مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مُساعدات سويسرية لمواجهة كارثة “نرجس” في ميانمار

أوفدت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون فريق خبراء إلى المناطق المُتضررة في ميانمار آملة أن يتمكن من الوصول إلى ضحايا إعصار نرجس Keystone

أعلنت متحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ظهر الأربعاء 7 مايو في جنيف أن سلطات ميانمار رخصت للأمم المتحدة بشحن مواد الإغاثة إلى البلاد التي ضربها إعصار قوي حصد أرواح ما لا يقل عن 22 ألف شخص وشرد آلافا آخرين.

وأرسلت سويسرا مساعدات أولية بقيمة 700 ألف فرنك إلى ميانمار بلغت مساهمة الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون فيها 500 ألف فرنك، فيما منح الصليب الأحمر السويسري المائتي ألف المُتبقية. ولا زالت منظمات سويسرية أخرى تحاول تجميع تبرعات إضافية لفائدة ضحايا “نرجس”.

تُعتبر المساعدات السويسرية، التى ستـُركز على توفير الرعاية والماء الصالح للشرب والمأوى، جزءً من الجهود الدولية المبذولة لإغاثة ضحايا إعصار نرجس الذي ألحق خسائر فادحة بميانمار وخاصة بالأراضي الخصبة في يانغون، أكبر مدينة في البلاد وأكبر مُنتج للأرز فيها.

وقال توني فريش، رئيس فرقة المساعدات الإنسانية التابع للوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، إن فريقا من الخبراء سيسافر إلى المناطق المتضررة فور حصوله على تأشيرات الدخول من السلطات العسكرية الحاكمة في ميانمار. كما تم إيفاد خبراء إضافيين إلى تايلاندا المجاورة للعمل جنبا إلى جنب مع منظمات الأمم المتحدة والوكالات غير الحكومية.

وقد أوضحت الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في بيان أصدرته يوم الثلاثاء 6 مايو الجاري في برن أن فريق خبرائها المتوجه إلى ميانمار يضم خمسة أشخاص: طبيب ومتخصصان في قطاعي الماء الشروب والبناء ومتخصصان في الإمدادات. كما يفترض أن يتحول إلى المناطق المنكوبة خبير من الوكالة يعمل في بانكوك مرفقا بخبير من الصليب الأحمر السويسري.

وتتمثل مهمة هؤلاء الخبراء في تحديد حجم الأضرار وتوفير المساعدة الطبية والمشاركة في إقامة نظام للتزود بالمياه الصالحة للشرب. وقد نوه المتحدث باسم الوكالة، أندرياس شتاوفير، في تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية، إلى أن “الاحتياجات كبيرة”، معربا عن أمله في أن تكون سلطات ميانمار “مُتعـاونة” مع منظمات الإغاثة الأجنبية.

إعصار زاد الطين بـلة

وفي حديث مع سويس انفو، قال مات كوشران من الفدرالية الدولية لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر التي تتخذ من جنيف مقرا لها: “على المستوى اللوجستي، تبث أن تقديم هذه المساعدات هو بمثابة عملية تطرح تحديا غير عادي”.

واستطرد قائلا: “لقد كان للعاصفة تأثير شديد على بنى تحتية كانت مُتواضعة أصلا، وبالتالي فإن حالة الطرق سيئة جدا: فهي إما جرفتها المياه، أو لم تُعد سالكة. كما تعطلت الاتصالات وخطوط الكهرباء”.

وقد سارع عمال الإغاثة في الصليب الأحمر إلى المناطق المنكوبة بعد وقوع العاصفة لتقييم الأوضاع في مقاطعة يانغون، ولتوزيع أقراص تنقية المياه والناموسيات المعالجة بالمبيدات الحشرية للمساهمة في المساعي الرامية إلى تفادي انتشار الملاريا.

وفي هذا السياق، أضاف السيد كوشران: “أعتقد أن هنالك ميلا للشعور بالإحباط، وهذا أمر مفهوم، لكننا لازلنا في الأيام الأولى من عمليات رد الفعل على ما يمكن اعتباره كارثة هائلة، لذلك فنحن مُتفائلون بشأن تحـسُّن وصول المساعدات ووتيرتها للأشخاص المُتضررين”.

واستنادا إلى خريطة عبر الأقمار الصناعية وفرتها الأمم المتحدة، تركزت الأضرار التي خلفتها العاصفة على مساحة 30000 كيلومتر في المنطقة الواقعة على طول بحر أندامان وسواحل خليج مارتابان (الذي أسماه المجلس العسكري الحاكم خليج “مُتـّاما”)، وهي مساحة تقل بقليل عن 5% من إجمالي أراضي البلاد. لكن المناطق المُتضررة تأوي زهاء ربع سكان ميانمار الذي يبلغ تعدادهم 57 مليون نسمة.

موجة عاتية

وقد أفادت وسائل الإعلام يوم الثلاثاء 6 مايو أن الحكومة العسكرية لميانمار قد راجعت حصيلة الضحايا التي ارتفعت إلى حوالي 22500 شخص، بينما انضاف إلى عداد المفقودين 41000 فردا نتيجة الإعصار الذي اجتاح دلتا إيراوادي متسببا في عاصفة قوية في الأراضي الداخلية.

وكان وزير الشؤون الاجتماعية المكلف بالإغاثة وإعادة التوطين في حكومة ميانمار، ماونغ ماونغ سوي، قد صرح يوم الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي في يانغون حيث تتناقص الإمدادات الغذائية والمائية: “إن المزيد من الوفيات نجمت عن الموجة العاتية أكثر من العاصفة نفسها”.

وأضاف الوزير في أول وصف مُفصـّل للإعصار الذي أصاب البلاد في نهاية الأسبوع الماضي: “بلغ علو الموجة 3,5 مترا، ولقد جرفت وغمرت نصف المنازل في القرى المُنخفضة (…) ولم يجدوا مكانا يفرون إليه”.

ويعتبر نرجس أسوأ إعصار يضرب آسيا منذ عام 1991 الذي شهد مقتل 143000 شخص في بنغلاديش. وفي تحرك نادر، قبل جنرالات المجلس العسكري الحاكم في ميانمار، المعزول دبلوماسيا، تلقي المساعدات الخارجية لمواجهة مخلفات الكارثة، بعد أن كان قد رفض مثل هذا النهج في أعقاب أمواج تسونامي التي هزت المحيط الهندي في عام 2004.

وفي خطوة تعكس حجم الكارثة، أعلن المجلس العسكري الحاكم تأجيل الاستفتاء الدستوري إلى 24 مايو في المناطق الأكثر تضررا، أي يانغون ودلتا إيراوادي الشاسعة.

سخاء المواطن السويسري

وفي سويسرا، أعلنت سلسلة السعادة التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، أن مئات المواطنين أرسلوا بعدُ تبرعات لفائدة ضحايا نرجس في ميانمار، موضحة أن بعضهم منح مبالغ عالية.

وفي تصريح لوكالة الأنباء السويسرية، قال المتحدث باسم سلسلة السعادة، رولون جانري، يوم الثلاثاء إن عمليات التبرع عبر الإنترنت “تسير على ما يُرام”، مضيفا: “لقد تلقينا مبالغ مرتفعة نسبيا إذ بلغت بعد التبرعات 10000 فرنك. ونستخلص من ذلك أن وسائل التبرع الأخرى تعمل أيضا بشكل جيد”. لكن السيد جانري لم يتمكن من معرفة المبلغ الإجمالي لسخاء المواطن السويسري.

وتعمل سلسلة السعادة أساسا مع حوالي ثلاثين منظمة نشطة في مجال التعاون، من بينها ثمانية انضمت بعدُ إلى عمليات إغاثة ضحايا إعصار نرجس. وقد نجحت كل من كاريتاس وأرض البشر والصليب الأحمر السويسري – المُمثلين بموفدين في عين المكان – من تجميع حوالي 600 ألف فرنك.

سويس انفو مع الوكالات

وعدت الحكومات ووكالات الإغاثة في جميع أنحاء العالم بتقديم مساعدات ودعم تقني لميانمار بمبلغ تتجاوز قيمته 10 مليون دولار.
تجمع في بانكوك خمسة خبراء من فريق تقييم الكوارث والتنسيق التابع للأمم المتحدة، كما أرسل صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة يونيسف فرقا لتقييم الأوضاع في ثلاث من المناطق الخمس المتضررة بإعصار نرجس.
قالت حكومة ميانمار إنها ستخصص 5 مليار كيات (4,5 مليون دولار) لأعمال الإغاثة وإعادة التوطين.

ميانمار، أو بورما سابقا، هو بلد يقع في جنوب شرق آسيا ويخضع للحكم العسكري منذ عام 1962.

تسببت زيادة هائلة في أسعار الوقود في سبتمبر الماضي في اندلاع مظاهرات احتجاجية تواصلت قرابة أسبوعين، وتوقفت بعد أن أطلق الجنود والشرطة النار على المتظاهرين.

تقول الأمم المتحدة إن الطغمة العسكرية الحاكمة في ميانمار تعتقل أكثر من 1100 سجين سياسي.

الحائزة على جائزة نوبل للسلام وزعيم المعارضة، أونغ سان سو تشي، ظلت تحت الإقامة الجبرية لفترة تصل إلى 11 عاما خلال السنوات السبعة عشر الماضية.

لم يتمكن موظفو اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارة ميانمار منذ سبتمبر 2003.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية