مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

وفد نيابي فلسطيني من كتلة التغيير والإصلاح في زيارة إلى سويسرا

سيد أبو مسامح (عن اليمين) ومشير المصري، عضوا الوفد النيابي الفلسطيني عن كتلة التغيير والإصلاح خلال زيارتهما إلى سويسرا بدعوة من الإتحاد البرلماني الدولي، وتستمر هذه الزيارة إلى 20 يناير 2012. swissinfo.ch

بين آراء تدعو إلى ضرورة منح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فرصة التعبير عن نفسها والتواصل مع المجتمع الدولي، وأخرى تتمسك بحجب الإعتراف عنها باعتبارها منظمة تلتجئ إلى المقاومة المسلحة، وتنادي بتدمير إسرائيل..

.. تتواصل زيارة وفد يضم ثلاثة نواب من كتلة التغيير والإصلاح في المجلس التشريعي الفلسطيني عن قطاع غزة ومرافق لهم إلى الأراضي السويسرية.

وتأتي هذه الزيارة بدعوة من لجنة حقوق الإنسان التابعة للإتحاد البرلماني الدولي، وبغرض تدارس أوضاع البرلمانيين الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وهم عشرون نائبا ينتمي جلّهم إلى حركة حماس الفائزة في انتخابات 2006.

عن هذه الزيارة الأولى من نوعها إلى إحدى البلدان الأوروبية، يقول سيد أبو مسامح، أحد أعضاء الوفد الفلسطيني في حديث إلى swissinfo.ch: “كانت هذه الزيارة بدعوة من الإتحاد البرلماني الدولي لتدارس اجراءات الإبعاد والإعتقال التي تمارسها إسرائيل بحق نواب منتخبين ضمن انتخابات ديمقراطية، شهد العالم والمراقبون الدوليون جميعا بنزاهتها”. وذكّـر بأن هذه الإجراءات العقابيى لم تستثن رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك، وأمين سرّه محمود الرّماحي.

“محادثات ناجحة”

وعن نتائج المحادثات التي أجراها الوفد الفلسطيني مع لجنة حقوق الإنسان بالإتحاد البرلماني الدولي، يقول سيد أبو مسامح: “لقد أبدى أعضاء اللجنة وعددهم سبعة تفهّما كبيرا للمشكلات والعراقيل التي تعترض البرلمانيين الفلسطينيين وتمنعهم من أداء مهامهم “.

وقد سبق لهذه اللجنة أن عبّرت مرات عديدة عن انشغالها للإجراءات المختلفة التي تلجأ إليها السلطات الإسرائيلية لمنع البرلمانيين الفلسطينيين من أداء دورهم في تمثيل شعبهم والفئات التي انتخبتهم، اجراءات جعلت بحسب بيان أصدرته لجنة حقوق الإنسان بالإتحاد البرلماني الدولي يوم 16 يناير بجنيف: “البرلمان الفلسطيني عاجزا عن اداء دوره التشريعي والرقابي”.

وإزاء هذا الوضع، دعت هذه اللجنة السلطات الإسرائيلية إلى “الإقلاع عن سياسات الإعتقال والإبعاد التي تمارسها بحق البرلمانيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

برنامج عمل مكثّف

الوفد لم يكتف بهذا اللقاء مع المنظمة الدولية، حيث يواصل لقاءاته المتعددة الرسمية وغير الرسمية من الأطراف السويسرية، وعنها يقول أبو مسامح: “كانت هناك لقاءات كثيرة نجحنا من خلالها في كسر الجمود، خاصة في ما يتعلّق بالحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، ولقاءات أخرى سوف نجريها في الفترة القليلة القادمة”.

وفعلا كانت لهذا الوفد محادثات مع الجمعية الدولية للصليب الاحمر ومقرها بجنيف، ومع جمعيات انسانية في كانتونات سويسرية مختلفة، وعقد لقاء في مقر البرلمان الفدرالي ببرن يوم الثلاثاء 17 يناير مع أعضاء من مجموعة الصداقة البرلمانية السويسرية (مشكلة خاصة من نواب اشتراكيين ومن حزب الخضر وبعض الليبراليين) المناصرة للحق الفلسطيني، كما لم يستبعد عضو الوفد الفلسطيني أن تعقد خلال هذه الزيارات بعض اللقاءات السياسية المهمة مع أطراف دبلوماسية سويسرية، لكنه رفض الإفصاح عن هذه الجهات تحديدا.

كذلك يلقي مشير المصري، رئيس الوفد الفلسطيني يوم الأربعاء 18 يناير محاضرة بجامعة جنيف، تنظمها منظمة “حقوق للجميع” غير الحكومية السويسرية، ويلقي محاضرة اخرى يوم الجمعة 20 يناير بمدينة زيورخ تحت عنوان “غزة، لابد للقيد أن ينكسر”.

حصار “يتآكـل”

وعن دلالات هذه اللقاءات يقول البرلماني عن كتلة التغيير والإصلاح بقطاع غزة: “هناك بوادر كثيرة تؤكد قرب تآكل وكسر الحصار الظالم المفروض علينا على الساحة الدولية”.

ومن هذه البوادر، كما يقول: “قبول سويسرا بمنحنا تسهيلات السفر إلى أراضيها، وهي أوّل مرّة يتمكن فيها وفد برلماني فلسطيني من دخول بلد اوروبي منذ انتخابات 2006، رغم المعادلة الدولية القائمة، والضغوط الإسرائيلية القوية واللوبي المساند لها في سويسرا من أجل افشال هذه الزيارة”.

ويذكّر المتحدّث الفلسطيني في هذا الشأن بأن “موقف الدبلوماسية السويسرية تجاه القضية الفلسطينية وحركات المقاومة في المنطقة على وجه الخصوص كان دائما نشطا ومتوازنا”.

وكما هو معلوم فإن سويسرا كانت من بين البلدان الغربية القلائل التي لم تدرج حماس على قائمة “المنظمات الإرهابية”، وهذا بحسب النائب الفلسطيني “دليل عن عمق النظرة الإستراتيجية للدبلوماسية السويسرية. فحماس تحظى بتأييد شعبي واسع، وتلاقي قبولا كبيرا بين اوساط الشعوب العربية والإسلامية، وأنصار الحق والسلام في العالم، ومن في العالم لا يهتم بموقف مليار بشر وزيادة”.

وحول نقاط الإلتقاء التي يبحث عنها هذا الوفد مع محاوريه من الأطراف الرسمية وغير الرسمية يقول أبو مسامح: “نحن نبحث معهم عن السبل التي تمكننا من بناء مجتمع السلام والعدالة الإجتماعية، مع احترام البيئة. ولن يتحقق السلام من دون عدالة، حتى لو اردنا، والسلام الحقيقي هو سلام الشعوب لا سلام الضغوط”.

القضية الفلسطينية والربيع العربي

في سياق متصل، انتظر المراقبون أن تتجه قيادات الحركة الوطنية الفلسطينية إلى إنجاح عملية المصالحة خاصة بعد الإتفاق الذي تم التوصّل إليه خلال شهر ديسمبر الماضي في القاهرة بحضور الرئيس محمود عباس وخالد مشعل، لكن يبدو أن “بعض المتنفّذين” على حد عبارة سيد أبو مسامح، وكذلك “الضغوط التي تمارسها بعض البلدان” قد نجحت إلى حد الآن في إبطاء الخطوات نحو هذه المصالحة، ونحو الإنتخابات البرلمانية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، وجميعها مُضمّنة في اتفاق المصالحة.

ولكن هل تحمل تطوّرات الربيع العربي القيادات الفلسطينية على تجاوز العراقيل التي تعيق التقارب في ما بينها، والحال أن هذه الثورات قد جعلت من “تحرير فلسطين أحد شعاراتها المركزية، بغض النظر عن الجهات التي قادت هذه الثورات، يسارية أو قومية أو إسلامية، فكلها كتل وطنية تعبّر عن حالة اجتماعية، القاسم المشترك بينها نصرة القضية الفلسطينية”، على حد قول النائب الفلسطيني؟ سؤال ستجيب عنه الأسابيع والشهور القادمة.

خلال السنوات الأخيرة، اختفى أثر 25 نائبا برلمانيا والبعض منهم تعرّض للإغتيال في بلدان إفريقية وآسيوية وفي أمريكا اللاتينية، بل وفي أوروبا أيضا. كذلك، تعرّض البعض الآخر لإصابات متفاوتة الخطورة.

حتى اليوم، يستقبل الكثير من البرلمانيين في العالم رسائل تهديدات بالقتل بشكل منتظم، ناهيك عمن يتعرّضون للمضايقات، ويتعرّضون إلى عراقيل خلال أدائهم لواجبهم في التشريع والمراقبة.

لمواجهة هذا الوضع الصعب، عقدت لجنة حقوق الإنسان التابعة للإتحاد البرلماني الدولي لقاءً يومي 14 و15 يناير 2012 في جنيف لدراسة هذه الحالات المختلفة. وخلال هذيْن اليوميْن تمّ النظر في 70 ملفا تخص 198 برلمانيّا ينتمون إلى 37 بلدا مختلفا.

يبذل الإتحاد البرلماني الدولي جهودا لتسوية هذه الوضعيات من خلال الحوار مع السلطات في البلدان المعنية، وإرسال بعثات على عين المكان للإلتقاء بالنواب المعتقلين، ومراقبة جلسات محاكمتهم، كما تعمل من أجل احترام حقهم في محاكمات عادلة، وفي توفير الإمكانات اللازمة لهم للقيام بوظيفتهم كممثلين لمنتخبيهم.

أغلب هؤلاء البرلمانيين ينتمون بصفة عامة إلى الحركات المعارضة، ويتعرّضون للمضايقة لأنهم فازوا على منافسيهم ممن هم من أنصار السلطات. ويبقى دور الإتحاد البرلماني الدولي لفت الأنظار للمصاعب التي يتعرضون لها، وحمل السلطات على احترام حقوقهم.

من الملفات التي لفتت الأنظار هذا العام أوضاع نواب المجلس التشريعي الفلسطيني وخاصة أولئك الذين فازوا في انتخابات 2006 عن “قائمة التغيير والإصلاح”، حيث تعرّض ما يزيد عن عشرين منهم للإعتقال والإختطاف والتعذيب في السجون الإسرائيلية، بهدف “تعطيل عمل هذا المجلس وعرقلة حركة حماس عن أداء دورها في الواقع الفلسطيني”، مثلما يقول أعضاء الوفد الفلسطيني.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية