مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

واقع سيء … وخيارات صعبة

Keystone

عندما يدور الحديث في سويسرا عن السلام والسياسة الخارجية، تصبح مشكلة الصراع العربي الإسرائيلي أهم المحاور الرئيسية في هذا النقاش، لا سيما إذا كان المضيف هو مؤسسة "سويس بيس".

فقد شهدت العاصمة برن مؤخرا حلقة نقاش موسعة حول الصراع العربي الإسرائيلي، نظمتها مؤسسة السلام السويسري.

دعت المؤسسة العديد من الشخصيات الديبلوماسية والأكاديمية لحضوره ندوتها حول آفاق السلام في الصراع العربي الإسرائيلي، مما أثرى الحوار، وأثار شجون الحضور، على الرغم من الصورة القاتمة التي غلبت على أول كلمتين ألقيتا في الندوة.

كانت كلمتي كل من وزير الخارجية السويسري جوزيف دايس و جان بول شاغنولو أستاذ القانون في جامعة باريس II والمهتم بشؤون الشرق الأوسط تحمل بين طياتهما قدرا كبيرا من التشاؤم حول مستقبل السلام في الشرق الأوسط.

رؤية سويسرية

فمن ناحيته رأي وزير الخارجية السويسري أن الصراع ذو طبيعة معقدة بشكل يجعل عملية البحث عن حل جزء من المشكلة. مركزا على معاناة المدنيين على الجانبين من الأوضاع المتشابكة والتي تؤثر سلبيا على مجريات الحياة.

والحل يكمن – من وجهة نظر وزير الخارجية السويسري – في تقوية رغبة الطرفين في وضع حد لهذا الصراع بدعم من المجتمع الدولي، والمساعدة في تهيئة الأجواء للعملية السلمية ومحاولة التقريب بين وجهات النظر.

فسويسرا تؤيد بقوة عمل اللجنة الرباعية، التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، على اعتبار أن عمل هذه اللجنة قد يساعد على إحداث نوع من التوازن بين طرفي النزاع، وعمليا تساهم سويسرا في العديد من المشاريع الانسانية والتنموية لصالح الفلسطينيين.

وقد لخص وزير الخارجية السويسري الخطوات الهامة التي يرى أنها يمكن أن تمهد للبدء في عملية سلمية في النقاط التالية:

– إنهاء الاحتلال ووقف العمليات الإرهابية.
– وضع النقاط الرئيسية للتوصل إلى سلام شامل وعادل على أساس قرارات الأمم المتحدة 242 و338 و1397 وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام.
– تطبيق جميع الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين.
– دعم قوي للمساعي التي تقوم بها اللجنة الرباعية والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية لمراقبة تطبيق الطرفين لالتزاماتهما.

كما كان وزير الخارجية السويسري واقعيا عندما اعترف بأن هذه النقاط، على الرغم من وضوحها، ليست سهلة التطبيق، حيث تعترضها عوائق أخرى من أهمها:

إعتراف الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني المطلق بأحقية كل منهما في العيش بسلام وأمن داخل حدود معترف بها، حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وتقديم حل نهائي لمشكلة اللاجئين، مع تحديد وضع مدينة القدس والانسحاب من هضبة الجولان والاتفاق على برنامج لتنظيم استخدام المياه.

وللخبراء رأي

أما كلمة البروفيسور جان بول شاغنولوJean-Paul Chagnollaud أستاذ القانون في جامعة باريس II فكانت متابعة تحليلية ومتسلسلة للأحداث خلال العقد الأخير، حاول خلالها إثبات أن النزاع يتجه نحو الراديكالية على الجانبين، بسبب عدم التوصل حتى الآن إلى أية نتائج إيجابية من شأنها أن تعطي بصيصا من الأمل.

فاغتيال اسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق على يد متطرف يهودي وانتخاب نتانياهو ثم فشل محادثات “كامب دافيد” وتعثر التوصل إلى حلول للمشاكل المستعصية، ثم انتخاب شارون رئيسا لوزراء إسرائيل عقب اندلاع انتفاضة الأقصى، والعمليات الفدائية التي يقوم بها الفلسطينيون وتحركات الجيش الإسرائيلي التي حولت حياة المدنيين إلى شيء بالغ الصعوبة. كلها عوامل ساعدت على تعقيد المشكلة على نحو يبعث على التشاؤم.

وما يزيد الصورة قتامة هو المشهد العام الذي قدمه البروفيسور شاغنولو من جمود المسار الديبلوماسي وتجميع أوراق اللعبة في يد الطرف الأمريكي مع غياب الدور الأوروبي ومعاناة المدنيين على الطرفين. وكان ملفتا للنظر أنه لم يشر من قريب أو بعيد إلى أي دور للدول العربية. إلا أنه حمل السلطة الوطنية الفلسطينية جزءا من المسؤولية عن تدهور الاوضاع.

أما مبعث التشاؤم هو تأكيد شاغنولو على أن الحلول معروفة وواضحة، وعلى الرغم من ذلك فالأمر لا يزال ينحصر في اطار “قوة تحتل أرض وتهين شعب”.

تامر أبو العينين – سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية