مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مادلين كيونين: “لا يُساورني أدنى شك حول فوز الديمقراطيين”

هاجرت مادلين كيونين من سويسرا إلى الولايات المتحدة وهي لم تبلغ بعد سن السابعة رفقة أمها وأخيها (Paul Boisvert)

عندما اندلعت أزمة ودائع ضحايا المحرقة النازية في المصارف السويسرية في أواسط التسعينات، كانت مادلين كيونين، السويسرية المولد واليهودية الأصل، سفيرة الولايات المتحدة في برن، وعايشت مُجريات قضية "كان يمكن إدارتها بشكل أفضل لو تحركت سويسرا بصورة أسرع"، حسب اعتقادها.

وفي حديث مع سويس انفو في واشنطن، استعادت هذه الناشطة النسائية أجواء طفولتها في سويسرا ثم عودتها إليها كسفيرة في ظرف حرج. كما سلطت الضوء على السباق الرئاسي الذي يخوضه حزبها الديمقراطي، وقدمت تصوراتها لأولويات الرئيس الأمريكي المقبل وعلى رأسها “الخروج من العراق”.

كانت مادلين كيونين مسؤولة سابقة في إدارة بيل كلينتون، وتقوم حاليا بحملة لفائدة هيلاري كلينتون في سباقها للترشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية.

كيونين، المرأة الأمريكية الوحيدة التي ترأست إحدى ولايات البلاد لمدة ثلاث دورات (ولاية فيرمونت)، تأسف للتمثيل السياسي النسائي الضعيف في الولايات المتحدة، وهو تمثيل يظل أدنى من الانخراط السياسي للنساء السويسريات.

وفي حديث مع سويس انفو في واشنطن، بمناسبة إصدارها لكتاب ذكريات بعنوان “لؤلؤ وسياسة وسلطة”، تحدثت السفيرة السابقة باستفاضة عن أزمة الودائع اليهودية في المصارف السويسرية، وعن مساندتها لهيلاري كلنتون، وتقييمها للديمقراطي باراك أوباما، وكذا تصورها لأولويات الرئيس المرتقب للبيت الأبيض.

سويس انفو: ولدتم في عام 1933 في أسرة يهودية. في أي ظرف هاجرتم إلى الولايات المتحدة؟

مادلين كونين: لم يكن يتجاوز عمري ست سنوات ونصف عندما غادرت سويسرا. فقد تُوفي والدي، الذي كان تاجرا في مجال تصدير واستيراد الأحذية، في عام 1936، وتكفـّلت والدتي لوحدها، بتربيتنا، أخي وأنا. لا أحتفظ سوى بذكريات قليلة عن طفولتي في زيورخ، ولكنها ذكريات سعيدة.

كنتُ صغيرة جدا، ولم أكن أدرك ما كان يحدث في أوروبا في تلك الحقبة. وقد اتخذت أمي، وهي أيضا من مواليد زيورخ، قرار الهجرة. وكان السبب الرئيسي الهروب من خطر المحرقة إذ كان يسود خوف كبير، لا سيـّما داخل المجتمع اليهودي، من غزو هتلر لسويسرا.

سويس انفو: في عام 1996، عدتم إلى سويسرا بصفتكم سفيرة الولايات المتحدة. هل رافق ذلك شعور بالثأر؟

مادلين كيونين: كان بالأحرى شعورا بالفخر والفرح، لأن والدتي ما كانت لتَحلم أن أتمكن من أن أصبح سفيرة أمريكية. ومع ذلك، فإنها كانت دائما تقول لنا “كل شيء ممكن في أمريكا”، إذ كان يـراودها ذلك الحلم النموذجي للمهاجر المتفائل بالمُستقبل.

سويس انفو: فور وصولكم إلى السفارة في برن، ابتلعتكم قضية الودائع اليهودية في المصارف السويسرية. وتوضحون في كتابكم أن لا وزارة الخارجية الأمريكية ولا أنتم كنتم تتوقعون أن تتضخم هذه القضية. لماذا اتخذت ذلك الحجم إذن؟

مادلين كيونين: أولا، كانت هناك معلومات جديدة عن الحسابات النائمة تصدر باستمرار، وذلك بالموازاة مع نشر الوثائق السرية حول دور سويسرا خلال الحرب العالمية الثانية. ثم تضخمت الأمور في الولايات المتحدة حيث كان المؤتمر اليهودي العالمي نشطا للغاية وحيث كانت إدارة كلينتون تؤيد فكرة إعادة الأصول إلى أصحابها. ثم كان يسود شعور بضرورة التحرك بصفة عاجلة لأن الباقين على قيد الحياة كانوا مُسنين جدا.

سويس انفو: كان يمكن إدارة القضية بسرعة أكثر إذا كانت الحكومة السويسرية لم ترفض المشاركة في المفاوضات بين المصارف والولايات المتحدة؟

مادلين كيونين: كان يمكن إدارة القضية بشكل أفضل إذا كانت الحكومة والمصارف السويسرية قد تحركت بعد الحرب على الفور! فلمدة سنوات، لم يعترفوا حقا بهذه المشكلة. ولكن عندما أثيرت في عام 1996، كان بإمكانهم اختصار القضية عبر رد الفعل بصورة أسرع.

سويس انفو: هل ساهمت مشاركة إدارة كلينتون وبيل كلينتون في تفاقـم الأمور؟

مادلين كيونين: لا أذكر أن بيل كلينتون قد انحاز علنا، ولا أعتقد أنه ساهم في تفاقم الوضع. ومن جهتي، كان يتمثل دوري في الحفاظ بالفعل على علاقات جيدة بين الولايات المتحدة وسويسرا، مع حث سويسرا على التحرك.

لكن في الولايات المتحدة، وقعت مبالغات كثيرة حول دور سويسرا خلال الحرب. وقد استغل السيناتور داماتو الوضع في بعض الأحيان. وعلى الرغم من أنني لم أوافق على جميع التكتيكات المُستخدمة، مثل التهديدات بمقاطعة المصارف والمنتجات السويسرية، أعتقد أن الوقت كان قد حان لحل مشكلة الودائع، وأنه كان من المهم بعد ذلك طي تلك الصحفة.

سويس انفو: هل طُويت هذه الصفحة نهائيا؟

مادلين كيونين: لا ألمس اليوم أي أثر للجدل على العلاقات الثنائية. عموما، يمكن القول أن المشكلة انحلت. ولئن كان من المؤكد أنه لم يُعثر بعد على أصحاب بعض الحسابات، وأن بعض المصارف لم تدفع المبالغ بالكامل، فإن ما يهم هو أن غالبية السويسريين اعترفت بضرورة حل المشكلة، ولا سيما الشباب.

سويس انفو: تدعمون هيلاري كلينتون في الحملة الرئاسية الأمريكية. هل حان الوقت لكي تفسح الطريق لباراك أوباما؟

مادلين كيونين: أنا سأدعم هيلاري كلينتون إلى أن تقرر الاستسلام بنفسها. وهذه اللحظة لم تحن بعد. مازالت لديها فرصة صغيرة للفوز لأن بعض كبار الناخبين الديمقراطيين لم يتخذوا بعد موقفهم (أي الاختيار بين المُرشحيـْن كلينتون وأوباما لخوض السباق الرئاسي ضد المرشح الجمهوري، التحرير). الأمل ضئيل، لكن التنافس لم ينته بعد، خاصة أن هيلاري تتميز بروح قتالية وتتمتع بقدرة استثنائية على التحمل.

سويس انفو: وماذا عن باراك أوباما؟

مادلين كيونين: إنه شخصية مؤثرة جدا وكارزمية. وقد جلب الكثير من الشباب للمشاركة في العملية الانتخابية. وقد يكون الوضع المثالي للحزب الديمقراطي تقديم “تذكرة” مشتركة لباراك وهيلاري.

ولكن مهما حدث، سيكون حزبنا موحدا ضد جون ماكين في نوفمبر. ولا يُساورني أدنى شك حول فوز الديمقراطيين. ولئن كان قد ثبت بالفعل أن الحملة مليئة بالمفاجآت، فإن استياء الأمريكيين بلغ من القوة درجة جعلتهم يشعرون برغبة عميقة في التغيير.

سويس انفو: ماذا ينبغي أن تكون أولويات الرئيس الجديد للبيت الابيض؟

مادلين كيونين: أولا، أن نخرج من العراق. بعد ذلك، إعادة إنعاش الاقتصاد. ثم ترميم سُمعة الولايات المُتحدة في العالم، أي تقديمها مُجددا كديمقراطية تتعاون مع البلدان الأخرى بطريقة إيجابية.

سويس انفو: حصلت الأمريكيات على حق التصويت عام 1920، والسويسريات عام 1971. لكن لم يكن للأمريكيين أبدا رئيسة مُقابل اثنتين للسويسريين. ثم إن الولايات المتحدة لا تحتل سوى المرتبة 69 من أصل 187 بلدا، على مستوى الحضور النسائي في البرلمان. لماذا هذا التأخير؟

مادلين كيونين: يبتعد الكثير من الأمريكيين عن العملية السياسية التي أصبحت بغيظة ومُكلفة. في حين أن هذه العملية أكثر تحضرا في سويسرا الجديرة بالثناء للمكان الذي تحتله النساء في الساحة السياسية. لكن يجب الإقرار بأن الرئاسة منصب ضعيف في سويسرا، خلافا لما هو عليه الحال في الولايات المتحدة.

ولا أعتقد أن وضع حد لنظام الحزبين سوف يـُغير الأمور بالنسبة للنساء في الولايات المتحدة. فما يمكنه تحسين الأمور هو فرض نظام الحصص، لأن البلدان التي تتوفر على هذا النظام تمكنت بالفعل من رفع نسبة تمثيل النساء.

سويس انفو – ماري-كريستين بونزوم – واشنطن

(ترجمته من الفرنسية وعالجته إصلاح بخات)

في أواسط عقد التسعينات، أطلقت عدة منظمات يهودية حملة هجومية شرسة ضد سويسرا ومصارفها بسبب ودائع ضحايا المحرقة النازية (الهولوكوست) التي كانت نائمة في البنوك السويسرية دون أن يتمكن أصحاب الحق من استرجاعها.

وسرعان ما اتجهت الانتقادات، التي تناقلتها شخصيات سياسية مثل عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ألفونس داماتو، نحو التشكيك في دور سويسرا عموما خلال الحرب العالمية الثانية.

في ديسمبر 1996، أنشأت الحكومة الفدرالية لجنة خبراء مستقلة لإلقاء الضوء على الماضي القريب للبلاد، ووُضعت اللجنة تحت قيادة المؤرخ جون فرونسوا بيرجيي.

في أغسطس 1998، تم التوصل إلى اتفاق تسوية شامل بين المنظمات اليهودية والمصرفين السويسريين “يو بي إس” و”كريدي سويس” اللذين أفرجا عن مبلغ 1,2 مليار دولار لتعويض ضحايا النازية.

وقد أصدرت اللجنة تقريرها النهائي الذي جاء في 600 صفحة في مارس 2002.

من مواليد 28 سبتمبر 1933 بمدينة زيورخ السويسرية في عائلة يهودية.

هاجرت إلى الولايات المتحدة في سن السادسة والنصف رفقة أمها وأخيها.

مُتخرجة من جامعة ماساشوستس، وجامعة فيرمونت، ومدرسة الصحافة في جامعة كولومبيا.

بعد طلاقها من زوجها الأول في عام 1995 الذي أنجبت منه أربعة أبناء، تزوجت من جديد في عام 2006.

تعيش في بورلينغتون، أكبر مدن ولاية فيرمونت.

قبل دخولها عالم السياسة، كانت صحفيةً في يومية “بورلينغتون فري بريس” بولاية فيرمونت شمال شرقي الولايات المتحدة.

كانت أول أمريكية تُنتخب لثلاث دورات رئاسية لولاية فيرمونت (من 1984 إلى 1991). وكان شغل منصب نائبها هوارد دين، الذي ترشح لرئاسيات 2004 والذي يرأس اليوم اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي.

في عام 1992، شاركت في الحملة الانتخابية لفائدة بيل كلينتون، وكانت عضوا في الثلاثي الذي اختار آل غور كمنافس للمرشح الديمقراطي في السباق إلى البيت الأبيض، وعضوا في الفريق الانتقالي الذي كون أول حكومة للرئيس كلينتون.

شغلت منصب وزيرة التربية من 1993 إلى 1996، قبل أن تعين سفيرة لواشنطن في سويسرا من 1996 إلى 1999.

وتدعم السيدة كيونين هذا العام تشرح هيلاري كلينتون لرئاسة البيت الأبيض كما أنها مُرشحة لإحدى وظائف المندوبين الديمقراطيين في ولاية فيرمونت.

ألفت مادلين كيونين عدة كتب وتُدَرس حاليا في جامعة فيرمونت.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية