مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مُـشرف يدفع ثمن انخراطه في “الحرب على الإرهاب”

استولى برفيز مشرف على السلطة عن طريق انقلاب في عام 1999، واليوم، تزداد عزلته تفاقما Keystone

دفع الرئيس الباكستاني ثمن انخراطه في "الحرب ضد الإرهاب"، التي يرى فيها معظم الناخبين حربا مستوردة.

وعلى الرغم من أن حزبي المعارضة الرئيسيين تمكنا من الحصول على 154 (من بين 268) مقعدا في الانتخابات البرلمانية، التي أجريت يوم 18 فبراير، إلا أن برفيز مشرف يرفض الاستقالة.

يُـمكن القول أن باكستان، عاش يوم الاثنين الماضي ثورة ديمقراطية. ففي مساء ذلك اليوم، تحوّل الرئيس برفيز مشرف، الذي كان يُـسيطر في الصباح على جميع السلطات، إلى مجرّد جنرال سابق يجلس فوق مقعد غير مستقر. بعد أن تحول البرلمان إلى معارضين له.

مع ذلك، يحتاج الوضع الباكستاني إلى أكثر من انتخابات نزيهة، لتهدئة الأوضاع في “بلد الأطهار”، وهو أمر يعرفه جيدا مارك بوفيي، وهو سويسري يقدُم من كانتون جورا ويُـسيّـر من بيشاور البعثة الضخمة للجنة الدولية للصليب الأحمر في المحافظة الشمالية الغربية، التي تحتدم فيها الحرب.

شيء ما تغيّـر

لقد بلغ غياب الأمن في المناطق القبلية المحاذية للحدود الأفغانية، حدّا دفع اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التردد في إرسال مساعدات إنسانية إلى السهول، التي تُـؤوي حاليا مجموعات من السكان المرحلين المحتاجين إليها.

ففي بداية شهر فبراير الجاري، تمّ اختطاف اثنين من موظفي اللجنة المحليين، كانوا يرافقون قافلة في ممر خيبر على طريق كابُـل، بل إن بيشاور، عاصمة المحافظة التي تبدو هادئة، فقد تحوّلت إلى مدينة تشتد فيها المخاطر.

ففي يوم الاثنين 18 فبراير، كان عدد النساء قليلا جدا في المكاتب الانتخابية، بعد أن تداولت منشورات وإشاعات معلومة، مفادها أن حياة الناخبات مهددة، في صورة مخالفتهن لأوامر طالبان بعدم الاقتراب من صناديق الاقتراع.

مع ذلك، تشير نتيجة الانتخابات البرلمانية في المحافظة الشمالية الغربية، التي تقطنها القبائل البشتونية وتشتد فيها الاضطرابات، إلى أن تطورا دراماتيكيا ما قد حدث.

ففي عام 2002، نجح تحالف يتكون من أحزاب إسلامية في تحقيق اختراق مُـلفت في هذه المنطقة، أما اليوم، وبعد مرور ستة أعوام، فقد أصيبت فيها “جمعية علماء الإسلام”، أهم هذه الأحزاب، بنكسة موجعة، بل إن فضل الرحمن، زعيم هذا الحزب، لم يتمكّـن من ضمان إعادة انتخابه في ديرا إسماعيل خان، معقله الرئيسي، جنوب غرب بيشاور.

ماذا تعني هذه الهزيمة؟

من المهم أن لا يُـخطئ المرء في قراءة معنى هذه الهزيمة، ذلك أن زعيم “جمعية علماء الإسلام”، الذي شكّـل حزبه خلال حرب أفغانستان الأولى (ضد السوفييت)، مَحضَـنا لمقاتلي الطالبان، قد اقترب خلال السنوات الأخيرة من برفيز مشرف، كما أجرى محادثات مع الأمريكيين.

ويبدو أن اشتراك “جمعية علماء الإسلام” في الهزيمة مع فصيل الرابطة الإسلامية، الذي ظل وفيا للرئيس مشرف، يعود أساسا إلى أن الأغلبية الساحقة من الباكستانيين تعارض الحرب، التي تتدحرج من حدود بلادهم مع أفغانستان، لتصِـل إلى مدنهم، على اعتبار أنها حرب مستوردة.

فمنذ بداية السنة، كثف الأمريكيون ضغوطاتهم على إسلام أباد، من أجل أن يخرط الجيش الباكستاني بشكل أكبر في ملاحقة القاعدة والطالبان في المنطقة الحدودية.

نتائج عكسية

فقد تحوّل كل من مايك مولّـن، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي وميكائيل هايدن، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، إلى روالبندي لإقناع القادة العسكريين والزملاء السابقين لبرفيز مشرف، الذي لم يعُـد جنرالا منذ الخريف الماضي.

وفي محاولة منهم لإعطاء المثل، قاموا بإعدام مساعد لأسامة بن لادن (أبو الليث الليبي)، قُـرب الحدود الأفغانية، ولكن فوق الأراضي الباكستانية بواسطة صاروخ من طراز Hellfire (أو نار جهنم) أطلِـق من طائرة بدون طيار، واتّـضح إثر ذلك، أن هيئة أركان الجيش الباكستاني لم تمنح موافقتها على العملية، بل لم يتم إعلامها بها أصلا.

الضغط الأمريكي أحدث ردّة فعل معاكسة تماما في البلد، حيث وقّـع 100 من كبار الضباط المتقاعدين في شهر يناير الماضي على عريضة تُـطالب برفيز مشرف بالاستقالة، وفي معرض تبرير طلبهم، أوردوا حجّـة رئيسية مفادها أن زعيمهم السابق، ارتكب خطأ جسيما بتوريط باكستان فوق أراضيه في نزاع لا يعنيه.

هذا الموقف المُـلفت من الجنرالات جاء متساوقا مع توجهات الرأي العالم المعارضة بشدة للحرب، وإن كانت المبررات المقدمة غير عقلانية في بعض الأحيان، حيث ليس من النادر أن يستمع المرء إلى باكستانيين (وخاصة في صفوف البشتون) وهم يشرحون أن انتشار الظاهرة “الطالبانية”، وهو أمر حقيقي في الشمال الغربي، ليس سوى مناورة أمريكية لتحطيم بلدهم.

نتيجة عكسية مُـدَوّية

هذه الوضعية، تُـعتبر ردّة فعل ونتيجة عكسية رهيبة لبرفيز مشرف. فعندما استولى على السلطة في عام 1999، كان الجنرال مقتنعا تمام الاقتناع بضرورة تدخل الجيش، بشكل مفتوح أو سري، في كشمير وأفغانستان لمنح باكستان “عُـمقا إستراتيجيا”.

بعد 11 سبتمبر 2001، ونتيجة لضغوط الولايات المتحدة، التي كانت تريد تدمير نظام طالبان في كابُـل وضيوفه من القاعدة، وافق مشرف على محاربة أولئك الذين كان يساهم بالأمس في تسليحهم.

بعد ذلك، اخترقت الحرب بسرعة كبيرة حدود البلد ووصلت الأمور إلى الحد الذي ضرب فيه النزاع قلب العاصمة، بعد أن استولت مجموعة متطرفة على المسجد الأحمر وما تبع ذلك من سحق لها في شهر يوليو 2007.

بالتوازي مع كل ذلك، كان الجنرال الرئيس يُـفاقم من الطابع الاستبدادي بسلطته، في الوقت الذي كانت المعارضة لنظام حكمه تزداد راديكالية. ويم الاثنين 18 فبراير، دفع الفاتورة.

والمدهش في كل القصة، أن العقوبة جاءت عن طريق انتخابات حرّة ونزيهة بالفعل، مثلما وعد بذلك وسط عدم تصديق الجميع.

سويس انفو – آلان كامبيوتي العائد من بيشاور

(ترجمه من الفرنسية وعالجة كمال الضيف)

نسبة المشاركة: 45%
عدد مقاعد البرلمان الباكستاني: 272
حزب الشعب الباكستاني: 87 مقعدا
الرابطة الإسلامية للباكستان (جناح نواز شريف): 66 مقعدا
الرابطة الإسلامية للباكستان (جناح مؤيد لمشرف): 39 مقعدا
حركة الاتحاد القومي (حليف تقليدي لجناح مشرف): 19 مقعدا.
اتحاد مجلس العمل (تحالف أحزاب إسلامية وأصولية): 3 مقاعد.

(رويترز) – بدأ حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه رئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو تشكيل ائتلاف يوم الاربعاء يمكن أن يضع نهاية لحكم الرئيس برويز مشرف بعد الفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات العامة.

ورحبت الولايات المتحدة بالانتخابات ووصفتها بأنها خطوة نحو الديمقراطية الكاملة وعبرت عن املها في ان تعمل الحكومة الجديدة مع مشرف الذي تعتبره حصنا ضد تنظيم القاعدة في “الحرب على الارهاب”.

وساعدت موجة من التعاطف حزب الشعب الباكستاني على الحصول على اكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية في الانتخابات التي جرت يوم الاثنين والتي مني فيها حزب الرابطة الاسلامية المؤيد لمشرف بخسائر فادحة. وكان مشرف قد استولى على السلطة في انقلاب عام 1999 .

لكن حزب الشعب الباكستاني يحتاج الى شركاء في التحالف ويعول معسكر الرئيس على اقناع الحزب بدعوة حزب الرابطة الاسلامية المؤيد لمشرف للمشاركة في الائتلاف لانقاذ قيادته.

ويبدو ان اصف علي زرداري زوج الزعيمة الراحلة بينظير بوتو الذي تولى زعامة الحزب بعد اغتيالها في ديسمبر كانون الاول الماضي قضى على هذا الامل عندما اعلن ان حزبه لن يدعو أي عضو في حزب الرابطة الاسلامية المؤيد لمشرف للانضمام الى ائتلاف ذات قاعدة عريضة يخطط لتشكيله.

ويريد حزب الشعب الباكستاني ان ينضم الى الائتلاف نواز شريف رئيس الوزراء الذي أطاح به مشرف في عام 1999 مع حزب قومي بشتوني علماني طرد الاحزاب الاسلامية من السلطة في الاقليم الحدودي الشمالي الغربي الذي يعمل فيه متشددون.

وقال تاج حيدر العضو البارز في حزب الشعب الباكستاني لتلفزيون دون “الخط الفاصل هو ما اذا كان المرء مع الدكتاتورية أو مع تلك القوى التي تكافح من اجل الديمقراطية.”

وجعل شريف الذي جاء حزبه في المرتبة الثانية بعد حزب الشعب الباكستاني بفارق ضئيل من ازاحة مشرف من السلطة مهمته منذ عودته من المنفى في السعودية في نوفمبر تشرين الثاني بعد شهر من عودة بوتو.

ووفقا للنتائج غير الرسمية في 261 مقعدا حصل حزب الشعب الباكستاني على 87 مقعدا بينما حصل حزب الرابطة الاسلامية الباكستانية – جناح نواز شريف على 67 مقعدا وجاء حزب الرابطة الاسلامية الباكستانية – جناح القائد الاعظم المؤيد لمشرف في المرتبة الثالثة وحصل على 38 مقعدا.

وتدهورت شعبية مشرف بدرجة كبيرة خلال العام المنصرم وخاصة بعد ان فرض حالة الطواريء في نوفمبر تشرين الثاني وقام بعملية تطهير في الهيئة القضائية وفرض قيودا على وسائل الاعلام.

ويقول بعض المحللين ان الخلافات الايديولوجية بين حزب الشعب الباكستاني وحزب نواز شريف قد تجعل الدخول في ائتلاف مسألة صعبة وتشير الى ان بوتو فكرت في الدخول في تحالف مع مشرف العام الماضي.

وفتحت اسواق الاسهم الباكستانية على ارتفاع مرة اخرى في بداية التعاملات حيث احتفل المستثمرون بالانتخابات السلمية قائلين انها الخطوة الاولى نحو الاستقرار.

ويتوقع ان تجري مفاوضات مكثفة في الايام القادمة ومن المقرر ان يجتمع زرداري وشريف يوم الخميس. واذا لم يتفقا فان ابواب حزب الشعب الباكستاني قد تكون مفتوحة امام مؤيدي مشرف.

وقال محللون ان انضمام شريف الى حزب الشعب الباكستاني سيترك مشرف امام خيارين كلاهما يقود الى زواله.

ويمكن لمشرف ان يتنحى أو ان يواجه ثورات سياسية مع برلمان معاد سيحاول الاطاحة به على اساس انه انتهك الدستور عندما فرض حالة الطواريء.

وقال اعجاز شافي جيلاني رئيس معهد جالوب باكستان “امامه خيار المسالمة وخيار المواجهة.”

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 20 فبراير 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية