلية تدك مقر الرئيس الراحل ياسر عرفات وتُـحاصره.

من الأسوأ إلى لا شيء

لعل صبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس يُـشبه صبر الجِـمال، وهو الذي أقنع الرئيس الراحل عرفات بقبول خطّـة خارطة الطريق لأنها تنص على قيام دولة فلسطينية، وتدعو إلى حل مشكلة اللاجئين، وتذكر قرار الأمم المتحدة الخاص بذلك.

صبْـر عباس كبير، لأنه لا زال، وبعد مرور عامين على تولّـيه الزعامة الفلسطينية، لم ينجح في جلب الإسرائيليين إلى التفاوض على خارطة الطريق، ولا حتى في إقناع الأمريكيين، الذين صاغوا المبادرة بلغتهم وأفكارهم، بمجرد الضغط على إسرائيل لتطبيق، ولو أجزاء منها.

وهو كبير كذلك، كما تشير الطريقة التي تجري بها المفاوضات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، حيث يسعى جاهدا إلى فك الحصار للعودة إلى المفاوضات، في حين تسعى كل من فتح وحماس إلى البحث في تقاسم السلطة والنفوذ.

ربما كانت كلمات ياسر عبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية المُـخضرم، حول غايات حماس وفتح من حكومة الوحدة الوطنية، قاسية وعنيفة، عندما قال إنهما، أي فتح وحماس، “يسعيان إلى اقتسام احتكار السلطة، دون الالتفات إلى حالة التدهور التي آل إليها الفلسطينيون.

وبالرغم من قساوة كلمات عبد ربه، الشهير بانتقاداته اللاذعة، إلا أنها تعبّـر بشكل كبير عن الحديث الفلسطيني الدائر في الخفاء، والذي يقول أيضا إن حماس وفتح تخشيان على سلطتهما أكثر من خشيتهما على مصير القضية الفلسطينية.

ومثل هذه المقاربة خير دليل على السّـعي الدولي للتكفير عن أخطائه في تأييد ودعم حصار الفلسطينيين وحكومتهم، بالدعوة الآن إلى عقد مؤتمر دولي، لكنها موجعة جدا، لأنها تذكِّـر بدرجة اللامبالاة، الدولية والإقليمية والمحلية، حيال مأساة الفلسطينيين.

هشام عبدالله – رام الله

قال رئيس الوزراء الايطالي رومانو برودي يوم الثلاثاء 21 نوفمبر، انه يريد ان تكون بريطانيا والمانيا جزءا من مساعي السلام الجديدة بالشرق الاوسط، التي تقودها ايطاليا وفرنسا واسبانيا.

وقال بيان صادر عن مكتب برودي إن الزعيم الايطالي شرح المبادرة المقترحة لرئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت خلال اتصال هاتفي.

وأبلغ برودي اولمرت بأن الدول الثلاث التي اعدت المبادرة لديها “ادراك خاص” تجاه الشرق الاوسط، كما انها تقع على حدود البحر المتوسط، بيد ان هناك ضرورة لاشراك دول اخرى كبيرة بالاتحاد الاوروبي.

وقال البيان “أكد الرئيس برودي انه يجب حسب، وجهة نظره، ضرورة ان تشمل المبادرة شركاء اوروبيين اخرين، بدءا بألمانيا وبريطانيا لاعطائها فرصة اكبر للنجاح وجعلها اكثر قبولا، على الارجح من كافة الاطراف المعنية”.

وأعلن زعماء ايطاليا وفرنسا واسبانيا الاسبوع الماضي عن الخطة المشتركة للسلام في الشرق الاوسط. وتتضمن الخطة وقفا لاطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية، وتبادل الاسرى الاسرائيليين والفلسطينيين وامكانية نشر مراقبين دوليين.

واتسم رد فعل اسرائيل بالفتور تجاه الفكرة، كما تعمل الولايات المتحدة وفقا لخطتها الخاصة التي قد تتضمن عقد مؤتمر دولي للسلام في الاردن نهاية الشهر.

ولم يتضح ما اذا كانت اي مبادرة تتفق مع “خارطة الطريق” للسلام في الشرق الاوسط، والتي اطلقها رباعي الوساطة الدولية الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا في عام 2003، والتي كان ينظر اليها في وقت سابق على انها الاطار الوحيد المتفق عليه لاحياء محادثات تتعلق بالتوصل الى تحقيق سلام على الامد الطويل.

وقال البيان ان اولمرت سيزور ايطاليا في 13 ديسمبر كانون الاول.

(المصدر وكالة رويترز)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية