مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منظمات سويسرية تشيد “بالربيع العربي” وتستعد لمضاعفة جهودها في المنطقة

بالتعاون مع جمعية "آفاق جديدة للتنمية الإجتماعية" تدعم دروسوس مشروعا في القاهرة يهدف إلى تقديم الرعاية الإجتماعية لأطفال الشوارع وللفتيات والفتيان العاملين Drosos

ما كان بالإمكان حتى عهد قريب توقّع أن تترك ثورات عربية في شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط أثرها القوي على عمل هيئات ومؤسسات سويسرية غير حكومية.

لكن الترابط الوثيق الذي يعيشه العالم اليوم جعل هذا الامر ممكنا، إذ تقوم حاليا العديد من المنظمات السويسرية غير الحكومية، كمؤسسة “إيروندال” الإعلامية، و”دروسوس” التنموية، و”أرض البشر” لرعاية وحماية الطفولة بمراقبة التطوّرات في البلدان العربية، وتكييف خططها، ورسم طرق عملها وعلاقاتها مع مختلف الأطراف الحكومية وغير الحكومية.

إشادة وترقب

ولئن أجمعت هذه المؤسسات التي اتصلت بها swissinfo.ch على الإشادة “بالربيع العربي”، وعبرت عن استعدادها للإسهام بفعالية في إنجاح هذا التحوّل التاريخي في المنطقة، فإنها على وعي كذلك بالعراقيل والتحديات التي لا تزال قائمة.

وفي هذا الإطار يقول بيار سفاهلن، الناطق الرسمي بإسم مؤسسة “أرض البشر” الناشطة في تسع بلدان عربية تمتد من موريتانيا غربا إلى سوريا ولبنان شرقا: “لابد أولا من الإشادة بالتحوّلات المهمة التي تشهدها البلدان العربية، وهي تحوّلات تبشّر ببداية عهد جديد تحترم فيه حقوق الإنسان، وتسوده الشفافية، ويحتكم فيه الجميع إلى الديمقراطية”. لكننا ندرك أيضا، يضيف المتحدث: ” أن هذه العملية سوف تستغرق وقتا طويلا، ونحن نتابع هذه التطوّرات باهتمام بالغ”.

أما منظمة “إيروندال” غير الحكومية، والتي تنشط في المجال الإعلامي منذ أزيد من 15 سنة، عبر إنشاء ودعم وسائل الإعلام في البلدان التي تشهد نزاعات، أو تمر بمراحل انتقالية، فإنها تشدد، وعلى لسان جوليا كراوفورد، المسؤولة عن المشروعات الجديدة بها على ” أهمية وحيوية الدور الذي يجب ان تلعبه وسائل الإعلام في هذا المنعرج التاريخي المهم، وأن تتحوّل هذه الأخيرة من أبواق للدعاية لصالح الأنظمة الدكتاتورية إلى صوت معبّر عن إرادة الشعوب، وأن تلتزم أكثر بمعايير المهنية والحرفيّة”.

وإذا كان الإعتقاد السائد اليوم بأن التطورات التي يشهدها اكثر من بلد عربي سوف تدفع هذه الشعوب إلى اخذ زمام امورها بيدها سواء في مجال الإصلاح السياسي أو في مجال التنمية والإرتقاء بمستوى المعيشة، فإن فرانس فون دانيكون، المسؤول بمجلس إدارة “دراسوس” المتخصصة في تقديم المساعدات الإجتماعية للفئات الفقيرة، والتي تشرف على أكثر من ستين مشروع في المنطقة العربية لوحدها، يعتقد أن “إحتياج هذه الفئات لدعمنا سوف يتواصل لوقت طويل، وأن الاوضاع الاجتماعية في تلك البلدان على درجة كبيرة من التردي، ما يتطلب جهودا كبيرة ومضنية لسنين قادمة”.

بين الانتظار والمبادرة

تدفع هذه الواقعية والعقلانية في قراءة الأحداث، هذه المنظمات إلى الترحيب بالأوضاع العربية الجديدة من دون تجاهل الصعوبات التي ترافق الفترات الانتقالية عادة كعدم الإستقرار، والإنعدام النسبي للأمن، وضبابية المشهد الذي سوف تفرزه هذه الأوضاع في النهاية. وإزاء هذا الوضع تختلف ردود الفعل بين متريّث حذر، و مبادر جسور.

يعتقد الناطق بإسم منظمة “أرض البشر” أن “المسار الديمقراطي الذي انخرطت فيه مجموعة من البلدان العربية لا يزال في بدايته، وأن سقوط النظاميْن المستبديْن في كل من تونس ومصر لا يعني بالضرورة أن الأوضاع سوف تتغيّر بين عشية وضحايا، او بشكل آلي من دون بذل جهود لذلك الغرض”. لكنه يقول رغم ذلك: “نحن كمنظمة غير حكومية تختص بمساعدة الاطفال المحرومين، او العاملين في ظروف قاسية، لا يمكننا إلا ان نرحّب بهذا التحوّل لأنه سوف يفسح لنا المجال لتحقيق المزيد من أهدافنا”.

غير أن هذه الأوضاع التي يتحدث عنها سفاهلن متطوّرة ومتحركة بإستمرار، وتتهددها مخاطر الإرتكاس إلى الوراء في كل لحظة، ولا احد يعلم في أي اتجاه سوف تسير الأمور في المستقبل على المستوويين المتوسط والبعيد.

في المقابل، تبدو منظمة “إيروندال”  أكثر ثقة في مستقبل الأوضاع العربية، ولذلك لم تنتظر طويلا، إذ أقدمت في الفترة الاخيرة على التقدم بمشروع للإذاعة التونسية يتمثل في تكوين شبكة من المراسلين المستقلين تكون تابعة لها، وتقوم هذه المنظمة السويسرية بإعدادهم على مستوى التجهيز والخبرات لكي تجعل منهم  إعلاميين محترفين.

لكن جوليا كراوفورد ترى أن الوضع أعمق من ذلك: “يتطلب إصلاح الإعلام التونسي  تغيير الإطار القانوني المنظم لعمل الصحافة، وتحرير وسائل الإعلام من سطوة مجموعات الضغط التي كانت مرتبطة بالنظام السابق، ووضع إطار دستوري يحترم حقوق الشعب في إعلام حر ونزيه”. وتذكّر المسؤولة بمؤسسة “إيروندال” بما سبق أن أشارت إليه منظمة “صحافيين بلا حدود” من ان الانتقال الديمقراطي لا يمكن ان يتحقق إذا لم يواكبه إعلام حر ومنفتح. وتونس بحسب هذه المسؤولة: “أحوج ما تكون لهذه النقلة في مرحلة تستعد فيها لخوض انتخابات المجلس الوطني التأسيسي”.

ما الذي تغيّر؟

لا تزيد الاحداث الجارية حاليا في البلدان العربية هذه المنظمات إلا إصرارا على خياراتها وطرق عملها المعتادة، لأنها تحرص من حيث المبدأ وفي كل الظروف على إلتزام الشفافية، والمهنية، والوضوح. يتجلى هذا مثلا من خلال عمل مؤسسة “دروسوس” التي اختارت منذ انطلاق مشروعاتها في المنطقة العربية إبرام تفاهمات في نفس الوقت مع الحكومات، ومع المنظمات غير الحكومية، وتركت للجهات المحلية التي تتكفّل بعملية التنفيذ الحرية المطلقة في تكييف طرق عملها مع الواقع الميداني. وإن كان هناك من جديد بالنسبة لهذه المنظمة فهو توسيع دائرة عملها لتشمل في المستقبل بلدان عربية جديدة، و”ستكون تونس في مقدمة هذه البلدان” على حد قول  فون دانيكون، والذي يضيف متحدثا عن تجربة منظمته في العالم العربي: “حتى الآن كانت تجربتنا ثرية وإيجابية في بلدان المنطقة، ولا نرى أي ضرورة لتغيير ذلك، كما لن تزيد الأحداث الاخيرة سوى تعزيز هذا التوجه”.

الامر نفسه تقريبا يؤكّده سفاهلن، الذي يضيف: “نحن نعمل الآن على ان تكون الاوضاع الجديدة في خدمة حقوق الطفل، شاغلنا الأوّل، ونشعر أن عملية الانتقال الجارية حاليا توفّر لنا فرصة أكبر لإبلاغ صوتنا وتفهّم مطالبنا”. ويبقى هذا الامر متوفقا رغم كل شيء على تطوّر الأوضاع خاصة بعد اجراء الانتخابات المنتظرة في كل من تونس ومصر في فصل الخريف القادم.

وتبدو هذه المنظمات غير الحكومية مجمعة على ان العالم العربي بات على رأس أولوياتها، خاصة بعد تصاعد وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان في اكثر من مكان، وفقدان الإعلام المستقل، وتفشي ظواهر الفقر والبؤس. كما من شأن التطوّرات الحادثة في العالم العربي أن تفتح مجالا أرحب للعمل أمام المؤسسات السويسرية التي بطبيعتها تفضَل التعاون مع القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني، وتحرص على تقليص سلسلة الوسطاء إلى ابعد حد ممكن من أجل ضمان أعلى درجات الجدوى والفعالية.

هي مؤسسة سويسرية غير حكومية خاصة بالإعلاميين وبالمشتغلين في مجال العمل الإنساني. ومنذ 1995، تقوم هذه المؤسسة على إنشاء وسائل إعلام او تقدم الدعم والعون لمؤسسات هي موجودة في الأصل وتحرص على ان تكون هيئات إعلامية مستقلة في خدمة جميع الفئات بدون استثناء، خاصة في المناطق التي تشهد حروبا، أو في المناطق الخارجة لتوها من أوضاع عدم الإستقرار.

تقوم مؤسسة إيروندال على تطوير وسائل إعلام شعبية وتحرص على أن تنال هذه الأخيرة ثقة المواطنين في البلدان التي تنشط فيها. كما أنها تولي عناية كبيرة لعامليْ المصداقية والثقة عبر خلق صحافة تتميّز بالحرفية والدقة.

 يشرف على المؤسسات الإعلامية التي تنشؤها إيروندال أشخاص هم من أبناء البلد الذي يوجد فيه المشروع، وتكون كل البرامج ما أمكن باللغة الوطنية لذلك البلد.

 وتحرص هذه المؤسسة على أن الهيئات الإعلامية التي تستفيد من دعمها لابد أن تتميّز بالإستدامة، وأن تعمل على أداء دورها الإعلامي والاجتماعي  على أكمل وجه.

تتمثل المهمة الأساسية لمؤسسة أرض البشر في مساعدة الطفولة في ظل الأوضاع الإستثنائية والصعبة كحالات الحروب والنزاعات، أو الكوارث الطبيعية.

وارتبط إسم هذه المؤسسة بحماية الطفولة في جميع أصقاع العالم، حتى باتت مرجعا في هذا الباب، وهي أكبر منظمة غير حكومية في مجال حماية الطفولة على المستوى السويسري.

كما انها تنفذ مشروعات لصالح الطفولة في أكثر من 30 بلدا عبر العالم، بعض تلك المشروعات ذات طابع تنموي، وبعضها الآخر في شكل مساعدات طارئة.

تم تمويل هذه المشروعات عبر تبرعات الخواص والهيئات، و85% من تلك التبرعات تمنح بشكل مباشر للمشروعات التي هي بصدد التنفيذ.

والمشروعات التي تقوم “أرض البشر” بإنجازها يشترط فيها أن تكون متطابقة مع افكار مؤسسها إيدموند كايسر. وخلال الخمسين سنة الأخيرة، عمر تجربة هذه المؤسسة، تخصصت هذه الأخيرة في المجاليْن التاليين: العناية بصحة الاطفال، وحمايتهم من كل المخاطر الاجتماعية، وفي الحالتيْن، الهدف الأخير هو تغيير الحياة اليومية للأطفال نحو الأفضل.   

مصر:

 – التدريب والربط بسوق العمل

 – دعم التعليم والعناية بالصحة

 – حماية الأطفال العاملين وإعادة دمج أطفال الشوارع

 -التعليم من خلال الفن

 – دعم وتطوير مؤسسات رعاية الأحداث

 – الوقاية من فيروس نقص المناعة المكتسبة لدى المعرضين لأخطار الأمراض الجنسية.

المغرب:

 – الوقاية من مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز/سيدا)

 – دعم دخل المرأة وتحسين أوضاعها

 – الحث على الوعي البيئي لدى الشباب

 – إعادة الاستفادة من النفايات الإلكترونية

 الأراضي الفلسطينية:

 – التأهيل المهني والوساطة في إيجاد الوظائف

 – مساعدة النساء ضحايا العنف

 – استمرارية إمدادات المياه

سوريا:

 – دعم الخدمات الصحية

 – دعم الفتيان والفتيات من خلال المسرح

 – العناية بالفتيات والفتيان المعاقين

 – التربية الموسيقية

 – دعم الشباب في تأسيس عمل حر

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية