مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مجلس حقوق الإنسان يعقد جلسة خاصة لمناقشة تقرير غولدستون

swissinfo.ch

بعد تقديمها طلب تأجيل النظر في تقرير لجنة تقصي الحقائق في الحرب على غزة، عادت السلطة الفلسطينية في ظل غضب الشارع وضغوط المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، إلى المطالبة بعقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان للنظر مجددا في تقرير غولدستون. وهو ما سيتم فعلا بعد ظهر الخميس 15 أكتوبر الجاري طبقا لإعلان رسمي صدر يوم الثلاثاء عن الأمم المتحدة في جنيف.

ولتوضيح جملة من المفاهيم التي اختلطت على العديد من المتدخلين ومن أجل فهم آليات وملابسات ما حدث في هذه القضية، أجرت swissinfo.ch حديثا مطولا مع السيد نزار عبد القادر، المدير التنفيذي لمعهد جنيف لحقوق الإنسان والمتابع لنشاط مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

ومع عودة السلطة الفلسطينية الى المطالبة بعقد “جلسة خاصة” لمجلس حقوق الإنسان، أصبح من الضروري توضيح آليات عمل مجلس حقوق الإنسان، لغربلة الجدل الذي عاشته الساحة السياسية والإعلامية منذ أن تقدمت باكستان باسم مجموعة الدول الإسلامية في المجلس بطلب تأجيل التصويت على مشروع القرار الذي كان سيزكي التوصيات التي وردت في تقرير اللجنة التي كلفها مجلس حقوق الإنسان بتقصي الحقائق حول الحرب على غزة، والجدل الذي دار على أشده في وسائل الإعلام الدولية والعربية حول الطرف (أو الأطراف) الذي يتحمل المسؤولية عن هذا التأجيل وتداعياته.

وقد قيل الكثير من الكلام في الفضائيات العربية ووسائل الإعلام بشتى أنواعها عن آليات حقوق الإنسان وطريقة عمل مجلس حقوق الإنسان ومسؤوليات المجموعات الجغرافية والدول فيما حدث (وفيما لم يحدث)، ولكن بعضا (إن لم نقل الكثير) من المتدخلين كان إما مخطئا وغير دقيق في فهمه واستيعابه لهذه الآليات أو متعمدا للخلط والتعمية تفاديا لتحديد المسؤوليات.

لهذا السبب، طرحنا جملة من هذه التساؤلات على خبير عربي متابع لآليات حقوق الإنسان في جنيف وهو الأستاذ نزار عبد القادر للتوضيح ووضع النقاط على الحروف خصوصا وأن آخر المعلومات أفادت بأن الدول العربية توصلت الى اتفاق للتقدم بطلب جديد لعقد “جلسة خاصة” لمجلس حقوق الإنسان للنظر في تقرير غولدستون. ومن المحتمل جدا أن يتم ذلك يوم الخميس 15 اكتوبر الجاري.

Swissinfo.ch: علمنا أن السلطة الفلسطينية تقدمت بطلب لمجلس حقوق الإنسان لعقد جلسة خاصة. ما هي الشروط التي يجب توفرها لكي يستجيب المجلس لهذا الطلب؟

نزار عبد القادر: حسب علمي وما تم التصريح به من قبل صائب عريقات، فإن الطلب يتعلق بمناقشة الأوضاع الحالية في المسجد الأقصى من خلال جلسة خاصة وهذا طلب بالتأكيد مشروع من قبل القيادة الفلسطينية على أساس أن يتم الحصول على 16 توقيعا من الدول الأعضاء السبعة والأربعين في مجلس حقوق الإنسان حتى يتمكن رئيس الجلسة من الدعوة لعقد جلسة خاصة، (بإمكان البعثة الدائمة لفلسطين لدى ألأمم المتحدة بجنيف أن تطلب من إحدى الدول العربية الست الأعضاء بالمجلس (وهي حاليا: مصر وجيبوتي والأردن والبحرين وقطر والسعودية) طلب عقد الجلسة أو من باكستان (بإعتبارها منسق مجموعة منظمة المؤتمر الإسلامي).

وبالإمكان في مشروع القرار الجديد الذي قد تعرضه الجلسة الخاصة على التصويت في نهاية الدورة، أن يشير إلى الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى، ومن بعد تتم الإشارة في منطوق القرار الى ما جاء بمشروع القرار السابق الخاص ببعثة تقصي الحقائق في قطاع غزة.

وإذا ما افترضنا على سبيل المثال أن البعثة الفلسطينية بجنيف تمكنت من الحصول على 16 توقيعا، فبإمكانها مباشرة أن تقدم هذه القائمة إلى مكتب مجلس حقوق الإنسان، وعلى رئيس المجلس أن يدرس هذا الطلب. وفي خلال يومين إلى ثلاثة ايام بإمكان المجلس أن يدعو إلى عقد جلسة خاصة لمناقشة الأوضاع المستجدة على الساحة الفلسطينية.

ومن هذا المنطلق أعتقد بأن طلب الجلسة الخاصة محاولة من القيادة الفلسطينية لتدارك الخطإ الجسيم الذي ارتكبته بإرجاء التصويت على مشروع القرار للدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان (في مارس 2010)، بعد الاستهجان الواسع الذي صدر عقب قرار التأجيل سواء من قبل نشطاء حقوق الإنسان والمنظمات الإقليمية أو من بعض الدول الصديقة والشقيقة لفلسطين.

لكن مَن هو الطرف الذي يحقّ له أن يطرح موضوعا للنقاش في المجلس ومن هو الذي يحقّ له أن يسحبه . وهل للدولة المعنية مسؤولية وصلاحيات حتى ولو لم تكن عضوا من بين الدول السبع والأربعين في المجلس؟

نزار عبد القادر: بالعودة الى آلية عمل مجلس حقوق الإنسان، بإمكان جميع الدول التقدم بمشاريع قرارات بما في ذلك المراقبين الموجودين في إطار المجلس. وكمثال حي تونس ليست عضوا في مجلس حقوق الإنسان ولكنها تقدمت بمشروع القرار الخاص بتقرير غولدستون باسم المجموعة العربية. فإذن بإمكان الدول الأعضاء وغير الأعضاء في المجلس التقدم بمشاريع قرارات.

حسب العرف المتداول في مجلس حقوق الإنسان، هل بإمكان دول أخرى ان تصر على مناقشة الموضوع لو طلب البلد المعني بالموضوع مباشرة سحبه أو تعليق النظر فيه الى تاريخ آخر مثلما حدث في تقرير غولدستون؟

نزار عبد القادر: لنكون أكثر تحديدا، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية داخل الأمم المتحدة وتحديدا داخل مجلس حقوق الإنسان في جنيف، درجت العادة منذ تاريخ لجنة حقوق الإنسان السابقة ومجلس حقوق اTنسان الحالي، بأن كل الأوضاع المتعلقة بحقوق الإنسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة تُقدم عن طريق منظمة المؤتمر الإسلامي ككيان داخل منظومة الأمم المتحدة وداخل مجلس حقوق الإنسان وتدعمها في ذلك المجموعة العربية. ومن خلال ما كان متبعا يتم التشاور بين بلدان المجموعتين الإسلامية والعربية مع ممثلي البعثة الدائمة لفلسطين. بل تكاد تكون البعثة الدائمة لفلسطين هي التي تضع مسودة مشروع القرار وتطرحه على المجموعتين الى جانب مجموعة دول عدم الانحياز ومجموعة الدول الافريقية وبعض الدول من Hمريكا اللاتينية. لذلك أؤكد وأقول بأن البعثة الدائمة لفلسطين في جنيف هي التي تضع الصيغة الأساسية لمشروع القرار ويتم اعتماده وتقديمه باسم المجموعات الإقليمية أمام مجلس حقوق الإنسان.

وفي حال ما إذا اعترضت هذه البعثة أو طلبت سحب مشروع القرار او تأجيل البث فيه هل يحق للمجموعات الاقليمية الداعمة أن تستمر في طرح الموضوع على النقاش امام المجلس؟

نزار عبد القادر: درجت العادة ايضا بالنسبة لهذا الموضوع بأنه ليس بإمكان الدول الأخرى الصديقة والداعمة لمشروع القرار أن تستمر في إجراء ترفضه الدولة المعنية. كما قال البعض ” لا يمكن أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين”. بمعنى أن السلطة الفلسطينية او الممثلين للسلطة الفلسطينية في جنيف هم أدرى بالجوانب المختلفة للقضية الفلسطينية أكثر من الآخرين سواء كانوا عربا او مسلمين أو اعضاء في مجموعة دو عدم الانحياز.

هناك من زعم أن بإمكان دول دائمة العضوية في مجلس الأمن مثل الولايات المتحدة او الصين او روسياأن تستخدم حق الفيتو في مجلس حقوق الإنسان؟

نزار عبد القادر: مجلس حقوق الإنسان كآلية جديدة لا توجد فيه إمكانية استخدام حق الفيتو ولا توجد فيه عضوية دائمة أي استمرارية للدول الخمسة التي تتمتع بذلك (الوضع) في مجلس الأمن. بدليل أن الولايات المتحدة تدخل (هذا العام) لأول مرة في مجلس حقوق الإنسان ولمدة 3 سنوات وليس لها لا حق الفيتو او الاحتفاظ بالعضوية الدائمة.

نظرا لما سبق ذكره عن عدم وجود حق فيتو، وتوفر الدعم من المجموعات الإسلامية والعربية ودول عدم الانحياز، هل كانت هناك إمكانية للحصول على أغلبية لتمرير تقرير غولدستون قبل تأجيل البت فيه؟

نزار عبد القادر: بالعودة لنتيجة التصويت على القرار الصادر عن الجلسة الخاصة بتاريخ يناير 2009 والتي بموجبها تم إرسال بعثة تقصي الحقائق لفلسطين برئاسة القاضي غولدستون، يتضح لنا بأن البعثة الدائمة لفلسطين بجنيف تملك الأغلبية والأصوات الكافية التي تمكنها من تمرير القرار (33/1/13)، إلي جانب أن مشروع القرار L12 والذي تم إرجائه قد قدم بتاريخ 25 سبتمبر 2009 لسكرتارية مجلس حقوق الإنسان من قبل أربع مجموعات بالأمم المتحدة: العربية والإفريقية والإسلامية إلي جانب مجموعة عدم الإنحياز بتاريخ 2 أكتوبر 2009 وقبل الطلب الفلسطيني بتأجيل النظر في المشروع للدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان (13) أعلنت فقط كل من الكاميرون وشيلي من أصل 47 دولة إنسحابهم من دعم مشروع القرار، مع الإشارة إلى أن الكاميرون سبق وأن إمتنعت عن التصويت خلال التصويت على القرار الصادر عن الجلسة الخاصة في 12 يناير 2009، أما شيلي فكانت من بين الدول التي صوتت لصالح للقرار.

وبالعودة لمواقف الدول الأعضاء بالمجلس (وعددها 47) خلال مناقشة التقرير بتاريخ 29 سبتمبر 2009، نؤكد بأن مشروع القرار كان سيتم إعتماده بما لا يقل عن ثلاثين صوتا مؤيدا. ولذلك ليس صحيحا بأن القيادة الفلسطينية قد تخوفت من عدم إعتماد مشروع القرار بسبب قلة الدول المؤيدة لهم. ومن جانب آخر يحق لنا في هذا المقام أن نسأل القيادة الفلسطينية ما الذي تغير ما بين طلب تأجيل التصويت على مشروع القرار للدورة القادمة وطلب عقد جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان؟

هناك من يقول بأن طلب تأجيل البت في تقرير غولدستون أتى في وقت عرفت فيه القضية الفلسطينية تطورا نوعيا في معالجة محافل الأمم المتحدة للانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني هل تشاطرون هذا الرأي؟

نزار عبد القادر: عرفت القضية الفلسطينية أثناء أحداث غزة صدور ثلاثة تقارير مهمة: التقرير الأول المكون من 184 صفحة صدر عن المجلس الذي شكله الأمين العام للأمم المتحدة بقيادة يان مارتين حول الأحداث التسعة التي تعرضت فيها المنشئات الأممية التابعة للأونروا في غزة للقصف. وفيه توصيات مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار.

التقرير الثاني المهم هو تقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان (السيدة نافي بيلاي) والذي غطى فترة الحرب على غزة والذي أشار الى موضوع أهمية المساءلة فيما يتعلق بالنسبة للأحداث التي جرت خلال تلك الفترة. وأخيرا تقرير لجنة تقصي الحقائق بقيادة القاضي غولسدتون (من جنوب افريقيا).

وجميع هذه التقارير تناولت قضايا قانونية مهمة وقدمت أدلة قانونية مهمة بالإمكان متابعتها من خلال عدد من الآليات وهذا ما ورد بالتفصيل في تقرير غولدستون الذي يقارب عدد صفحاته 500 صفحة. وهو التقرير الذي أشار الى آليات محددة في كيفية متابعة هذه التوصيات من خلال الإشارة إلى: تحريك المحاكم الوطنية، وتحريك اتفاقيات جنيف لعام 1949 من خلال جمعية الدول الأطراف والإشارة إلى لجان تحقيق من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن مع إعطاء مهلة زمنية محددة. وأشار أخيرا الى آلية المحكمة الجنائية الدولية من خلال إحالة الملف (عليها) استنادا إلى المادة 13 من نظام روما الأساسي الذي يعطي الحق لمجلس الأمن لإحالة أي ملف (على المحكمة الجنائية الدولية) حتى ولو كانت الدولة غير موقعة على نظام المحكمة الجنائية الدولية مثلما هو الحال بالنسبة لإسرائيل.

هناك من أشار الى إمكانية القفز الى مجلس الأمن مباشرة، هل يمكن لتقرير بدأ تداوله في مجلس حقوق الإنسان أن يمر الى مجلس الأمن بدون أن يفصل فيه المحفل الأول؟

نزار عبد القادر: هذه نقطة مهمة. لجنة تقصي الحقائق برئاسة القاضي غولدستون تم تشكيلها من قبل رئيس مجلس حقوق الإنسان نتيجة لتنفيذ قرار الجلسة الخاصة لمناقشة نتائج الحرب على قطاع غزة. وبناء على ذلك طلب من اللجنة تقديم تقرير لمجلس حقوق الإنسان. ومن المفترض أن يتم اعتماد هذا التقرير من قبل مجلس حقوق الإنسان.

وهذا ما كان سيحدث بموجب منطوق القرار المقدم بتاريخ 25 سبتمبر 2009. وهو مشروع القرار الذي تناول سبع فقرات: إدانة لإسرائيل لعدم تعاونها مع لجنة تقصي الحقائق – الترحيب بما ورد في التقرير وتوصية بتنفيذ التوصيات الواردة فيه – الترحيب بتقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان – التوصية بأن تنظر الجمعية العام للأمم المتحدة في هذا التقرير – ومطالبة المفوضة السامية لتقديم تقرير في دورة مارس 2010 حول تطبيق ما جاء في الفقرة الثالثة من هذا القرار والتي تحدثت عن ” تأييد كلي” للتوصيات الواردة في تقرير لجنة تقصي الحقائق ويدعو جميع الأطراف المعنية بما فيها هيئات الأمم المتحدة الى ضمان تنفيذ تلك التوصيات بصورة فورية وفقا لولاية كل منها” ما يعني أهمية مشروع القرار الذي نأسف للأسف الشديد لم يأخذ الحيز من المناقشة ولم يتم اعتماده من قبل الدورة السابقة لمجلس حقوق الإنسان كما كان مقررا بعد أن تم تأجيل البت فيه بطلب من البعثة الفلسطينية.

صدرت عشرات التقارير بخصوص القضية الفلسطينية وبقيت بدون تطبيق، ما الجديد الذي يميز تقرير غولدستون عنها من الناحية العملية؟

نزار عبد القادر: كما أشرت في السابق، التقارير الثلاثة الصادرة هذه المرة بها ما يكفي من الأدلة الموثقة التي يمكن للحقوقيين أن يستندوا إليها سواء فيما يتعلق بالإنتهاكات وبالنسبة لعمليات القتل والإصابات التي تعرضت لها منشئات الأمم المتحدة والمطالبة بضرورة محاسبة المسؤولين والتعويض لمن تثبت عليه المسؤولية سواء السلطات الإسرائيلية أو حركة حماس أو أي طرف آخر.

وحتى تقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان تطرق الى “ضرورة المحاسبة” وهذه نقلة جديدة في تقديم تقارير المفوضة السامية باعتبار أنه التقرير الأول عن أحداث غزة للمفوضة السامية الجديدة الجنوب افريقية نافي بيلاي. وقد ذكرت المفوضة في تقريرها بمسؤولية إسرائيل في الاراضي التي تسيطر عليها ولضرورة تنفيذ الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية بخصوص الجدار العازل. وقد شددت المفوضة السامية في تقريرها على ضرورة “إجراء التحقيق من قبل آليات محاسبة موثوقة ومستقلة وشفافة وعدم اللجوء إلى نظم القضاء العسكري الإسرائيلي التي لا تفي بالمعايير الدولية المتعلقة بأصول الإجراءات القانونية”.

أما فيما يتعلق بتوصيات تقرير بعثة تقصي الحقائق للقاضي غولدستون، فقد عدد عدة آليات منها تفعيل معاهدات جنيف وآلية المحاكم الوطنية فيما يعرف بامتداد الولاية العالمية (مثلما هو موضح في التوضيح المنشور جانبا).

إضافة الى ذلك – وهي نقلة نوعية في تقرير غولدستون – إشارته الى إمكانية إحالة الموضوع على المحكمة الجنائية الدولية وذلك لعدم الكيل بمكيالين داخل منظومة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وهو الإتهام الذي بدأ يشير له العديد من الحقوقيين خاصة بعد إحالة ملف دارفور على المحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن الدولي. وهذا ما كان اعتماد التقرير يسمح بالوصول إليه بإحالة التقرير على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومن ثم إحالة الملف الى مجلس الأمن الدولي، ومن مجلس الأمن الى المحكمة الجنائية الدولية استنادا الى نص المادة 13 من نظام روما الأساسي.

بعد هذا التذكير والتحليل ما هو تقييمك لتداعيات قرار التأجيل الذي اتخذه الجانب الفلسطيني؟

نزار عبد القادر: هذه تكاد تكون سابقة في محافل حقوق الإنسان في جنيف من خلال متابعتي. سابقة بالنسبة لسحب مشروع من قبل دولة معنية في وقت تكاد تكون الأغلبية المطلقة ورائها في تمرير القرار. فقد أظهرت المناقشات ان التقرير حظي بدعم الدول العربية والإسلامية ومجموعة دول عدم الانحياز، وحتى الدول الأوروبية رحبت بالتقرير ولم تبد تحفظات بخصوص بعض فقراته إلا الولايات المتحدة الأمريكية.

لذلك يمكن القول أن صدمة كبيرة واجهت نشطاء حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وأعضاء بعثة تقصي الحقائق من هذا الموقف الرسمي الفلسطيني.

محمد شريف – swissinfo.ch – جنيف

يرى الخبير نزار عبد القادر بخصوص مسالة “امتداد الولاية في القانون” أنه بإمكان الدول الأطراف في إتفاقيات جنيف لعام 1949 القيام بتحقيقات جنائية في محاكمها الوطنية، بإستخدام الولاية العالمية، عند وجود أدلة كافية على إرتكاب خروقات خطيرة لإتفاقيات جنيف لعام 1949. وينبغي القيام، عند وجود ما يسوغ ذلك عقب التحقيقات، بإلقاء القبض على مرتكبي الإنتهاكات وبمقاضاتهم وفقاً لمعايير العدالة المعترف بها دولياً.

للأسف الشديد يلتجئ العديد من نشطاء حقوق الإنسان والحقوقيين العرب المهتمين بموضوع العدالة الجنائية إلى خارج الوطن العربي بخصوص متابعة ملفات جنائية خاصة بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين بكل من بلجيكا وسويسرا وإسبانيا وغيرها. وهنا لا بد من طرح السؤال: لماذا؟

الإجابة: بسبب أن التشريعات الجنائية بالوطن العربي لا تأخذ بمبدأ إمتداد الولاية القضائية من جهة ومن جهة أخرى بسبب عدم المقدرة ولأن التشريعات الجنائية في العالم العربي لا تتماشى مع نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.

وبصورة أكثر وضوحا لا تُـجـرّم القوانين العربية عموما الجرائم المنصوص عليها بنظام روما وهي الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية، على الرغم من مناشدة المنظمات غير الحكومية والإقليمية المستمرة بضرورة إجراء هذه المواءمة والمصادقة على نظام روما الأساسي والإنضمام للمحكمة الجنائية الدولية، أذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر التوصيات الصادرة عن الندوة القانونية التي نظمتها جامعة الدول العربية بالقاهرة في الفترة ما بين 3 ـ 4 فبراير 2002 حول “آثار التصديق والإنضمام إلي النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على الإلتزامات القانونية والتشريعات الوطنية في الدول العربية” والندوة التي نظمها معهد جنيف لحقوق الإنسان بالتعاون مع نقابة المحامين بالخرطوم في ديسمبر 2004 والتي من بينها:

“إن وجود قضاء وطني قادر على التعامل مع الجرائم الدولية الواردة بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لهو خير وسيلة لضمان سيادة الدولة القضائية، ولن يتأتي ذلك إلا بإعداد رجال قضاء على علم كاف بالجرائم الدولية وإلمام بمبادئ القانون الدولي فضلا عن مبادئ القانون الجنائي”.. إضافة إلى ذلك.. “على الدول غير الأطراف (بالمحكمة الجنائية الدولية) أن تقوم بتأثيم الجرائم الواردة في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في تشريعاتها الوطنية تجنبا لمحاكمة مواطنيها أمام المحكمة الجنائية الدولية”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية