مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسرائيل والسلطة الفلسطينية: من الإحتلال إلى.. الإحتلال!

يوم 10 نوفمبر 2010، أجرت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون اتصالا مباشرا عبر الفيديو من واشنطن مع سلام فياض رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية في رام الله Keystone

لا يكِـلّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس من السفر، وكأنه بذلك يعكِـس حال الفلسطينيين المشتّـتين في بقاع الدنيا، وهو والأمر كذلك، يجوبُ عواصم العالم حامِـلا طلبا أساسيا واحدا، مفاده إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حُـلم الدولة المستقلة، وهي قضية حملها قبله الزعيم الراحل ياسر عرفات وعشرات آلاف قضوا خلال العقود الماضية على درب قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، دولة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل، تطبيقا للحل القائم على مبدإ دولتيْـن لشعبيْـن على أرض فلسطين التاريخية.

وبعد 17 عاما على توقيع اتفاق اوسلو، الذي كان عباس مهندسه، تخلّـلها أكثر من مواجهة مسلحة ومواجهات على أرض الضفة الغربية وقطَـاع غزة وجولات مفاوضات استمرّت سنوات، فإن النتائج لا زالت تؤشِّـر نحو انسداد الأفق.

وبالرغم من إقرار عباس ومساعديه في القيادة الفلسطينية بصعوبة الأوضاع وعدم وضوح الرؤيا، لاسيما بعد تخلّـي إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن إقناع إسرائيل بتجميد الاستيطان مقابل استئناف المفاوضات، فإن الرئيس الفلسطيني لا زال يرى أن الحل ليس مستحيلا.

وفي حين تصدّ حكومة نتانياهو مطالب عباس  بوقف الاستيطان، فإنه يصِـرّ على عدم الذهاب إلى مفاوضات، دون ذلك وبمرجعية واضحة، لكنه وفي ذات الوقت، يلوح بوجود بدائل، لاسيما التوجّـه للمجتمع الدولي ومجلس الأمن للحصول على اعتراف بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 67.

اختراقات ولكن..

بيْـد أن بعض الاختراقات بدأت تفتك بجدار الإخفاقات هذه، وها هي دولة بحجم البرازيل تُـعلن اعترافها بدولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، ولتتعبها أيضا جارتها الأرجنتين، ثم إعلان الأورغواي أنها ستحذو حِـذوهما قريبا العام المقبل.

وفي حين يقول خبراء في القانون الدولي إن  مثل هذا الاعتراف يحمِـل دلالات سياسية كبيرة، فإنه لا يحمل تغييرا مهِـمّـا إزاء ما يتعلّـق بالقانون الدولي في مسألة إقامة الدولة على أرض الواقع.

وفي حديث إلى swissinfo.ch، يقول ياسر العموري، أستاذ القانون الدولي في جامعة بيرزيت “الاعترافات الأخيرة لها دلالات سياسية كبيرة لا يمكن إنكارها، كونها تأتي انسجاما مع قرارات الشرعية الدولية”.

ويضيف العموري: “لكن الاعتراف لا يمكن إنجازه إلا من خلال تحقيق أركانه الأربعة، الشعب والأرض والنظام السياسي والسيادة، وإذا ما اكتملت هذه العناصر الأربعة، عندها سنكون أمام دولة”.

وفي المقابل، يقول مستشار عباس، الدبلوماسي مجدي الخالدي “من المهِـمّ أن البرازيل والأرجنتين اعترفتا بحدود الدولة الفلسطينية ضِـمن حدود عام 1967، وهذا نتاج للجهود الدؤوبة التي يقوم بها الرئيس أبو مازن منذ أكثر من عام، والتي جاء في سياقها الزيارات لأمريكا اللاتينية ودول عديدة في أوروبا”. وأضاف: “الهدف من اتصالات الرئيس وزياراته، وضْـع قادة هذه الدول بصورة الوضع القانوني والسياسي للقضية الفلسطينية، والمُـهم وجود إجماع من قِـبل الجميع، بأن حلّ الدولتيْـن هو الحلّ الأمثل، والدولة الإسرائيلية قائمة، ولكن ليس لديها حدود، والدولة الفلسطينية يجب أن تقوم، وهي يجب أن تكون على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية”.

الهدف

لكن تبقى الولايات المتحدة هي الهدف الأساسي، الذي تنشده القيادة الفلسطينية، حين تتحدّث عن بدائل غيْـر خِـيار المفاوضات، إذ فضل عباس إجراء المزيد من المشاورات مع الإدارة الأمريكية، قبل اتِّـخاذ الخطوة التالية.

وقد آثر عباس إيفاد صائب عريقات، مبعوثه الخاص، وهو أيضا رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، للتباحث مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، في حين يُـنتظَـر وصول المبعوث الأمريكي لعملية السلام جورج ميتشل إلى رام الله يوم الاثنين 13 ديسمبر، للتباحث مع عباس.

ويقول أحد مساعدي عباس الكبار “صحيح أن هناك خيْـبة أمل كبيرة من عدم قدرة الإدارة الأمريكية على الضغط على حكومة نتانياهو في موضوع الاستيطان، لكن اعتراف البرازيل والأرجنتين أزعج واشنطن وتل أبيب كثيرا”.

وقد رفض هذا المسؤول الخوْض في سيناريوهات المرحلة الجديدة من العملية السياسية، لكنه أكد في ذات الوقت، أن ذلك سيتِـم بعد الاستماع لِـما ستقوله الإدارة الأمريكية للقيادة الفلسطينية في واشنطن مع عريقات وفي رام الله مع عباس وجْـها لوجه.

من الواضح أن القيادة الفلسطينية متمسِّـكة بمواقفها إزاء عملية السلام، وكذلك تحقيق بعض التقدم الدولي في قضية الاعتراف بالدولة، وأنها سجلت نقاطا في المناورات مع الإدارة الأمريكية، لكنها تعود إليها ويبقى الاحتلال على حاله.

تل أبيب (رويترز) – رحب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين 13 ديسمبر 2010 بقرار الولايات المتحدة التخلي عن جهود تجميد أنشطة البناء الاستيطاني اليهودي.وقال نتنياهو في كلمة امام منتدى اقتصادي قبل ساعات من الموعد المقرر لوصول مبعوث السلام الامريكي “أرحب بهذا القرار الامريكي. انه في صالح اسرائيل. انه في صالح السلام”.

وفي مواجهة انهيار محادثات السلام المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين بسبب أزمة تجميد البناء الاستيطاني أعلنت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون يوم الجمعة 10 ديسمبر أن واشنطن ستعود الى المفاوضات غير المباشرة.

وقالت ان الولايات المتحدة ستحاول حل القضايا الاساسية في الصراع الممتد منذ ستة عقود. وتشمل هذه القضايا الحدود والامن ومستقبل القدس والمستوطنات المقامة على الاراضي التي احتلتها اسرائيل في عام 1967 واللاجئين الفلسطينيين.

وقال دبلوماسي أمريكي كبير للصحفيين في اسرائيل الاسبوع الماضي “خلصنا الى أن الوقت ليس مناسبا لتجديد المفاوضات المباشرة بتجديد التجميد” للبناء الإستيطاني.ومن المقرر أن يعود مبعوث السلام الامريكي في الشرق الاوسط جورج ميتشل الى المنطقة في وقت لاحق يوم الاثنين 13 ديسمبر لإجراء محادثات مع نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وعبر مسؤولون فلسطينيون عن قلقهم من أن تحاول اسرائيل تقويض أي مفاوضات غير مباشرة بتجنب مناقشة الحدود المستقبلية للدولة التي يريد الفلسطينيون اقامتها في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وقال نتنياهو: “حتى نصل إلى السلام يجب أن نناقش القضايا التي تعطل السلام بالفعل… أرحب بحقيقة أننا سنبدأ الان مناقشة هذه القضايا وسنحاول تضييق الفجوات”.

وخلال كلمته أشار الى قضايا مثل مطلبه باعتراف الفلسطينيين باسرائيل كدولة يهودية والترتيبات الأمنية ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين.وبدأت إسرائيل والفلسطينيون محادثات السلام المباشرة بوساطة الولايات المتحدة في واشنطن في سبتمبر لكنها انهارت بعد ذلك بعدة أسابيع حين رفض نتنياهو تمديد تجميد للأنشطة الاستيطانية في مستوطنات الضفة الغربية المحتلة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 13 ديسمبر 2010)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية