مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مُواصفات “مُرشّـح الإجْماع” محور التكهنات في الجزائر

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في صورة التقطت له بقصر الرئاسة بالمرادية يوم 16 يوليو 2013 بعد عودته من فترة علاج طويلة في فرنسا. Keystone

عاد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى بلده الجزائر، بعد ثمانين يوما قضّاها في المستشفيات الفرنسية بين العلاج والنقاهة. وبعد سُويْعات من وصوله إلى مقرّ سكناه في العاصمة الجزائرية، أقيل العقيد فوزي، رجل المخابرات المسؤول عن الصحافة الجزائرية، وفهم الكثيرون من الإقالة، أن ساعة آل بوتفليقة قد دقّت وأن موعد رحيلها قد أزف، ربما..

لقد كان العقيد فوزي ومنذ عام 2004، الآمر الناهي في كل ما يتعلّق بتراخيص الصحف، واعتمادات الصحفيين الدوليين، والإشهار العمومي الممنوح للصحافتيْن، الخاصة والعامة، وربط كل هذه الصلاحيات بمدى الولاء للرئيس بوتفليقة وحاشيته، وخصوصا شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة.

كما ربط رضا الجهاز الذي يديره بسخطه بالكتابات والمواضيع السمعية – البصرية المتعلّقة بالجزائر وبوتفليقة على حدٍّ سواء. وكان للعقيد فوزي باع طويل في زجّ الصحفيين عام 2004 في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وضرب بعضهم بعضا، بطريقة “أنت في صفّ بوتفليقة” و”أنت في صفّ المرشّح علي بن فليس”، وكان همّه هو تصفية المُوالين الحقيقيين لبوتفليقة من خصومه في الساحة الإعلامية، وقد كان له ما أراد حسبما يبدو، ولكن بأي ثمن؟

لقد اكتشف العقيد فوزي، ومن ورائه شقيق الرئيس السعيد بوتفليقة، أنهما ضمنا دعم صحافة جزائرية أطلقت عليها تسمية “الطابور الخامس”، لا وجه لها ولا مبدأ. وبمجرد انتهاء انتخابات عام 2004، التي فاز فيها بوتفليقة، بدأ الإبتزاز المتبادَل. فمقابل كل صحيفة آيات مدْح لبوتفليقة، بالحقّ أو بالباطل، غير أن خزينة الدولة هي الخاسِر الأكبر. فبرزت جرائد مثل “النهار الجديد” و”لالجيري نيوز” و”المسار العربي”، كلّها تطبع وتبيع وتربح، ولا تدفع لخزينة الدولة شيئا، إلا اليسير اليسير.

واستمر الوضع إلى غاية انتخابات عام 2009، أين وجّه السعيد، شقيق الرئيس، العقيد فوزي بضرورة لَـيِّ ذراع الواقِع المؤكّد، أن بوتفليقة غير صالح للحُكم بسبب مرضه، وإلزام الصحافة الموالية بضرورة الدّعم غير المشروط، فاتبعت هذه الصحافة ما أُمِرَت به، وساهمت مع مُعطيات الحُكم وتعقيداته في تعديل الدستور وانتخاب بوتفليقة لمرة ثالثة.

الجزائر (رويترز) – قال وزير الداخلية الجزائري دحو ولد قابلية ان الجزائر اعتبرت تهريب المخدرات تهديدا للأمن القومي مرتبطا بالتطرف في المنطقة وكلفت الجيش بمهمة محاربته.

وأضاف لوكالة الأنباء الجزائرية الحكومية “نحن نحارب نوعا جديدا من الإرهاب” مضيفا أن تهريب المخدرات “نشاط إرهابي”.

وتشعر الجزائر وهي مصدر رئيسي للطاقة لاوروبا ولها دور هام في الحرب على المتشددين في الصحراء الافريقية بالقلق تجاه الصلة بين التطرف وزيادة وتيرة تهريب المخدرات خصوصا في منطقة الساحل بشمال افريقيا.

وقال مصدر امني مطلع على نشاط الجماعات المتشددة في الصحراء بالجزائر ان مختار بلمختار العضو البارز في تنظيم القاعدة الذي اعلن المسؤولية عن الهجوم الدموي على منشاة للغاز في الجزائر في يناير 2013 يوفر الامن لمهربي المخدرات في الجزائر مقابل الحصول على اموال.

وقال مسؤولون ان وضع المسؤولية على الجيش يرسل اشارة قوية بان الجزائر تاخذ المشكلة على محمل الجد. وكانت محاربة تهريب المخدرات في السابق مهمة قوات الدرك الوطني والجمارك ودوريات حرس الحدود.

وقال أنيس رحماني وهو خبير أمني ورئيس تحرير صحيفة النهار لرويترز إن التهريب يمد الجماعات المسلحة وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي بالوسائل المالية لشراء أسلحة وضم متشددين جدد.

واضاف ان من الواضح ان القوة الوحيدة القادرة على مواجهة نشاط التهريب المتزايد الذي يشمل تهريب المخدرات هو الجيش الجزائري.

ويقول المكتب الوطني لمكافحة المخدرات والادمان انه تم ضبط حوالي 78 طنا من راتنج القنب خلال الشهور الستة الاولى من عام 2013 مقابل 71 طنا خلال نفس الفترة في العام الماضي.

ويقول مسؤولون جزائريون ان معظم القنب وراتنج القنب ياتي من المغرب. وقال مسؤول امني بارز طلب عدم نشر اسمه لرويترز “نعتبر ان تهريب المخدرات هو الان التهديد الامني الاول للجزائر والارهاب في المركز الثاني.”

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 25 يوليو 2013)

تصفية حسابات

غير أن هذه المرة لها مذاقها الخاص. فقد ضُـرب العقيد فوزي وشقيق الرئيس من جهة مُؤلمة، أي من الصحفي هشام عبّود، صاحب يومية “جريدتي” بالعربية و”مون جورنال” بالفرنسية، وهو أيضا صديق الشباب وربيع العمر، بالنسبة للعقيد فوزي، فماذا فعل هشام عبود؟

لقد أعلن للصحافة الفرنسية، عندما كثُـر اللّغط والتساؤل بسبب الغياب الطويل لبوتفليقة في عاصمة النور باريس، بأن الرئيس مشلول وبأنه في الجزائر، وهو أيضا غيْر صالِح للحُكم. استغربت الصحافة المستقلّة خرجة عبّود وتساءلت عن الشجاعة التي يملِكها، كي يتحدّى صداقته مع رجال الإستخبارات وولاءهم، وخاصة الإلتزام بالصّمت المسؤول، كما يُسمّى في الجزائر.

وفجأة، أصبح هشام عبود بطلا إعلاميا بسبب خرْجَته، خاصة وأنه تزامن مع أخبار راجت بأنه ممنوع من السّفر وبأنه مُتابَع قضائِيا، فصرّح مرة أخرى من باريس بأنه يتوجّب على القضاء أن يُحاسِب وزير الطاقة السابق شكيب خليل على الفضائح المُتابَع فيها ومليارات الدولارات التي بذّرها.

ثم ما لبث الناس أن اهتمّوا بهشام عبود وبجريدته، التي لم يكن يعرفها إلا القليل، وفي خِضّمّ أيام الإهتمام، طلع عليهم عبّود بتقرير مفصَّل عن الفضائح المالية لشقيق الرئيس سعيد بوتفليقة.

انتهت مرحلة وبدأت أخرى!

كل هذا يحدث مِن تحت أنْف العقيد فوزي؟ “مستحيل”، تقول مصادر إعلامية جزائرية، التي تُرجِّح أن العقيد فوزي، وهو من غرب البلاد، تماما كما هو بوتفليقة، إما أن الأمور قد تجاوزته وإما أنه التزم بالأوامر الصادرة من مستويات أعلى، مفادها أن عليك أن تتبع التوجيهات القاضية بكشف ملفات الفساد، مهْما كانت جِهتها وبأنك الآن ابن المؤسسة ولست ابن بوتفليقة.

وهكذا، وبأمْرٍ عسكري، إما بتوجيه من بوتفليقة وإما من دونه، انتهت مرحلة وبدأت مرحلة أخرى، عيّن فيها عقيد آخر يُدعى العقيد عقبة، الذي لا يُعرَف عنه الكثير، إلا أن ما ينتظره من مهام في الفترة المقبلة، أكبر بكثير. أولها، المساهمة إعلاميا في تنظيم خروج سلِس من الحُكم للرئيس الحالي بوتفليقة، رغم أنه عاجِز ومُقعَـد.

مظهر فوضوي

في الأثناء، تتسم الساحة السياسية هذه الأيام بالغليان بسبب التكتّلات والتكتّلات المضادّة، بما أن الجميع أضحى واعيا بأن عهْد بوتفليقة قد انتهى، كما تأكدت بداية المشهد بالشغور المُحيِّر في منصب الأمين العام لدى أكبر تشكيلتيْن سياسيتيْن، هما جبهة التحرير الوطني، والتجمّع الوطني الديمقراطي. فبعد إسقاط كل من عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى منذ أزيد من ستة أشهر، لم يُعوَّضا بأحد، بل تُـرِك الحبل على غاربه.

غير أن هذا المظهر الفوْضَوي يُبيِّن من طرف خفِي أن الجميع في الحزبيْن ينتظر موعِدا يقرب من الإنتخابات الرئاسية، كي يُعيّن قائدين يُعلِنان بدورهما نصْرة مرشّح الإجماع، ودور أجهزة الدولة الخفي غيْر بعيد، بسبب الرّغبة الشديدة في حماية السفينة ومَن فيها.

التنافس السياسي

في سياق متصل، يبدو أن التيارات الإسلامية قد فهِمت الرسالة جيدا، وراح زعيم حركة مجتمع السِّلم، عبد الرزاق مقري يُعلن مِرارا وتِكرارا، أن على مرشح الإجماع أن يكون وطنيا مُلِمّا بالمبادِئ الإسلامية وعاملا بجِدّ، لتحسين الحالة الإجتماعية والإقتصادية للمواطنين.

في نفس السياق، لا يبدو أبدا أن هناك مَن يُخالف هذا الطرح، إلا ما ظهر من تنافُـس سياسي مقبول من قبيل تنافُـس رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور مع غوزي رباعين، زعيم حزب عهد 54 أو موسى التواتي، زعيم الجبهة الوطنية الجزائرية، الذين أكّدوا وأظهروا من خلال تصريحاتهم، أن مرشح الإجماع “لا يُزعِجُهم إذا ما الْـتفَّت الأمّة من حوله”…

ثم أن هناك جوّا عاما يؤكّد الرغبة في ضرورة حماية الإستقرار مع إجراء التغيير اللازم، من دون المرور بالعنف الذي شهدته تونس وليبيا ومصر في عام 2011. ويبدو أن الجيش والإدارة بشكل عام، قد فهما أن بقاء دار لُقمان على حالِها أمر مستحيل، وما دامت هناك فرصة حقيقية لحماية الإستقرار، فليس هناك أفضل من استغلالها.

فساد عارم

لكن، بماذا يطالِب الجزائريون؟ تجمع الطبقة السياسية أن رفْع الغُبْن على العمل الديمقراطي والحياتيْن، السياسية والإعلامية، التي فرضها بوتفليقة، أضحى أمرا ضروريا. فالجزائر كانت – مثلما يذكر الجميع – بلدا أكثر حرية قبل مجيء بوتفليقة في عام 1999.

في نفس السياق، تطالب الطبقة السياسية والمجتمع الجزائري، بضرورة القضاء على الحرية الإقتصادية الكاذبة، التي سمحت بانتشارٍ رهيبٍ للرّشوة، جعلت الجزائر في الرّتبة الثالثة ما قبل الأخيرة في العالم، وبضرورة إنعاش القطاعات الإقتصادية والإجتماعية، وتسهيل عمل المؤسسات الإقتصادية الجزائرية عمومية كانت أو خاصة، لأن مصاريف الجزائر قد جاوزت المائة والعشرين مليار دولار سنويا، ما بين قطاعات التجهيز والتسيير والخدمات الإجتماعية والمشاريع التنموية والعِمرانية، وهي كلها أموال صُرِفت من الخزينة العمومية، تخدم الإقتصاد الكلّي على المدى الطويل، لكنها مُؤلِمة في الوقت الحالي من جهة، وطالتها عمليات رشوة عند منح الصّفقات والمشاريع بطريقة لم يسبَق لها مثيل.

فهناك محطّات كهرباء كلّفت في تونس أو المغرب ما بين مائة وخمسين ومائتي مليون دولار، في حين كلّفت في الجزائر مليارا ومائتي مليون دولار. وفي المقابل، يمثل تهريب المحروقات في الوقت الحالي، ما بين الحدود التونسية والمغربية، حوالي مليارا ونصف من الدولارات.

بالإضافة إلى أن الجزائر، وهي البلد النفطي، تستوْرِد ما يُقارب 10 مليارات دولار من البنزين، فيما لا زالت مشاريع بناء محطات تكرير، إما بطيئة أو متأخرة، بالإضافة إلى الواقع المتمثل في أن 90 بالمائة من الواردات الجزائرية، مُستورَد من الخارج، ما بين مأكل وملبس.

لهذه الأسباب مجتمعة، يريد الجيش والإدارة والطبقة السياسية قيادة السفينة بأمان، وجعل الإنتهاء التام لمرحلة بوتفليقة (إما بوَفاتِه أو بإعلان عدم قُدرته على الحُكم أو بانتهاء عُهْدته في ربيع 2014) بوابة تفتح على مرحلة جديدة تسمح للجزائريين بالعيش في ظل حرية تونسية أو ليبية أو مصرية ولكن من دون دماء، ويعد بهذا الأمر مرشحون من العِيار الثقيل، أمثال أحمد بن بيتور، أو عبد العزيز مقري، الذي أسرّ لأقرب مقرّبيه أن “مرشّح الإجماع، إن لم يكن بن بيتور، فهو حتما رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس”، حسبما نقل عنه.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية