مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سيمونيتا سوماروغا: “لدينا ديمقراطية جريئة، وهذا يُعجبني”

تقول سيمونيتا سوماروغا، الرئيسة الجديدة للكنفدرالية: "نحن بحاجة إلى ثقافة سياسية تقوم على احترام المخالفين في الرأي على جميع المستويات: في الحكومة الفدرالية وفي البرلمان وفي صفوف الشعب". Keystone

بعد انتخابها من قِبَل الجمعية الفدرالية (أي من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في البرلمان السويسري) بنتيجة 181 صوتاً من أصل 210 صوت صحيح، تتولى سيمونيتا سوماروغا رئاسة الكنفدرالية السويسرية طيلة عام 2015. وبهذه الحصيلة، حققت الوزيرة الاشتراكية أفضل نتيجة تحصل عليها سيدة في الإنتخابات الرئاسية الدورية.

وفي المقابلة التي أجرتها معها swissinfo.ch، تدعو رئيسة سويسرا إلى انتهاج ثقافة سياسية “تقوم على احترام الأطراف المُخالفة في الرأي أيضاً”. وعلى الرغم من تعارض بعض المبادرات الشعبية التي شهدتها الكنفدرالية مع القانون الدولي، ترى سوماروغارابط خارجي أن هذا النظام يعمل بكفاءة.

التحدي الأصعب الذي يواجه وزيرة العدل والشرطةرابط خارجي، التي تترأس الحكومة الفدرالية للمرة الأولى، هو تنفيذ مبادرة “الحد من الهجرة الجماعية”. وفي المقابلة المكتوبة مع swissinfo.ch، أكدت رئيسة سويسرا أن السيطرة على تدفق الهجرة والحفاظ في الوقت نفسه على النَّهج الثنائي في العلاقة مع بروكسل، مسألة طموحة تتطلب جهداً كبيراً. مع ذلك، أرسل الإتحاد الأوروبي إشارات عبَّر فيها عن استعداده للنقاش.

swissinfo.ch: لدينا – والاتجاه آخذ بالازدياد – عدد من المبادرات الشعبيةرابط خارجي التي تتّسم متطلباتها بالإشكالية الشديدة أو صعوبة التنفيذ، والتي تؤدي إلى صراع مع القانون الدولي. وعلى سبيل المثال، نجد مبادرة “طرد أصحاب الجرائم من الأجانب” التي اعتُمِدَت من قبل الناخبين (في عام 2010). برأيك، هل يجب أو ينبغي تقييد حق إطلاق المبادرات؟

سيمونيتا سوماروغا: بالفعل، يشكل تنفيذ المبادرات الشعبية على أرض الواقع تحدّياً، عندما تتناقض أحكام جديدة في الدستور مع القوانين القائمة أو القانون الدولي. ولهذا السبب أيضاً، يتم إعداد مقترحات إصلاح مختلفة في الوقت الراهن. ومن جهتي، أحَيّي ذلك. فالديمقراطية المباشرةرابط خارجي بحاجة دائماً إلى مثل هذه المناقشات.

بَيد أنني على ثقة من أن الثقافة السياسية، هي العامل الحاسم في نجاح نظامنا، وليس الأحكام والقواعد. نحن بحاجة إلى ثقافة سياسية تقوم على احترام المخالفين في الرأي على جميع المستويات: في الحكومة الفدرالية وفي البرلمان وفي صفوف الشعب. في نظامنا الديمقراطي، يتمتع كل هؤلاء بالأهمية.

swissinfo.ch: الحركات الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا آخذة بالتنامي. وفي سويسرا أيضاً، نرى انحساراً متزايداً في الثقة نحو السياسة المعمول بها. والدليل على ذلك، هو نتائج الإقتراعات التي خسرت فيها الحكومة والبرلمان. كيف تودّون استرجاع ثقة المواطنين ثانية؟

سيمونيتا سوماروغا: الثقة لم تذهب، فالديمقراطية المباشرة في سويسرا، خاصة جداً في هذا السياق، وتتميز بمشاركة جميع الأطراف الفاعلة. وهذا ما يشكل ثقافتنا السياسية ويؤدّي إلى عدم تكوين فجوة بين الشعب والبرلمان والمجلس الفدرالي – حتى وإن لم تتفق هذه الأطراف الثلاثة في مرة من المرات.

هذا هو الشيء الرائع في نظامنا الديمقراطي، حيث يتحمل المواطنون، نساءً ورجالاً، الكثير من المسؤولية. لدينا نظام جريء، وهذا يعجبني. وقد أنشِئَت الحقوق السياسية المباشرة بالأصل، بغية منح وزن لتلك الأصوات التي لم تكُـن مسموعة عبْر طُرق التشريع المعمول بها.

swissinfo.ch: في الأعوام الأخيرة، فقدت سويسرا أيضاً – نتيجة الديمقراطية المباشرة – بعضاً من إمكانية التنبُّؤ بمسارها (أو توجهاتها) باعتبارها شريكا دوليا. هل تحولت الديمقراطية المباشرة إلى ميزة تنافسية غير ملائمة؟

سيمونيتا سوماروغا: كلا، فبالمقارنة مع الدول التي تتغير فيها الحكومات بانتظام، يضمن نظامنا الديمقراطي الإستقرار. وبالرغم من أن مشاريع الإصلاح الكبيرة تتطلّب وقتاً طويلاً، ولكن في النهاية، هناك حلّ وسط مُستند على قاعدة عريضة، سيكون موجوداً في الإنتخابات القادمة أيضاً.

سيمونيتا سوماروغا

ولِدت في 14 مايو 1960 في كانتون تسوغ، ونشأت في بلدية “سينس” في كانتون آرغاو. وكان والِدها من كانتون تيتشينو.

1983: حصلت على شهادة الدبلوم في العزف على البيانو من المعهد الموسيقي في لوتسرن.

1988-1991: درست اللغة والآداب الإنجليزية واللأدب الإسباني في جامعة فريبورغ.

1993: استلمت إدارة مؤسسة حماية المستهلك التي تولت رئاستها في عام 2000، بعد تخلّيها عن مهنة الموسيقى ومتابعة الدراسة.

1986: انضمّت إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وفي عام 2001، قامت بالتوقيع على بيان يُطالب بانتهاج نهج أكثر ليبرالية للحزب، مما أثار ردود فعل قوية في أوساط نقابات العمّال وجناح اليسار في الحزب.

1999: انتُخبت لعضوية مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان الفدرالي). وفي عام 2003، انتُخبت في مجلس الشيوخ (الغرفة العليا) عن كانتون برن، ومن ثَمَّ إلى الحكومة الفدرالية في عام 2010. ومن موقعها داخل الحكومة، دافعت بالأخصّ عن سياسة الحَد من الهجرة وتحرير الخدمات العامة. كما عُرِفَت كمُدافعة قوية عن المساواة في الرواتب بين الرجال والنساء.

3 ديسمبر 2014: تمّ انتخابها كرئيسة للكنفدرالية السويسرية لعام 2015، وانتُخِب يوهان شنايدر آمان – وزير الإقتصاد – في منصب نائب الرئيس.

swissinfo.ch: يشعر السويسريون في الخارج بالقلق، بشأن النهاية الوشيكة لحرية تنقل الأشخاص، لأنها لا تنطبق على الهجرة الداخلة فقط، ولكن النازحة أيضاً. ويَعتَبر الاتحاد الأوروبي مسألة تنقل الأشخاص، غير قابلة للتفاوض، كما يرفض نظام الحِصص بِحَسم. ولكن هذا بالضبط ما تطالب به مبادرة “الحد من الهجرة الجماعية” التي اعتمدت في 9 فبراير 2014. كيف تخططون لإخراج سويسرا من هذا المأزق؟

سيمونيتا سوماروغا: أنت على حق، إن تنفيذ مبادرة الحد من الهجرة الجماعية، معقد للغاية. فالمجلس الفدرالي راغب بتنفيذ تكليف جمهور الناخبين للتحكّم بالهجرة بأنفسهم، ولكنه يريد الحفاظ على النهج الثنائي في نفس الوقت.

وفي الواقع، عبَّر الاتحاد الأوروبي عن رفضه التفاوض بشأن مبادئ حرية تنقل الأشخاص، ولكنه أشار أيضا إلى انفتاحه أمام المناقشات. لذلك، يتابع المجلس الفدرالي هذين الهدفين – السياسة الداخلية والسياسة الخارجية – بشكل متوازي. وفي شهر يناير، سوف يتشاور [المجلس الفدرالي] بشأن ولاية تفاوضية مع الاتحاد الأوروبي، علاوة على تنفيذ التشريعات.

swissinfo.ch: يمثل عام 2015 عاماً انتخابياً، وسوف يرشح السويسريون في الخارج أنفسهم للمجلس الوطني أيضاً، مع أنهم عملياً يفتقدون إلى أية فرصة للإنتخاب. هل يمكنكم تصور منح ‘سويسرا الخامسة’ فرصة حقيقية للانتخاب، من خلال تخصيص عدد ثابت من المقاعد، أم أن لديكم حلاً آخر؟

سيمونيتا سوماروغا: على المستوى الفدرالي، يُعامل المواطنون السويسريون المقيمون في الخارج على قدم المساواة مع المواطنين المقيمين في سويسرا. وقد دعم المجلس الفدرالي دائما مسألة النهوض بمشاركة هؤلاء المواطنين في الحقوق السياسية. وهكذا، قام مؤخراً على سبيل المثال، بتعجيل قرار آخر حول إدخال التصويت الإلكتروني تدريجياً.

واليوم، هناك 135,000 مواطن ومواطنة سويسريين مقيمين في الخارج مُسجّلين في سِجل انتخابي ويمارسون حقوقهم والْـتزاماتهم السياسية. أنا أرحِّب بذلك كثيراً، فهُم أيضاً ينتمون إلى بلادنا ويشكّـلون جزءاً من التنوع السويسري.

swissinfo.ch: تتزايد مآسي طالبي اللجوء في البحر الأبيض المتوسط بشكل كبير. ما الذي يمكن أن تفعله سويسرا وأوروبا لوقف هذا التطور؟

سيمونيتا سوماروغا: لقد تَطَرَّقتَ إلى الجواب من خلال سؤالك: الأمر الحاسم هنا هو التعاون الأوروبي. إن سويسرا تعمل بشدة من أجل سياسة هجرة مُشتركة، لأنها لن تحقِّق سوى القليل لوحدها. من المهِم تقديم المساعدة على أرض الحدَث، حتى لا يُجازف الناس أصلاً بالقيام برحلة خطِرة عَبر البحر المتوسط.

علاوة على ذلك، نحن بحاجة إلى مواصلة الكفاح بحزم ضد ظاهرة تهريب البشر والمنظمات القابعة خلفها – كونها تجارة لاإنسانية مع الأكثر ضعفاً. ومن جملة أمور أخرى، سوف يُستجوب طالبو اللجوء الآن منهجياً في بلدنا، بغية اقتفاء أثر هذه العصابات السرية. وفي النهاية، استقبلت سويسرا عدة آلاف من السوريين منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، ونحن نمنح هؤلاء الأشخاص منظوراً جديداً في الحياة.

خمسُ نساء في سدّة الحكم في سويسرا

تتولى سيمونيتا سوماروغا الرئاسة الدورية للحكومة الفدرالية في عام 2015. وقد انتخبت الجمعية الفدرالية (تتشكل من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ في البرلمان السويسري) في برن وزيرة العدل والشرطة الإشتراكية، التي تبلغ الرابعة والخمسين من العمر، خلفا لوزير الخارجية ديديي بوركهالتر (الذي ينتمي إلى الحزب الليبرالي الراديكالي)، الذي شغل المنصب في عام 2014. وتُمنح هذه الوظيفة دورياً لمدة سنة واحدة إلى أحد الأعضاء (الوزراء) السَّبعة في الحكومة الفدرالية.

بفوزها بمجموع 181 صوتاً من أصل 210 صوت صحيح، تجاوزت سوماروغا الأغلبية المطلقة بـ 75 صوتا، وحققت بالتالي، نتيجة جيدة جداً بالمقارنة مع أقرانها السابقين.

جدير بالذكر أن وزيرة العدل سوماروغا، هي السيدة الخامسة التي تترأس الكنفدرالية السويسرية، بعد كل من روت درايفوس (1999) وميشلين كالمي – ري (2007 و2011) ودوريس لويتهارد (2010)، وإيفلين فيدمر- شلومبف (2012).

(المصدر: وكالة الأنباء السويسرية)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية