مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسماعيل بولحية: “نتوقع بعد الانتخابات فتح صفحة جديدة لكل التونسيين”

ناخبون تونسيون يُدلون بأصواتهم في استفتاء شعبي نظم يوم 26 مايو 2002 حول تحويرات أدخلت على الدستور Keystone Archive

خلافا لمُـعظم الأحزاب السياسية التونسية المصنّـفة ضِـمن المعارضة، جدّدت حركة الديمقراطيين الإشتراكيين ترشيحها للرئيس زين العابدين بن علي للإنتخابات الرئاسية القادمة التي تنظم يوم 25 أكتوبر 2009.

وبما أن منطِـق الأشياء في الممارسة السياسية يقتضي من زعماء المعارضة منافسة الرئيس الحاكم وليس مساندته، فإن محاورة السيد إسماعيل بولحية، رئيس هذه الحركة التي تأسست على يد أحمد المستيري عام 1978، تفرض نفسها إعلاميا بعد أن سبَـق لـ swissinfo.ch محاورة مُـعظم المرشحين للرئاسيات التونسية.

Swissinfo.ch: قرّر العديد من رؤساء الأحزاب منذ فترة طويلة إعلان ترشحهم للانتخابات الرئاسية التي ستجري في شهر أكتوبر، لكنكم مرّة أخرى تتجنّـبون صيغة الترشّـح وتقرِّرون مساندة الرئيس بن علي. ماذا وراء رفضكم المتواصل للدخول في منافسة، ولو رمزية، مع رئيس الحزب الحاكم؟

إسماعيل بولحية: موقفنا من الانتخابات الرئاسية، ليس فيه رفض لمبدإ الترشح، بل فيه تواصُـل مع سياسة حِـزبنا منذ أن كان على رأسه الأخ أحمد المستيري، ثم الأخ محمد مواعدة، وصولا إلى اللحظة الرّاهنة التي أتحمّـل فيها المسؤولية الأولى في هذه الحركة.

كان الموقف دائما، هو دعم ترشح الرئيس بن علي، ويعود ذلك إلى اعتقادنا بأن بيان السابع من نوفمبر (تاريخ وصول الرئيس التونسي إلى السلطة – التحرير) تضمّـن جزءً هاما من اختيارات الحركة، وبالتالي، فإن تجديد مساندتنا للرئيس بن علي هو دعم سياسي له من قِـبل حركتنا، حتى يواصل تنفيذ مشروعه الحضاري، باعتباره صاحب القرار القادر على تجسيد ذلك البيان على أرض الواقع.

ومن أهم مرتكزات ذلك المشروع، الإستمرار في الإصلاح السياسي وجعل التنمية السياسية مُـقترنة بالتنمية الاقتصادية، وخاصة ما أعلن عنه من جعل جمهورية الغد جمهورية كل التونسيين، والسيادة فيها للشعب والمشاركة فيها مضمونة للجميع، بدون إقصاء أو تهميش، ومسعانا في هذا السياق، يتمثل في أن نجعل هذه التوجهات المعلنة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.

ونعتقد بأن الرئيس بن علي بعد عشريتيْـن من ممارسة الحكم، أصبحت له الخِـبرة والقدرة على مواجهة الملفّـات الصعبة، وفي مقدِّمتها ملف بطالة الشباب وخرِّيجي الجامعات.

ولكن، ما الذي ستُـضيفه مساندتكم له، ألا يتعارض ذلك مع وظيفة المعارضة، التي تتمثل في النقد وتكريس المنافسة وتقديم البدائل؟

إسماعيل بولحية: صحيح أن المراقِـب يتساءل كيف يرشّـح حزب المعارضة رئيسا لحزب في الحكم؟ أريد أنا أؤكِّـد في هذا السياق، أن حركتنا تعتبِـر نفسها في حالة منافسة مع الحزب الحاكم، وهي تعمل على تغيير المعادلات السياسية، وذلك من خلال وسائل متعدِّدة، من بينها تطوير صيغة الكُـتل البرلمانية من عشرة إلى خمسة (نواب)، لكن ذلك لم يحصل بالمستوى الذي يُـرضينا والذي يُـمكِّـن رؤساء الكُـتل من المشاركة في مكتب مجلس النواب. حصل ذلك بضغط، مارسه أعضاء الحزب الحاكم.

يعني أنكم تعتقدون بأن مساندة رئيس الدولة لا تتعارض مع منافستِـكم للحزب الحاكم؟

إسماعيل بولحية: تونس اليوم تحتاج إلى وِفاق. ومن هذا المنطلق، نطالب كحركة، بتشكيل أغلبية رئاسية تُـساعد على مواجهة بلادنا للتحدِّيات الكبيرة في مُـختلف الميادين الاقتصادية والحضارية والبيئية وغيرها، وهو ما يدعونا إلى مساعدة الرئيس بن علي على تنفيذ ما وعد به. والخمسية القادمة التي ستستمر إلى سنة 2014، ستتميّـز بتحقيق مزيد من المكاسِـب وتعزيز المسار الديمقراطي في تونس.

ما هي أهمّ اعتراضاتكم على سياسات وممارسات الحكم القائم؟

إسماعيل بولحية: في مقدمة اعتراضاتنا، هو ما نسجِّـله من تباعُـد بين الخطاب والممارسة، كما أن فِـكرة الحزب الواحد لا تزال متجذِّرة، خاصة في الأرياف وداخل البلاد. إن قضية الديمقراطية هي قبل كل شيء ثقافة نعمل منذ سنوات طويلة على نشرها.

وللأسف، توجد أطراف تُـحسب على النظام، لا تقبل فكرة التعدّدية وممارستها بشكل فعلي على أرض الواقع، ولذلك، تجِـدنا في مجلس النواب على سبيل المثال، نتقدم بمبادرات ومواقف تختلِـف عن توجّـهات الحزب الحاكم، وإن كُـنا في الآن نفسه، نبارك وندعم ما يتّـخذه رئيس الدولة من قرارات كُـبرى ونعمل على متابعة تنفيذها.

يعني أنتم متمسِّـكون بالتمييز بين الرئيس بن علي وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم، تؤيِّـدون الأول وتنتقدون الطرف الثاني؟ ولكن على أي شيء ترتكزون في هذه المنهجية السياسية؟

إسماعيل بولحية: نحن نركِّـز في إستراتيجيتنا على تزكِـية الخطاب السياسي للرئيس بن علي من جهة، وعلى الممارسة الفعلية من جهة أخرى. وقد لاحظنا البون الشاسع بين الخطاب، بما في ذلك الخطاب الذي يردِّده الحزب الحاكم، مما جعلنا نتحدّث عن التبايُـن القائم بين قصر قرطاج (يقصد مقر الرئاسة التونسية) وبين قصر باردو (مقر مجلس النواب)، فحتى القرارات السخِـية التي يعلن عنها رئيس الدولة، تحتاج لكي تتحوّل إلى واقع فعلي، إلى أن تصبح قوانين نافذة، لكن نبرة سيطرة الحزب الحاكم ونزعته الإحتكارية قد تحُـول أحيانا دُون ذلك.

لماذا طالبتم بأغلبية رئاسية، وما هي الجدوى السياسية من ذلك؟

إسماعيل بولحية: نعتقد بأن تونس، بعد خمسين عاما من الاستقلال وعشرين عاما من التحوّل، أصبحت كل مكوِّناتها التي ساهمت في صياغة الميثاق الوطني وصادقت عليه في عام 1988، مؤهّـلة لكي تكون مسؤولة على الحُـكم بقيادة الرئيس بن علي، ولأجل ذلك، طالبنا بقيام أغلبية رئاسية.

صحيح أن الحزب الحاكم له ما يكفي من الأنصار والمؤيدين، ما يُـغنيه عن مشاركة بقية الأطراف، لكن في اعتقادنا أن قرار الرئيس بن علي بجعل تمثيل الحزب الحاكم، مهْـما كان حجمه، لا يتجاوز 75% في البرلمان وفي البلديات، يجعل من ربع السكان وفق هذا الاختيار خارج مراكز القرار. لهذا، عندما تُقبل فكرة الأغلبية الرئاسية، كما هي معروفة في فرنسا أو المغرب وفي كثير من البلدان التي بدأت تمارس على أرض الواقع التعدّدية الحقيقية، فإن تونس ستكسب من خلالها، ليس فقط على الصعيد الداخلي، وإنما سيدعم ذلك إشعاعها على الصعيد الدولي.

لماذا فشلت الفكرة، وهل هناك من عطّـلها؟

إسماعيل بولحية: الفكرة لم تفشل ولا تزال مطروحة عند بعض أطراف السلطة ولم تُـرفض بصفة رسمية، ولكن المؤكّـد أن الذين يتكلّـمون باسم الحزب الحاكم لم يوجِّـهوا الدعوة إلى الذين طرحوها مثل حركتنا، لتعميق النقاش حولها. فنحن نؤمن بأن ذلك من شأنه أن يساعد على قيام معارضة قوية إلى جانب حزب حاكم قوي، إذ يجب أن لا ننكر بأن المعارضة في وضعها الرّاهن لا تزال بعيدة عن تحقيق ما يطمح له الشعب التونسي.

حتى تكون الانتخابات القادمة مختلفة عن سابقاتها وأن تحدث نقلة في الحياة السياسية، ماذا تقترحون؟

إسماعيل بولحية: أولا، علينا أن نتعهّـد بإنجاز ما وُعدنا به من بيان السابع من نوفمبر، أي تجديد الزّخم الذي عرفته البلاد في تلك المرحلة والإلتفاف الواسع حول الرئيس بن علي في مجتمع ديمقراطي، دون إقصاء أو تهميش. كما يجب استيعاب الشباب والقِـوى الجديدة في تونس وتحقيق جيل جديد من الإصلاحات.

ماذا تتوقّـعون تحديدا من هذه الانتخابات؟

إسماعيل بولحية: نتوقّـع أن تفتح بعد هذه الانتخابات صفحة جديدة لكل التونسيين. فهناك ملفّـات لا تزال عالِـقة، نعتقد بأنه قد حان الوقت لغلقِـها وفتح آفاق جديدة للجميع، وذلك لإضفاء مزيد من الشعبية والشرعية على المشروع الذي يقوده الرئيس بن علي.

فنحن نعتقد بأنه، إذا بقي الحزب الحاكم على ما هو عليه، فإن بعض المشكلات ستبقى مطروحة دون عِـلاج شامل، وهذا أمر طبيعي في بلد لا تزال إمكانياته الاقتصادية لا تسمح له بتحقيق طموحات جميع أبنائه، وهو ما يفسِّـر ما حصل بالحوض المنجمي، ولهذا السبب، نعتقد بأن المشاركة الشعبية الواسِـعة لإنجاح الخيارات الكُـبرى، ضرورية لتحقيق أكثر عدالة في توزيع الثروة. فتونس اليوم في حاجة إلى تشريك المواطنين والنّـخب بطريقة أكثر حضارية وديمقراطية.

تحدّثتم عن طي صفحة الماضي، فهل تتوقّـعون أن يشمل ذلك ملف الإسلاميين، خاصة وقد سبق لكم أن طالبتم بتحقيق مصالحة وطنية؟

إسماعيل بولحية: في اعتقادي أن السنوات القادمة ستكون بالنِّـسبة لكل التونسيين، مهما كانت انتماءاتهم الفكرية والسياسية، مجالا ليعيشوا أجواء شبيهة بتلك التي عِـشناها بعد تغيير السابع من نوفمبر.

فالإضطرابات التي عاشتها البلاد قبل التحوّل وفي مطلع التسعينات في علاقة مع ما عُـرف بملف الحركة الإسلامية، من شأنها أن تفتح المجال لإعادة النظر والبحث عن تمكين المكوِّن الإسلامي في المجتمع، لكي يساهِـم في توطيد الهوية العربية الإسلامية التي تشكِّـل مرتكزا أساسيا في مشروع الرئيس بن علي. فهو في خطاباته ومواقفه من الإسلام، كان صريحا وواضحا.

بقي أن هناك مَـن يعتقد بأن الظاهرة الإسلامية تشكِّـل خطرا على المجتمع الحداثي. واعتقادي أن التونسيين، بقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية، يفترض أن يكون جميعهم متّـفقين حول ضرورة المحافظة على المكاسب التي تحقّـقت للمرأة، وكذلك على تجذير هوية تونس، وهو ما جعل مدينة القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية، التي حضر فعالياتها الكثير من الرّموز الإسلامية التونسية وغيرها، ممّـا دلّ على قناعة الرئيس بن علي والنظام بضرورة ترسيخ هذا التوجّـه، وهو ما يجعلني مُـتفائلا بأن المصالحة التي عِـشناها في عام 1987 مع الشعب ومع الدِّين ومع اللّـغة، ستبقى قائمة، لأنها قناعة راسخة وليست شيئا عابرا في مشروع الرئيس بن علي. فتونس الأعماق وتونس الحضارة، واقع نعيشه، وليس مجرّد ادِّعاء.

أجرى الحوار في تونس صلاح الدين الجورشي – swissinfo.ch

باردو (تونس) (رويترز) – قدم أحمد ابراهيم الأمين العام لحركة التجديد في تونس يوم الخميس 17 سبتمبر 2009 أوراق ترشيحه رسميا لسباق الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد في 25 اكتوبر المقبل لينضم الى ثلاثة مترشحين آخرين للمنصب يتقدمهم الرئيس زين العابدين بن علي.

وكان بن علي افتتح باب تسجيل الترشحات الشهر الماضي ليلتحق به محمد بوشيحة الامين العام لحزب الوحدة الشعبية واحمد الاينوبلي الامين العام للإتحاد الديمقراطي الوحدوي.

وعقب تقديم ترشحه قال ابراهيم (63 عاما) إنه تقدم بالترشيح “حرصا على نظام ديمقراطي يستجيب لطموحات شبابنا ونخبنا في أن يعيشوا كلهم مرفوعي الرأس في مجتمع عادل”.

واضاف مرشح حركة التجديد قائلا: “هدفي أن أسمع صوتا معارضا بشكل حازم كمعارضة لا تتجاهل الإيجابيات لكنها تشير للنقائص وتقترح الحلول لصالح شعبنا ولصالح تحقيق نهضة شاملة”.

وطالب بتهيئة الأجواء كي تجري الاستحقاقات المقبلة في أجواء نزيهة وشفافة مُشددا على أن هذه الأجواء النقية تتطلب أيضا سن عفو تشريعي عام وإطلاق مساجين منطقة الحوض المنجمي الذين سجنوا عقب احتجاجات على الأوضاع الاجتماعية بجنوب البلاد العام الماضي.

وتجري الانتخابات الرئاسية في تونس مرة كل خمسة أعوام.

ويعتقد على نطاق واسع أن الرئيس الحالي بن علي سيكون في طريق مفتوح للفوز بولاية رئاسية خامسة. ويحكم بن علي تونس منذ 22 عاما خلفا للزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.

وحركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) التي يتزعمها ابراهيم أحد ثمانية أحزاب معارضة صغرى معترف بها في البلاد.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 17 سبتمبر 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية