مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل هي “ليلة القدر” وقد جاءت قبل موعدها في لبنان؟

يوم الجمعة 30 يوليو 2010، استقبل الرئيس اللبناني ميشيل سليمان في قصر بعبدا العاهل السعودي الملك عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد في زيارة وصفت بالتاريخية swissinfo.ch

السؤال لايتضمن أي مبالغة. فاللبنانيون كانوا حتى الساعات القليلة الماضية يشعرون أنهم يجلسون فوق برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة، وأن حزب الله وتيار المستقبل وكل الأطراف اللبنانية وصلت (أو دُفعت) إلى فخ لامناص منه.

بيد أن تقاطر قادة سوريا والسعودية وقطر على بيروت، قلب الصورة رأساً عل عقب، وإن مؤقتاً، وخلق أجواء احتضان أخوي عربي لم تشعر به بلاد الأرز منذ مؤتمر الطائف العام 1989.

بالطبع، (أو بالأحرى من أسف)، لم يكن هذا الاحتضان وليد نور قذفه الله فجأة في صدور القادة العرب فأضاءها بضرورة إحياء جثمان التضامن العربي، بل كان حصيلة حسابات إقليمية ودولية.
فالصراع الراهن الذي تنخرط فيه إيران ودول عربية وغربية، علاوة على إسرائيل، هو أساساً الذي أملى الوفاق السعودي- السوري المُستجد، وهو الذي خلق مصلحة عربية مشتركة في منع انفجار الفتنة في لبنان.

بيد ان هذه الضارة النافعة جاءت في وقتها تماماً بالنسبة إلى لبنان. ذلك أن “إسرائيل” كانت قد اقتربت كثيراً من هدفها الخاص بتفجير أوضاع الداخلية، أولاً عبر زرع الأفخاخ لحزب الله في الجنوب مع اليونيفيل، ثم عبر إشاعة أجواء قاتمة حيال ما سيخرج به القرار الظني للمحكمة الدولية، ناهيك عن الإجتياح الاستخباري للبلاد.

هل يستفيد اللبنانيون؟

الكرة الآن باتت في ملعب اللبنانيين. ففي وسعهم الإفادة من هذه الفرصة العربية “النادرة” للخروج من مأزق المحكمة الدولية التي شابتها منذ البداية شكوك حول مدى حياديتها وصدقيتها. وهذا يمكن أن يتم في إطار حوار وطني يقوم برسم مسافة واضحة بين الموقف الرسمي اللبناني وبين ما تفعله المحكمة الدولية.

هذا المخرج لن يكون سهلاً، من ناحية لأن حزب الله يبدو غاضباً للغاية من إلباسه “طربوش” اغتيال رفيق الحريري ويخشى أن يكون لذلك أبعاد إقليمية ما. ومن ناحية ثانية لأن تيار 14 آذار/مارس سيتذرّع بأنه حتى لو سحب القضاة اللبنانيين الثلاثة من المحكمة الدولية، فهذا لن يحل المشكلة لأن هذه الأخيرة باتت في عهدة مجلس الأمن والقوانين الدولية..

ومع ذلك، فإن حواراً وطنياً هادئاً، مشفوعاً برعاية عربية، من شأنه على الأقل أن ينزع عن هذه الأزمة فتائلها اللبنانية. وحينها سيكون في وسع حزب الله “التعايش” مع مداولات المحكمة الدولية الطويلة طالما أنه يضعها في خانة “المؤامرة” الأمريكية والإسرائيلية، وطالما أنه أصلاً لا يُبالي في إدراج الإدارة الأمريكية له منذ سنوات في خانة “الإرهاب”.

دور سوريا

وهنا سيكون لسوريا، في حلّتها الوفاقية العربية الجديدة (ماعدا مع مصر)، دور كبير لتلعبه لطمأنة كل من إيران وحزب الله بأنهما لن تُستفردا في مسألة المحكمة، وأن علاقاتها الحميمة مع السعودية ستكون ضمانة (لاجزءاً من سيناريو إقليمي- دولي خفي) لمنع أي تداعيات للقرار الظني ضد مصالحهما.

ولعل الفرصة لهذا الدور ستكون سانحة حين يحط الرئيس الإيراني الرحال في لبنان غداة القمة العربية المصغّرة في بيروت. إذ حينها سيكون في وسع دمشق أن تعرض عضلاتها التسووية على الطبيعة بين الأطراف العربية والإيرانية المتصارعة.

وإذا ماسار كل شيء على مايرام سورياً، فقد تكتمل حينها صورة “ليلة القدر” المؤقتة في لبنان.

سعد محيو – بيروت – swissinfo.ch

دمشق (رويترز) – تعهدت سوريا والسعودية يوم الخميس 29 يوليو 2010 بالعمل على تحقيق الاستقرار في لبنان بينما نصحت سوريا الولايات المتحدة بعدم التدخل في زيارة يقوم بها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لدمشق.

ووصل الملك عبد الله الى العاصمة السورية لاجراء محادثات مع الرئيس بشار الاسد قبل أن يتوجها سويا الى بيروت يوم الجمعة في محاولة لتهدئة التوتر بشأن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي ستحاكم المشتبه بهم في حادث اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري عام 2005.

وقال بيان رسمي ان الزعيمين أكدا “حرصهما على دعم مسيرة التوافق التي شهدها لبنان منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ودعم كل ما يسهم في تثبيت استقراره ووحدته وتعزيز الثقة بين ابنائه”.

وقالت الولايات المتحدة انها تأمل في أن تقوم سوريا بدور بناء في المنطقة وأن تستجيب لما وصفته ببواعث قلق العاهل السعودي بخصوص التهديدات الايرانية للاستقرار في الشرق الاوسط.

ونصحت الحكومة السورية الولايات المتحدة اليوم الخميس بعدم التدخل في زيارة الملك عبد الله وقالت ان البلدين “يعرفان أكثر” عن سبل تحقيق الاستقرار في الشرق الاوسط.

وقالت الوكالة العربية السورية للانباء (سانا) الرسمية ان الرئيس السوري شخصيا كان في استقبال العاهل السعودي في مطار دمشق في خروج عن البروتوكول يعكس أهمية الزيارة.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية فيليب كرولي قال يوم الاربعاء “يقوم الملك عبد الله بدور قيادي ملموس في المنطقة. ومن ثم فزيارته المرتقبة لسوريا ولبنان تنسجم مع سعيه من أجل السلام.”

وتحسنت العلاقات بين دمشق وواشنطن بعد أن تولى الرئيس الامريكي باراك أوباما منصبه العام الماضي لكن لا تزال هناك خلافات كبيرة بخصوص موضوعات من بينها علاقات سوريا القوية مع ايران ومساندة الدولتين لحزب الله اللبناني.

وقال مصدر سوري “يبدو أن البيان السوري يعبر عن تفضيل دمشق عدم التركيز على مسألة ايران مجددا أثناء زيارة الملك عبد الله.”

وقال دبلوماسيون في العاصمة السورية ان ايران كانت محور محادثات أجراها العاهل السعودي خلال زيارته لدمشق العام الماضي. وساعدت الزيارة في تحسين العلاقات بين السعودية وسوريا والتي تدهورت بعد اغتيال الحريري.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 29 يوليو 2010)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية