مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مستشفـيات على وشك الانهيار!

Keystone

أصبحت المستشفيات العمومية وأقسام حالات الطوارئ في سويسرا تعمل في ظروف خانقة، نظرا لاكتظاظها بالمرضى وعدم قدرتها على توفير الطاقم الصحي الكافي لمعالجتهم.

ويهدد هذا الوضع بالتقليل من جودة الخدمات الطبية، رغم الثمن الباهظ الذي يدفعه القاطنون في الكنفدرالية للاستفادة من الرعاية الصحية.

معظمُ الأَسِرَّة مشغولة.. بعضُ العمليات الجراحية تتأجل بصورة مقلقة.. أقسامُ الاستعجالات مكتظة لدرجة الإنفجار.. أما عددُ الأطباء والممرضين فلا يكفي لخدمة كافة المرضى…

هكذا تبدو اليوم صورة معظم المستشفيات العمومية في سويسرا وخاصة أقسام الطوارئ التي باتت تهرع إليها أعداد متزايدة من المرضى، حتى إن لم تكن حالتهم الصحية خطرة.

ويلحظ المرضى والطاقم الصحي هذا الاكتظاظ الخانق في كافة العيادات المتخصصة في معالجة الإصابات الحادة، باستثناء المستشفى الجامعي بلوزان الذي أوكل لمؤسسات صحية أخرى جزءً من حالات الطوارئ التي كان يتلقاها سابقا.

وتُبيّـن الأرقام الصادرة عن المكتب الفدرالي للإحصاء أن المستشفيات السويسرية الـ 364 عالجت في عام 2001 ما لا يقل عن 1,39 مليون مريض بتكاليف بلغت 14,9 مليار فرنك.

الانتظار في دورات المياه!

وقد يُفسرُ الإقبال المتزايد على المستشفيات العمومية وأقسام الطوارئ تحديدا بالتكاليف الباهظة للنظام الصحي في الكنفدرالية. الأمر قد يبدو متناقضا.. لكنه يصبح واضحا إذا علمنا أن المواطنين والمقيمين في سويسرا عموما أصبحوا مجبرين منذ عام 1996 على الاشتراك في صندوق للتأمين الصحي، سواء كانوا مرضى أو بصحة جيدة. أما الأقساط الشهرية أو السنوية التي يدفعونها لصناديق التأمين الصحي فلا تكف عن الارتفاع. وبالتالي، يتعزز تمسكهم بحق الاستفادة من الرعاية الطبية اللائقة.

ويوضح ساشا بفاندر، الطبيب المساعد في المستشفيات الجامعية بجنيف، أن المرضى أصبحوا على دراية أكبر بالأمراض وباتوا يشترطون المزيد من الفحوصات المكلفة مثل الماسح الطبي (scanner).

من جهتها، تشير نائبة رئيس قسم الطوارئ في المستشفى الجامعي بزيوريخ كورنيليا إيرن إلى أن أعدادا متزايدة من الناس يعيشون بمفردهم في سويسرا، مما يدفعهم إلى التوجه إلى أقرب قسم للطوارئ في حال الإصابة بوعكة صحية.

وجدير بالذكر أن نصف المنازل في زيوريخ لا يقطنها سوى أشخاص يعيشون لوحدهم. ولا شك أن توفير المزيد من مستشفيات النقاهة والمصحات الطبية المخصصة للعجزة قد يساهم بفعالية في تخفيف الأزمة التي تعيشها العيادات وأقسام الحالات المستعجلة في سويسرا.

أما الدكتور ماركو بيتوني، الأخصائي في أمراض القلب والذي كان طبيبا مساعدا في المستشفى الجامعي بلوزان، فيقول “إن انتظار المرضى في ممرات المستشفى ودورات المياه أصبح أمرا معتادا”. وهذا يزيد من الضغوط العالية على العاملين، سواء كانوا أطباء مساعدين أو ممرضين، مما يحمل بعضهم على المغادرة.

تحديد سـاعات العـمل

ويلاحظ أحد الأطباء المساعدين الشبان في المستشفى الجامعي بلوزان – يعمل بين 70 و80 ساعة في الأسبوع وأحيانا 36 ساعة دون انقطاع – أن الفترة المتوسطة التي يستغرقها عمل الممرضات تتراوح بين 6 و8 سنوات بسبب التعب والإرهاق.

وقد اهتم البرلمان الفدرالي بالضغط الكبير الواقع على الطاقم الصحي في سويسرا في عام 2001 وقرر في العام الموالي ألا تتجاوز ساعات عمل الأطباء المساعدين 50 ساعة في الأسبوع. وسيدخل هذا الإجراء حيز التطبيق عام 2005.

وتحت ضغط نقابات الأطباء المساعدين، الذين لجؤوا أحيانا إلى الإضراب الإداري، قامت معظم الكانتونات بخفض ساعات عمل هؤلاء الأطباء باعتماد معاهدات عمل جماعية. لكن هذه المعاهدات لا تُُحترم في أغلب العيادات رغم التطمينات الصادرة عن إداراتها بهذا الشأن.

ويعتقد كريستوف غاباني، المساعد في مستشفى الأطفال بلوزان، أن الساعات المخصصة لعلاج المرضى ستتقلص بعد اعتماد قرار الـ “50 ساعة” لأن نسبة العمل الإداري الذي يدخل ضمن مسؤوليات الطبيب لن تتغير.

وقد تبدو الإستعانة بكفاءات الأطباء والممرضين الأجانب، الحل الأمثل لخروج المستشفيات العمومية في سويسرا من أزمتها الراهنة، غير أن ظروف العمل فيها لا تجتذب الكثيرين.

فالمستشفيات الجامعية بجنيف على سبيل المثال تجد صعوبة كبيرة في تعويض المناصب الشاغرة لديها، بينما تفتقر معظم المستشفيات العامة في سويسرا للإطار المتخصص الذي يرافق الجراحين داخل قاعات العمليات. وقد لا يبالغ المرء بالقول “إن المؤسسات العلاجية العمومية في سويسرا تحولت إلى مريض يحتاج إلى من يداويه”!

آن روبين وفيليب كروبف – سويس انفو (ترجمة إصلاح بخات)

في عام 2001، وفرت المستشفيات السويسرية الـ364 العلاج لـ1,39 مليون مريض
كلف العلاج 14,6 مليار فرنك حسب معطيات المكتب الفدرالي للإحصاء
في نفس العام، بلغ معدل الأسرة المشغولة نسبة 87%، وناهزت هذه النسبة 97% في المستشفى الجامعي بجنيف عام 2002
خلال العاملين الماضين، ارتفع الإقبال بشكل كبير على أقسام حالات الطوارئ في المستشفيات السويسرية باستثناء المستشفى الجامعي بلوزان
في عام 2002، كانت سويسرا تتوفر على 19,5 طبيب لكل 10000 ساكن

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية