مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مخاوف وانتقادات وتبريرات

نددت الصحف السويسرية باغتيال إسرائيل للشيخ أحمد ياسين وحذرت من الآثار التي ستنجم عن تلك الخطوة swissinfo.ch

سيطر اغتيال الشيخ أحمد ياسين على جميع افتتاحيات الصحف السويسرية بمختلف توجهاتها، حيث أجمعت على أن الشرق الأوسط سيشهد موجة جديدة من العنف.

وأفردت الصحف مساحات واسعة للتعريف بشخصية مؤسس حرمة حماس أحمد ياسين، وتفاصيل عملية اغتياله التي انتقدتها، وان اختلفت في تصنيفها للحركة.

صحيفة نويه لوتسرنر، الصادرة في لوتسرن، سخرت من أسلوب اغتيال الشيخ أحمد ياسين قائلة “ياله من عمل بطولي، الحكومة الإسرائيلية برئاسة شارون تستخدم تقنيات جيشها العالية للقضاء على شيخ مقعد وإصابة عدد من مرافقيه”. وأشادت الصحيفة بما قدمه الشيخ ياسين ورفاقه من خدمات اجتماعية كثيرة للفلسطينيين على عكس الأجهزة الرسمية التي عادة ما تُـتهم بالرشوة والفساد.

في المقابل، علّـقت صحيفة برنر تسايتونغ، الصادرة في برن بالقول: “إن شارون لا يهتم بأن العنف يولد العنف، فهو يتعامل مع خصومه وكأنهم أحجار على رقعة الشطرنج يجب إزالتها”.

هل باتت أيام عرفات معدودة؟

أما صحيفة تاكس انتاسيغر الصادرة في زيورخ، فتساءلت “هل هو بروفة لعرفات”؟، واستنكرت استريد فريفيل، مراسلة الصحيفة في الشرق الأوسط اغتيال الشيخ ياسين بهذا الأسلوب، مشيرة إلى إعاقته وشيخوخته، التي تكفي لتحويل أي شخص عادي إلى بطل، فماذا لو تعلق الأمر بشخصية مثل الشيخ أحمد ياسين الذي “تحول إلى أحد القديسين بفضل عملية شارون”.

وقالت مراسلة الصحيفة في الشرق الأوسط بأن تجاوز شارون للخطوط الحمراء يضع المعتدلين الفلسطينيين في مأزق ويقلص فرص المفاوضات إلى حدها الأدنى.

واختتمت الصحيفة تعليقها بالإشارة إلى أنه لم يتبق أمام شارون سوى خصم واحد، هو ياسر عرفات. وفيما لم تستغرب تاغس انتسايغر أن تكون تصفية ياسين بروفة للفصل الأخير من عمليات رئيس الوزراء الإسرائيلي، أشارت إلى أنه “إذا تمت السيطرة على مشاعر الرأي العام، فهذا يعني أن أيام عرفات أصبحت معدودة”.

ومن الملفت أن حديثا أجرته صحيفة بليك الشعبية مع أفيف شيرون، السفير الإسرائيلي في سويسرا،(وأشارت إليه لوتون الصادرة في جنيف)، جاء مؤكّـدا لهذه المخاوف. فقد صرّح السفير الإسرائيلي بأن الشيخ أحمد ياسين هو بن لادن إسرائيل، مبررا بذلك اغتياله، ولم يستبعد التخلص من عرفات بمثل هذا الأسلوب.

ومع أن يومية بليك تعتبر من الصحف الشعبية غير الجادة، إلا أنها أفردت ثلاث صفحات للتعليق على الحدث وأوردت آراء مختلف التيارات، حيث أدان بعضها اسلوب الاغتيال، فيما تساءل البعض الآخر “باستنكار” عن كيفية حماية القانون الدولي للإرهابيين.

كما نقلت صحيفة بليك رأي أحد خبراء مكافحة الإرهاب، الذي قال بأن هدف إسرائيل من استهداف القيادات هو تحطيم معنويات الخصم، ولكن هل ينطبق هذا على اغتيال ياسين أيضا؟ هذا ما ستثبته الأيام القادمة. وأشار الخبير إلى أن مصرع يحيى عياش عام 1996 أسفر عن وقوع 4 عمليات ثأرية خلفت عشرات الضحايا الإسرائيليين بين قتيل وجريح في ظرف أسبوعين فقط.

مخاوف من العواقب الوخيمة

أما دير بوند الصادرة في برن، فقالت بأنه على الرغم من أن عمليات التصفية المتعمدة لقيادات حماس لم تؤد إلا إلى نتائج عكسية، فإن اغتيال الشيخ احمد ياسين بهذا الأسلوب سيزيد من الرغبة في الانتقام.

وتضيف الصحيفة بأن إسرائيل لم تقتنع حتى الآن بأن هذه الطريقة غير مجدية على الإطلاق، بل تحولت منظمات كالجهاد الإسلامي، وحماس، ومعهما كتائب الأقصى إلى مصدر للانتحاريين، وهي تكسب مزيدا من الأتباع يوما بعد يوم.

واتفقت بازلر تساتونغ الصادرة في بازل مع هذا الرأي، مشيرة إلى أن العواقب الوخيمة ستكون على الجانب الإسرائيلي، ونقلت في سياق تغطيتها تعليقا لأحد الإسرائيليين قال فيه: “السؤال الآن: كم من الإسرائيليين سيتبعون ياسين إلى القبر”؟

في المقابل، رأت نويه تسورخر الصادرة في زيورخ أن “ياسين كان الرأس المفكر لمنظمة دموية إرهابية، التي اعترفت بأنها غير مستعدة لأية حلول سلمية وسط مع إسرائيل، بل تخطط للتخلص من الدولة العبرية على المدى البعيد”، إلا أن الصحيفة قالت في الوقت نفسه “إن اغتيال ياسين لن يساعد في التوصل إلى حل سلمي للصراع”، وتمنت لو أن الشيخ ياسين حُـوكم على دعمه للعنف والإرهاب، ثم أودع السجن.

مقاومة أم إرهاب؟

وإلى سانت غالن في أقصى شرق سويسرا، حيث قالت يوميتها التي تحمل نفس اسم المدينة إن “اغتيال ياسين يحمل عنفا قد يمتد إلى خارج الشرق الأوسط، وسوف ينقل “الجهاديون” هذا الثأر إلى جميع اتباعهم في العالم”.

وفي جنيف، أفردت يومية لوتون مساحات واسعة للتعليق على الخبر، رصدت فيه تحليلا لسياسة الأرض المحروقة التي يتبعها شارون، وخصصت صدر صفحتها الأولى لرسم كاريكاتوري يقول فيه ضابط إسرائيلي لشارون، “إن عملية تصفية ياسين أسفرت عن مصرع 8 أشخاص وإصابة 15 بجروح وميلاد 2000 انتحاري”.

أما يومية “24 ساعة” الصادرة في لوزان، فقد اعتبرت أن شارون يُـقامر على حماس، وشنت هجوما كبيرا على رئيس الوزراء الإسرائيلي وسياساته. وأجرت الصحيفة لقاء مع الخبير السياسي ايف بيسون، المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي، اعتبر فيه أن هيكلة حماس تسمح لها بمواصلة الطريق استنادا إلى تركيبتها القوية، وتغلغلها في الشارع الفلسطيني بسبب مشاريعها الاجتماعية المتعددة.

وبصفة عامة، حرصت عدة صحف على عدم الدخول في إشكالية تصنيف حركة حماس، هل هي حركة مقاومة أم إرهاب؟ فيما أصرت صحف أخرى على القول بأنها حركة دموية إرهابية، وأن مؤسسها الراحل الشيخ أحمد ياسين ارهابي.

أما الصحف التي لم تستطع أن تصفها بحركة مقاومة، فقد اختارت الدوران حول مشروعية مقاومة الاحتلال، دون ذكر أية أسماء. وتركت للقراء الراغبين في الفهم مهمة البحث بين السطور.

تامر أبو العينين – سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية