مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تمدد حرب الحوثية.. ظلال ساخِـنة للحرب الباردة بين إيران والسعودية

متظاهرون يمنيون يُطلقون شعارات مناهضة لطهران خارج السفارة الإيرانية في العاصمة صنعاء يوم 25 نوفمبر 2009 Keystone

عندما دخلت المملكة العربية السعودية الحرب ضدّ المتمرِّدين الحوثيين، ثارت العديد من التكهّـنات حول خلفيات وأهداف التدخّـل السعودي واستعراض القوة غير المسبوقة ضد جماعة من المتمرِّدين في بلدٍ آخر، الأمر الذي يجعلُـها ظلال ساخِـنة للحرب الباردة بين طهران والرياض التي خيّـمت على المِـنطقة في السنوات الأخيرة.

فمع استمرار المعارِك وتواصُـل المُـواجهات بين الجانبيْـن وتزايد حُـشود العسكرية والدّفع بالقوات البرية والبحرية والجوية في البلدين إلى ساحة المعركة، أخذت الأمور تتّـجه نحو المزيد من التّـعقيد والتّـشابك، إلى الحدّ التي باتت تُـلقي بمزيد من الغُـموض حوْل خلفِـيات الحرب ومآلاتها.

فعلى الرغم من أن الحوثيين أعلنوا على لِـسان قائِـدهم الميداني عبد الملك الحوثي غَـداة دخول الجيش السعودي المعركة، بأنهم نفّـذوا عملية ضدّ مواقع سعودية في جبل الدخان “بقصد وضع حدٍّ للتّـسهيلات العسكرية التي تُـقدِّمها الرياض لجيش صنعاء”، حسب ما قاله قائد المتمرِّدين، ومنه جرّت الرياض كطرف مُـباشر في المواجهات مع الحوثيين، بعد أن كانت تتّـهم من قِـبلهم بالدّعم غير المباشرة للحكومة اليمنية في حربها، ومن ثَـمّ تعالَـت الإتِّـهامات لها من قِـبل المتمرِّدين ومرجِـعيات دِينية إيرانية بـ “الإبادة الجماعية للشِّـيعة لصالح المشروع الوهّـابي وانتهاكها للسيادة اليمنية”، الأمر الذي كشف شيئا فشيئا أن المواجهات في منطقة صعدة النائية، ليس إلا رجع صدى لحالة الحرب الباردة بين القُـطبيْـن الإقليمييْـن المُـتنافسيْـن في منطقة إيران، والسعودية مثلها مثل الحروب والتوتُّـرات الدائرة على مناطِـق النفوذ بين مشروعيْـن متنافريْـن، تحضر فيها المُـعطيات الداخلية والخارجية بقوّة، ما يزيد من تعقيدات هذه الحرب ويوسِّـع أهدافها.

من حرب أهلية إلى إقليمية.. وربما دولية

وفي معرض قراءته لهذا التطور وتعقيداته المحلية والإقليمية، قال الدكتور عبدالإله الكبسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تعِـز لـ swissinfo.ch: “دفعت السعودية في الحرب السادسة مع الحوثيين بقوّاتها البرية والبحرية والجوية، تحت خطاب تبريري هو حماية أراضيها والدِّفاع عن سيادتها والمُـعلن صراحة بعدم السَّـماح لظهور جماعة مسلّـحة، توصف بأنها امتداد للمشروع الإيراني، وكل ذلك امتداد لتجاذُب حرب إعلامية بين إيران والسعودية بدأت مبكّـرة، وكليْـهما أظهرا خطابا متحيِّـزا تجاه طرفَـيْ الحرب”.

الأمر الآخر الذي يؤكِّـد خلفِـيات الصِّـراع، حسب ما يقوله الكبسي هو أن “الشِّـعار الذي رفعه الحوثيون، (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل)، يأتي في سِـياق تصادُم مشروعيْـن: الأول، يمثِّـله مِـحور إيران وحُـفاؤها المعادي لأمريكا وإسرائيل. والثاني، مِـحور الدول المُـتعاونة مع أمريكا في حربِـها ضدّ الإرهاب، والذي تقوده المملكة العربية السعودية، وهذا هو السِّـياق العام الذي توسّـعت فيه الحرب بدخول السعودية كطرف، وهي تحمِـل في طيَّـاتها دلالات وإشارات بالِـغة الوضوح، يوردها أستاذ العلوم السياسية على النحو التالي:

نُـقلت الحرب من حرب أهلية إلى إقليمية، وربّـما دولية، الإشارة الثانية، من المُـحتمل أن يكون توسُّـع الحرب مع الحوثيين بدخول السعودية، مقدِّمة لضرب إيران بسبب ملفِّـها النووي، إذ يبرر تجييش الحكومات لشعوبها ضد الخطر الإيراني والتّـهويل من قوة الحوثيين وعلاقاتهم بإيران، وهي علاقة لم تتأكّـد بعدُ وتحيط بها مزاعِـم غير موثوقة.

الإشارة الثالثة هي: أن الرئيس صالح استفاد من الحرب، لتعزيز شرعيته، إذ درج على تبرير الحرب بالحديث حول يمَـن ثوري وجمهوري تُـجاه محاولة إعادة الملكية، مثلما استفاد من حرب 1994 ضدّ الانفِـصال التي ظهر فيها كرمْـز للوِحدة، وكذلك يتعامَـل مع “الحِـراك الجنوبي”، وهذا يُـعتبر بناء لخطاب شرعية الرئيس لجهة الاستفادة من الحرب، لكن مع دخول السعودية كطرف فيها، ليس له من معنى سِـوى انتهاك وانتِـقاص لمفهوم السيادة اليمَـنية، الأمر الذي يقود إلى نتيجة عكسية، وهي إضعاف حجّـة خطاب الحرب ضدّ الحوثيين، التي درج الطرح الرّسمي على طرحها باعتِـبارها حربا من أجل الثورة والجمهورية وضد محاولة إعادة النظام الملكي، وهذا الوضع، حسب الكبسي، “ستكون له تأثيرات سلبية”.

محاولة مدروسة وواعية

ويلتقي هذا الرأي مع الآراء التي اعتبَـرت أن جرّ السعودية إلى المُـواجهات مع الحوثيين، هي مُـحاولة مدروسة وواعِـية من قِـبل هؤلاء الأخيرين، الغاية منها إضعاف حُـجج ومنطِـق الطّـرح الرسمي، وقد بدا ذلك واضحا مع تزايُـد الإنتِـقادات الموجّـهة للحكومة اليمنية، سواء من خلال الكِـتابات الصحفية أو من خلال الموقِـف الرسمي للمعارضة اليمنية، التي اعتبرت في بيان صادر عن تكتُّـل المعارضة الذي يُرمز إليه بـ “أحزاب اللقاء المشترك” على إثر هذا التطوّر، بأنه “انتِـقاص من السيادة الوطنية والتفريط فيها”.

في المقابل، ثمّـة مَـن يرى أن رمْـي السعودية بثِـقلها مُـباشرة في المعركة، لا يُـعبِّـر سوى عن مخاوِف شديدة من “حَـوْثنة” المناطق الشيعية فيها، التي بدأت تتململ تحت تأثير الموجة الشيعية المتحفِّـزة في المنطقة بقوة منذ ظهور إيران كلاعِـب رئيسي وراعٍ لراية الخلاص الشيعي للمُـسلمين، كما تقرره وتُـبشِّـر به مرجعياتهم المذهبية، مقابل الخلاص الوهّـابي الذي يتأسّـس على مرجعيات مُـغايرة ويحظى برعاية السعودية.

وقد بدت هذه الثنائية مُـهيْـمنة على المنطقة، خاصة بعد انهيار عِـراق صدّام حسين وانتِـعاش الحِـراك الشيعي في المِـنطقة بشكل غير مسبوق، باتت تَـخشاه كلّ البلدان الإسلامية، التي توجد فيها أقليات شيعية، ولهذا ينظر إلى الردّ العسكري السعودي المبالَـغ فيه، ضِـمن هذا السياق المشحُـون بمُـنطلقات الماضي وبمُـعطيات الحاضر، وأنه يحمل رسائل واضحة.

ويرى العديد من المراقبين أن الرياض أرادت أن تُوجّه من خلال الرد السعودي (الموصوف بالمبالغ فيه) رسائل قوية إلى أكثر من طرف، وهي – حسب عايش عواس، الباحث في مركز سَـبأ للدراسات الإستراتيجية – كالتالي: الرسالة الأولى والأهَـم الموجهة لإيران، ومفادها أن السعودية لديها القُـدرة والإمكانات لحماية تُـرابها الوطني من تأثيرات الملالي، وأنها واعِـية بنوايا إيران ومتيقِّـظة لمُـواجهة مخطّـطاتها الرامية إلى إشعال الحريق داخل المملكة بمشاكل وقلاقل تشغلها عن مُـنافستها الإقليمية على مناطق النفوذ، حتى تتمكّـن إيران من التفرّغ لتعزيز نفوذها في المنطقة، وبالأخص في كلٍّ من العراق ولبنان وفلسطين.

وقد بدا ذلك الهدف على ما يبدو للسعوديين منذ وقت مبكّـر، عندما اكتشفوا قبل شهريْـن أن عناصر الحوثيين تسلّـلوا إلى أراضيهم وعثروا على كميات كبيرة من الأسلحة تَـم تخزينها من قِـبل تلك العناصر في المناطق المُـحاذية للحدود اليمنية، الأمر الذي أكّـد لها أن هناك نوايا مبيتة لاستقطاب شيعة المملكة، القاطنين في المنطقة الجنوبية والشرقية، وتوظيفهم ضِـمن المشروع الإيراني واستخدامِـهم لخَـلق حالة من الاضطراب داخل السعودية، ممّـا يقلِّـل من اهتماماتها الإقليمية وتركِّـز جهودها بدرجة رئيسية على شؤونها الداخلية المضطربة.

الرسالة الثانية، حسب ما يعتقِـده عواس، موجّـهة إلى بعض القِـوى القبلية اليمنية، ولاسيما تلك التي أظهرت انحيازها إلى حركة الحوثيين، ليس عن اقتِـناع بأفكار ومبادئ هذه الجماعة، وإنما نِـكاية في السعودية والحكومة اليمنية.

قبائل وزعماء ومخصصات وولاءات..

فكما هو معروف، كانت السعودية تعتمِـد في حماية وتأمين حدودها الجنوبية فيما مضى من الوقت، على كسْـب ولاء زعماء القبائل في المُـحافظات اليمنية، مقابل مخصّـصات شهرية، بيد أن ظهور حركة الحوثي وانخراط بعض القبائل في صفوف الحركة، دفع المملكة إلى إيقاف تلك المخصّـصات الشهرية، ما أثار غَـضب القبائل وزاد من حماسها للقتال في صفوف المتمرِّدين، وربما اندفعوا إلى الأراضي السعودية، كي تضطرّ هذه الأخيرة إلى كسْـب ولائهم وشراء مواقِـفهم، وهو ما لا يُـعـدّ ممكنا في الوقت الحاضر لسببيْـن، مثلما يشرح الباحث عواس.

الأول، هو أن ولاء هذه القبائل وزُعمائها، أصبح مشكوكا فيه. والسبب الآخر، صرْف تلك المخصّـصات يُـساهم في إضعاف سيْـطرة الحكومة المركزية اليمنية على تلك المناطق وتحوّلها إلى بُـؤر لإنتاج التطرّف، سواء بوجهة الحوثي أو القاعدة، وخلق بيئة مُـواتية للتنظيمات والحركات المُـعادية للسعودية واليمن على حدٍّ سواء. وخلاصة الرسالة المُـراد توجيهها إلى القبائل، هو أن لديْـها القَـدرة والقوّة العسكرية، دون حاجة لمساعدة الآخرين أو الرّضوخ لابتِـزازاتهم.

على الصعيد ذاته، ثمّـة مَـن يرى أن الردّ العسكري السعودي القوي، يرمي أيضا إلى توجيه رسالة واضحة إلى تنظيم القاعدة، الذي نقَـل قيادته إلى المناطق اليمنية المُـتاخمة للحدود السعودية، خاصة بعد تضييق الخِـناق عليه في المملكة، ثم تشكيل قيادة جديدة موحّـدة لِـما يسمّـى “قاعدة الجهاد في جزيرة العرب”، وإعلانه مواصلة الجِـهاد ضدّ مَـن تُـسمِّـيهم بأذناب أمريكا.

علاوة على ذلك، أصبحت هذه المناطق في السنوات الأخيرة، مراكز رئيسية لتجارة وتهريب المخدرات والأسلحة من قِـبل عصابات دولية منظِّـمة وتنظيمات إرهابية، وِفقا لِـما كشفت عنه محاضر الضبط لدى الأجهزة الأمنية في البلديْـن، وتأكّـد ذلك جلِـيا بإعدام ضابط التحريات والبحث الجنائي في محافظة مأرب المقدم بسام طربوش، من قِـبل تنظيم القاعدة الذي كان قد أفشل تهريب أطنان من المخدِّرات ورُقِّـي على إثر ذلك إلى رُتبة مقدّم ثمّ اختفى في يونيو 2009، إلى أن بُثّ شريط إعدامه الأربعاء الماضي 18 نوفمبر على شبكة صدى الملاحم الإعلامية، التابعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

ظلال ساخنة لحرب باردة

وإذا كان الحوثيون قد بادروا إلى استدراج السعوديين إلى حربهم الدائرة مع القوات الحكومية اليمنية، بُـغية التحوّل بحربهم مع صنعاء إلى حرب إقليمية بعد تزايُـد الضغط العسكري عليهم، وعلى أمل البحث عن مَـخرَج دبلوماسي للمشكلة، إلا أنهم على ما يبدو، لم يفطِـنوا إلى أن السعودية ذاتها لها أيضا حساباتها الخاصة المتعلِّـقة بملف أمني أوسع وأشمل، يضمُّ قضايا مكافحة الإرهاب وتجارة المخدِّرات وتهريب الأسلحة، فضلا عما بات يُـوصف بتوفير مَـلاذ آمن للمطلوبين والمُـطاردين أمنيا من قِـبل سلطات البلديْـن، وهو ملاذ تُـساهم عدّة عوامل في توفيره، أبرزها التركِـيبة الجغرافية الصحراوية والجبلية الوعْـرة، إلى جانب التركيبة الاجتماعية القبَـلية شديدة الانغِـلاق على نفسها، والتي تتّـهم دائما بتأمين الحِـماية للمطلوبين أمنيا، سواء من المُـشتبه بانتِـمائهم لتنظيم القاعدة أو من الضّـالعين في عمليات إرهابية والمهرّبين والمجرمين، ثم غِـياب أو ضعف حضور الدولة اليمنية في تلك المناطق النائية والمهمّـشة.

وبالنظر ملِـيا في مُـجمل قضايا الملف الأمني، يخلِّـص المراقب إلى أنها قضايا من طبيعة معقّـدة ومركّـبة، تتعدّى التراب الوطني لكل دولة، بل وتكيّـف من وِجهة نظر المجتمع والقانون الدولييْـن، بأنها جرائم عابِـرة للحدود لا يمكن أن تتصدّى لها دولة بمُـفردها، وإنما تقتضي التّـنسيق بين مُـختلف الفاعلين الوطنيين والإقليميين والدوليين، ما يقلِّـل من أهمية اتِّـهام الحكومة اليمنية بالتّـفريط بالسيادة الوطنية، لأن دخول السعودية الحرب ضدّ الحوثيين، لم يأت مِـن طرف واحد، وإنما بتنسيق بين الجانبيْـن وربّـما بتوافق، إن لم يكن بضغط دولي يرمي إلى مُـحاصرة بُـؤر التطرّف والإرهاب والحدِّ من الجريمة المنظمة والعمل على منْـع القاعدة من تحويل مركز علمياتها إلى اليمن، بعد أن رصدت العديد من التقارير الإستخبارية الدولية بشأن تقييم مكافحة الإرهاب، تخطيط القاعدة لنقل مركز عملياتها إلى مربّـع المحافظات اليمنية النائية: صعدة والجوف وشبوة ومأرب، القريبة والمُـتاخمة للحدود السعودية.

إجمالا، يمكن القول أن توسّـع الحرب ضدّ الظاهرة الحوثية بدخول السعودية إلى جانب اليمن، ليست إلا ظلالا ساخِـنة للحرب الباردة بين تصادُم المشروعيْـن، السعودي والإيراني، اللذين هيمنا على المنطقة في السنوات الأخيرة.

عبد الكريم سلام – صنعاء – swissinfo.ch

دبي (رويترز) – تزيد الضغوط الامنية والاقتصادية من عمق عدم الاستقرار في اليمن، مما يثير مخاوف لدى دول الجوار التي تمثل حيوية استراتيجية، وتشمل المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم وواحدا من أكثر ممرات الشحن ازحاما في العالم. وفيما يلي السيناريوهات المحتملة حول كيفية التطور المحتمل لمشكلات اليمن:

التحدي الأمني

أصبح اليمن بصورة كبيرة محور تركيز جدول الاعمال الامنية بالمنطقة في أغسطس عندما شنت الحكومة عملية ضد المتمردين الحوثيين في الشمال، مما أدى الى أسوإ حقبة دموية في الصراع المستمر منذ عام 2004. وزادت حدة الصراع أيضا هذا الشهر، عندما سيطر المتمردون على بعض الاراضي السعودية وقتلوا اثنين من حرس الحدود واتهموا الرياض بالسماح للقوات اليمينة باستخدام الارض السعودية كنقطة انطلاق لهجماتها على الحوثيين. وردت السعودية بشن هجوم عسكري على المتمردين وفرضت منطقة عازلة داخل اليمن، بعمق عشرة كيلومترات لمنع المتمردين من دخول حدودها الجنوبية الغربية.

وسببت أحداث العنف نزوح أكثر من 170 ألف مدني، تقول الامم المتحدة انهم يعانون من سوء التغذية والكوليرا. ويقول الحوثيون المنتمون الى الزيدية الشيعية، انهم يواجهون تمييزا سياسيا واقتصاديا ودينيا من جانب الحكومة اليمنية، التي يتهمونها بمناصرة التيار السلفي. وربما تتوصل الحكومة اليمنية والحوثيون الى اتفاق يجددون فيه وقف اطلاق النار، لكن هناك مخاوف من احتمال أن لا يصمد هذا الاتفاق ما لم تبذل صنعاء الجهد الكافي لمعالجة الشكاوى السياسية للحوثيين.

وقال مصطفى العاني، وهو محلل في مركز الخليج للابحاث ومقره دبي، انه يعتقد أن أحدث قتال “سينتهي بوقف اخر لاطلاق النار، لكن التجارب السابقة تظهر أننا سننعم بالهدوء لفترة ثم يبدأ مرة أخرى”.

وتوسطت قطر في وقف لاطلاق النار لم يدم طويلا في يونيو عام 2007 وتوسطت في اتفاقية سلام وقعت في فبراير 2008، لكن سرعان ما عادت الاشتباكات. وأعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح انتهاء الحرب في يوليو عام ،2008 لكن قتالا مكثفا استؤنف بعد عام.

ومن النتائج الاخرى المحتملة للحرب، هزيمة عسكرية للحوثيين، لكن الطبيعة الجبلية الوعرة للشمال والاصرار الذي يتسم به المتمردون، يجعل هذا الاحتمال غير مرجح.

وقال خالد الدخيل، وهو استاذ سعودي للعلوم السياسية، ان صنعاء والرياض ربما تسعيان بدلا من ذلك الى قطع مسارات الامداد عن الحوثيين وقال “أعتقد أن هذا ما سيحدث… انهم يحتاجون لعزلهم سياسيا وامداديا.. ويجعلون مواصلة تمردهم أمرا مكلفا للغاية بالنسبة لهم”. وربما يمتد الصراع الى داخل السعودية وربما في منطقة نجران، التي تضم سكانا من الشيعة من الطائفة الاسماعيلية والذين يشكون أيضا من بعض المتاعب وربما يتعاطفون مع قضية الحوثيين.

وتضم السعودية عددا كبيرا من السكان الشيعة في المنطقة الشرقية على ساحل الخليج، ويقولون انهم يواجهون تمييزا. كما ساعد الصراع في اليمن في اطلاق حرب اعلامية بين السعودية وايران، التي تتهمها المملكة بامداد المتمردين بالاسلحة، وتنفي ايران هذا الاتهام.

وقال مارك توماس، نائب مدير المعهد الملكي للدراسات الامنية والدفاعية في قطر “من الصعب ايجاد دليل على طبيعة الانخراط الايراني داخل اليمن، لكن نشر قوات اضافية من البحرية السعودية في خليج عدن، ربما يشير الى احتمال وجود بعض من الحقيقة في تلك المزاعم”.

ولا توجد شخصية واضحة يمكن أن تخلف الرئيس صالح الذي تولى السلطة في اليمن الشمالي سابقا عام 1978 وظل رئيسا لليمن الموحد منذ اندماج الشطرين عام 1990 ويواجه مجموعة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

واندلع العنف في الجنوب هذا العام، بعد تجمع حاشد للمعارضة لاحياء ذكرى الحرب الاهلية عام 1994 والتي هزمت فيها قوات صالح الجنوب الانفصالي الذي كان يعرف قبل اتفاق الوحدة بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. ويشكو سكان الجنوب، الذي يضم أغلب منشآت النفط اليمنية، منذ فترة من أن الحكومة في الشمال أساءت استغلال اتفاق الوحدة للسيطرة على موارد الجنوب والتمييز ضد سكانه.

ويقول محللون، انه اذا زادت حدة الاضطرابات في اليمن أو تحول حتى الى دولة فاشلة، فان هذا ربما يوسع من فرص تمركز مقاتلي القاعدة في اليمن لشن هجمات في منطقة ترسل النفط الى دول يعتمد اقتصادها على البترول في أنحاء العالم. ويمثل الفقر والفساد أرضا خصبة لتجنيد المقاتلين في صفوف القاعدة التي أرسلت في أغسطس مفجرا انتحاريا وقامت بمحاولة فاشلة لقتل قائد أمني سعودي. كما يواجه اليمن أزمة مياه تعتبر واحدة من أسوإ مشكلات المياه في العالم والتي تزيد حدة، بما أن عدد السكان البالغ حاليا 23 مليون نسمة ربما يتضاعف خلال 20 عاما.

وتجبر ندرة المياه الكثير من سكان القرى الذين يعانون من الفقر المدقع على بيع ممتلكاتهم والنزوح الى مدن يمنية، حيث لا يملك أحد يذكر منهم المهارة الكافية لتحسين مستوى معيشتهم، حتى على الرغم من أن ذويهم يتوقعون منهم ارسال الاموال. وفي مؤشر الدول الفاشلة لعام 2009، الذي يمثل تعاونا بين معهد أبحاث صندوق السلام ومجلة (فورين بوليسي)، احتل اليمن المرتبة الثامنة عشرة متقدما على كوريا الشمالية بدرجة واحدة.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 25 نوفمبر 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية