مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقترح سويسري بنظام تقني للدخول إلى قطاع غزة

صورة يعود تاريخها إلى عام 2001 لنقطة عبور من غزة يخرج العمال الفلسطينيون منها إلى منطقة إيريز الصناعية الإسرائيلية Keystone

انسحاب إسرائيل من قطاع غزة لن يكون نهاية لاحتلال المنطقة، فالدولة العبرية تحتفظ لنفسها بحق السيطرة على معابر الدخول إليه براً وجواً وبحراً.

سويسرا تقدمت بمقترح بنظام تقني، صممه فريق عمل تابع لجامعة هارفارد بناءا على طلبها، ل”تسهيل العبور إلى قطاع غزة بعد انسحاب إسرائيل”.

الفكرة ليست جديدة حتماً. فهي كما يقول الدكتور كلود برودرلاين رئيس فريق الخبراء التابع لجامعة هارفارد في حديث مع سويس انفو “فكرة قديمة وتمت إعادتها ولفت انتباه الأطراف المعنية” إليها من جديد.

الفكرة المعنية هو نظام أطلق عليه أسم “نظام للعبور الإنساني إلى قطاع غزة”، وهو يهدف إلى “حماية حقوق من يعيشون في قطاع غزة وفقاً لبنود معاهدة جنيف الرابعة، وكذلك إلى مساعدة الحكومة الإسرائيلية كقوة محتلة لتأدية التزاماتها”، على حد قول الدكتور برودرلاين.

أما من يقف خلفها فهي الحكومة السويسرية. ويشرح رئيس الفريق، الذي يدير أيضاً برنامج السياسات الإنسانية وبحوث النزاعات في جامعة هارفارد، قائلاً “بعد زيارة وزيرة الخارجية السيدة كالمي – راي إلى المنطقة (في شهر فبراير الماضي)، كلفتنا الحكومة السويسرية بتطوير هذا النظام التقني”.

وهي قديمة لأنها كانت مندرجة أساساً في قانون الاحتلال الذي طبقته إسرائيل عند احتلالها للمنطقة، لكن مسيرة أوسلو أدت إلى تجاوزه.

نظام تقني لشأن إنساني بالغ الأهمية

أهمية النظام السويسري المقترح تتعلق بالوضع الإنساني القائم في قطاع غزة. فأكثر من 1.4 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع، منهم 1.1 مليون شخص يعتمدون بصورة أساسية على المساعدات الدولية في حياتهم اليومية كي يتمكنوا من البقاء، خاصة في ظل الارتفاع المقلق لنسب البطالة والفقر فيه.

دخول المساعدات الإنسانية والبضائع والخدمات وعبور البشر من وإلى قطاع غزة ظل أمراً تتحكم فيه إسرائيل باعتبارها القوة المحتلة في المنطقة، وقد فرضت الدولة العبرية المزيد من العراقيل والقيود على هذه العملية في السنوات الأخيرة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.

غير أن قرار إسرائيل الانسحاب من القطاع من جانب واحد فرض طرح السؤال التالي: كيف سيتم التحكم في عملية العبور إلى القطاع؟

إسرائيل أعلنت عزمها تخفيض حجم تدخلها والتزاماتها تجاه سكان القطاع الفلسطينيين، رغم مواصلتها السيطرة على معابر الدخول إليه البرية والجوية والبحرية. لكنها تريد في الوقت ذاته أن تنقل مسؤولية إدارة عمليات الدخول والخروج إلى القطاع إلى شركات إسرائيلية خاصة. وهو ما يعني حتماً أن هذه العمليات ستصبح أكثر تعقيداً وإرهاقاً.

عودة إلى قانون الاحتلال

هنا جاء المقترح السويسري ليتقدم بالجواب. فلأن إسرائيل “ستواصل السيطرة على معابر الدخول إلى القطاع”، كما يقول الدكتور برودرلاين، ” فهذا يعني أنه سيظل خاضعاً للاحتلال، وقانون الاحتلال سيظل سارياً عليه”.

ويكمل قائلاً: “إن المقترح أعاد قانون الاحتلال، الذي تم تجاوزه بسبب مسيرة أوسلو، من جديد، وذلك من خلال القول: على إسرائيل أن تحترم قواعد معاهدة جنيف الرابعة المتعلقة بمسألة الدخول إلى قطاع غزة”.

ولأن هذه القواعد لم تكن واضحة فيما يتصل بالإجراءات العملية التي يتوجب على إسرائيل تطبيقها، فإن النظام التقني السويسري “يقترح مجموعة من الإجراءات التي تجعل منه نظاماً عملياً ويمكن التنبؤ بنتائجه”.

وما يعنيه هذا تفصيلاً هو أنه يحدد مجموعة من القواعد العامة لعمليات الدخول، ويضع أسلوباً أساسياًً يُمكن من العبور السريع للبضائع والبشر والخدمات في أوقات الطوارئ، ويقدم توصيفاً لمسؤوليات كل الأطراف المعنية في عملية إدارة العبور، ويطالب إسرائيل والسلطة الوطنية والأمم المتحدة بإنشاء شبكة مركزية للمعلومات، ويوفر آلية للمراجعة والإشراف.

اهتمام من جميع الأطراف المعنية

ما أثار دهشة الدكتور برودرلاين هو أن “الأمر كان أسهل مما تصورنا”. فالتوصل إلى النظام المقترح استلزم إجراء فريق الخبراء جولتين من المشاورات مع إسرائيل والسلطة الوطنية والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في شهري مارس وأبريل الماضيين.

بعد ذلك، عمد الفريق إلى إرسال نسخة مسودة أولى للنظام المقترح إلى أطراف النزاع في شهر مايو للتعليق عليها.

وفي معرض شرحه لمبررات هذه السهولة قال “يبدو أن هناك اهتماماً من كل الأطراف أن يكون انسحاب إسرائيل من غزة عملية ناجحة، ليس فقط كعملية عسكرية، أو من خلال إخراج المستوطنين من غزة، ولكن أيضاً ضمان أن تتحسن حياة السكان في غزة بعد الانسحاب، لذلك فإن هناك دافعاً وحافزاً من جانب الأطراف المعنية لإيجاد حل لسكان غزة”.

ولعل ما كان مثيراً لاهتمام الأطراف المعنية، كما يقول رئيس الفريق، هو أن النظام المقترح يُظهر أيضاً “أن القانون الدولي يمكن أن يكون شيئاً أخراً غير العصا، فهو قادر أيضاً على أن يوفر إرشادات حول كيفية تأدية الالتزامات”.

بقي أن نشير إلى أن فريق هارفارد، الذي مولت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون عمله طوال الأشهر الماضية، يعتزم التقدم بالنسخة النهائية لتقريره إلى وزارة الخارجية السويسرية الأسبوع القادم، وسوف تعلن حينها سويسرا عن مضمونها بصورة رسمية.

إلهام مانع – سويس انفو

يشمل النظام المقترح:
مجموعة من القواعد العامة لعمليات الدخول.
أسلوب أساسي للعبور السريع للبضائع والبشر والخدمات في أوقات انعدام الأمن والطوارئ.
توصيف لمسؤوليات كل الأطراف المعنية في عملية إدارة العبور.
تحديد شبكة مركزية للمعلومات
آلية للمراجعة

أدى فريق العمل مهمته من خلال الأسلوب البحثي والمشاورات.
أجُريت البحوث في جامعة هارفارد.
انخرط الفريق في جولتين من المشاورات مع طرفي النزاع ومع الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في مارس وأبريل 2005.
تقدم الفريق بنسخة مسودة أولى إلى أطراف النزاع في مايو الماضي للتعليق عليها.
ويعتزم التقدم بنسخته النهائية إلى وزارة الخارجية في الأسبوع الثالث من يونيو.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية