مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ملتقى دولي حول التصحر في جنيف

الأمين العام لمعاهدة محاربة التصحر أربا حما ديالو لدى افتتاح الندوة يوم 11 أبريل في جنيف ويظهر إلى يساره المقرر الخاص حول الحق في الغذاء السويسري جون زيغلر. swissinfo.ch

تنظم سويسرا بالاشتراك مع معاهدة الأمم المتحدة لمحاربة التصحر ملتقى دوليا لمدة يومين في جنيف لمناقشة تأثيرات التصحر تحت شعار" التصحر والمجاعة والفقر"

ويسعى الملتقى إلى التركيز على التصحر من منظور الحق في الغذاء كحق من حقوق الإنسان وجلب الانتباه الى مفهوم “اللاجئين لأسباب بيئية” الذين لا تحميهم أية معاهدة لحد الآن.

افتتح في جنيف صباح الثلاثاء 11 ابريل أول يوم من ملتقى دولي يدوم يومين حول “التصحر والمجاعة والفقر” من تنظيم إدارة التنمية والتعاون السويسرية ومعاهدة الأمم المتحدة لمحاربة التصحر.

الملتقى الذي تساهم به سويسرا في إطار الاحتفاء بالسنة الدولية التي خصصتها الأمم المتحدة للصحاري والتصحر جمع عددا من المهتمين بقضايا التصحر وكان من المفروض أن يشارك فيه وزير البيئة الجزائري شريف رحماني بوصف الجزائر البلد الذي سيحتضن القمة المخصصة للتصحر في الخامس يونيو القادم. ولكن الوزير ولأسباب طارئة تتعلق باجتماع حكومي هام لم يحظر الى جنيف.

ظاهرة لم تحظى بالاهتمام الكافي

عند الحديث عن التصحر فإن الأمر يتعلق بظاهرة تمس مباشرة 250 مليون من سكان هذه المعمورة حسب تقديرات الأمم المتحدة وهذا في اكثر من 100 بلد. والأخطر كون هذه الظاهرة في تعاظم مستمر ما لم يتم القيام بإجراءات لوقفها بحيث تفقد البشرية سنويا أكثر من 6 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة بسبب زحف الصحاري. وهذا ما يدفع حوالي 135 مليون من البشر الى الالتحاق بجحافل اللاجئين في العالم ولكن هذه المرة بدوافع بيئية وهو ما دفع الى استعمال شعار اللاجئين لأسباب بيئية. ويتسبب هذا الزحف للصحراء او تلك الهجرة لأسباب بيئية في خسارة سنوية تقدر بحوالي 42 مليار دولار تتحمل البلدان الفقيرة العبء الأكبر منها.

لتدارك الأمور تم قبل عشر سنوات اعتماد معاهدة الأمم المتحدة لمحاربة التصحر. وهي المعاهدة التي رغم انضمام كل الدول تقريبا لها لم تزود بالآليات الضرورية للقدرة على مواجهة التحديات الجسام في هذا المجال الأمر الذي دفع بعد عشر سنوات الى تخصيص سنة دولية لتحسيس الرأي العام الدولي الى أخطار التصحر من جديد.

ظاهرة التغير المناخي الأكثر خطورة

ركز الأمين العام لمعاهدة الأمم المتحدة لمحاربة التصحر حما أربا ديالو على مخاطر التصحر واصفا الظاهرة بأنها ” أخطر أنواع التغيرات المناخية”. ولتعزيز أقواله أورد ” بأن ظاهرة التصحر في تعاظم مستمر وتمس ثلث مساحة الكرة الأرضية وهو ما يجعل مليار نسمة من سكان هذه المعمورة عرضة لخطر المجاعة”. وبالنظر الى ما عرفته منطقة القرن الإفريقي خلال نهاية القرن الماضي يتضح أن واحد من ستة من سكان هذه المنطقة يعاني من سوء التغذية بسبب التصحر. وإذا كانت ظاهرة التصحر تهدد 135 مليون نسمة فإن 60 مليون منهم قد يضطرون الى مغادرة المناطق الصحراوية في إفريقيا باتجاه شمال افريقيا او أوربا من هنا حتى العام 2020. وهو ما يزيد في تعقيد ظاهرة الهجرة غير المشروعة.

ويرى الأمين العام لمعاهدة محاربة التصحر أنه على الرغم من مرور 10 أعوام على اعتماد هذه المعاهدة “مازالت الأفكار المتداولة عنها عبارة عن أفكار مدونة في تقارير ورقية”. مناشدا الحضور بالعمل على ” تحويل المشاريع من تقارير الى عمل ملموس، واعتماد استراتيجية متكاملة تراعي التنمية المستدامة وتركز بالدرجة الأولى على الموارد المحلية في مجال محاربة التصحر.

المهاجرون لأسباب بيئية

إذا كان مسئول قسم الأبحاث القانونية بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان إبراهيم واني قد استفاض في شرح العلاقة بين محاربة التصحر وحقوق الإنسان، فإن المدير الجديد لبرنامج الأمم المتحدة للبيئية والمدير السابق للاتحاد العالمي لحماية البيئة ، اشيم شتاينر دعا الى ” ضرورة مراعاة الحق في احترام البيئة عند التصرف في الموارد الطبيعية”. إذ لا يرى في الصحاري انها كلها سلبية بل كما قال ” هي عبارة عن وسط بيئي سمح للعديد من الشعوب بالبقاء على وجه الحياة”. لذلك ينادي بضرورة فهم وإدراك خصوصية هذا الوسط وخصوصية نمط عيش الأشخاص المقيمين فيه، وان نعمل على الحفاظ على هذا النمط من العيش. ويستشهد على ذلك بأغلاط إقامة سدود لتأمين التزود بمياه الري او الشرب او الطاقة دون مراعاة لما تلحقه من ضرر بالوسط البيئي وبطريقة عيش أناس تعودوا على نمط خاص من العيش.

أما المقرر الخاص للأمم المتحدة حول الحق في الغذاء السويسري جون زيغلر فقد ذكر بأرقام المجاعة في العالم في وقت تعهدت فيه المجموعة الدولية بتخفيض نسبة الجياع الى النصف حتى العام 2015. إذ يعتبر السيد زيغلر أن العام 2005 وحده عرف زيادة الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية بحوالي 14 مليون لكي يصل عدد الجياع في العالم الى 856 مليون شخص.

كما تحدث السيد زيغلر بإسهاب عن مفهوم ” اللاجئ لأسباب بيئية” والذي قال عنه أنه ” لا يحظى بحماية اية معاهدة لحد الآن”. وقد استعمل زيغلر أسلوبه الخطابي المعهود لتوضيح “بأن الفلاح الذي يعاني من التصحر في منغوليا او بلاد البنغال او الساحل الإفريقي ليس من حقه الحصول على حق اللجوء في البلدان الغنية، وبالتالي لا يبقى أمامه سوى النزوح للأحياء الفقيرة في المدن الكبرى للبحث عن طريقة لإعالة أبنائه”.

وإذا كان السيد زيغلر قد طالب بمراعاة بعض الحقوق أثناء تطبيق المشاريع الدولية لمحاربة التصحر مثل إنصاف المرأة ومراعاة الحق في الصحة عند إقامة بعض المشاريع مثل السدود ، فإنه يعتبر الضغوط الممارسة من قبل بعض المؤسسات مثل صندوق النقد الدولي لتخصيص ملكية الأراضي مقابل الحصول على المساعدات، بأنه تدخل غير مبرر من وجهة نظر القانون الدولي وحقوق الإنسان”.

التزام سويسري بمحاربة التصحر

سويسرا التي كانت من بين العشرين بلدا الأوائل الذين وقعوا على معاهدة محاربة التصحر للعام 1996، والتي تشارك في مجموعة 18 التي تم تعيينها لتحديد إستراتيجية جديدة لكيفية تطبيق معاهدة محارب التصحر أثناء مؤتمر البلدان الأعضاء في العام 2007، أوكلت الاهتمام بهذا الموضوع لإدارة التعاون والتنمية التابعة لوزارة الخارجية.

وقد ركز نائب مدير هذه الإدارة سيرج شابات في حديث لسويس إنفو “على أن تنظيم هذا الملتقى يهدف لتعزيز الوعي بتأثيرات التصحر”. ولتعزيز ذلك تمت الاستعانة بمعرض عن “الصحاري المتنقلة” أقيم أثناء أيام الملتقى وسيتحول الى مدينة برن من 29 مايو حتى 2 يونيو لتوعية الجمهور حول ظاهرة التصحر.

أما فيما يتعلق بالتزام سويسرا المالي فيقول نائب مدير إدارة التنمية والتعاون سيرج شابات “أن سويسرا تسهم بنصف مليون فرنك في نشاطات سكرتارية معاهدة محاربة التصحر، كما تخصص حوالي 57 مليون فرنك سنويا لمشاريع التنمية المعنية بمحاربة التصحر وإدارة الموارد الطبيعية والزراعة في المناطق القاحلة ومحاربة تدهور التربة”.

وتولي سويسرا أهمية كبرى في هذا الميدان لمساهمة المعاهد الجامعية المتخصصة في مجال انتقاء البذور المكيفة مع زراعة المناطق القاحلة. وتتركز المشاريع الممولة من قبل سويسرا في كل من الهند وبلدان إفريقيا ما وراء الصحراء.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية