مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مهرجان شبابي وسط أوضاع متأزمة

جانب من الاجراءات الامنية المشددة التي اتخذتها قوات الامن الجزائرية يوم الاربعاء لمنع المتظاهرين القبائليين من عرقلة اعمال المهرجان الدولي للشبيبة والطلبة Keystone

كان من المفترض أن يعني انعقاد مؤتمر شبابي عالمي في العاصمة الجزائرية بحضور وفود من أربعين دولة عودة الهدوء والاستقرار إلى هذا البلد إلا أن افتتاح المهرجان الدولي الخامس عشر للشبيبة والطلبة تزامن مع منع السلطات الصارم لمسيرة دعت إليها تنسيقية العروش في منطقة القبائل ومع مقاطعة تنظيمات شبابية جزائرية للمهرجان الذي شهد مواجهة عنيفة بين أعضاء وفدي المغرب وجبهة البوليزاريو في حفل الافتتاح

أعطت الحكومة الجزائرية أوامر صارمة لقوات الدرك، حتى تمنع مسيرة أراد القبائل تنظيمها وسط العاصمة الجزائرية بهدف تحقيق مطالب البربر الثقافية والاقتصادية ومحاولة إيقاف تنظيم المهرجان الدولي الخامس عشر للشبيبة و الطلبة. إلا أن رد قوات الأمن الجزائرية، كان صارما. فقد طُوقت العاصمةُ الجزائرية من كل الجهات وتعذر على البربر تنظيم مسيرتهم، تماما كما أراد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي يُحاول تعزيز موقعه تجاه كل معارضيه.

عشرات المصفحات والشاحنات التابعة لقوات الدرك انتشرت على طول الطريق الرابطة بين العاصمة، وتيزي وزو أكبر مدن بلاد القبائل. ومنعت قوات الدرك كل المتظاهرين القبائل من التوجه إلى العاصمة الجزائرية، وذكرت تقديرات شهود عيان أن عدد المتظاهرين القبائل لم يتجاوز الألف شخص.

أما العاصمة نفسها، فقد شهدت اختناقات سير لا تقع إلا نادرا، بسبب الغلق الكامل لطرق رئيسة، بعد أن أعلن المنظمون للمسيرة أنهم يريدون السير من ملعب الخامس جويلية يوليو الأولمبي إلى غاية رئاسة الجمهورية. واتضح أن الرئاسة الجزائرية كانت ترفض مثل هذا التوجه، لأنه يعني التقاء المعارضة القبائلية بشباب المهرجان الدولي الخامس عشر للشبيبة والطلبة الذين قدموا من دول عربية و غربية كثيرة.

وقضت قوات الدرك يوما كاملا في محاولة إقناع القبائل الراغبين بالتظاهر في العاصمة بإمكانية إرسال وفد عنهم إلى رئاسة الجمهورية أو الحكومة، لكن المتظاهرون رفضوا هذا المطلب بطبيعة الحال.

إلا أن فشل القبائل في تنظيم مسيرتهم، منح الرئيس الجزائري نقطة أخرى، في مواجهة معارضي سياساته المتعلقة بالوئام المدني وبالتوجه الاقتصادي الشامل للبلاد، لأن القبائل خسروا قوة حزب سياسي كان يُعتقد أنه صاحب نفوذ لدى بوتفليقة مهما كانت الأوضاع؛ يتعلق الأمر بحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بزعامة الدكتور سعيد سعدي، الذي انسحب من الحكومة، احتجاجا على مقتل ثمانين شابا قبائليا على يد قوات الدرك، و تعرضت مكاتب حزبه للحرق من طرف القبائل أنفسهم.

كما أن منظمي مسيرة الأمس، هم ممن يُعرفون بالعروشية، أو زعماء القرى و المدن القبائلية، الذين ظهروا إبان الأحداث التي شهدتها منطقتهم قبل حوالي ثلاثة أشهر، ويبدو أنهم تعرضوا لضربة موجعة من طرف الرئاسة الجزائرية، التي يرى أغلب المراقبين أنها منحتهم شرعية وهمية عبر الانتقادات اللاذعة للتي وجهها التحقيق الذي صادق عليه بوتفليقة لقوات الدرك، بأنها المتسبب الأول في أعمال القتل والتخريب التي عرفتها منطقة القبائل.

افتتاح المهرجان رغم المعارضة

وفي المقابل، منع بوتفليقة القبائل من التظاهر، كأن الأمر يتعلق بتصفية حسابات بين الرئاسة، و مؤسسات الدولة الأخرى باستعمال الورقة القبائلية كورقة ضغط،
لأن اتهام قوات الدرك يعني وضع المؤسسة العسكرية في موقع حساس عبر توجيه الاتهامات لأحد فروعها، وهو قوات الدرك، تزامنا مع تكرار بوتفليقة أن صلاحياته الدستورية مبعثرة لدى أجهزة الدولة الأخرى ومن حقه استرجاعها.

وبعد انتهاء ما وصف بشبح مسيرة القبائل، افتتح بوتفليقة، في نفس الملعب الذي أراد القبائل بدء مسيرتهم من أمامه، المهرجان الدولي الخامس عشر للشبيبة والطلبة، باستعراض للوفود المشاركة التي بلغ عددها حوالي أربعين وفدا من أصل مائة وأربعين التي كان من المفروض أن تصل إلى الجزائر.

وشاهد بوتفليقة على بعد أمتار قليلة منه، تبادل الشتائم بين وفد المملكة المغربية، وأعضاء من جبهة البوليزاريو. وبعد صعوبة كبيرة تمكن المنظمون من إبعاد الوفد المغربي الذي كان حاضرا وسط العرض داخل الملعب، في حين كان ممثلو جبهة البوليزاريو في مدرجات الملعب لحسن الحظ.

وتقرر أن يُناقش الشباب المشارك في هذا المهرجان مسائل العولمة والنظام العالمي الجديد والحصار على العراق والوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومواضيع ثقافية وفنية أخرى.

هيثم رباني – الجزائر

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية