مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

من المسؤول عن فشل كانكون؟

فرحة مناهضي العولمة بعد فشل قمة كانكون Keystone

انتهى المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية في كانكون إلى الفشل الذي كان متوقعا من قبل.

ولئن فشل المؤتمر في إنجاز وعود جولة الدوحة، فإنه سمح ببروز مجموعة جديدة تتحدث باسم الدول النامية، قد يكون لها ثقل في المفاوضات القادمة.

خابت الآمال التي كانت معقودة على أن يتوصل الوزراء في اجتماعهم بكانكون إلى تجاوز العراقيل التي استعصت على السفراء في مفاوضات منظمة التجارة العالمية بخصوص ملفات شائكة مثل الزراعة او الملفات الجديدة المعروفة بملفات سنغفورة.

ولئن رغب البعض في التقليل من هول الصدمة بإطلاق تصريحات مثل مفوض الاتحاد الأوربي باسكال لامي “من أنه لا يمكن الحديث عن نهاية لجولة الدوحة، بل إنها توجد في مرحلة إنعاش مركز”، فإن إعادة الملفات من جديد للسفراء في جنيف سوف لن تسرع بإيجاد حلول مع احترام الموعد المحدد لنهاية المفاوضات، أي عام 2004.

وهذا ما دفع كبير مفاوضي الولايات المتحدة روبير تسوليك للحديث “عن صعوبة إنهاء جولة مفاوضات الدوحة بنجاح مع مطلع عام 2005”.

ويبدو أن مرارة الهزيمة يشعر بها المدير الجديد لمنظمة التجارة العالمية التيلندي سوباتشاي بانيشباكدي الذي عبر عن “الاستياء العميق الذي يشعر به تجاه الطريقة التي انتهى بها الاجتماع”، وقد وعد ببذل قصارى جهوده لإعادة الأطراف الي التفاوض من جديد في جنيف ابتداء من منتصف شهر ديسمبر القادم.

لكل مصالحه الحيوية

فقد ظهرت، بعد إعلان رئيس المؤتمر عن إنهاء الجلسات دون تمديد، انتقادات لموقف الدول النامية على أنها هي المتسبب في إفشال التوصل إلى إجماع، وانتقد كبير مفاوضي الولايات المتحدة روبير تسوليك “المطالب غير المنطقية التي تقدمت بها الدول النامية”.

كما اعتبر مفوض الاتحاد الأوربي باسكال لامي “بأن الفشل ليس انتكاسة فقط لمنظمة التجارة العالمية، بل انتكاسة للدول الصناعية والنامية على حد سواء”، واعتبر أن فشل كانكون سيُـفوّت فرصة انتعاش سريع للاقتصاد الأوروبي.

لكن المنظمات غير الحكومية التي تقف إلى جانب الدول النامية في مطالبها داخل منظمة التجارة العالمية رحبت بالفشل معتبرة إياه “انتصارا للمنطق، وللدول الفقيرة ولممثلي المجتمع المدني، لكي لا تستمر الدول الغنية في فرض آرائها”، حسب تصريح رئيس المنظمة البيئية “أصدقاء الكرة الأرضية” ألبيرتو فلاريال.

والواقع أن الدول الفقيرة تلقت وعودا في جولة الدوحة بأن يتم إيجاد حل للدعم الذي تقدمه البلدان الصناعية لقطاع الفلاحة فيها، والذي يحول دون وصول المنتجات الزراعية للدول النامية إلى أسواق الدول المتقدمة.

وبدل إيجاد حل مرضي للجميع، توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاتفاق رأت فيه الدول النامية، وحتى بعض الدول المتقدمة، تحايلا من العملاقين لمراعاة مزارعيهما.

وفيما يتعلق بمبادرة البلدان الإفريقية المنتجة للقطن التي حاولت استجداء الدول المتقدمة من اجل وقف الدعم الذي تقدمه لزراعة القطن فيها، يبدو أن الاقتراح الذي عرض عليها في المقابل هو تقديم الدعم لها لكي تتخلى عن جانب من زراعتها.

وهذا التصلب دفع إلى تشدد البلدان النامية في قبول ما يعرف بملفات سنغفورة التي ترغب البلدان الصناعية من ورائها في فتح ملفات للتحرير مثل الاستثمارات والمنافسة وتخفيض التعريفات الجمركية وشفافية عقود مشتريات القطاعات العمومية.

ميلاد مجموعة 22

الخلافات داخل منظمة التجارة العالمية ليست بالأمر الجديد، كما أن حرص الدول الصناعية على مراعاة مصالحها بالدرجة الأولى يعد تقليدا عانت منه الدول النامية حتى قبل قيام منظمة التجارة العالمية.

ولكن الجديد هو توحيد صفوف الدول النامية فيما يعرف بمجموعة 22 بلدا التي بدأت تنسق فيما بينها لمواجهة الضغوط والتهديدات التي تمارسها القوى الاقتصادية الكبرى قبل كل مفاوضات حاسمة.

وهذه المجموعة هي التي وجدت الشجاعة الكافية للتعبير عن عدم رضوخها للأمر الواقع من أجل فتح ملفات جديدة قبل إغلاق تلك التي مر على فتحها أكثر من ثمانية أعوام، بل إن وزير الخارجية البرازيلي سيلسو أمورين يرى “أن الدول الصناعية ترغب في إعطاء تأويل جديد لقرارات الدوحة”، وهو ما يعتبره غير مقبول بالمرة.

وقد وعدت الدول المنتمية لمجموعة الـ 22 بمواصلة التمسك بموقف مشترك في كل المفاوضات القادمة، مما ينبئ بتعقيد المفاوضات التي سيشهدها مقر المنظمة في جنيف بداية من شهر ديسمبر.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

من الدول المشاركة في مجموعة ال 22
مصر- جنوب افريقيا- البرازيل- الهند- الصين- الأرجنتين- المكسيك- كوبا- شيلي – بوليفيا- نيكاراغوا- فنزويلا- باكستان – باراغواي- بيرو- تايلندا- الفليبين- كينيا- كوستاريكا- إيكواتور- السلفادور- كولمبيا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية