مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مفاوضات فلسطينية إسرائيلية.. إلى مـا لا نـهـايـة؟

يوم 7 أبريل 2008، استأنف الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقاءاته برئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت التي توقفت منذ 19 فبراير الماضي Keystone

لم يكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس مَـسرورا البتّـة من لقائه الأخير برئيس وزراء إسرائيل ايهود اولمرت.

كان ذلك اللِّـقاء التاسع للرّجُـلين منذ بدء مفاوضاتهما المكثَّـفة الصيف الماضي، بواقع اجتماع واحد شهريا، ولا زالت النتيجة صِـفرا.

وفي حين لا يكِـلّ عباس من ترديد تصريحات تبعَـث على تفاؤل حذر إزاء احتمالات التوصُّـل إلى اتفاق مع اسرائيل قبل نهاية العام الحالي 2008، إلا انه أسَـرّ في اجتماعات ضيِّـقة، حسب مقرّبين، أن الأمور أصعب بكثير من الجدِّية التي يعكِـسها حديثه العلني.

ومع اقتراب نهاية النِّـصف الأول من عام 2008، الذي بشَّـر به الرئيس الأمريكي جورج بوش على أنه عام إقامة الدولة الفلسطينية العتيدة، تبدو المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حول الوضع النهائي، وكأنها تسير على درب ما لا نهاية.

وقد خبا سريعا التوهَّـج الذي أثاره مؤتمر أنابولس نهاية شهر نوفمبر الماضي، ولم تفلح زيارة بوش التاريخية إلى رام الله وتأكيده التزامه “برُؤيا الدولة الفلسطينية” في إشعاله مجدّدا، وظلَّـت الحقائق على أرض الواقع تُـشير الى نقيض ذلك.

ومرّت في أثناء ذلك، سلسلة من اللِّـقاءات المستمرة بين رئيسي وفدي الطَّـرفين، وإن كانت تلك المفاوضات لم تنقطع، فإن أحدا لا يستطيع الإتيان ببرهان ملموس على احتمال تحقيقها أي اختراق، بل أن جُـلّ ما تناقلته المصادر الصحفية، أعاد الحديث عن احتمالات اكتفاء الطرفين بالتوصُّـل إلى اتفاق إطار أو اتفاق مبادئ وترحيل قضايا اللاّجئين والقدس إلى سنوات أخرى قادمة.

وهي ذات الأفكار التي كانت طرحتها إسرائيل الصيف الماضي، لدى استئناف لقاءات عباس أولمرت في حينه، الأمر الذي تحوَّل إلى خلاف عُـقد على إثره مؤتمر انابولس. وها هي الكرّة تعود مرّة أخرى، للتأكيد على خلافات الطرفين الجوهرية.

وقال مسؤول كبير مقرّب من الرئيس عباس في رد على أسئلة حول صحَّـة هذه المقترحات، “لا أعتقد بصحة ذلك، لكنه يعني شيئا واحدا فقط، وهو أن المفاوضات فاشِـلة وقد وصلت إلى طريقٍ مسْـدود ولن يكون ثمَّـة اتفاق مع نهاية العام الحالي”.

ويعتقد هذا المسؤول أنه لم يعد ثمَّـة إمكانية للخَـوض في سيناريوهات ومقترحات جديدة حول المفاوضات، وقال “خلفنا عشرين عاما من هذه المقترحات، وقد آن أوان الاختيار والقرار، لكن اسرائيل ما زالت غير مستعدة”.

احتمالات الرّبح والخسارة

لكن هناك من يعتقد أن المفاوضات ستؤدِّي في النهاية إلى التوصل إلى شيء ما، نوع من اتِّـفاق المبادئ أو الإطار الذي يمكن أن ترافقه بعض الاجراءات على الأرض، لاسيما خطوات نحو تسهيل حركة الفلسطينيين ودفع عجلة الاقتصاد قليلا.

ويقول المحلِّـل السياسي علي الجرباوي “ليس هناك مجال للتوصُّـل إلى اتفاق نهائي حول مختلف القضايا، لكن الظروف لا تسمح بعدم التوصُّـل إلى لا شيء، لأن ذلك سيعني ببساطة انهيار السلطة الفلسطينية”.

ويرى الجرباوي أنه “يُـمكن في النهاية التوصُّـل إلى اتفاق مبادئ مع إجراءات على الأرض، يمكن أن تعطي أملا للجمهور اليائس، الذي لا يرى أي أفق وبحاجة إلى حافز”، وهو بذلك يشير إلى اتِّـفاق يسمح بتوسيع بعض مناطق السلطة وتخفيف القيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على الأرض.

ويُـضيف الجرباوي أن من شأن الانقسام الفلسطيني بين غزة، حيث حركة حماس، والضفة الغربية التي تقودها حركة فتح، أن يُـسهِّـل من شأن التوصُّـل إلى مثل هكذا اتفاق، لاسيما وأن المعارضة تركَّـزت في غزة، وليس في الضفة حيث الرئاسة التي تُـفاوض.

ويتَّـفق مع هذا التحليل، الذي يعني قبول سياسة الأمر الواقع، القيادي في حركة فتح قدورة فارس، الذي قال في حديث لسويس انفو “سيكون هناك اتفاق، ليس اتفاقا نهائيا، وإنما نوع من الإتفاق الذي يُـمكن قراءته بصور مختلفة وثمّ القبول بالامر الواقع”.

ويقول قدورة، إن حكومة إسرائيل هي المعنية أساسا بهكذا اتفاق، لاسيما وأن كلا من اولمرت ووزير دفاعه ايهود باراك يستطيعان تمريره لجمهورهما، لأنهما لا يملِـكان لا قرار ولا قدرة التوصُّـل إلى اتفاق نهائي.

عوامل الطَّـرد والجذب

ولعل عوامل الطَّـرد أكثر بكثير من تلك المتعلِّـقة بالجذب على مائدة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي تقِـف الآن على باب نهاية عقدها الثاني، وهي التي انطلقت في عملها منذ أوائل تسعينات القرن الماضي.

وقد ظلت مسألتا اللاجئين والقدس تقُـض مضاجِـع كلّ من ولج أو شارك في هذه المحادثات، التي يُـفترض أن تكون قد عبرت مراحل عديدة، لكن دون أن تنضج نارها حتى الآن.

وثمة مسألة شائكة أخرى كبرى هي المستوطنات الإسرائيلية المُشيدة على الأرض الفلسطينية والمتغيِّـرات التي أفرزتها، حيث تطالب إسرائيل بضم أجزاء كُـبرى منها، مقابل عملية تبادل أراض مع الفلسطينيين، وهو اقتراح لم يرْق حتى الآن إلى مستوى القبول.

ولعل الجِـدار وشبكة الطُّـرق الإسرائيلية الخاصة، التي قطّعت أوصال الضفة الغربية ونحو 600 حاجز وسدّ أقامها الجيش الإسرائيلي قد نقلت المفاوضات من مسائل الجوهر إلى المظهر، لاسيما وأن عدم زوال الاحتلال نهائيا، يعني تلقائيا احتفاظ إسرائيل بهذه الموانع.

ولم تفلح جولات المفاوضات المتعاقبة الأخيرة سوى في قيام إسرائيل بالإعلان عن إزالة بعض السواتر الترابية في الضفة الغربية، و هي سواتر إن ازيلت، حسب تقرير للأمم المتحدة، فإنها غير ذات اهمية.

ولعل الشَّـكوى التي أفضى بها الرئيس عباس إلى عدد من المقرّبين إليه، حول موقف اولمرت “غير الجدّي” من كل ذلك، ستكون ذات الشَّـكوى التي سيحملها إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش في لقائهما المُـرتقب أواخر شهر أبريل الجاري.

أما بوش الذي شارفت ولايته على الانتهاء قبل تحقيق “وعده” بالدولة الفلسطينية، فهو سيحملها بدوره إلى كتاب مذكِّـراته.

هشام عبدالله – رام الله

واشنطن (رويترز) – انتقدت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس يوم الجمعة 11 أبريل، أي خطط للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر للقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في سوريا الأسبوع القادم، بقولها أن الحركة عقبة في طريق السلام.

وقالت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير “أجد صعوبة في فهم المكاسب التي يمكن تحقيقها بإجراء مباحثات مع حماس بشأن السلام، عندما تكون حماس في الواقع عقبة في طريق السلام.”

وقد يجتمع كارتر الفائز بجائزة نوبل للسلام في عام 2002 مع خالد مشعل، الذي يعيش في المنفى في سوريا، خلال زيارة إلى الشرق الأوسط تبدأ يوم الأحد 13 أبريل.

وأكَّـدت حماس أن الاجتماع سيُـعقد، لكن كارتر لم يثتعط بعد أي تفاصيل عن اجتماعات محدّدة خلال زيارته التي تستمر تسعة أيام، وتشمل الضفة الغربية ومصر وسوريا والسعودية والأردن.

ونصحت وزارة الخارجية الأمريكية كارتر بعدم الاجتماع مع مشعل، لأن الاجتماع يتعارض مع سياسة الولايات المتحدة لعزل حماس، وانتقدت إسرائيل الحليف الوثيق للولايات المتحدة أيضا التحرك.

وقالت رايس “حماس منظمة إرهابية”، وطلبت رايس النّـصح من كارتر بشأن مساعيه السابقة لصنع السلام بين العرب وإسرائيل قبل عقد مؤتمر أنابوليس للسلام في نوفمبر الماضي.

وقالت “عرضت على حماس فرص كثيرة للتوافق مع المعايير الدولية بشأن الشرق الأوسط”، بما في ذلك الاعتراف بإسرائيل وقبول اتفاقات السلام المؤقتة السابقة الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين ونبذ العنف، وأضافت رايس “حماس لم تكن مستعدّة لعمل ذلك.”

وقالت، إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، المؤيد للغرب، الذي وصفته بأنه “الرئيس الشرعي” للأراضي الفلسطينية، أوضح أيضا أنه لن ينخرط أيضا مع حماس، إلا إذا أوفت بشروط معينة.

وتقوم السياسة الأمريكية على عزل حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، وفي نفس الوقت تعزيز وضع عباس الذي يجري محادثات سلام تحت رعاية الولايات المتحدة مع الإسرائيليين ويدير الضفة الغربية المحتلة.

ورغم انقسام الأراضي الفلسطينية بين قطاع غزة تحت سيطرة حماس والضفة الغربية تحت سيطرة عباس، فإن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تأمل في إمكان التوصل إلى اتفاق بشأن قيام دولة فلسطينية مستقلة بحلول يناير 2009 عندما يترك بوش منصبه.

وقالت رايس إن حماس شنَّـت انقلابا ضد عباس في غزة في يونيو الماضي وأن الحركة مسؤولة كلية عن أي معاناة للفلسطينيين في القطاع منذ ذلك الحين.

وكارتر البالغ من العمر 83 عاما كان رئيسا للولايات المتحدة في الفترة من 1977 إلي 1981، وأثناء رئاسته نجح في التوسط في اتفاقات كامب ديفيد، التي وقعت عام 1978 والتي مهدت الطريق للسلام بين إسرائيل ومصر، لكنه اتخذ في السنوات القليلة الماضية مواقف منتقدة بشدة لإسرائيل.

وفي كتاب صدر في 2006، وصف كارتر السياسة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة، بأنها “نظام الابارتايد”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 11 أبريل 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية