مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مجلس حقوق الإنسان: خلافات وتأجيل

لم تتمكن الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان من التصويت على 44 مشروع قرار تقدمت بها المجموعات والدول Keystone Archive

انتهت الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان بدون المصادقة على مشاريع القرارات، وبتأجيل البث في القضايا الحاسمة إلى الدورة القادمة في شهر نوفمبر.

وأعربت العديد من الدول والمنظمات عن الأسف لعدم تمكن المجلس من اتخاذ قرارات، لا فيما يتعلق بتجديد آليات المجلس، ولا فيما يخص حماية حقوق الإنسان في الميدان.

كان يـتوقع أن تـُُمثل الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان (التي تواصلت من 18 سبتمبر إلى 6 أكتوبر 2006 في جنيف) بداية العمل الفعلي لمجلس عـُقدت عليه الكثير من الآمال للابتعاد عن السلبيات التي أدت الى نهاية لجنة حقوق الإنسان التي حل محلها.

لكن تأجيل البث في كل مشاريع القرارات الأربعة والأربعين، والإستمرار في مناقشة آليات عمل المجلس الجديد، وبالأخص موضوع المراجعة الدورية لتقارير الدول في مجال احترام حقوق الإنسان، يترك نوعا من التشكيك في انطلاق عمل المجلس على أسس قوية.

مناقشات تفاعلية أو “انفعـالية”؟

فقد استمع مجلس حقوق الإنسان في دورته الثانية للتقارير الخاصة التي أعـِدّت للجنة حقوق الإنسان وتأجل استعراضها نظرا لانهماك الدول الأعضاء في إجراءات تأسيس المجلس الجديد.

ومن خلال استعراض هذه التقارير التي تطرقت إلى التمييز العنصري، والاختفاء القسري، مرورا بالإعدامات خارج نطاق القانون والتعذيب، وانتهاء بالعنف ضد المرأة والأطفال، عاد المجلس الى الاهتمام بالقضايا الميدانية لحقوق الإنسان.

لكن الجديد في معالجة هذه التقارير أنها سمحت بفتح حوار تفاعلي مع المقررين الخاصين تعدى مشاركة الدول الأعضاء في المجلس وحدها. كما أنها كانت الفرصة الأولى التي دعيت فيها منظمات المجلس المدني للمشاركة في أشغال المجلس الجديد لحقوق الإنسان.

إلى جانب التقرير المقدم عن أوضاع حقوق الإنسان في الاراضي العربية المحتلة، أستمع المجلس لتقرير أول عن الأوضاع في لبنان عقب حرب إسرائيل ضد حزب الله، قدمه أربعة مقررين خاصين، وتقرير ثاني للمقرر الخاص حول الحق في الغذاء جون زيغلر بعد تحقيقه في لبنان.

وبدل أن تكون مناقشة تلك التقارير تفاعلية، تحولت إلى مناقشات انفعالية بالدرجة الأولى. إذ اتهمت الدول العربية والإسلامية “انحياز تقرير المقرين الخاصين الأربعة حول لبنان لجهة إسرائيل”، بينما أثنت على تقرير جون زيغلر. في حين انتقدت إسرائيل والولايات المتحدة ومعهما عدد من الدول الغربية التقرير الثاني على أنه منحرف، وأثنت على التقرير الأول الذي اعتبرته متوازنا نظرا لتخصيصه حيزا وافرا لانتقاد حزب الله. وقد أعربت الدول العربية والإسلامية عن رفض التقرير الأول. ولم يتخذ أي قرار بهذا الشأن في هذه الدورة.

أما التقرير الآخر الذي أثأر اهتماما كبيرا في دورة حقوق الإنسان، فـقُدم بمبادرة من خمسة مقررين خاصين حول الأوضاع في معسكر غوانتانامو الأمريكي في سواحل كوبا. وإذا كان المقررون الخاصون قد تحلوا بما يكفي من الشجاعة للتطرق للانتهاكات المرتكبة في حق معتقلي غوانتانامو والسجون السرية التي أقامتها الولايات المتحدة الأمريكية في العديد من الدول، ومن ضمنها بعض الدول العربية، فإن الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التزمت الصمت حول مصير هذا التقرير، وحول طلب المقررين الخاصين تخويلهم مهمة رسمية للتحقيق في أوضاع المعتقلين في غوانتانامو.

غـياب القـرارات

يمكن تلخيص حصيلة الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان في دورة بدون قرارات، نظرا لتأجيل البث في مجموع 44 مشروع قرار تقدمت بها الدول الأعضاء أو اقترحها رئيس الدورة. وجدير بالذكر أن قيمة دورة من دورات حقوق الإنسان تـُقاس بعدد ونوعية مشاريع القرارات التي يتم اعتمادها، وهي إما عبارة عن تنديد بانتهاكات، أو توصية بتحسين ظروف معينة، أو دعوة لمساعدة تقنية بغرض النهوض بوضع حقوق الإنسان في بلد من البلدان.

وفي ملف الدول التي كانت عرضة للتحقيق في هذه الدورة، تطرق المجلس للأوضاع في بيلاروسيا، والصومال، وكوبا، والأراضي الفلسطينية المحتلة، وكمبوديا، وهايتي، وجمهورية كوريا الديمقراطية، وبوروندي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وميانمار، والسودان، وليبيريا.

وحتى الجلسة السرية المعروفة باسم الإجراء 1503 اقتصرت هذه المرة على الوضع في إيران وكيرغيستان وأوزباكستان.

وفيما يتعلق بتجديد آليات عمل المجلس، والجهود المبذولة للتوصل الى صيغة مقبولة لآلية المراجعة الدورية لأوضاع حقوق الإنسان في الدول الأعضاء وغير الأعضاء، أو الاقتراحات المقدمة من قبل اللجنة الفرعية بخصوص الإجراءات الخاصة المتوارثة عن لجنة حقوق الإنسان، اكتفى المجلس بالإشارة الى أنه اطلع على ما جاء من اقتراحات فيها وتحويلها الى اللجان المعنية بمواصلة دراستها.

استياء عام

رغم محاولات رئيس الدورة، المكسيكي لويس الفونسو دي آلبا، التوفيق بين مختلف الآراء في جلسات توفيقية غير رسمية، لم تتمكن هذه الدورة من التصويت على 44 مشروع قرار تقدمت بها المجموعات والدول.

ولئن أعرب الرئيس دي ألبا عن اعتقاده بأن النقاش المكثف سمح بتحقيق بعض التقدم وإضفاء مزيد من الشفافية على عمل المجلس، فإن العديد من الدول عبرت عن استيائها لقرار تأجيل البث في مشاريع القرارات حتى الدورة القادمة للمجلس، أي في 27 نوفمبر القادم.

وبرر الرئيس هذا التأجيل بعدم توفر ما يكفي من الوقت للتصويت على مشاريع القرارات كاملة، وبعدم رغبته في انتقاء بعض منها على حساب البعض الآخر.

وقد أشادت دول مثل الهند بممارسة المجلس للمزيد من الشفافية، مشيرة الى أن نظام الدفاع عن حقوق الإنسان يوجد في مرحلة انتقالية. لكن دولا مثل البرازيل والأرجنتين وأورغواي عبرت عن الأسف لكون المجلس لم يتمكن من تفادي ترك فراغ في مجال آليات حماية حقوق الإنسان.

حتى الولايات المتحدة الأمريكية عبرت عن الاستياء لعدم تمكن المجلس من تحقيق الشيء الكثير لحماية حقوق الإنسان، ولإهداره فرصة التحول إلى صوت الضحايا.

أما مواقف منظمات المجتمع المدني، فيمكن تلخيصها بما جاء على لسان رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، إدريس كابا، الذي قال “إنه لمن العار الا تنصت الدول الأعضاء في المجلس لأصوات الضحايا في البلدين المعروضين لإجراءات التحقيق، وفي العديد من البلدان الأخرى”.

جهود سويسرية

سويسرا، التي كانت وراء فكرة إقامة مجلس حقوق الإنسان، تبدي اهتماما بضرورة الخروج من هذه الوضعية. وقد حاول السفير بليز غوديه، رئيس البعثة الدائمة لسويسرا لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، والذي يتولى في نفس الوقت منصب نائب رئيس مجلس حقوق الإنسان- إيجاد ذلك المخرج، ولكن بدون جدوى.

وكانت سويسرا قد تقدمت بثلاثة مشاريع قرارات، من ضمنها مشروع القرار الخاص بمعاملة الأسرى والمعتقلين في إطار الحرب ضد الإرهاب. وهو مشروع القرار الذي كان يقصد الأوضاع في غوانتانامو بدون الإشارة الضمنية، لا لغوانتانامو ولا للولايات المتحدة الأمريكية. ولكن تعديلات كوبا والدول الصديقة لها، المطالبة بالإشارة المباشرة إلى الولايات المتحدة، زادت من تعقيد الأمور مع واشنطن.

وإن لم يخرج المجلس بنتائج ملموسة، فإنه خرج بفاتورة مصاريف لا تقل عن فاتورة دورة لجنة حقوق الإنسان التي كانت تنظم مرة في السنة ولمدة ستة أسابيع، والتي كانت تجد، على رغم من انعقادها في دورة واحدة في السنة، وقتا للنقاش ووقتا كافيا للتصويت على مشاريع القرارات رغم اتهامها بالتسييس.

سويس انفو – محمد شريف – جنيف

عقد مجلس حقوق الإنسان المكون من 47 دولة، من ضمنها سويسرا، أولى دوراته من 19 إلى 30 يونيو 2006 في جنيف.

وعقد منذ ذلك التاريخ دورتين خاصتين، الأولى حول الاوضاع في قطاع غزة والثانية حول الأوضاع في لبنان.

انطلقت الدورة الثانية للمجلس في 18 سبتمبر وانتهت في 6 أكتوبر.

ستعقد الدورة العادية القادمة لمدة أسبوعين ابتداء من 27 نوفمبر.

مكافحة العنصرية وجميع أشكال التمييز العنصري
الأشخاص المنحدرون من أصول افريقية
المهاجرون
النازحون
الأقليات
الشعوب الأصلية
الاختفاء القسري
الإعدامات الجماعية وخارج نطاق القانون
العنف ضد المرأة
المتاجرة بالبشر
المتاجرة بالأطفال واقحامهم في شبكات الإستغلال الجنسي
الأطفال في الصراعات المسلحة
التعذيب
الحبس التعسفي
استقلالية القضاء
محاربة الفقر
الإصلاحات الهيكلية والمديونية
التضامن الدولي
حرية المعتقد والدين
حرية التعبير
المدافعون عن حقوق الإنسان
الحق في الصحة
الحق في الغذاء
الحق في السكن
الحق في التعليم
الشركات العابرة للحدود
استخدام المرتزقة
حقوق الانسان في عملية محاربة الإرهاب

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية