مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نظام إحصائي جديد في سويسرا لمواكبة التغيرات الإجتماعية المتسارعة

صورة نموذجية للعائلة السويسرية كما كان يروّج لها في الستينات من القرن العشرين، فأين هي من الواقع الحالي.

في محاولة منه لتغيير النظرة السلبية المتمثلة في كونه مؤسسة بيروقراطية تفتقر إلى المرونة، وتجد صعوبة في مواكبة المتغيرات الاجتماعية المتسارعة، اعتمد المكتب الفدرالي للإحصاء، الذي يحي هذا العام الذكرى المائة والخمسين منذ تأسيسه، نظام عمل جديد يعلن نتائجه مرة كل سنة بدلا من نظام العشر سنوات التي كان معمولا به حتى العام الماضي.

ولشرح التغيّرات المهمة  التي سوف يدخلها هذا النظام الجديد على آليات وقواعد عمل هذه المؤسسة ، نُظمت ندوة صحفية ببرن يوم الثلاثاء 21 ديسمبر 2010، حضرها كل من يوررغ مارتي مدير المؤسسة، وكلود جيزيغر، رئيس قسم التعداد السكاني.

يكمن التغيير الأساسي بحسب هذيْن المسؤولين في أن الدراسات الإحصائية في المستقبل لن تعتمد  كما كان الأمر من قبل على استبيان يوجه إلى عامة السكان كل عشر سنوات بل على السّجلات الرسمية على مستوى البلديات والكانتونات، معززة بدراسة تشمل 5% من السكان، يتم اختيارهم اعتباطا أو من خلال معايير ومحددات مدروسة تقترحها الكانتونات .

و في حديث إلى swissinfo.ch، أوضح كلود جيزيغر، رئيس رئيس قسم التعداد السكاني بالمكتب الفدرالي للإحصاء أن هذا النظام الجديد: “سوف يسمح بتخفيف الوطأة على السكان، وبتسريع عملية رصد التطورات والتغيّرات على مستوى التركيبة السكانية، والبنيات الأسرية، ونسبة العرض والطلب على مستوى الإسكان، وحركة الهجرة، والانتقال من منطقة إلى أخرى داخل البلاد”.

كما يسمح النظام الجديد مقارنة بالنظام السابق بحسب يورغ مارتي، مدير مكتب الإحصاء: “بالحد من التكاليف بنسبة 100 مليون فرنك، وبإعطاء الفرصة لجميع أفراد المجتمع في المشاركة في إحدى الدراسات الإحصائية مرة على الأقل كل 13 سنة”.

لكن هذا المسؤول يعترف أيضا “أن معدّل الخطأ في هذا النظام الجديد أكبر من سابقه إذ تصل فيه هذه النسبة إلى 1.5%”.

آليات التعداد السكاني الجديد

يرتكز نظام التعداد السكاني الجديد على أربع مصادر مختلفة نجد في المقام الأوّل الألفين وستة مائة  سجل بلدي وكانتوني، وهذه الأخيرة تشتمل في العادة على البيانات الأساسية المتعلقة بالعمر، والجنس، ومكان الإقامة، والانتماء الديني،..ويقول مارتي، متحدثا إلى swissinfo.ch: “أجرينا في شهر أكتوبر الماضي إختبارا للتثبت من سلامة عمل هذه الآلية، وتبيّن لنا ان 90% من البلديات قد انضبطت إلى المعايير التي وضعناها”.

ولعدم مضايقة عموم السكان وإزعاجهم، سوف يعمل المكتب الفدرالي، على استكمال البيانات غير المتوفّرة في السجلات العامة مثل التنوّع اللغوي والالتزام بالتعاليم الدينية، ونسب الإيجار،..عبر استبيان يرسل إلى عينة تشمل 5% من مجموع السكان، وهو ما يوازي 200.000 شخص موزّعين على تسعة كانتونات مختلفة وفي مناطق لغوية متباينة من بينها جنيف و فو وبرن وزيورخ. وهذا الاستبيان يمكن ملؤه عبر الإنترنت او ورقيا.

  

أما الآلية الثالثة، والتي لا تقل أهمية، ضمن هذا النظام الجديد، فتتمثّل في الدراسات الموضوعية (أي من خلال التركيز على محور محدد)، ومن المنتظر أن يشمل هذا النوع من الدراسات ما بين10.000 ساكن، و 40.000 ساكن. والموضوعات التي هي بصدد الدراسة حاليا هي “نقل البضائع، وتنقل الأشخاص” (الإعلان عن نتيجتها أبريل 2011)، و”التكوين الأساسي، والتكوين المستمر” (نهاية 2011)، و”الأوضاع الصحية”(2012)، و”الأسرة والعلاقة بين الأجيال” (2013)، و”اللغات والأديان، والثقافة” (2014). هذه المحاور التي انطلق العمل بشأنها منذ 2008، سوف تستمر إلى حدود 2015، ومن المنتظر ان تكلّف الخزينة الفدرالية ما يناهز 70 مليون فرنك.

أما الآلية الرابعة والأخيرة في نظام الإحصاء الجديد فتتمثل في دراسة أحد المحاور المتعلقة بالمستجدات، ومن المقرر ان يقتصر هذا النوع من الدراسة على عيّنة لا تتجاوز 3000 شخص. والغرض من هذه الآلية كما يقول مارتي: “تقديم إجابات سريعة ومستعجلة لقضايا سياسية وعلمية مستحدثة”. وخلال سنة 2010 تركّز الإهتمام في هذا المستوى على “الإنترنت من حيث نسبة المستفيدين من خدماتها، والأغراض من إستخدامها، والسلامة، والتجارة الإلكترونية.

أهمية التعداد السكاني

تعتبر المعطيات الإحصائية المتعلقة بالسكان، كالتوزع العمري، ونسبة الأجانب، ووضع سوق العمل، وتنقل الأفراد، ونزوحهم بين المناطق المختلفة،… مهمّة جدا سواء في وضع معالجات سريعة ومستعجلة أو في التخطيط عن بعد، وفي رسم مشروعات إستراتيجية للمستقبل، وفي اتخاذ القرارات المناسبة في مختلف المجالات السياسية والإقتصادية، في معرفة تامة بالوضع القائم وتطوّراته المستقبلية المحتملة من خلال عمل علمي وميداني مدروس وموثّق.

ولتوضيح هذه الأهمية على المستوى الإقتصادي، أشار كلود جيزيغر إلى أن “الشركات تستعين بنتائج التعداد السكاني للقيام بدراسات حول سوق العمل، ولرسم سياساتها في مجال التوظيف، ولاختيار مقار فروعها الجديدة”.

أمّا على مستوى  البلديات والكانتونات، فيضيف هذا الخبير: “تستثمر بياناتنا الإحصائية في التخطيط لفتح فصول دراسية جديدة ، ولبناء مدارس أو مؤسسات اجتماعية لإيواء الكبار في السن”.

بل يمكن أن يكون للإحصاء دور إستراتيجي في العلاقة بين البلدان، ويبيّن مدير المكتب الفدرالي للإحصاء ذلك فيقول: “يمكن أن تكون تلك البيانات عنصرا مهما خلال التفاوض بين البلدان في مجال الهجرة مثلا، وبالنسبة للعاملين عبر الحدود، او للمقارنة بين إجمالي الدخل الوطني بين البلدان المختلفة”.

لكن استخدام نتائج التعداد السكاني ليس دائما إيجابيا، إذ تلجأ في بعض الأحيان جهات حزبية هنا او هناك، خاصة خلال الحملات الإنتخابية، إلى استخدام تلك البيانات في مهاجمة الأجانب، أوبعض الأقليات العرقية أو الدينية، أو في تكريس بعض الصور النمطية حول بعض الفئات الاجتماعية.

وعندما تسأل المعنيين في المكتب الفدرالي للإحصاء عن مسؤوليتهم في هذا الإستخدام السلبي للإحصاء يردون بالقول: “يحدث هذا الامر باستمرار، لكن – ما لم يتم تحوير هذه البيانات – لا يشكل ذلك بالنسبة لنا أي مشكلة. بياناتنا تعكس الواقع كما هو، سواء كان هذا الواقع إيجابيا أم سلبيا”.

يُمكن اعتماد هذا النظام الإحصائي الجديد المكتب الفدرالي للإحصاء من تقليص تكلفة عمله بحوالي مائة مليون فرنك. وسوف تتوزّع التكلفة المالية بحسب النظام الجديد، ووفقا للآليات الأربعة التي سوف يعتمدها كما يلي:

13.6 مليون فرنك: تكلفة جمع البيانات المؤسسة على سجلاّت المواطنين في الإدارات العامة على مستوى الكانتونات والبلديات.

30.9 مليون فرنك: تكلفة الدراسات الموضوعية (عبر محاور).

19.6 مليون فرنك: الدراسات المتعلقة بالبنيات العامة.

5.1 مليون فرنك: للإسهام الإلكتروني في عملية انتاج البيانات الإحصائية.

نهاية 2011: الإعلان عن نتائج دراسة حول نقل السلع وتنقل الأشخاص.

نهاية 2012: الإعلان عن نتائج دراسة حول التكوين الأساسي والتكوين المستمر.

نهاية 2013: الإعلان عن نتائج دراسة حول الوضع الصحي للسكان، وممارسة السكان للأنشطة الرياضية.

نهاية 2014: الإعلان عن نتائج دراسة حول اللغات، والممارسات الدينية، والثقافة في سويسرا.

يونيو 2005: الحكومة الفدرالية تقترح مفهوما وتصورا جديدا للتعداد السكاني.

فبراير 2009: القانون يدخل حيّز النفاذ.

2010: بداية العمل بالنظام الجديد.

“الإحصاءات هي تجسيد لرغبات، تماما مثل الأحلام”.

جان بودريار

  

“الإحصاء مثل البيكيني، يكشف ما هو مثير، ويُخفي ما هو أعظم”.

آرون ليفينشتاين

   

“أنا لا أثق كثيرا بالإحصاءات، فتَـبعا لها، فإن حرارة الرجل الذي يوجد رأسه في فُـرن ساخن وقدماه في ثلاّجة.. معتدلة”.

تشارلز بوكوفسكي

“لا أثق في الإحصاءات، إلا تلك التي قُـمت بتزويرها بنفسي”.

ونستون تشرشل

  

“يستخدم الناس الإحصاء كما يستخدم السّـكران مصابيح الشوارع: دعامة أكثر منها إنارة”.

مارك توين

“الإحصاءات أطوع من الحقائق”.

لورانس بيتر

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية