مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

برن تدعو دول الخليج للتعاون “من أجل تحقيق الإستقرار الإقليمي”

خصصت إحدى ورشات المنتدى الأول السويسري الخليجي المنعقد في جنيف يومي 3 و4 سبتمبر 2013 لدراسة أوجه تعزيز التعاون بين الطرفين في مجالات التربية والتعليم العالي والتكوين. (صورة من الأرشيف: حفل افتتاح جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا يوم 23 سبتمبر 2009 التي بلغت تكلفتها مليارات الدولارات). Keystone

دعت سويسرا في منتدى نظمه مركز الخليج للأبحاث يوم 3 سبتمبر في جنيف، دول مجلس التعاون الخليجي إلى "التعاون من أجل تحقيق الإستقرار الإقليمي ومحاولة حل الأزمة السورية". وفيما استعرض نائب وزير الخارجية السعودي جهود المملكة في مجالات حوار الأديان والثقافات ومحاربة الإرهاب وحقوق الإنسان، شدّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي على أهمية زيادة تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين الطرفين وأعلن عن قرب افتتاح بعثة للمجلس في جنيف.

في العادة، يقتصر اهتمام المنتديات المنعقدة في جنيف حول العلاقات بين سويسرا ودول مجلس التعاون الخليجي على سير العلاقات الاقتصادية والتجارية وسبُل تحسينها، إلا أن المنتدى المنعقد في المدينة المطلة على بحيرة ليمان يومي 3 و 4 سبتمبر 2013 في فندق إنتركونتيننتال – ورغم التزامه بهذا التمشي في ورش العمل المتنوعة – تميّز ببعض التوسّع حيث تم التطرق في كلمات الإفتتاح مثلا إلى الأوضاع السياسية بالمنطقة وقضايا السلم والأمن والإرهاب في ظل الغليان الذي تشهده عدة مناطق من العالم العربي، كما أنه “لا يُمكن تحقيق الأمن بدون سلام، ولا يُمكن تحقيق الرفاهية والنمو بدون أمن”، مثلما أشار إلى ذلك الجانب السويسري.

المنتدى الأول الذي ينظمه مركز الخليج للأبحاث في المدينة التي تأسس فيها قبل ستة أعوام ونيف، وفر فرصة سانحة لاجتماع العديد من الشخصيات الإقتصادية والتجارية الهامة من سويسرا ودول الخليج وبحضور نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله آل سعود وكاتب الدولة للخارجية السويسرية إيف روسيي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف بن راشد الزياني إضافة إلى حوالي 250 شخصية من الفاعلين في المجالات الإقتصادية والسياسية من الجانبين.

swissinfo.ch

“العلاقات ” الخليجية.. و”الخبرة” السويسرية 

في كلمات الإفتتاح تناول الطرفان بإسهاب موضوع الوضع الأمني في المنطقة ونظرة كل منهما لما هو قائم، وما  على المجموعة الدولية ودول المنطقة القيام به لتفادي مزيد من التوتر.

نائب وزير الخارجية السعودي خصّ بالذكر مدى أهمية منطقة الشرق الأوسط من الناحية الحضارية والتاريخية والإقتصادية، وقال: “إن استقرارها ونموها ينعكس إيجابا على العالم أجمع”، مشيرا إلى أنها “تعيش مع الأسف منذ عقود في اضطرابات وعدم استقرار وفي مقدمة الأسباب الإحتلال الإسرائيلي..”. ولدى حديثه عن الأزمة السورية نوه إلى أن “ما زاد من معاناة هذا الشعب الباحث عن الحرية والحقوق هو تقاعس المجتمع الدولي وعدم الوقوف بحزم تجاه ما يجري في سوريا”، ليخلُص إلى القول: “إننا في هذا الجزء الهام من العالم ننشد الأمن والسلام والإستقرار… وننادي من هذا المنبر كل القوى والهيئات الدولية الفعالة أن تساعد على إحلال السلام والإستقرار في هذه المنطقة، ليس من منطلق مصالحها وأمنها، لكن كحق لشعوب المنطقة”.

   

في كلمته، خصّ كاتب الدولة السويسري للخارجية إيف روسيي الأزمة السورية بالإهتمام أيضا وذكّـــر بالموقف السويسري من معاناة المدنيين السوريين، ومن الإنتهاكات المرتكبة في حقهم بما في ذلك ادعاءات استخدام السلاح الكيماوي. ومن أجل وضع حد لهذه المعاناة، اعتبر المسؤول السويسري أن “دول مجلس التعاون الخليجي بإمكانها أن تلعب دورا حيويا في هذا المجال على غرار ما قامت به في أزمة اليمن، حيث تمكنت من إقناع الأطراف بالإتفاق حول مسار انتقالي”.

كلمة كاتب الدولة للخارجية جاءت أشبه ما يكون بالرد “الفوري” على النداء الذي توجه به نظيره السعودي، حيث أشار السيد إيف روسيي إلى أن “دول مجلس التعاون الخليجي قد تلعب دور باني الجسور في الوقت الذي يُمكن لسويسرا أن تلعب دور المُسهّل والمرافق للأطراف للجلوس إلى طاولة المفاوضات”، لكنه شدد على أنه  “لا تنافس في ذلك” بين سويسرا ودول مجلس التعاون، بل “تكاملا” بين “شبكات العلاقات التي لديكم، والخبرة التي لدينا في تسهيل المفاوضات وبناء الثقة بين الأطراف لتحقيق السلام المنشود في منطقة الشرق الأوسط”، على حد قوله.

السيد روسيي اختتم كلمته بالإشارة إلى أن سويسرا “على استعداد لتوفير أرضية ملائمة للتفاوض إذا ما رغبت في ذلك الأطراف الإقليمية”، كما ذكّــــر بأن “أي حل بالمنطقة لا يمكن أن يتم بدون إشراك إيران”، حسب تعبيره.

من جهته، استعرض الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية السياسة الخارجية للمجلس، وبالأخص النجاح الذي حققته في حل الأزمة اليمنية، كما تطرق للخلافات القائمة مع ايران، مشيرا إلى ضرورة “حل ذلك عبر الحوار”.

في كلمته، أشار الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي إلى اعتزام المجلس افتتاح بعثة له لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف. وفي تصريح لـ swissinfo.ch أن أوضح أن ذلك “سيتم قريبا”.

  

كاتب الدولة للخارجية السويسري إيف روسيي استعرض بدوره مزايا مدينة جنيف في مجال العلاقات الدولية المتعددة الأطراف من خلال احتضانها لثاني أهم مقر أممي في العالم وللعديد من المنظمات الدولية، ووجّه الشكر إلى مركز الخليج للأبحاث على “اختيار هذه المدينة كمقر للمركز ولتنظيم المنتدى”.

روسيي شكر أيضا مجلس التعاون الخليجي على “اعتزامه افتتاح بعثة لمجلس التعاون لدى المقر الأوروبي لمنظمة الأمم المتحدة في جنيف”، معتبرا أنها “خطوة هامة لتعزيز العلاقات بين الطرفين”.

علاقات اقتصادية ممتازة… وقد تتحسن أكثر

في تطرقهم لمستوى العلاقات التجارية والإقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي وسويسرا، اتفق الطرفان على أن احتمال دخول اتفاق التبادل التجاري الحر المبرم بين دول المجلس والبلدان الأعضاء في الرابطة الأوروبية للتبادل التجاري الحر EFTA (التي تنتمي إليها الكنفدرالية) قريبا حيز التطبيق، قد يزيد من تعزيز “علاقات تجارية ممتازة ” بشهادة الجميع.

كاتب الدولة للخارجية السويسري إيف روسيي شدد على أهمية منطقة الخليج بالنسبة لسويسرا حيث أورد إحصائيات جديدة أشارت إلى أن “عام 2012 عرف مبادلات في حدود 7،5 مليار دولار، تشكل فيها الصادرات السويسرية نحو دول الخليج 6.5 مليار دولار”.

في المقابل، اعتبر نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبد الله آل سعود الذي تطرق للعلاقات السعودية السويسرية، مستعرضا القطاعات التي تشهد بالفعل تعاونا وثيقا مثل الأدوية والمواد الكيماوية ومشروعات نقل الطاقة، والخدمات المالية والإستشارات التقنية، أن “ذلك لا يرقى الى مستوى طموحاتنا”، ووجه الدعوة إلى “زيادة النشاطات التجارية بين سويسرا والمملكة خصوصا في ظل تميّز البيئة الإستثمارية في المملكة”، على حد قوله.  

من ناحيته، شدد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي على رغبة دول الخليج في متابعة التطورات التي تحدث على أرض سويسرا عن كثب وذلك “بإقرار إقامة بعثة لمجلس التعاون الخليجي في جنيف”. أما في القطاع التجاري –  وعلى الرغم مما بلغته تلك المبادلات من مستوى – إلا أن الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني اعتبر أنها “ما زالت دون القدرات المتاحة”، وعبّر عن أمله في مزيد تعزيزها بعد دخول اتفاقية التبادل التجاري الحر مع بلدان “ايفتا” حيز التطبيق قريبا.

الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أشار أيضا إلى ظاهرة “توافد آلاف الرعايا من دول الخليج سنويا للإستفادة من الأمن وحسن الضيافة وجمال الطبيعة في هذا البلد”، ووجه نداء إلى السياح السويسريين للتوجه بدورهم إلى منطقة الخليج، وقال: “يجب أن لا تنسوا أننا نرحب بكم بأذرع وقلوب  مفتوحة… لكي يتمكن مواطنوكم أيضا من التعرف على بلداننا وعلى أمل أن يُسهم ذلك في تجنّب الأفكار المسبقة”.  

بعد كل هذه المقدمات غير المعهودة في منتديات اقتصادية، والتي قد تكون الظروف السائدة أملتها، انطلقت أشغال المنتدى الأول مركز الخليج للدراسات في إطار ورش عمل خُصّصت لقطاعات حيوية تشمل البنوك والصحة والسياحة والتربية والتعليم والطاقة والطاقات النظيفة والنقل. وهي قطاعات تتوفر على “إمكانيات هائلة لا زالت غير مستغلة فيها”، على حد قول الدكتور عبد العزيز صقر، مدير مركز الخليج للأبحاث.

في مداخلته أمام المنتدى، أشار إيف روسيي، كاتب الدولة للخارجية السويسرية إلى حجم الخسارة التي تعاني منها دول مجلس التعاون الخليجي بسبب استمرار المشاكل وعدم الإستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

المسؤول السويسري أورد، نقلا عن دراسة مولتها الكنفدرالية، أن “التأثيرات المباشرة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتوترات الطائفية في لبنان، وعملية غزو العراق، أفقدت دول الخليج إمكانية جني 12 تريليون دولار في الفترة المتراوحة ما بين عامي 1991 و 2012″، بل إن “المملكة العربية السعودية وحدها فقدت إمكانية جني 4،5 تريليون دولار خلال نفس الفترة فقط بسبب عدم تحقيق السلام في المنطقة”، على حد قول كاتب الدولة السويسري للخارجية. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية