مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من أفغانستان إلى الصومال؟

مجموعة البركات الاستثمارية قد تكون سببا في استهداف الصومال بعد تسع سنوات من أول عملية عسكرية أمريكية في القرن الافريقي Keystone

من المرجح ان تكون الصومال الهدف التالي المرشح لتلقي ضربات اميركية بعد افغانستان في حال وسعت الولايات من حملتها ضد الارهاب رغم وعد وزير الخارجية الاميركي كولن باول اخيرا خلال اجتماعات حلف شمال الاطلسي في بروكسل بأن الولايات المتحدة لن تتحرك عسكريا ضد اي بلد آخر غير افغانستان في حملتها ضد الارهاب من دون ان يكون بحوزتها ادلة قوية·

ولم يستبعد حلفاء واشنطن قيامها بتدخل عسكري محتمل في الصومال وخصوصا ايطاليا التي تربطها علاقات تاريخية بهذا البلد الذي يعيش بدون حكومة مركزية منذ انهيار نظام الرئيس السابق سياد بري عام 1991.

وكشفت تقارير امنية في القرن الافريقي ان الاستخبارات العسكرية الايطالية “سيزمي” اجرت في الاشهر الاخيرة مسحا شاملا للصومال بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية والاستخبارات الفرنسية والبريطانية ثبت لديها ان تنظيم القاعدة الذي يترأسه اسامة بن لادن اتفق مع الاتحاد الاسلامي في الصومال منذ سبع سنوات علي التعاون في عمليات ارهابية ولعب محمد عاطف “ابو حفص المصري” الرجل الثالث في القاعدة الذي قتل اخيرا في افغانستان دورا اساسيا في تنشيط هذا التعاون بما في ذلك انطلاق العناصر التي فجرت السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام في اغسطس عام 89 من مدن صومالية وعلي الاخص المدينة الساحلية الشمالية كيسمايو، وحسب التقارير نفسها فإن لـ “القاعدة” وجودا في مدينة اخرى تسمى غيدو ويطلق عليها قندهار الصومال·

ويعزز احتمالات التدخل الاميركي في الصومال الجولة التي يقوم بها حاليا مساعد وزير الخارجية الاميركية للشؤون الافريقية والتر كانستنير وتشمل كينيا واثيوبيا وزاميا وجنوب افريقية في محاولة للحصول علي دعم هذه الدول للموقف الاميركي تجاه الصومال.

وطبقا لبيان اصدرته الخارجية الكينية امس فإن الولايات المتحدة ابلغت السلطات الكينية انها تقوم حاليا باجراء تحقيقات موسعة حول روابط اسامة بن لادن الذي يدير تنظيم القاعدة مع الصومال ونسبت تقارير صحافية واردة من نيروبي لمساعد وزير الخارجية للشؤون الافريقية قوله ان الحكومة الاميركية ماتزال تنتظر تقارير من بعض جماعات الضغط لم يحددها التي وافقت علي تزويد واشنطن بمعلومات حول انشطة مزعومة للجماعات المتطرف في الصومال، وقال بيان الخارجية الكينية بعد ذلك ستقرر الادارة الاميركية بنفسها طبيعة الخطوة المقبلة في تلميح إلى امكانية اتخاذ الولايات المتحدة قرارا بشن هجمات عسكرية·

واوفدت المخابرات الاميركية بعثة امنية خاصة داخل الصومال بالتعاون مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في محاولة للعثور علي ادلة قاطعة في هذا الخصوص وتقوم السفن الحربية الاميركية بدوريات في المحيط الهندي قبالة السواحل الصومالية لرصد اية تحركات محتملة لاسامة بن لادن او كبار زعماء تنظيم القاعدة حال تمكنهم من الفرار من افغانستان خصوصا وان واشنطن تتهم القاعدة بامتلاك 02 سفينة لا يعرف مكانها·

وقد مهدت الولايات المتحدة لموقفها تجاه الصومال بادراج جماعة الاتحاد الاسلامية علي نيويورك وواشنطن في 11 ايلول سبتمبر الماضي وجمدت اصول مجموعة البركات الصومالية للتحويلات المصرفية متهمة اياها بتحويل ارباح إلى تنظيم القاعدة مما ادى إلى اغلاق فروعها في >04< دولة وتوقف نشاط شركة الاتصالات التي تملكها في الصومال·

أسباب قديمة أم اتجاه عام؟

وثمة اسباب تجعل من التدخل العسكري الاميركي في الصومال امر غير مستبق في هذه الظروف، فالاميركيون لم ينسوا مصرع 81 من جنود مشاة البحرية الاميركية في الصومال علي يد انصار الزعيم الراحل محمد فارح عيديد التي تتهم واشنطن بن لادن بدعمه وهو ما ادى إلى انسحاب الولايات المتحدة من عملية “اعادة الامل” في الصومال.

كما تعتقد المخابرات المركزية الاميركية بأن عملية تفجير السفارتين الاميركتين في نيروبي ودار السلام عام 89 خطط واعتدها في الصومال بواسطة الرجل الثالث في القاعدة محمد عاطف “ابو حفص المصري” الذي تتهمه واشنطن ايضا باقامة قواعد لتدريب الارهابيين في الصومال بالتنسيق مع جماعة الاتحاد الاسلامي وعزز هذه الاتهامات اثيوبيا المجاورة التي لا تزال تؤكد ان الصومال يؤوي عناصر ارهابية رغم النفي المتكرر من الرئيس الصومالي الانتقالي عيدي قاسم صلاد حسن·

وتسعى الولايات المتحدة كذلك إلى قطع الطريق امام اية محاولة من اسامة بن لادن او قادة القاعدة للتسلل من افغانستان إلي الصومال التي يسهل العبور اليها لامتداد شواطئها علي المحيط الهندي وعدم وجود حكومة مركزية مما يجعل استضافتهم من الجماعات القبلية المسلحة امرا ميسورا، وقد يعجل بالخطوة الاميركية فشل حملتها في افغانستان بعد ازاحة حركة طالبان عن الحكم، وما لم تحقق واشنطن هدفها بالقاء القبض علي اسامة بن لادن وقادة القاعدة او القضاء عليهم لن يكون بوسعها امام شعبها إلا ان تواصل حملتها ضد الارهاب بحثا عنهم او إلهاء الرأي العام الاميركي بأن الحملة العسكرية مستمرة حتى الحصول علي رأس بن لادن حيا او ميتا·

ولكن يتوقع حال اقدام الادارة الاميركية علي استهداف الصومال ان توجه له ضربات جوية او صاروخية من سفنها التي تجوب السواحل الصومالية وتترك المهمة البرية للقوات الاثيوبية التي عبرت مئات منها منذ ايام الحدود الصومالية عبر منطقة بونتلاند التي تتمتع بالحكم الذاتي وهي منطقة يشتبه مسؤولون اميركيون انها قاعدة افريقية لاسلاميين علي علاقة بتنظيم القاعدة، خاصة وان الحكومة الاثيوبية اعلنت استعدادها للقيام بهذه المهمة بهدف تصفية حساباتها مع الحكومة الصومالية المؤقتة التي تناصبها العداء وتعزيز علاقاتها مع ادارة الرئيس جورج بوش.

كما يتوقع ان تسند الولايات المتحدة والتحالف الغربي إلى ايطاليا دور تدخل قوات المشاة في المناطق التي يشتبه فيها وجود قواعد تنظيم القاعدة نظرا لمعرفتها بطبيعة الصومال باعتبارها القوة الاستعمارية السابقة·

ولعلها من قبيل المصادفة أن تتزامن هذه التحركات مع الذكرى السنوية التاسعة لنزول وحدات مشاة البحرية الامريكية “مارينز” في مقديشيو وتحديدا في التاسع من ديسمبر كانون الاول من عام الف وتسعمائة واثنين وتسعين، حيث قال الرئيس بوش الاب جملته الشهيرة آنذاك “اعطيت الاوامر لتحريك قوة امريكية كبيرة إلى الصومال”

النور احمد النور- الخرطوم

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية