مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القوات السويسرية الخاصة تتعرض لوابل من الإنتقادات

القوات الخاصة في سويسرا تكشف عن مهاراتها في عرض خاص بوسائل الإعلام في عام 2007. Keystone

ســُلطت الأضواء من جديد على وحدة القوات العسكرية الخاصة في سويسرا والتي تتحدد مهمّتها في حماية القوات المنتشرة في بلدان أجنبية والمواطنين الموجودين بالخارج. وتتعرض هذه الوحدة حاليا لهجوم من أطراف عديدة.

يأتي ذلك بعد تأكيد رئيسة الكنفدرالية ووزيرة الاقتصاد السويسرية دوريس لويتهارد الأسبوع الماضي لتسريبات إعلامية تحدثت عن خطط كانت الحكومة الــفدرالية تنوي تنفيذها، وتتمثل في إرسال “قوات أمنية” لإنقاذ مواطنيْن سويسريين كانا معتقليْن في ليبيا لمدة تجاوزت العام، وبعد أن طالب سياسيون، نتيجة لذلك، بحل فرقة الكوماندوس “الخطيرة” المسماة DRA10.

وأوضح كريستوف بلوخر، وزير العدل والشرطة السابق، والعقل المدبر بحزب الشعب (يمين متشدد) في حديث أدلى به لصحيفة لوتون، الناطقة بالفرنسية والصادرة بجنيف يوم السبت 27 يونيو 2010 أن “هذه الوحدة العسكرية الخاصة التي أنشأت للتدخل في الخارج، قيل لنا في البداية أنها أنشأت فقط من أجل إنقاذ المواطنين السويسريين الذين يقعون رهائن بيد إرهابيين. لكننا تأكدنا الآن أنها فرقة خطيرة”.

وأضاف بلوخر: “الخطط التي أعلن عنها وضعها أشخاص يفتقدون إلى الخبرة، وكان يمكن أن تنجرّ عنها نتائج مأساوية. و الآن، نحن ندعو إلى التوقّف عن أي تدخّل عسكري في الخارج، وإلى حل وحدة DRA10”.

وخلال الأسبوع الماضي، أشارت وسائل الإعلام السويسرية إلى أن الخطط السرية التي أعدتها وزارة الخارجية السويسرية لاستخدام القوات الخاصة وأجهزة المخابرات لتحرير الرهينتين السويسريتين في ليبيا، رشيد حمداني، وماكس غولدي، قد أثارت تباينا واختلافا في وجهات النظر إثر طرحها داخل الحكومة.

ولئن انتقدت دوريس لويتهارد بشدة تسريبات وسائل الإعلام، فإنها أكدت خبر مناقشة الحكومة للخيارات الممكنة لإخراج الرهينتيْن السويسريتين من ليبيا.

وقالت خلال ندوة صحفية عقدتها ببرن يوم 21 يونيو: “أن تنظر السلطات المختصة في إمكانية إستخدام قوات الأمن لتحرير سويسريين رهائن هو أمر سليم، ولا يمكن انتقاده”. لكن كلام لويتهارد لا يجيب عن العديد من الأسئلة المتعلقة بمن من أعضاء الحكومة كان على علم بتلك الخطط السرية؟ ومتى أعلم بذلك؟ وإلى أي مستوى بلغ الإعداد لها؟

التقرير الأمني

وخلال الجمعية العامة التي عقدها حزب الشعب بدوليمون، عاصمة كانتون الجورا، يوم السبت 27 يونيو هاجم رئيس الحزب توني برونر كذلك قوات النخبة الخاصة، وكشف عن إستعداد الحزب لإطلاق مبادرة شعبية لحظر أي تدخل للجيش السويسري في الخارج.

الإنتقادات لم تتوقف عند حزب الشعب، إذ تقدم النائب البرلماني يو لانغ، عن حزب الخضر السويسري، والذي هو أيضا عضو بمنظمة “من أجل سويسرا من دون جيش” بإلتماس إلى اللجنة البرلمانية للشؤون الأمنية يوم الإثنيْن 28 يونيو يطالب فيه بحل فرقة القوات الخاصة DRA10.

ومن المرجح جدا أن يفتح نقاش حول هذه القوات عندما تتم المداولات البرلمانية حول التقرير الأمني في الدورة البرلمانية الخريفية القادمة، وهو التقرير الذي أقرته الحكومة الأسبوع الماضي.

ويضع التقرير المشار إليه الخطوط التوجيهية لتعاون أنجع بين الكانتونات والوكالات الفدرالية من شأنه إذا طبق، أن يساعد في ضبط المهمات التي توكل إلى الجيش السويسري. ومن المنتظر أن يكشف عن هذه الخطوط التوجيهية في شهر سبتمبر القادم. لكن أولي ماورر، وزير الدفاع، أعرب عن تأييده الأسبوع الماضي لهذه القوات الخاصة، وذلك في مخالفة واضحة لموقف حزب الشعب الذي ينتمي إليه.

وخاطب وزير الدفاع الصحافيين بالقول: “من المفترض ألا يطرح هذا الموضوع أصلا للنقاش. أي جيش حديث يمتلك هذه الوحدات الخاصة. وسويسرا تريد أن تكون لها قوات قادرة على إجلاء السويسريين في الخارج. لاشيء قد تغيّر في هذا المضمار”.

لكن الوزير أقرّ كذلك أن الوضع يفتقر إلى الوضوح، وأن هذه الوحدة الأمنية من المفترض أن تدمج مع فوج الرماة والمظليين. وذكّر الوزير أنه في عهد سلفه ساموئيل شميد، تراجع عدد أفراد فرقة DRA10 من 90 فردا كما كان مخططا له في البداية إلى 40 فردا فقط.

أطلانطا

ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها هذه الوحدة الأمنية، التي لم يسجل لها أي نشاط فعلي حتى الآن، إلى التهجم والإنتقاد.

ففي سبتمبر 2009، أحبط تحالف بين طرفي اليمين واليسار مقترحا تقدمت به أحزاب الوسط كان يهدف إلى السماح للقوات الخاصة السويسرية بالمشاركة في حملة “أطلانطا” التي يموّلها الإتحاد الأوروبي والمخصصة لمحاربة القراصنة قبالة السواحل الصومالية. وعقب ذلك التصويت، تساءل العديد من السياسين، بل وحتى أندري بلاتمان، قائد الجيش، حول الجدوى من وجود وحدة DRA10. وأوردت يومية “فانت كاتر أور” الصادرة بلوزان آنذاك قول قائد الجيش: “إذا كنا لا نرغب في استخدام هذه الأداة، فعلينا أن نسأل أنفسنا إذا كان من اللازم الاحتفاظ بها”.

وفي الوقت الذي تواصل فيه مسألة خطة إنقاذ الرهينتيْن السويسريتيْن في ليبيا سابقا احتلال عناوين الصحف، لم يخف ألبرت شتاهيل من معهد الدراسات الإستراتيجية بجامعة زيورخ شكوكه حول النتائج المتوقع لمثل ذلك التدخل.

وقال في تصريح إلى swissinfo.ch: “إذا كان الغرض من تلك الخطة إنقاذ الرهينتيْن، أعتقد أن الأمر كان في عداد المستحيل، لأن سويسرا لا تمتلك وسائل النقل المتطوّرة المطلوبة في مثل هذه العمليات”. وأضاف الخبير في القضايا الإستراتيجية: “لدي شعور أنه كان وراء تلك الخطة الكثير من التفكير النظري الذي لا يختلف نهجه عن مبادرة “أطلانطا”… هناك الكثير من التفكير غير الواقعي وراء ذلك”.

ويعتقد شتاهيل أن على سويسرا في المستقبل إنشاء فرقة واحدة للقوات الخاصة تجتمع فيها تحت مظلة واحدة مختلف فرق الكوماندوس، لأن سويسرا باختصار لا يمكنها توفير متطلبات وحدات مختلفة في هذا المجال.

وختم شتاهيل قائلا: “إذا كان أولي ماورر أو فيدمر- شلومبف غير متفقين على إنشاء فرقة واحدة للقوات الخاصة، أعتقد أن ضغوطا قوية في هذه الحالة سوف تمارس من أجل حل وحدة DRA10”.

سيمون برادلي –swissinfo.ch

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

تمتلك سويسرا، المعروفة بكونها بلد جيوش النخبة وبحيادها، أوّل وحدة للقوات الخاصة مستعدة للتدخل والمعروفة بوحدة DRA10، منذ 1 أغسطس 2007.

هذه المفرزة الأمنية هي عبارة عن نخبة من القوات الخاصة تتبع فوج الرماة والإستطلاع، إلى جانب وحدات الرماة والمظليين، ووحدة خاصة في مجال النقل الجوي.

أنشأت DRA10 لحماية قوات الجيش السويسري الموجودة في بلدان أجنبية، وكذلك حماية المواطنين السويسريين الذين باتوا يوجهون أخطارا أمنية متزايدة.

ويدخل في مهامها كذلك حماية السويسريين الذين يجدون أنفسهم في حالات متأزمة في الخارج، وتجميع ما هو متاح من المعلومات لإنجاح هذا الصنف من العمليات.

بدأ بناء هذه القوات في عام 2003، وتم التفرغ من إعداد وتدريب 40 عضوا يشكلون حاليا هذه الوحدة الأمنية الخاصة.

توازي 18 شهرا من التدريبات التي تلقاها أفراد وحدة DRA10 تدريبات 25 أسبوعا بالنسبة للرماة و43 أسبوعا بالنسبة للمظليين.

تبلغ تكلفة إعداد وحدة خاصة (91 عضوا) ما يوازي 16 مليون فرنك سويسري في السنة.

تمتلك سويسرا جيشا حسن التدريب والاستعداد، لكن هذا الجيش لم يخض حربا منذ 1815. ودعا تقرير أمني ناقشته الحكومة الأسبوع الماضي وأقرته إلى ضرورة تقليص عدد قواتها المسلحة وتركيز مهماتها على توفير الأمن داخل سويسرا ودعم العمليات الإنسانية في الخارج.

حاليا، يتوجب على كل الرجال السويسريين الخضوع إلى تدريبات عسكرية، والقدرة على أداء وجبات القوات الإحتياطية منذ 19 سنة وإلى حين بلوغهم 30 سنة.

اندلعت الأزمة بين سويسرا وليبيا بعد أن اعتقل نجل الزعيم الليبي هنيبال لفترة وجيزة على يد شرطة جنيف في شهر يوليو 2008، بعد شكوى بإساءة المعاملة رفعه ضده خادميْن له.

مباشرة بعد ذلك، وفي ما يبدو كجزء من سلسلة من العمليات الانتقامية أوقفت سلطات طرابلس رجليْ أعمال سويسرييْن يعملان في ليبيا.

رغم الزيادة التي أداها هانس رودولف – ميرتس، في أغسطس 2009 إلى طرابلس، بصفته رئيس الكنفدرالية آنذاك، واعتذاره عن إيقاف هنيبال بجنيف، فإن طرابلس لم تسمح لرجليْ الأعمال السويسريين بالعودة لبلادهما.

في فبراير 2010، حصل رشيد حمداني، أحد الرهينتيْن على تأشيرة خروج من ليبيا، في حين فرض على ماكس غولدي قضاء أربعة اشهر سجنا نافذة في احد السجون بطرابلس بتهمة انتهاكه لقوانين الإقامة.

عاد غولدي إلى بلاده في يونيو 2010 على نفس الرحلة رفقة وزيرة الخارجية ميشلين كالمي –ري بعد جهود وساطة حثيثة قادتها ألمانيا وإسبانيا التي كانت تتولى الرئاسة الدورية للإتحاد الأوروبي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية