مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل ما زال الامل قائما؟

تصاعد المخاوف في منطقة المغرب العربي من عودة التوتر بين المغرب والجزائر لسبب الخلاف على حل قضية الصحراء swissinfo.ch

يدفع نزاع الصحراء الغربية منطقة المغرب العربي نحو مزيد من الانتظارية لانجاز وحدتها، هذا اذا ما ابقى على الامل بإمكانية تحقيق هذه الوحدة، بعد عقود من صراعات ونزاعات وخلافات حكمتها، في معظم الاحيان مزاجات وحسابات آنية وداخلية دون الاخذ بعين الاعتبار حسابات التاريخ والمصير

في جلسة مغاربية جمعتني طاولة واحدة مع شاب مغربي لم يتجاوز عقده الرابع يحمل وحدة المغرب العربي هما على كاهله و أملا يسعى لتحقيقه، يتحدث بثقة وتفاؤل، منتصرا معنويا على عثرات الزمن.

قال الشاب، الذي ولد وترعرع مع ولادة العثرات، ان المطلوب ان يتواصل العمل ويتعدد، مهما كان بسيطا، من اجل مغرب عربي موحد، والعثرات الموجودة حاليا ليست اشد او اقوى من العثرات التي وقفت امام اقامة اوروبا الموحدة، وقال بإبتسامة، يكفي ان الدعوة لوحدة المغرب العربي لا تكلف صاحبها سجنا او عقوبة او ملاحقة.

الشاب كان يتحدث عن الماضي وعن المستقبل ويقفز عن الحاضر، كان قفزه متعمدا لان الحاضر، ومنذ استقلال دول المنطقة، لا يحمل تباشير الوحدة، فالدولة الاقليمية بنت مؤسساته ليست فقط على الانعزال عن دول الاقليم الجارة بل اعتبار هذه الدول الخصم والعدو الاول والمحتمل، وكل دولة تطلب من بقية دول الاقليم تبني رؤيتها وإلا وضعتهم بالجبهة الاخرى.

كانت قضايا محل الخلاف بالاقليم متعددة، الا انها منذ منتصف السبعينات، تمحورت حول نزاع الصحراء الغربية، الذي ما ان ادخل على بساط النقاش حتى عاد الشاب الى مغربيته، متبنيا كل الاطروحة المغربية في رؤية نزاع الصحراء وابعاده.

العلاقة العكسية

ولنزاع الصحراء علاقة عكسية غريبة مع وحدة المغرب العربي، رغم ان دوله ليست كلها اطراف في هذا النزاع، لكن كلما تصاعد التوتر الناتج عن النزاع، وكلما تبدد املا كانت تلوح بتسويته، كلما ابتعد المغرب العربي واختفى من الخطاب السياسي وكلما ظهرت تباشير انفراج، كلما طغت الروح المغاربية على المنطقة الممتدة من السلوم الى نواكشوط وتلعب دورا فاعلا في توسيع دائرة الانفراج.

لقد تأسس اتحاد المغرب العربي عام 1989 بعد تفاهمات جزائرية مغربية حول تسوية نزاع الصحراء الغربية ولم يكشف عن هذه التفاهمات حتى الان رغم مرور ثلاثة عشر عاما، كان بيريز ديكويلار الامين العام للامم المتحدة آنذاك يضع اللمسات الاخيرة لمخطط سلام تنجزه الامم المتحدة وكان القصر الملكي في مراكش يحتضن للمرة الاولى استقبال العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني لوفد قيادي من جبهة البوليزاريو.

وبداية العام الحالي، كانت رياح المغرب العربي تهب حاملة امل انعاش الاتحاد الذي يجمع دوله منذ 1989، فالمجلس السياسي المكون من وزراء خارجية ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا اعضاء الاتحاد، عقد لاول مرة منذ عام 1994 واتفق على عقد القمة المغاربية في النصف الاول من العام الحالي. وجاء تقرير كوفي انان الى مجلس الامن الدولي في التاسع عشر من فبراير الماضي، بعد يومين من احتفال المغاربيين بذكرى تأسيس اتحادهم، متضمنا اقتراحات لتسوية النزاع الصحراوي المجمدة منذ عشر سنوات.

في تقريره اورد انان تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب وجبهة البوليزاريو، ضمن خيارات التسوية، وقال انه اقتراح تقدم به الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى جيمس بيكر الممثل الشخصي للامين العام للامم المتحدة، المكلف بملف الصحراء، فأعاد الاجواء المغاربية الى سيرتها الاولى، اذ قامت الدنيا بالمغرب ولم تقعد بعد، وانطلقت حملات اعلامية لم تهدأ، تتهم الجزائر بالمخادعة وذات اطماع توسعية. وتأججت الحملات بمشاركة الرئيس بوتفليقة بالاحتفالات التي اقامتها جبهة البوليزاريو في مخيمات تندوف، بمناسبة ذكرى تأسيس جمهوريتها.

تغييب وفشل

كان بوتفليقة الاربعاء الماضي، اول رئيس جزائري يشارك الصحراويين احتفالاتهم في تندوف، في الوقت الذي كان فيه وزراء شؤون المغرب العربي لدول الاتحاد يعقدون في الرباط اجتماع لجنة المتابعة لوضع تصورات لاعادة هيكلة الاتحاد لما يضمن تفعيل مؤسساته.

كانت الجلسة المغاربية لتكريم محمد عمامو الامين العام السابق لاتحاد المغرب العربي وترحيبا بخليفته الحبيب بولعراس وحضرتها شخصيات مغربية رفيعة المستوى اضافة الى الوزراء المغاربيين. كانت كل القضايا حاضرة الا قضية الصحراء وكان تغييبها، كما تغيب دائما عن الاجتماعات المغاربية، ليس عفويا، فالقضية ليست فقط محل خلاف، لكنها وصلت الى درجة ان مجرد مناقشتها بات محل خلاف.

وقد يكون التغييب، السبب الرئيسي لفشل المغاربيين في السير بإتحادهم الى المدى الذي كان يطمحون اليه، فالتغييب ابقى ملف الصحراء حاضرا غائبا، ودائما سلبا، في العمل المغاربي المشترك، وسيبقى كذلك الى ان يجد المغاربيون، وتحديدا الجزائر والمغرب مقاربة اخرى لرؤية مغرب عربي على اسس ثابتة تضمن له الاستمرار والتطور ولدوله الاستقرار والامن.

محمود معروف ـ الرباط

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية