مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

معركة انتخابية أشرس من أي وقت مضى

Stefan Anderegg

في إطار الحملة التي تسبق الانتخابات العامة، تتسم المواجهة بين الأحزاب السياسية بالشدة ولا تتردد الأطراف المتنافسة عن استعمال أساليب مثيرة للجدل لحشد اهتمام الناخبين.

في حديث أدلى به إلى سويس انفو، يوضح فولف ليندر، الخبير السياسي من جامعة برن، الأسباب الكامنة وراء احتدام المعركة الانتخابية وتدني نوعية النقاشات فيها.

سويس انفو: ما الذي يميّـز السباق الحالي للظفر بمقعد في غرفتي البرلمان عن الحملات السابقة؟

فولف ليندر: هناك أولا الاستقطاب القائم بين اليسار واليمين، وهو أمر لا يمثل مشكلا في حد ذاته، لكن هذا الاستقطاب نفسه، أدى إلى تغير في نمط الحملة الانتخابية.

سويس انفو: أين يكمن التطور المسجل؟

فولف ليندر: لقد أصبحت النبرة أكثر خشونة وأكثر فظاظة (وعنفا)، إنني اعتبر أن حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) من خلال ملصقاته، التي تُـظهر خرفانا بيضاء وهي تُـطرد خرفانا سوداء إلى خارج البلاد، قد تجاوز حدودا معينة.

يمكن الإشارة أيضا إلى ملصقات الحزب الاشتراكي، التي تُـظهر ارتطام طائرة بمحطة نووية، إن هذا النوع من الرسائل يُـظهر إلى أي حدٍّ تغيّـرت نبرة الحطاب وكيف تم تجاوز بعض الحدود.

سويس انفو: لماذا انحرف الأسلوب (المعتمد في الحملة) في هذا الاتجاه تحديدا؟

فولف ليندر: هناك عدة أسباب لهذا، فحزب الشعب السويسري يُـعرف بأنه حزب لا يكتفي بمهاجمة المحرمات (التابوهات) السياسية، بل يريد الاستفزاز أيضا، كما يبحث عن المواجهة. يضاف إلى هذا، أن الحزب لا يتردد في الاستخفاف بالمؤسسات التي يطالب بحصة من السلطة داخلها، إنها إستراتيجية ذات طابع شعبوي واضح.

سويس انفو: على عكس الولايات المتحدة أو فرنسا، يُـضطر الأعداء المتنافسون في سويسرا للتعايش مع بعضهم البعض عندما يتم انتخابهم. كيف يتقبّـلون هذا الانحراف السياسي الكبير؟

فولف ليندر: في الواقع، توجد الأحزاب نفسها في قلب هذا الانحراف الكبير، ففي الوقت الذي تُـشكِّـل فيه جزءً لا يتجزّأ من النظام، تريد في الوقت نفسه استقطاب اهتمام الناخبين وكسب المزيد من الأصوات.

إنها تعمل على حل المشكل من خلال التحرك على مراحل. فخلال الحملة الانتخابية، تتغافل لفترة محددة عن مبدإ التوافق وينشغل كل طرف بالدفاع عن مصالحه الخاصة. وبعد ذلك، أي في اليوم الموالي للانتخابات، يتم طي الصفحة ويُـستأنف التعايش المشترك من جديد.

سويس انفو: يُـهيمن حزب الشعب السويسري، بدون أدنى شك، على الحملة الانتخابية الحالية. لماذا لا يتمكن أي حزب آخر من منافسته على هذا الميدان؟

فولف ليندر: لقد اختار حزب الشعب السويسري خوض حملة انتخابية ذات أهداف محددة تُـفاقم الاستقطاب القائم وتُـموقع الحزب بشكل أفضل على الساحة السياسية. هذه الإستراتيجية يمكن ملاحظتها أيضا، إلى حد معيّـن، لدى الاشتراكيين.

على العكس من ذلك، لا تخدم حالة الاستقطاب أحزاب الوسط، التي لا تجني أية فوائد من هذه المواجهة، حيث أنها تعتمد في المقابل، على اعتدال ناخبيها. فنبرة الخطاب الهجومية والمطالب المفتقرة للمصداقية لا تتلاءم مع خطها السياسي. لكن يمكن أن نتساءل ما إذا كان الاستقطاب سيستمر في اجتذاب الناخبين في المستقبل؟ يجب انتظار موفى شهر أكتوبر لمعرفة الإجابة على هذا السؤال.

سويس انفو: نرى أيضا أن الأحزاب لا تتردد في اللجوء إلى استعمال وسائل قذرة. هل يعني هذا أن برامجها تفتقر إلى المضمون؟

فولف ليندر: على المستوى الوطني، وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها بعض الساسة لتغذية النقاشات بمواضيع مثيرة للاهتمام، فإن مضمون النقاش يتسم فعلا بالسطحية.

يتملُّـكني الاندهاش عندما أستنتج إلى أي حدٍّ تغيب مسائل مهمّـة تحظى بالاهتمام عن الخطابات. هل تريد مثالا؟ على الرغم من أن مناطق السهول في كانتون برن قد غمرتها المياه أربع مرات، يبدو أن الخُـضر هم الوحيدون الذين يبدون انشغالا بالتغيرات المناخية. من الواضح أن القضايا المثارة بشكل شخصي عديدة، لكن لا أحد يبدو راغبا في تقديم إجابة عليها.

أما الوضعية التي نلاحظها في الكانتونات، فهي مغايرة تماما. فالنقاشات التي تدور حول عدد من القضايا الملِـحة، مثل المدرسة أو حركة النقل أو اندماج الأجانب، مهمّـة ومكثفة. وبرأيي، ليس من باب المصادفة أن تحتل القضايا ذات الطابع المحلي حيّـزا لا بأس به من الحملة الانتخابية، حيث يجدر التذكير بأن الانتخابات على المستوى الوطني، تُـعتبر أيضا بشكل ما انتخابات محلية ضمن البرلمان الفدرالي.

سويس انفو: هل يمكن القول أن الحملة الانتخابية قد دخلت في العصر الرقمي؟

فولف ليندر: نعم، وهذا أمر مثير للاهتمام بشكل خاص، فقد انتقلت المعركة إلى الإنترنت، واليوم، نجد إلى جانب مواقع الأحزاب والمرشحين، العديد من منتديات النقاش والمدونات، التي تُـنشِّـطها الصحافة المكتوبة وتحظى بإقبال كبير من طرف الجمهور.

هناك أيضا موقع « Smartvote » (الانتخاب الذكي)، الذي نشأ بمبادرة خاصة ويقوم بفك رموز مواقف المرشحين حول قضايا محددة. إنها وسيلة تسمح للمواطن بإجراء عملية اختيار محددة لمرشحين يُـحتمل أن يستجيبوا بأفضل شكل لتطلعاته.

سويس انفو: ماذا تنتظر من هذه الانتخابات الفدرالية؟

فولف ليندر: يتملكني الفضول لمعرفة ما إذا كان الناخبون قد سئموا أم لا من الاستقطاب الذي غزا الساحة السياسية في الأعوام العشرة الأخيرة. فإذا كان السويسريون يرغبون في الإبقاء على هذا المناخ السياسي، فمن المفترض أن يجدد حزب الشعب السويسري النتائج الجيدة التي حققها قبل أربعة أعوام وأن يحتفظ الحزب الاشتراكي برصيده الانتخابي، وتبعا لذلك، ستكون قوى الوسط مهددة بالتراجع لفائدة الخُـضر.

أما إذا ما اتّـضح على العكس أن السّـيل قد بلغ الزبى، فإن أحزاب الوسط قد تنجح في كسب الرهان والخروج أقوى من هذه الانتخابات.

سويس انفو: لم يسبِـق أبدا أن حاول مثل هذا العدد من السويسريين المقيمين في الخارج الحصول على مقعد تحت قبة البرلمان. هل هناك فرصة حقيقية لانتخاب بعض هؤلاء المرشحين للمرة الأولى؟

فولف ليندر: قد يحدث هذا فعلا، أعتقد أن الحظوظ الأوفر موجودة في كانتون زيورخ، لكن حتى وإن كان ثقل السويسريين المقيمين في الخارج يكتسي بعض الأهمية، إلا أنه لا يجب المبالغة في تقييمه، ذلك أن أصواتهم في الكانتونات ليست متوفِّـرة بالقدر الكافي لتجاوز عقبة التصويت النسبي.

سويس انفو – أجرى الحديث كريستيان رافلاوب

(ترجمه وعالجه كمال الضيف)

يوم 21 أكتوبر القادم، سيقوم المواطنون السويسريون المقيمون داخل البلاد وفي الخارج بانتخاب ممثليهم في مجلس النواب (أو ما يُـعرف بغرفة الشعب، 200 مقعد) وتجديد شبه كامل (43 مقعد على 46) لمجلس الشيوخ (أو ما يُـعرف بغرفة الكانتونات)، أما كانتوني تسوغ وأبّـنزل رودس الداخلية، فقد سبق أن انتخبا ممثليهم في مجلس الشيوخ.

لا يمكن للناخبين منح أصواتهم إلا إلى المرشحين القادمين من الكانتون الذي يقيمون فيه، أما بالنسبة للسويسريين المقيمين في الخارج، فيجب عليهم الاقتصار على المرشحين القادمين من الكانتون الذي سجّـلوا أسماءهم على لوائحه الانتخابية. في هذا العام، بلغ عدد المرشحين في صفوف السويسريين في الخارج للظفر بمقعد في مجلس النواب، 44 شخصا، أما العدد الإجمالي للمرشحين، فقد بلغ 3089 شخصا.

تكتسي الانتخابات البرلمانية القادمة أهمية خاصة، حيث أنها تسبِـق عملية إعادة توزيع الحقائب الوزارية في الحكومة الفدرالية، المقرر إجراؤها يوم 12 ديسمبر القادم، إذ أن المهمة الأولى للبرلمان الجديد، ستتمثل في تجديد الثقة في التركيبة الحالية للحكومة أو في إعادة تشكيلها.

هذا الاستطلاع أجرته مؤسسة gfs.bern لفائدة هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية (بين قوسين نتائج الانتخابات الفدرالية لعام 2003):

حزب الشعب السويسري (يمين متشدد): 25،6% (26،7%)

الحزب الاشتراكي (يسار): 22،6% (23،3%)

الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين): 15،0% (14،4%)

الحزب الراديكالي (يمين): 14،7% (17،3%)

حزب الخُـضر: 10،7% (7،4%)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية