مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مائة وثلاثون مشروعا لمكافحة العنصرية في سويسرا

تظاهرة للتبادل الثقافي swissinfo.ch

شهدت برن، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يوافق 10 ديسمبر، اختتام الحملة الأوروبية لمكافحة العنصرية، والتي أشرفت على تنفيذها طيلة سنة ونصف، 43 لجنة وطنية أوروبية، وأنجز في إطارها الشباب السويسري، أكثر من 130 مشروعا لنشر قِـيم التسامح والتعارف.

وسمح حفل الاختتام، بتقديم صورة شاملة عن النتائج التي تحققت خلال السنتين الماضيتين والآثار التي تركتها على العلاقة بين الفئات المختلفة، كما مثلت فرصة للعديد من المؤسسات الفدرالية والمنظمات غير الحكومية، لتجديد العزم على مكافحة كل أشكال التمييز والعنصرية داخل المجتمع السويسري.

رغم النتائج التي فاقت التوقعات، بحسب المنظمين، ينادي جميع المشاركين في مهرجان اختتام هذه الحملة إلى عدم التوقف عن بذل الجهد والتنبيه إلى مخاطر العنصرية.

ويوجه غاي ميشال برانتر، ممثل المجلس الأوروبي للحضور قائلا: “هذه الحملة لا يجب أن تتوقف، لأن الدفاع عن حقوق الإنسان وحق الاختلاف، أمر حيوي يتطلب الانخراط المستدام”.

ونوّه المسؤول الأوروبي بالجهود الجبارة التي بذلها المكتب الفدرالي للشباب، الذي تكفل بالتنسيق بين جميع المنظمات التي انخرطت في الحملة ومتابعة المشروعات التي تمّ تبنّـيها في إطارها.

وأضاف يقول: “ضمنت سويسرا لنفسها موقعا متقدما في هذه الحملة، من خلال المشروعات التي أنجزت، وإن غابت اليوم عن احتفالكم سويسرا الرسمية، فإن المدافعين عن قِـيم المجتمع الديمقراطي وحقوق الإنسان لم يغيبوا، وهؤلاء هم ضمانة الاستمرارية”.

الشباب عماد المستقبل

أما ليف روسيي، مدير المكتب الفدرالي للتأمينات الاجتماعية، فقد حيّا بحرارة مجاميع الشباب الذين انخرطوا بحيوية واندفاع من أجل احترام قِـيم التعدد والاختلاف ومن أجل المساواة في الفرص، على امتداد هذه الحملة.

ولم يفت المسؤول الفدرالي التأكيد على أن “التنوّع الثقافي والدِّيني والعِـرقي جزء لا يتجزّأ من مكوّنات المجتمع الديمقراطي السويسري، وبقدر ما هو إثراء كبير للحياة الثقافية والاجتماعية، فإنه يمثل أيضا تحدّيا يجب حُـسن التعامل معه”.

وبالنسبة لريف روسيي، “هذه الحملة كانت أساسية وضرورية، لأن المجتمع السويسري أصبح مجتمعا متعدّد الثقافات والأعراق، وكان لابد من القيام بشيء للردّ على مشاعر الكراهية ضد الأجانب، التي أشاعها اليمين المتشدد خلال السنوات الأخيرة”.

وفي تصريح لسويس انفو، تقول النائبة بالبرلمان الوطني بريجيتا غادينت Brigitta Gadient، من الجناح الليبرالي في حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) من كانتون غراوبوندن: “لابد أن تتاح الفرصة للتواصل بين المجموعات الثقافية المختلفة، حتى تتلاشى الأفكار المسبقة التي تسمِّـم العلاقات، وتحلّ محلها قِـيم التفاهم المشترك”.

وتضيف: “لابد أن يأخذ الشباب زِمام المبادرة بيده وأن يفهموا التحوّلات الاجتماعية التي تحيط بهم، وأن ينظروا إلى التعدّد والتنوع، كفرصة يجب اقتناصها، لا خطرا يجب التوجس منه”.

لكن القبول بهذا التنوع والتعدّد، أمر ليس مسلما به في سويسرا، بل يجب الاعتناء به وتعهّـده باستمرار. فالتقرير الذي نشرته اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية في سويسرا سنة 2006، كشف المصاعب التي تعترض الأطفال والشباب، من ذوي الأصول المهاجرة، في الحصول على فرصة للتدريب والتكوين ومظاهر التمييز العنصري، التي يعانون منها في سوق العمل.

وهذه القضايا نفسها، هي التي أثارها المقرر الخاص للأمم المتحدة حول العنصرية دودو ديان خلال زيارته الاستطلاعية في مارس 2007، والذي دعا في تقريره السلطات السويسرية إلى “وضع تشريعات وطنية تجرّم التمييز العنصري وخطط لمكافحته وإنشاء مؤسسة وطنية تُـعنى باحترام حقوق الإنسان”.

الحملة متواصلة..

لم يترك الخيال المبدع وسيلة للتواصل والإبتكار، إلا ووظّفها في سياق هذه الحملة ضد العنصرية. ومنذ انطلاقة الحملة سنة 2006، نظِّـمت العديد من التظاهرات، شملت مهرجان التصوير ببازل والبطولة الأوروبية لرياضة كرة الكيس بلوزان واحتفال كورال (مجموعة صوتية) الأطفال بزيورخ، بالإضافة إلى المعرض الثقافي الذي احتضنه متحف شواب بمدينة بيين في شهر مارس الماضي، والقِـطع المسرحية التي أنتجها مسرح بان بمدينة لوغانو (جنوب سويسرا) والورشات الإبداعية، التي نظِّـمت في كانتونات عديدة بمناسبة مرور عشر سنوات على مصادقة سويسرا على اتفاقية الأمم المتحدة لحماية الطفولة.

ومن التظاهرات التي لفتت الأنظار إليها أيضا خلال هذه الحملة، الأسبوع الأوروبي للرسم التشكيلي حول العنصرية، وهي الرسوم التي جمّـعت في كتاب سيتم توزيعه لاحقا على نطاق واسع.

وبنفس المناسبة أيضا، أعلنت مؤسسة مكافحة العنصرية ومعاداة السامية بسويسرا، تنظيم مسابقة لاختيار أفضل أربعة سيناريوهات لإنتاج أفلام قصيرة تبيِّـن مخاطر التمييز والعنف، وبعد انتهاء إنتاجها، ستوزّع على محطات الشاشات الصغيرة وعلى دور السينما وتُـنشر على الإنترنت، كما ستوزّع على المؤسسات التعليمية لتحسيس الشباب وإثارة حوار حولها داخل الفصول الدراسية.

وحول الخطوات المستقبلية، تقول سيمون ستيرنيمان إحدى منسّـقات هذه الحملة في تصريح لسويس انفو: “إن اختتام هذه الحملة لا يعني أبدا أن كفاحنا من أجل التوصل إلى احترام تام لحقوق الإنسان وكرامته سيتوقف، بل يعني على العكس، مواصلة العمل من خلال تنفيذ المشروعات وابتكار الوسائل والأفكارالملائمة لتطورات الاحداث”.

وتضيف ستيرنيمان في نفس السياق قائلة: “لقد استطعنا بفضل هذه الحملة، بناء شراكة للتعاون وإقامة شبكة من الجمعيات المعنية بحقوق الإنسان ومكافحة العنصرية، وهذه الشبكة هي التي ستأخذ دورها الآن”.

برن – عبد الحفيظ العبدلي

انطلقت حملة “كلنا مختلفون، كلنا متساوون”، بمبادرة من مجلس أوروبا الذي يمثل 48 دولة في القارة الأوروبية، وهي حملة تتوجّـه بالأساس للشباب الأوروبي، وامتدت من مايو شهر 2006 إلى شهر ديسمبر 2007، وكانت هذه الحملة تستهدف تعزيز قِـيم التسامح والانفتاح عن المختلف، وكذلك احترام حقوق الإنسان ودفع الشباب للانخراط بإيجابية في الحياة الاجتماعية والسياسية.

وتذكِّـرنا هذه الحملة بأخرى مماثلة سابقة، أطلقها المجلس نفسه سنة 1995 لمكافحة العنصرية وكراهية الأجانب.

عشر سنوات مرت، ولكن التمييز والعنصرية لا زلا ممارسا على نطاق واسع، سواء في أوروبا بصفة عامة، أو في سويسرا بصفة أخص.

يحصل هذا في الوقت الذي يُـقر فيه الجميع أن كل الناس يولدون أحرارا “متساوون في الكرامة وفي الحقوق”، وأن “حرية التعبير والحق في معاملة عادلة، بغض النظر عن الجنس واللون والدِّين، هي قيم أساسية لأي مجتمع ديمقراطي”.

وهذا ما يضمنه الدستور السويسري نفسه، الذي ينص على أن “كل الأشخاص السويسريين أو المقيمين في سويسرا، لهم الحق في العيش في سلام وأمن”، وتعد المادة 261 (2) من القانون الجزائي السويسري، أداة فعالة لمحاربة العنصرية وكل سلوك يخِـل بالكرامة الإنسانية.

كل سنة، يخصص قسم مكافحة العنصرية في سويسرا 300.000 فرنك لمشروعات المكافحة للعنصرية في مجال التعليم، و500.000 فرنك للمشروعات في المجالات العامة الأخرى.
استفاد من الدّعم الحكومي في إطار هذه الحملة، 12 مشروعا سنة 2007.
يحصل كل مشروع يحظى بالقبول على ميزانية قدرها 30.000 فرنك.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية