مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

السويسري ماكس غولدي يستكمل نصف عقوبته في سجن ليبي

ماكس غولدي إلى جوار أحد اعوان الأمن الليبيين في الطريق إلى أحد السجون بضواحي طرابلس. Keystone

بحلول الخميس 22 أبريل 2010، يكون ماكس غولدي، رجل الأعمال السويسري المعتقل في سجن بضواحي طرابلس قد قضى نصف الفترة التي حكم بها عليه والمحددة بأربعة أشهر.

وفي الواقع، لم يغادر غولدي الأراضي الليبية منذ 22 شهرا تقريبا بسبب أطوار الأزمة المتلاحقة بين برن وطرابلس والتي انطلقت شرارتها الأولى عقب إيقاف هانيبال، نجل الزعيم الليبي لفترة قصيرة في منتصف يوليو 2008 في جنيف.

ويوم أمس (الأربعاء 21 أبريل) وجّه صالح زحاف، محامي غولدي رسالة إلى مؤسسة القذافي، التي يرأسها سيف الإسلام، يطالبه فيها بالتدخل لصالح موكله. ونقلت عنه وكالة الأنباء السويسرية قوله: “لقد طالبنا بتدخل مؤسسة القذافي الخيرية لتحسين ظروف اعتقال ماكس غولدي، ولبذل جهود من أجل الأخذ في الاعتبار 53 يوما قضاها في الإختفاء القسري (في يوليو وأكتوبر 2009)، ضمن المدة المتبقية من محكوميته”.

ومن برن، طالب شقيقا ماكس غولدي، موريتس وكريستيان، السلطات الليبية بإطلاق سراحه. وفي حوار أجرته معهما يومية “تاغس أنتسايغر” (تصدر بالألمانية في زيورخ) يوم الخميس 22 أبريل دافع كريستيان عن الزيارة التي قام بها هانس رودولف- ميرتس، رئيس الكنفدرالية آنذاك إلى طرابلس في 20 أغسطس 2009 وقال: “لقد قام ميرتس بواجبه كرجل دولة وقاد المحادثات بجدية ومصداقية، ولكن للأسف لم تأت جهوده بنتيجة”.

كذلك توجه الشقيقان غولدي بالخطاب إلى الدبلوماسيين الأوروبيين مذكّرين إياهم بأن المشكلة لم تحل، وأن أخوهما ماكس “سجين سياسي، ولذلك يجب حل المشكلة بطرق دبلوماسية. وعلى جميع الأطراف الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل مرضي للجميع”.

حمداني يخرج عن صمته

هذه الفترة كانت أيضا كافية لإخراج رشيد حمداني الذي رافق ماكس غولدي في محنته بليبيا إلى حين إطلاق سراحه يوم 22 فبراير 2010، عن صمته. وكان الحديث الذي أجرته معه مجلة « L’illustré » الناطقة بالفرنسية والصادرة بلوزان في طبعتها ليوم 21 أبريل 2010، الاوّل من نوعه منذ عودته إلى سويسرا.

تحدّث حمداني، السويسري من أصل تونسي عن ردود الفعل الإنتقامية التي اتخذتها السلطات الليبية ضد المصالح السويسرية في البلاد عقب فترة الإيقاف القصيرة التي تعرّض لها هانيبال، نجل الزعيم الليبي، على يد شرطة جنيف.

ويتذكّر حمداني لحظة اعتقاله: “لم أكن في المكتب. هتفت إليّ الكاتبة، وأخبرتني بان الشرطة جاءت إلى مقر الشركة، فأغلقت المكتب وختمت عليه بالشمع الأحمر. بعد أن عدت إلى المنزل الذي كنت أقطنه، جاء أعوان الأمن، وقالوا إنهم يحتاجونني لربع ساعة.. ربع ساعة تحوّلت إلى 583 يوما”.

ومما يتذكّره حمداني أيضا أنه “في اليوم الذي أطلق سراح هانيبال القذافي في جنيف، أعطيت الأوامر لإغلاق كل الشركات السويسرية في ليبيا، واعتقال كل رؤسائها من أصل سويسري”. ويضيف حمداني: “لقد ختموا بالشمع الأحمر على كل الأبواب، وقطعوا الكهرباء، ومن بين الشركات الخمس والعشرين التي أوصدوا أبوابها، لم يكن من بين رؤسائها السويسريين سوى أنا وماكس غولدي”.

وينظر حمداني إلى إقدام السلطات الليبية على إطلاق سراحه على أنها مجرد مناورة، الهدف منها “البرهنة على أنهم يحترمون النظام القضائي، وإثبات حسن نية تجاه أوروبا”.

وعن تفسيره لتعثّر جهود الدبلوماسية السويسرية في التعاطي مع فصول الازمة مع ليبيا، يضيف الحمداني: “المشكلة هي اننا نعيش في سويسرا في ظل ديمقراطية عريقة، وليس لنا دراية بطرق تصرف الآخرين، ولا كيفية التصرّف تجاههم. لم تكن لسويسرا مستعمرات، ولا يعرف أهلها كيف تتصرّف المستعمرات القديمة”.

أسئلة مفتوحة إلى الأوروبيين

تبخرت الآمال العريضة التي أطلقها قبل شهر تقريبا الدبلوماسيون الأوروبيون بقرب الإفراج عن ماكس غولدي، وذلك بعد أن تراجعت السلطات السويسرية عن الإجراءات التقييدية التي فرضتها على منح تأشيرات الدخول إلى فضاء شنغن بحق مجموعة متنفّذة من الشخصيات الليبية القريبة من دوائر الحكم في طرابلس.

وبالنسبة لفرع منظمة العفو الدولية في سويسرا، الذي يتابع أوضاع السجين السويسري عن قرب، فإنه “ليس من الواضح ما إذا كانت جهود الوساطة الأوروبية قد ساعدت على الإقتراب من حل لهذه المشكلة. فإسبانيا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي، وألمانيا، أكبر شريك تجاري أوروبي مع ليبيا انخرطا بقوة في تلك الجهود”.

وتذكّر المنظمة غير الحكومية أن “ماكس غولدي سلم نفسه للسلطات الليبية بعد الحصول على وعود من الإتحاد الأوروبي بقرب الإفراج عنه”. وهو الامر الذي أكده أيضا رشيد حمداني في حديثه إلى مجلة « L’Illustré » حيث قال: “لم يكن من المتوقّع أن تسير الأحداث على هذا الحال، كان من المنتظر ان يلحق بي ماكس غولدي بعد ثلاثة أو أربعة ايام. لقد مر الآن شهران!”.

ردا على ما سبق، وخلال حديث أجرته معه swissinfo.ch يوم الخميس 22 أبريل 2010، أكد نائب السفير الإسباني ببرن ألفونسو لوبيس بيرونا أن بلاده لا تزال تعمل من أجل الإفراج على غولدي لأسباب إنسانية، لكن ما ستسفر عنه هذه الجهود رهن بالقرار الليبي. واضاف الدبلوماسي الإسباني: “نحن في انتظار لقاء جديد سوف يعقد قريبا ببرلين”.

وقال مجيبا عن سؤال حول توقعه بإطلاق سراح غولدي قريبا: “للأسف ليس لديّ أدنى فكرة عن ذلك. هذا أمر لا يمكن لأحد ان يجزم به. الأمر كما قلت رهن بالقرار الليبي”.

من جهته، نفى ناطق بإسم وزارة الخارجية الألمانية ببرلين، إشترط عدم ذكر إسمه، وجود أي جديد يمكن الإعلان عنه بشأن قضية ماكس غولدي في هذه المرحلة، قبل أن يضيف متحدثا إلى swissinfo.ch : “الرسالة الوحيدة التي يمكن أن أتوجه بها إلى الشعب السويسري أننا نتابع الوضع عن كثب. لكن لا يمكنني الكشف عن أي تفاصيل بشأن أي وساطة محتملة”.

مع استمرار محاولات الوساطة من هنا وهناك، يظل ماكس غولدي قابعا في زنزانة مظلمة ليس بها نوافذ، ولا يرى نور الشمس سوى لساعة في النهار، وتتواصل محنته التي بدأت منذ 19 يوليو 2008، بعد أن اتهمته السلطات الليبية بانتهاك القوانين المنظمة للإقامة، وممارسة أنشطة تجارية غير معلنة. وفي هذا السياق، لا يُخفي الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية خشيته من أن يُمنع رجل الأعمال من العودة إلى وطنه حتى بعد انتهاء فترة محكوميته، أو أن تُفتعل قضية أخرى ضده.

عبد الحفيظ العبدلي – swissinfo.ch مع الوكالات

19 يوليو 2008: بعد أربعة أيام فقط من إيقاف هانيبال القذافي في جنيف، السلطات الليبية تلقي القبض على المواطنين السويسريين: ماكس غولدي ورشيد حمداني.

21 يوليو 2008: إطلاق سراح رجليْ الأعمال بكفالة، لكنهما يُمنعان من مغادرة التراب الليبي، ويضطران للإقامة في سفارة سويسرا بطرابلس.

20 أغسطس 2009: خلال زيارة خاطفة لطرابلس، هانس رودولف- ميرتس، رئيس الكنفدرالية آنذاك، ووزير المالية السويسري يتقدم باعتذار رسمي للسلطات الليبية ويوقّع اتفاق لحل النزاع بين البلديْن. لكن الخطوتان لم يكن كافيان لإطلاق الرهينتيْن.

18 سبتمبر 2009: السلطات الليبية تحتجز الرهينيْن في مكان سري ولا يتم الإفراج عنهما إلا بعد 57 يوما..

4 نوفمبر 2009: الحكومة السويسرية تعلّق العمل بالإتفاق المبرم مع ليبيا، وتحدد قائمة بمائة وخمسين (أو 188 حسب مصادر أخرى) شخصية ليبية تستثنيها من حق الحصول على تأشيرات سفر إلى البلدان الأعضاء في فضاء شنغن.

1 ديسمبر 2009: الحكم على رشيد حمداني وماكس غولدي بالسجن 16 شهرا، وغرامة مالية قدرها 1600 فرنك وسويسرا تعتبرهما “رهينتيْن”.

ديسمبر 2009: منظمة العفو الدولية تطلق حملة تضامن واسعة مع الرهينتيْن السويسريتيْن.

31 يناير 2010: القضاء الليبي يبرئ ساحة رشيد حمداني من كل التهم، ويقلص مدة الحكم بالسجن على ماكس غولدي من 16 شهرا إلى 4 اشهر مع دفع غرامة قدرها 860 فرنك.

22 فبراير 2010: ماكس غولدي يُغادر مقر السفارة السويسرية في طرابلس ويسلم نفسه للسلطات الليبية، ورشيد حمداني يغادر عائدا إلى سويسرا عبر تونس.

1 مارس 2010: هانيبال القذّافي يزور ماكس غولدي ويلتقي معه في مكتبة السجن.

10 مارس 2010: محامي ماكس غولدي يستأنف الحكم أمام المحكمة العليا الليبية.

24 مارس 2010: الحكومة السويسرية تسحب قائمتها المقيدة لمنح تأشيرات شنغن لشخصيات ليبية تحت ضغوط الإتحاد الأوروبي.

12 أبريل 2010: قضاء جنيف يدين صحيفة “لاتريبون دي جنيف” بسبب نشرها لصور مسربة من ملف اعتقال هانيبال القذافي.

22 ابريل 2010: ماكس غولدي يختتم نصف المدة المحكوم بها عليه في سجن الجديدة بطرابلس.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية