مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصحافة السويسرية تـُدين قائد الجيش مُسبقا

صورة وزير الدفاع سامويل شميد تصدرت الصفحات الأولى لمعظم الصحف السويسرية الصادرة يوم الثلاثاء 22 يوليو 2008 swissinfo.ch

تعتقدُ معظم الصحف السويسرية أن رولون نيف لن يعود أبدا على رأس الجيش غداة توقيفه عن العمل بسبب دعوى جنائية كانت قد رفعتها ضده رفيقته السابقة. كما تكهنت بعضها بأن هذه القضية ستُطيح لا محالة بوزير الدفاع سامويل شميد الذي كان على عـلم بتلك الدعوى ولم يُخبر باقي أعضاء الحكومة بها.

ومنذ منتصف هذا الشهر، تحولت قضية نيف التي “فضحتها” صحيفة سويسرية ناطقة بالألمانية إلى ما يُشبه مُسلسلا تتضخم أحداثه يوما بعد يوم، وهو ما جعل بعض المراقبين يتساءلون إن كان الافتقار للأخبار خلال عطلة الصيف وراء الاهتمام المُفرط بقائد الجيش أم أن “فـعلته” المزعومة و”تستر” الوزير عليها سابقة خطيرة بالفعل.

طالبت بعض الصحف السويسرية بوضوح يوم الثلاثاء 22 يوليو الجاري باستقالة قائد الجيش رولون نيف الذي أوقفته وزارة الدفاع عن العمل بسبب تحرشه المزعوم برفيقته السابقة وتُهمة تسليم معطياتها الشخصية لهواة اللقاءات والمغامرات الجنسية التي تتم عبر شبكة الإنترنت. فبالنسبة ليومية “لوماتان” (تصدر بالفرنسية في لوزان) “رولون نيف ليس شخصا جديرا بقيادة جيش بلادنا. عليه أن يغادر (منصبه) في أسرع وقت مُمكن”.

وبنفس الوضوح، كتبت صحيفة “بليك” الواسعة الانتشار (تصدر بالألمانية في زيورخ): “لن يستطيع نيف الحدّ بعض الشيء من الأضرار التي تسبب فيها إلاّ بالاستقالة سريعا بعد توقفيه عن العمل”.

من جهتهما، تعتقد صحيفتا “فانت كاتر أور” (لوزان) و”لاتريبون دو جنيف” أن “مصير رولون نيف يبدو أنه قد حُسم”. ولئن كانت اليوميتان الرومانديتان (الناطقتان بالفرنسية) تبغضان “التصور الذي يفترض أن خادمي الدولة أناس بلا عيوب يـُكوِّنون طبقة فوق البشر”، فإنهما على قناعة بأن “الحشمة تقتضي أن يستقيل (رولون نيف) إذا ما تأكدت الوقائع”.

أما صحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في جنيف)، فلا تعتقد أنه سيكون من السـّهل على الحكومة الفدرالية إبقاء قائد الجيش السويسري في منصبه، وكتبت في هذا السياق: “نتوقع من شخصية عامة مُعرضة للأنظار بهذا القدر ومـُتحمِّلة لمسؤولية بهذا الحجم أن تتحلى بسمعة شخصية شفافة من غير شائبة”.

إدانـة مُسـبقة

وتحت عنوان “سامويل شميد يتخـلّى عن رولون نيف”، أعربت في مقال مُشترك اليوميات الروماندية “لامبارسيال” (نوشاتيل) و”لوجورنال دوجورا” (بيين/بيل) و”لاليبرتي” (فريبورغ) عن اعتقادها بأن نيف لن يستطيع تدارك الأمر إذ كتبت: “يصعب تصور قائد الجيش، الموقوف والمعزول، قادرا على إزاحة كافة الشكاوى ضده بحلول 20 أغسطس. فهو يبدو مُدانا بالفعل رغم أنه مُنح فرصة أخيرة (لإثبات أنه أهل بالثقة)”.

وقد أمهلت وزارة الدفاع قائد الجيش إلى 20 أغسطس القادم لتقديم الدلائل على أنه مازال أهلا بالثقة لشغل منصبه. وهو تحرك وصفته صحيفتا “لا تريبون دو جنيف” و”فانت كاتر أور” بـ “نصف الإجراء” و”نصف القرار”، واعتبرته ناجما عن منطق يتسم بـ”الجبن”.

وفي مقال بعنوان “نهاية مُسلسل سيء؟”، أضافت صحيفة “لونوفيليست” (تصدر بالفرنسية في سيون، كانتون الفالي): “لا يُمكن مُخادعة أحد: فالنهاية وشيكة بالفعل”. ودعمت هذا الطرح صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في زيورخ) بتذكيرها بأن “الأشخاص الذين يتم توقفيهم عن العمل لا يعودون إلا نادرا لمنصبهم”، مُشددة على أن العسكريين، أكثر من غيرهم، لا ينبغي أن يكونوا أكفاء فحسب بل أن يثبتوا قوة شخصيتهم، “وإذا ما وضعنا (هذه المعطيات) في الاعتبار، فيمكن القول بأن (قرار توقيف نيف) سمح بكسب بعض الوقت، لكن الذي حدث ببساطة ليس سوى تأجيل للقرار النـهائي”.

وفضلا عن ذلك، تعتقد اليومية أن وضع وزير الدفاع سامويل شميد وضعٌ لا يُحسد عليه، لكن صحيفة زيورخ الرصينة تعتقد بأن “المطالبة الآن باستقالة سامويل شميد ستكون من باب تبسيط الأمور”.

أما صحيفة “لونوفيليست” فترى أن وزير الدفاع أظهر يوم أمس الإثنين لدى إعلانه عن توقيف قائد الجيش “إدراكا مُتأخرا (لوزن هذه القضية) غير أنه واضح وقد يمنحه مُهلة قصيرة، لكن سيتعين عليه أيضا أن يُثبت (…) أنه لا يزال قادرا على ممارسة مهامه الوزارية”. وتتنبأ الصحيفة بـ “خريف عاصف” لوزير الدفاع وحماية السكان والرياضة.

المزيد

المزيد

الحكومة الفدرالية، الوزير الفدرالي، رئيس الكنفدرالية

تم نشر هذا المحتوى على تسمى الحكومة الفدرالية السويسرية مجلس الحكم الفدرالي، وهي تتشكل من سبعة وزراء فدراليين (يُـطلق عليهم أيضا اسم المستشارين الفدراليين)، يتم انتخابهم من طرف غرفتي البرلمان (اللتان تشكلان مجتمعتين البرلمان الفدرالي) ويعاد تثبيتهم في مناصبهم كل أربعة أعوام. كل مستشار فدرالي يتحمل مسؤولية دائرة معينة بصفة وزير. طبقا لنظام دوري، يتقلّـد كل وزير فدرالي مهام رئيس…

طالع المزيدالحكومة الفدرالية، الوزير الفدرالي، رئيس الكنفدرالية

مُطالبة باستقالة السيد الوزير

وكانت يومية “لوكوتيديان جوراسيان” (تصدر بالفرنسية بدوليمون، كانتون الجورا) أكثر قسوة إزاء الوزير، إذ كتبت: “على سامويل شميد (…) أن يستخلص النتيجة التي تفرض نفسها وألا يكتفي بالتخلص من رولون نيف”.

وتعتقد صحيفتا “فانت كاتر أور” و”لا تريبون دو جنيف” أيضا أن نيف لا يجب أن يكون المُستقيل الوحيد في هذه القضية، إن قدم على تلك الخطوة بالفعل إذ ورد في مقالهما المشترك: “ينبغي على سامويل شميد أيضا المغادرة دون الاختباء مرة أخرى وراء مرؤوسيه (…) فهو يقول إنه قادر على التحرك كقائد، وقد حان الوقت لإثبات ما يقول”.

من جهتها، كتبت “تاغس-انتسايغر” (تصدر بالألمانية في زيورخ): “إذا كان سامويل شميد صادقا مع نفسه، ينبغي عليه أن يقر بأنه من صالح بلاده ترك مكانه لغيره”. بينما تساءلت صحيفة “لوماتان” (تصدر بالفرنسية في لوزان) “إن كان من الصواب ترك معالجة هذه القضية لوزير يُعتبر جزء لا يتجزأ من الفضيحة؟”، وتجيب اليومية عن سؤالها: “إن الحكومة الفدرالية، بكامل أعضائها، هي التي يجب أن تأخذ بزمام الأمور الآن”.

أما صحيفة “أجيفي” الاقتصادية (تصدر بالفرنسية في لوزان)، فقد أعربت عن أسفها لسيطرة الإعلام على مُجريات هذه القضية بحيث كتبت: “إن وسائل الإعلام هي التي تضع جدول أعمال هذه القضية، ثم يتبعها الوزراء الفدراليون”. كما تساءلت إن كان الخط الدفاعي لسامويل شميد سيصمد إثر صدور “الجزء الثالث من المُسلسل” في صحف يوم الأحد القادم.

سويس انفو مع الوكالات

8 يونيو 2007: الحكومة الفدرالية تُعين العميد رولون نيف (48 عاما)، قائد التدريب في مجال استخدام االدبابات والمدفعيات في مدينة تون (كانتون برن)، لمنصب قائد الجيش السويسري، ليخلف القائد الملازم كريستوف كيكيس.

1 يناير 2008: بدأ رولون نيف مهامه كقائد للجيش، ووضع ضمن أولويات سنته الأولى “تعزيز” الجيش وتحسين درجة استعداد القوات والإمدادات.

منتصف يناير: أثار تعليمٌ جـديد يـُجبر الجنود على القيام بمـهمة الحراسة بأسلحة مشحونة بالذخيرة جدلا في بالبلاد وأقر وزير الدفاع سامويل شميد بوقوع أخطاء على مستوى الاتصـال.

12 يونيو: قضى خمسة جنود من القوات الجوية غرقا في حادثة ركوب القوارب النهرية “الرافتينغ” في نهر كاندير بفيميس (كانتون برن). وألقـي اللومُ على قائد السـّرية واتـُّهم بالإهمال خلال مرحلة الاستعداد للتمرين، وفتح القضاء العسكري تحقيقا حول الحادث.

20 يونيو: فالتير كنوتي، قائد القوات الجوية يستقيل بناء على طلب من قائد الجيش. والتحقيق يظهر أخطاء على مستوى اختيار الأطر.

21 يونيو: تأسس فرع برن للحزب البورجوازي الديمقراطي الجديد الذي انضم إليه وزير الدفاع سامويل شميد (الذي كان عضوا في حزب الشعب السويسري (يمين متشدد).

نهاية يونيو: الصحافة تنتقد حضور الوزير شميد في طواف سويسرا للدراجات. فهو ظهر على الصور بابتسامة عريضة رفقة ملكتي جمال بينما كانت تتم في نفس الوقت مراسيم دفن ضحايا حادثة كاندير.

13 يوليو: صحيفة “زونتاغتسايتونغ” التي تصدر بالألمانية في زيورخ تعلن أن دعوى قضائية كانت قد رُفعت ضد قائد الجيش في وقت تعيينه. وكان يـُلاحق بتهمة معاملة رفيقته السابقة بالإكراه. وقالت وسائل الإعلام إن الوزير شميد كان على علم بهذه القضية ولم يـُحط باقي أعضاء الحكومة علما بها. وأكدت بعض الصحف أن الدعوى ضد نيف تتعلق بالعنف العائلي.

14 يوليو: وزارة الدفاع السويسرية تُقر بأن الوزير شميد لم يبلغ هذه المعلومة لزملائه في الحكومة.

15 يوليو: رولون نيف ورفيقته السابقة يعلنان بأن الدعوى لم تُرفع بسبب العنف العائلي، وأنهما كانا قد توصلا إلى اتفاق بهذا الشأن.

17 يوليو: خلال مؤتمر صحفي، أقر قائد الجيش بأنه دفع مبلغا لرفيقته السابقة كتعويض للأضرار التي ألحقها بها. كما أعلن أن دعوى قضائية رُفعت ضد صحيفة “بليك” (الواسعة الانتشار والتي تصدر بالألمانية في زيورخ) بسبب الإساءة إلى الحياة الخاصة.

18 يوليو: خرج وزير الدفاع من صمته ليعلن عن “دعمه الكامل” لقائد الجيش. وقال إن رولون نيف رجل “جدير بالثقة ونزيه ومسؤول”. وأكد شميد أنه لم يكن يعلم شيئا عن فحوى الدعوى الجنائية ضد نيف.

19 يوليو: محامي رولون نيف يصرح لإذاعة سويسرا الناطقة بالألمانية أن الرفيقة السابقة لقائد الجيش وقعت بيان سحبها للقضية ضد نيف فقط بعد تعيين هذا الأخير على رأس الجيش. وكان رولون نيف قد نفى تداول الأحداث بهذا النسق خلال المؤتمر الصحفي الذي كان عقده قبل يومين.

20 يوليو: نشرت صحيفة “زونتاغستسايتونغ” مقتطفات من تقارير للشرطة تحتوي على تفاصيل حول مضمون الدعوى التي رفعتها الرفيقة السابقة لنيف ضده.

21 يوليو: تم توقيف رولون نيف عن الخدمة إلى الجلسة القادمة للحكومة الفدرالية يوم 20 أغسطس القادم. ويتعين على نيف إلى ذلك التاريخ تقديم الدلائل على أنه شخص جدير بالثقة.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية