مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“شكوك قويّة” لكن “غيرُ مؤكدة” حول استخدام أسلحة كيماوية في سوريا

تشغل القاضية السويسرية السابقة كارلا ديل بونتي (على اليسار)، منصب عضوة في اللجنة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والإنتهاكات الأخرى المرتكبة في سوريا. Keystone

في جنيف، أعلنت لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا المكلفة من طرف الأمم المتحدة يوم الإثنين 6 مايو أنها "لم تتوصل إلى نتائج تسمح بالإستنتاج بأن أسلحة كيماوية استخدمت من جانب أطراف النزاع".

“وتبعا لذلك فإنه ليس بإمكان اللجنة إلى حد اليوم مزيد التعليق على هذه المزاعم”، مثلما جاء في نص البيان الذي يبدو تكذيبا غير مباشر لتصريحات صحفية صدرت عن أحد أعضائها (المدعية العامة السويسرية السابقة كارلا ديل بونتي) وتحدثت فيها عن استخدام غاز السارين من طرف مقاتلين تابعين للمعارضة.  

وكانت كارلا ديل بونتي، عضو لجنة تحقيق مستقلة تابعة للأمم المتحدة بشأن جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى في سوريا أشارت في تصريح إلى التلفزيون السويسري الناطق بالإيطالية إلى أن المحققين جمعوا شهادات من ضحايا الحرب الأهلية السورية وموظفين في المجال الطبي تشير إلى أن “مقاتلي المعارضة استخدموا غاز الأعصاب السارين”.

وجاء في الحوار الذي أذيع فحواه يوم الأحد 5 مايو 2013، أن “المحققين الذي أجروا مقابلات مع الضحايا ومع الطواقم الصحية العاملة في الميدان وفي المستشفيات في البلدان المجاورة لسوريا، ووفقا للتقرير الذي أنجزوه الأسبوع الماضي، واطلعتُ على فحواه يشير إلى وجود شكوك قوية وملموسة بهذا الغرض”.

في الوقت نفسه، شددت ديل بونتي خلال تصريحاتها على أن لجنة التحقيق التي تتخذ من جنيف مقرا لها “لم تر دليلا قاطعا لا يرتقي إليه الشك أو الجدل بهذا الشأن، بناءً على الحالات التي خضعت للعلاج”، كما أضافت بأنه “لا يُوجد ما يؤكّد استخدام القوات الحكومية لأسلحة كيماوية محظورة بموجب القانون الدولي”. ولم تعط ديل بونتي تفاصيل بشأن متى وأين استخدم السارين المشلّ للأعصاب.

وكانت لجنة التحقيق تشكلت قبل عامين بمبادرة من مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، ولم تتمكن حتى الآن من دخول سوريا لرفض دمشق طلباتها المتكررة بدخول البلاد. وقامت اللجنة بمقابلة أكثر من 1500 سوري لاجئ ومُهجّر لاعداد تقاريرها، وتقول إن القوات الحكومية وحلفاءها وقوات المعارضة ارتكبوا جرائم حرب في سوريا التي قتل فيها حتى الآن اكثر من 70 الف شخص منذ اندلاع النزاع في مارس 2011.

“السارين” هو غاز شديد السمية يؤثر على الأعصاب اكتشف في ألمانيا عشية الحرب العالمية الثانية واستُخدم في مترو طوكيو عام 1995.

يتسبب الغاز عند استنشاقه أو تغلغله الى الجسم من خلال الجلد الى شل الجهاز العصبي ما يؤدي الى الموت.

من الأعراض التي يتسبب بها الغثيان والصداع الشديد وتشوش الرؤية وسيلان اللعاب وتشنج العضلات وبعد ذلك الوفاة، بحسب المراكز الامريكية حول مكافحة الامراض والوقاية منها.

تتسبب الجرعات الكبيرة من الغاز في شل الأعصاب المحيطة بالرئتين وتمنع الجسم من وقف الإفرازات بحيث يختنق الضحايا أو تغرق الرئتان باللعاب والمخاط.

مثلما هو الحال بالنسبة لباقي غازات الأعصاب (ومنها سومان وتابون وفي اكس)، فإن غاز السارين ليس له لون أو طعم أو رائحة. ويمكن ان تكون كميات صغيرة منه قاتلة اذا دخلت الجهاز التنفسي أو إذا لامست نقطة منه الجلد.

(المصدر: وكالات)

ردود فعل دولية

وكما هو معلوم، تتبادل حكومة الرئيس بشار الاسد ومقاتلو المعارضة الإتهامات بشن ثلاث هجمات بالأسلحة الكيماوية وقعت إحداها قرب حلب والثانية قرب دمشق وكلاهما في شهر مارس 2013، وجدّت الثالثة في حمص في ديسمبر 2012. وإلى حد الآن، رفضت الحكومة السورية السماح بحرية التنقّل والتحقيق للجنة الأمم المتحدة بشأن مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية. في حين واصلت اتهام قوات المعارضة باستخدام أسلحة محرّمة دوليا.

وفي سياق الردّ على تصريحات ديل بونتي، دعت وزارة الخارجية الفرنسية بشار الأسد إلى قبول وجود بعثة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق بشأن احتمال “وجود أدلّة دامغة تؤكّد استخدام أي طرف للأسلحة الكيميائية”.

وأضاف بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية: “هذا التحقيق لن يكون في الواقع ذي مصداقية إلا إذا كان شاملا لجميع الأطراف المتهمة باستخدام هذه الأسلحة، وليس فقط تلك التي أدلى بها النظام ضد المعارضة”. وختمت الخارجية الفرنسية بالدعوة إلى أن “يكون لهذه البعثة حرية كاملة في الحركة وتكون قادرة على الذهاب إلى أي مكان ترى الوصول إليه ضروريا”. كما حذّرت الرئيس السوري من أنه “سوف يتحمّل المسؤولية الكاملة في حالة فشل هذه المهمة”.

ومن ناحيتها، قالت الولايات المتحدة التي سبق ان أعلنت أن الأسد سيكون قد تجاوز “خطا أحمر” إذا استخدم أو نشر أسلحة كيماوية، أن لديها الآن “درجات متفاوتة من الثقة” في أن نظام الحكم السوري “استخدم غاز السارين ضد شعبه”.

دعوة إلى “عدم تسييس” التحقيق

في المقابل، وأمام تصاعد المخاوف بشأن استخدام أسلحة محرمة دوليا في سوريا، دعت روسيا البلدان الغربية يوم الإثنيْن 6 مايو 2013 إلى التوقّف عن “تسييس مسألة الأسلحة الكيميائية”. وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الروسية في موسكو: “نحن ندعو بكل إلحاح إلى التوقّف عن تسييس هذا الملفّ الخطير جدا”.

للتذكير، يُصنّف غاز السارين، وهو غاز عديم اللون، أو سائل عديم الرائحة، كسلاح من أسلحة الدمار الشامل، من نفس فئة الأسلحة البيولوجية أو النووية ويُعتبر غاز الأعصاب من الغازات القاتلة حتى ولو كانت نسب كثافته منخفضة للغاية عند استنشاقها أو امتصاصها عن طريق الجلد. 

ومنذ بداية الحرب الأهلية في سوريا مع اندلاع الاحتجاجات المناهضة لحكومة الأسد في منتصف مارس 2011، أودى الصراع الذي تحوّل بسرعة إلى حرب أهلية مدمّرة بحياة 70.000 شخص على الأقل، وأجبر العنف هناك أزيد من 1.2 مليون سوري على ترك ديارهم والنزوح إلى مناطق أخرى داخل بلادهم أو الإلتحاق بالملاجئ في البلدان المجاورة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية