مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نحو تغيير جذري في الموقف الامريكي في مراكش

الوزير المغربي محمد اليازغي لدى افتتاح الاشغال التحضيرية للمؤتمر في مراكش Keystone

تتواصل في مراكش الاشغال التحضيرية لمؤتمر الامم المتحدة حول التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وسط تفاؤل بتخلي واشنطن عن معارضتها الالتزام بما تم التوصل اليه في كيوتو.

حقق المغرب مكسبا سياسيا هاما في ميدان البيئة، حيث تحولت مراكش عاصمة للعالم وقبلة للمعنيين بهذا الميدان الذي ازداد الاهتمام الدولي به، واسست من اجله عشرات المنظمات غير الحكومية وخصصت له الحكومات جزءا من ميزانياتها، بل الذي بات احدى مقاييس التقدم.

مراكش، اجمل المدن المغربية تحتضن منذ الاثنين الماضي الدورة السابعة لمؤتمر الامم المتحدة حول التغيرات المناخية والاحتباس الحراري او ما يعرف ب COP7 الذي يشكل جولة المفاوضات الاخيرة قبل قمة الارض الثانية التي ستعقد في جنوب افريقيا العام القادم من بين الاطراف الموقعة على اتفاقية كيوتو حول تخفيض حجم انبعاث الغازات السامة المؤدية الى ارتفاع الحرارة.

المكسب السياسي المغربي تمثل في مجموعة نقاط تعني ما يعرفه العالم من تطورات او على المؤتمر نفسه كون COP 7 اول مؤتمر دولي يعقد منذ الهجمات التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر الماضي.

فإذا كانت عوامل متعددة ادت الى تأجيل او الغاء عدد من المؤتمرات الدولية منذ ذلك التاريخ، فإن عقد المؤتمر بأمن وسلام وبتنظيم محكم اعطى المغرب فرصة لاعادة دوره كمحتضن للتجمعات العالمية الذي تجسد عند احتضانه لمؤتمر تأسيس منظمة التجارة العالمية.

محمد اليازغي الوزير المغربي المكلف بإعداد التراب والتعمير والاسكان والبيئة الذي انتخب رئيسا لمؤتمر مراكش قال ان عقد الدورة في موعده يشكل ردا على كل من يعتقد انه سيوقف سير الانسانية في سعيها الى الوئام والحلول السلمية للمشاكل الدولية.

واذا كان مؤتمر مراكش استمرارا للدورات السابقة فإن كونه الحلقة الاخيرة في المفاوضات قبل قمة الارض الثانية جعل كل الانظار تتوجه فيه الى موقف الولايات المتحدة الامريكية التي كانت قد اعلنت، منذ وصول الادارة الجمهورية الى البيت الابيض في بداية هذا العام، عن تحفظاتها بشأن اتفاقية كيوتو التي تحدد لكل دولة من الدول الصناعية حجم تقليصها للغازات السامة التي تلعب دورا في ارتفاع درجة الحرارة فوق الكرة الارضية، والتي حددت للولايات المتحدة نسبة “ناقص 7” في حين انها تبث الان ما نسبته “زائد 5 ” وتساهم آلتها الصناعية الضخمة بنسبة تفوق ربع حجم الغازات السامة المنبعثة على الصعيد العالمي.

تغيير جذري في الموقف الامريكي

كانت واشنطن قد اعلنت في مؤتمر بون الذي عقد في يوليو تموز الماضي، انها ستتقدم في مراكش بمقترحات موازية لاتفاقية كيوتو، وهذا يعني عودة المفاوضات الى المربع الاول والحكم على المؤتمر بالفشل قبل انعقاده.

لكن هجمات الحادي عشر من سبتمبر وما عكسته من تطورات في السياسة الخارجية الامريكية، غيرت الموقف. ففي اليوم الاول للمؤتمر عقد لقاء بين الوزير محمد اليازغي والوفد الامريكي، كشف عن تغييرات جذرية في موقف واشنطن. فالوفد لن يقدم مقترحات موازية، ولن تضغط الولايات المتحدة على الوفود من اجل عدم التوقيع على الاتفاقية، بل انها ستقدم خبراتها لباقي الدول في التصدي لظاهرة الانبعاث الحراري.

احد الاعضاء النافذين في الوفد الامريكي الذي طلب عدم ذكر اسمه قال لسويس انفو في لقاء مع عدد محدود من الصحفيين، ان واشنطن ستبقى تعمل تحت مظلة اتفاقية كيوتو ولن تطلب من الدول الاخرى تبني نفس موقفها في التحفظ على آلية الاتفاقية، التي وصفها بالافتقار الى العلمية في تحديد نسبة الغازات السامة المنبعثة.

المسؤول الامريكي لم ينف المسؤولية الجسيمة لبلاده لمواجهة التغييرات المناخية وظاهرة الاحتباس الحراري وذكر بانها تساهم بأكبر حصة في الصندوق العالمي للبيئة وتخصص سنويا مليار واربع مائة مليون دولار، كمساعدات للدول النامية لفائدة الانشطة المرتبطة بالبيئة.

عوامل عديدة ادت الى هذا التغيير الجذري في الموقف الامريكي، اولها ان الدول الاوروبية ومجموعة السلامة البيئية التي تضم سويسرا والمكسيك وكوريا، اكدت التزامها بإتفاقية كيوتو، بما يعني ان اصرار واشنطن على موقفها، كان سيؤدي الى مواجهة مع الاتحاد الاوروبي ومجموعة السلامة البيئية. وثانيها ان عقد المؤتمر في دولة اسلامية وافشاله امريكيا، قد يربط بما يعرفه العالم من تطورات ومواجهات منذ الحادي عشر من سبتمبر.

مؤتمر مراكش لازال في مرحلته الاولى ومواصلة مهمته في نفس الاجواء يعطي للاجتماع الوزاري، الذي يفتتح يوم الاربعاء القادم، بعدا سياسيا يتجاوز مسألة البيئة التي اضحت مرتبطة بالتحولات السياسية العالمية بعد تصاعد دور المنظمات غير الحكومية، وتحول ملف البيئة الى قضية مرتبطة ارتباطا وثيقا بحقوق الانسان والديمقراطية والتنمية.

محمود معروف – مراكش

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية