مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تكريم في جنيف لإعلاميين ومُدوّنين أسهموا في ثورات الربيع العربي

لقطة من الحفل الذي أقامته الحملة الدولية لشارة الصحفي يوم 8 يونيو 2011 في جنيف تكريما للمدونين المصريين (أحمد عبد العزيز - على اليمين)، والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين (الناجي بغوري - في الوسط)، والتضامن لحقوق الإنسان الليبية (خالد صالح). swissinfo.ch

كرمت "الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفي" الدور الذي لعبه الإعلام العربي في الثورات الجارية في هذه المنطقة الحيوية من العالم من خلال منح جائزتها السنوية إلى النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وحركة شباب 25 يناير في مصر، ووكالة التضامن للإعلام الليبية.

في هذا الإطار، نظمت هذه المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من جنيف مقرا لها، حفل تكريم لممثلين عن الأطراف الثلاثة بغرض إبراز الدور الذي لعبته وسائل الإعلام وشبكات الإتصال الإجتماعي الحديثة في تعزيز قدرة هذه الثورات الشبابية على إيصال صوتها إلى العالم الخارجي رغم التحديات والعقبات التي حاولت الأنظمة القائمة فرضها عليها.  

الحفل الذي احتضنه نادي الصحافة السويسري بمدينة جنيف يوم الأربعاء 8 يونيو 2011، كان فرصة للتعرف على تطلعات الضيوف وتكهناتهم بخصوص مآلات هذه الثورات أو ما قد يعترض طريقها من تحديات وعقبات. ووفرت ندوة صحفية سبقت حفل التكريم فرصة للجمهور وممثلي بعض وسائل الإعلام السويسرية لطرح عدد من التساؤلات والإستفسارات حول المسار الذي قد يتجه إليه “الربيع العربي” في الفترة المقبلة.

تونس: إعادة البناء ليست سهلة

في مداخلته، تحدث ناجي البغوري، الرئيس السابق لنقابة الصحفيين التونسيين عن التقلبات التي تعرفها تونس “من أجل الوصول إلى مسار انتخابي  حر ومستقل”، وفيما اعتبر أن تأجيل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي إلى تاريخ 23 أكتوبر القادم “راجع الى اعتبارات لوجسيتية”، ذهب إلى أن “تونس في حاجة الى إعادة بناء من الصفر”، مشددا على أن التأقلم مع إلغاء قانون الصحافة القديم، والتوصل إلى ممارسة للقضاء باستقلالية، والفصل بين السلطات، وإعادة بناء الأحزاب السياسية “أمر يتطلب مزيدا من الوقت”.

ولدى تطرقه إلى العمل الصحفي بعد رحيل بن علي، أشار ناجي البغوري إلى أن “نفس وسائل الإعلام التي خدمت النظام الدكتاتوري طوال 23 عاما هي نفسها التي تواصل إعلام المواطن اليوم باستثناء ثلاث صحف جديدة. وأن الغالبية ممن مارسوا الصحافة في الماضي  وكانوا يشتمون المعارضة، قد قلبوا معاطفهم اليوم وأصبحوا يشتمون عائلة الطرابلسي ويروجون للثورة”.

وأضاف النقيب السابق أن “هذا ما توصلنا إليه في تقييمنا الأسبوع الماضي في نقابة الصحفيين بتحديد أن أمام الصحافة التونسية الكثير من العمل والجهد ونادينا من أجل إقامة هيئة مستقلة تسهر على الترخيص لوسائل إعلام جديدة من إذاعات ومحطات تلفزيونية وصحف، ودعم الشباب الذي قام بهذه الثورة من أجل إنجاز مشاريعه  الإعلامية، لأن نجاح الثورة يمر لامحالة بتوفير إعلام تونسي حر ومستقل وهذا أمر يجب ان يتم تداركه على وجه السرعة”، على حد قول البغوري.

مصر: تحديات تواجه الثورة

أحمد عبد العزيز من شباب ثورة 25 يناير في مصر، وأحد منسقي المدونين الذين لعبوا دورا حيويا في الثورة المصرية، ركز في تدخله على المخاطر التي لا زالت تهددها “أولها بقايا النظام السابق، وثانيها قلة وعي الجماهير المصرية، وثالثها بعض الدول الخارجية التي كانت تتعاون مع النظام السابق الذي كان يقدم لها خدمات جليلة”.

وفي معرض شرحه للنقطة المتعلقة ببقايا النظام السابق، قال أحمد عبد العزيز: “إن بقايا النظام مازالت في بعض المؤسسات مثل المجالس المحلية. ووجود هؤلاء الأشخاص يسمح لهم بمحاولة إشعال الفتن من جين لآخر سواء بين المسلمين أو المسيحيين أو فيما يُعرف بالإنفلات الأمني، أو بقيادة مجموعات من البلطجية والخارجين عن القانون لترويع المصريين. وكل هذه الأعمال مجتمعة تعمل على خلق عدم استقرار في البلد وبالتالي تجعل المواطن المصري البسيط يشعر بأن الثورة كانت عبئا عليه بدل أن تكون لصالحه”، على حد قوله. 

ليبيا: سقوط القذافي مسالة وقت

من جهته، ذكــر السيد خالد صالح، أمين عام “التضامن لحقوق الإنسان في ليبيا” بما قامت به هذه المنظمة غير الحكومية التي تنشط في المجال الحقوقي انطلاقا من سويسرا منذ عام 2000، حيث عملت على فضح انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا من بينها مجازر سجن ابو سليم وقدمت الدعم لأسر الضحايا والمفقودين في الشكاوى التي قدموها أمام آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

وعن السبب وراء حضور “التضامن لحقوق الإنسان” ضمن المكرمين في المجال الإعلامي للثورات العربية، أوضحت “الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفي” أن ما بادرت به هذه المنظمة الحقوقية من عمل إعلامي هام عبر إنشاء “وكالة التضامن للإعلام” لجمع المعلومات من مختلف مناطق ليبيا والتأكد من صحتها وإيصالها عبر مكتب أقيم في مدينة أولتن إلى مختلف الجهات الإعلامية.

هذه الخدمة التطوعية مكنت العديد من وسائل الإعلام الدولية من الإستفادة من مصدر إعلامي بديل في مقابل وسائل الدعاية الحكومية للنظام الليبي، وسمحت تاليا بنقل آخر التطورات الميدانية أولا بأول بشكل مدقق ومتأكد منه. ومن بين الأمثلة التي أوردتها الحملة الدولية لشارة لحماية الصحفي “الإعلان انطلاقا من جنيف عن سقوط أول مدينة بين يدي الثوار، وهي مدينة البيضاء”.

وفي رده على بعض تساؤلات الحضور حول احتمال تدخل قوات برية أجنبية لحسم الموقف، أجاب السيد خالد صالح بأن “الشعب الليبي يرفض هذا التدخل الأجنبي ويطالب بالحصول على الأسلحة لمواجهة آلة القتل لنظام القذافي التي تملك معدات متطورة”.

وبخصوص إمكانية سقوط النظام في طرابلس، قال السيد خالد صالح: “في الحقيقة، كنا متفائلين في الأيام الثلاثة الأولى للثورة لأن القذافي وقع في صدمة، لحد أنه بدأ يتساءل من أنتم؟ من أنتم؟ لأن الشعب الذي خرج للتظاهر غير الشعب الذي عهده من قبل. لكنه استدرك قواه فيما بعد واستعمل كل الوسائل التي كانت في حوزته ضد المدنيين …أما الآن فإن القذافي في مراحله النهائية، ومن يدافعون عنه يقومون بذلك نتيجة خوف أو نتيجة تورط. ونتوقع أن يسقط القذافي ونظامه خلال أسابيع من الآن”.

ولدى استفساره عن احتمالات استمرارية نشاط وكالة التضامن للإعلام في أداء مهامها، أجاب السيد صالح خالد: “إنها متواجدة في مناطق المجلس الوطني الإنتقالي وتواصل نشاطها هناك”، كما أفاد بأن “منظمة التضامن لحقوق الإنسان افتتحت مكاتب لها في المناطق المحررة” من التراب الليبي.

أثناء حفل التكريم الذي نظمته “الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفي” التي تأسست في عام 2004 في مدينة جنيف من أجل الدفاع عن الصحفيين العاملين في مناطق الحروب والنزاعات والأزمات، شددت رئيستها السيدة هدايت عبد النبي على أن “تكريم وسائل الإعلام العربية التي قامت بدور فعال في ثورات الربيع العربي ، يعتبر تكريما لملايين العرب الذين شاركوا في هذه الإنتفاضات العربية”.

وهذه هي السنة الثالثة التي تخصص فيها الحملة جائزتها السنوية لتكريم  شخصية او مؤسسة او منظمة ساهمت في تعزيز عمل الإعلاميين أثناء الصراعات والاضطرابات.

وفي كلمتها  في حفل التكريم، نوهت رئيسة المنظمة غير الحكومية أيضا بـ “دور الشباب ووسائل الإتصال الحديثة التي سهلت مهمة الإعلاميين وجعلتهم في الخط الأمامي لتمكين ملايين المواطنين العرب وفي باقي انحاء العالم من متابعة هذه الأمواج البشرية المطالبة  بالحرية والكرامة والديمقراطية”.

رئيسة “الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفي” أشارت أيضا إلى الواقع المؤلم بل المأساوي للعمل الصحفي أثناء النزاعات المسلحة والإضطرابات. وذكّـرت بمقتل خمسة صحفيين في الصراع الليبي لحد الآن، وهو ما من شأنه “أن يفتح أعين الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة على واقع المخاطر التي تواجه المهنة الصحفية في مناطق الصراعات وأن تشجعها على مؤازرة جهود الحملة الدولية من أجل شارة لحماية الصحفي التي تعمل جاهدة للتوصل إلى اتفاق دولي حول شارة ومعاهدة دولية تضمن حماية الصحفي في مناطق الصراعات المسلحة أو أثناء الاضطرابات المدنية”، على حد قولها.

من جهة أخرى، حرصت الحملة أيضا على تكريم دولة قطر اعترافا بالدور الذي لعبته قناة الجزيرة الفضائية في ثورات العالم العربي، ولسقوط رئيس مصوريها كأول ضحية في صفوف الإعلاميين الذين كانوا يغطون الأحداث في شرق ليبيا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية