مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عشية انتخاب الحكومة: مهمّة حزب الشعب صعبة.. لكنها ليست مستحيلة!

المرشحون الأربعة لعضوية الحكومة الفدرالية: من اليمين إلى اليسار: الإشتراكيان بيار إيف مايار وآلان بيرسيه (فوق) وجون فراسوا ريم وهانس يورغ فالتر من حزب الشعب السويسري (أسفل). Keystone

باتت محاولة حزب الشعب السويسري لإستعادة مقعده الثاني في الحكومة الفدرالية يوم الإربعاء 14 ديسمبر أكثر صعوبة بعد الإنسحاب القسري لمرشّحه الأوّل. في المقابل سيكون من السّهل على الحزب الإشتراكي الفوز بالمقعد الذي ستغادره وزيرة الخارجية ميشلين كالمي- ري.

في الأيام الأخيرة، تقلصت فرص نجاح حزب الشعب (يمين شعبوي محافظ) إلا أن أكبر حزب في البلاد سارع إلى إطلاق تحد جديد سعيا منه إلى تحقيق هدفيْن: الحصول على مقعد ثان في تشكيلة الحكومة، وإخراج إيفلين فيدمر – شلومبف، وزيرة المالية حاليا منها. ويذكر أن هذه الأخيرة قد وافقت قبل أربع سنوات على شغل المقعد الذي فقده كريستوف بلوخر، الزعيم التاريخي لحزب الشعب، بعد أن صوّتت لفائدتها أحزاب من اليسار والوسط.

وبعد النكسات التي مني بها ممثلو الجناح المتشدد من حزب الشعب خلال محطات انتخابات سابقة، فضّل الحزب هذه المرة التلويح بورقة الإعتدال. فاستعدادا لإقتراع 14 ديسمبر، تقدّم بمرشّحيْن هما برونو سوبيغير (من زيورخ)، وجون- فرنسوا ريم (من فريبورغ)، اللذان يُعتقد أنهما قادران في حالة نجاح أحدهما على اعتماد سياسة توافقية داخل الحكومة، وبالتالي قدرتهما على اجتذاب أصوات من خارج صفوف حزبهما يوم الإقتراع.

ولكن يوم الخميس الماضي (8 ديسمبر)، وبدون سابق إنذار، إضطرّ حزب الشعب إلى التخلّي عن برونو سوبيغير، مرشّحه الأوّل، بعد ان نشرت صحف سويسرية اتهامات ضده تتمثّل في استيلائه بدون حق على جزء من ميراث أوكلت له مهمّة صرفه لصالح جمعيّتيْن خيْريتيْن، مما اضطره إلى الإنسحاب من السباق فورا، تاركا حزبه في مأزق حقيقي.

باب موارب

مثّلت قضية سوبيغير ضربة قوية جديدة لقيادة حزب الشعب التي لا تزال تحت وقع التراجع الذي سجّله الحزب خلال الإنتخابات الفدرالية التي شهدتها البلاد يوم 23 أكتوبر الفارط. ولم يتحلّ الماسكون بزمام الأمور في الحزب، والداعون منذ سنوات للحصول على مقعد ثان بالحكومة بالذكاء الكافي في اختيار مرشّحهم لذلك، وتعرّضوا إلى وابل من الإنتقادات من داخل الحزب نفسه.

في الواقع، يتقدم حزب الشعب إلى هذا الإستحقاق السياسي الكبير معزولا وضعيفا. وكانت أحزاب اليسار (الإشتراكيون والخضر)، وحزب الوسط (الحزب الديمقراطي المسيحي)، التي أتت بإفلين فيدمر شلومبف من منصبها الوزاري في كانتون غراوبوندن قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها سوف تدافع على بقاء وزيرة المالية الحالية في الحكومة. وقد وافقهم على ذلك الخضر الليبراليون أيضا.

ونظرا لأن حزب الشعب لا يمكن أن يراهن إلا على أصوات الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين وسط)، فإنه ينقصه حوالي عشرين صوتا لتحقيق ما رسمه من أهداف. لكن بابا آخر يظل مُواربا لهذا الحزب، حيث أعلن الإشتراكيون وأحزاب أخرى عن تأييدهم واستعدادهم لدعم مسعى حزب الشعب في استعادة مقعده الثاني في الحكومة بشرط أن يكون ذلك على حساب أحد مقعديْ الحزب الديمقراطي الليبرالي، وليس على حساب إيفلين فيدمر شلومبف.

المرشّح المفضّل

رفضت الهيئات القيادية بحزب الشعب المقترح الأخير، الذي يبدو كما لو أنه محاولة لتحريض طرف على طرف آخر، كلاهما يوجد على يمين الخارطة السياسية، لكن أعضاء حزب الشعب في البرلمان يمكن أن يغيّروا رأيهم يوم الأربعاء، في صورة إخفاقهم في إقصاء إيفلين فيدمر شلومبف من تشكيلة الحكومة.

يأتي هذا خصوصا بعد اقتراح حزب الشعب لمرشّح جديد هو هانس يورغ فالتر (من كانتون تورغاو) عقب انسحاب برونو سوبيغير، والمرشّح الجديد حاز الأسبوع الماضي فقط على عدد كبير من الأصوات لرئاسة مجلس النواب (الغرفة السفلى من البرلمان الفدرالي). وفي 2008، وخلال انتخابات سابقة لأعضاء الحكومة، تمكّن هذا الأخير الذي يشغل أيضا منصب رئاسة الإتّحاد السويسري للمزارعين، من الحصول على دعم أصوات من أحزاب الوسط واليسار، الذين كانوا يحبّذون انتخابه بدلا عن أولي ماورر، وزير الدفاع في التشكيلة الحكومية الحالية.   

وفي الواقع، لا يبتعد فالتر هانسيورغ، الذي بات اليوم المرشّح الأوّل لحزب الشعب، في العادة كثيرا عن الخط العام لسياسات الحزب، لكنه يحظى بقبول وشعبية في البرلمان للمقدرة التي كشف عنها لدى البحث عن حلول توافقية ووسطية، وفي مصلحة المزارعين خاصة.

وأما بالنسبة لجون  – فرنسوا ريم (من كانتون فريبورغ)، المرشّح الثاني من طرف حزب الشعب، فقد شكّل في العام الماضي المفاجأة، وتحديدا خلال الإنتخابات التي هدفت إلى اختيار خليفتيْن لموريتس لوينبرغر، وهانس رودولف ميرتس. ولقد استطاع الحصول على أصوات كثيرة حتى من خارج صفوف حزبه بعدما رُشّح لخوص الإنتخابات ضد مرشّحين عن الحزب الإشتراكي والحزب الديمقراطي المسيحي. وفاجأ الجميع من خلال النتائج التي حققها. ولكن من الصعب جدا تصوّر انتخاب هذا الأخير يوم الأربعاء خاصة في ظل تواجد عضوين من المنطقة المتحدثة بالفرنسية داخل الحكومة، ومن المستبعد جدا أن ينضاف إليهم عضو ثالث.

مرشحان إشتراكيان من الوزن الثقيل

من جهته يتقدم الحزب الإشتراكي الذي يريد الإحتفاظ بمقعد ميشلين كالمي –ري، الوزيرة المستقيلة، بمرشحين هما ألان بيرساي، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة العليا من البرلمان)، وهو من كانتون فريبورغ، وبيار –إيف مايار، المكلّف بحقيبة الصحة والشؤون الإجتماعية بحكومة كانتون فو. ومن خلال هذيْن المرشّحين، يقترح الحزب الإشتراكي على البرلمانيين رجليْ سياسة متمرّسيْن ويتمتّعان بحضور قوي داخل الحزب.

وكان إيف مايار عضوا في مجلس النواب لمدة ستّ سنوات، قبل أن يلتحق بالحكومة المحلية لكانتون فو. ويحسب النقابيّ السابق على جناح يسار اليسار، وهو ما يمكن أن يحرمه من أصوات بعض الأعضاء المنتمين إلى أحزاب الوسط واليمين. وإن كانت حصيلة عمله ضمن حكومة كانتون فُـو إيجابية وهي لصالحه. ويُنظر إليه على أنه واحد من الذين ساهموا بفعالية في تصحيح الأوضاع المالية لذلك الكانتون، الذي كان يعاني قبل ذلك من أزمة إستمرت لسنوات طوال.

لكن ألان بيرسيه يظل المرشّح المفضّل بحسب كل الإستطلاعات، حيث نجح عضو مجلس الشيوخ المتضلّع في القضايا الاقتصادية في خلق انطباع جيّد من حوله من خلال العمل الذي قام به داخل الغرفة العليا للبرلمان، وإن كان يواجه بعداء من طرف أعضاء حزب الشعب للدور الذي لعبه في إفشال إعادة انتخاب كريستوف بلوخر لعضوية الحكومة سنة 2007. رغم ذلك يمكن لبيرساي المراهنة على مهارته، ودبلوماسيته، في كسب تأييد العديد من الأصوات من داخل الأحزاب السياسية الاخرى. ويبقى العائق الوحيد في مسيرته السياسية عدم مشاركته في أي سلطة تنفيذية من قبل.

ولد سنة 1950 في فريبورغ، متزوج وأب لثلاثة أبناء. درس العلوم الإقتصادية في جامعة لوزان.

إلى حدود سنة 2002، كان رجل الأعمال الذي يمتلك مصنعا لقص الأخشاب عضوا في الحزب الليبرالي الراديكالي (يمين) قبل أن يلتحق بحزب الشعب السويسري (يمين شعبوي).

انضم ريم إلى مجلس النواب منذ عام 2003 وسبق له أن كان مرشح حزب الشعب لعضوية الحكومة الفدرالية في الإنتخابات التكميلية لسد الشغور فيها عام 2010.

ولد سنة 1972 في فريبورغ متزوج وأب لثلاثة أبناء. درس العلوم السياسية والإقتصادية في جامعة نوشاتيل

بعد أن عمل باحثا علميا ومستشارا سياسيا، انتخب سنة 2003 لعضوية مجلس الشيوخ وأصبح رئيسا له في عام 2009.

حاليا، يشغل عضو مجلس الشيوخ  منصب نائب رئيس مجموعة الحزب الإشتراكي  في غرفتي البرلمان الفدرالي.

ولد عام 1968 في لوزان، متزوج وأب لولدين. عمل في البداية مدرسا للغة الفرنسية والتاريخ بعد اختتام دراسته العليا في جامعة لوزان.

من 2000 إلى 2004، تقلد منصب الأمين العام لنقابة الصناعة والبناء والأشغال العامة.

ما بين عامي 1999 و2004، كان نائبا عن الحزب الإشتراكي في مجلس النواب. وفي 2004، انتخب لعضوية الحكومة المحلية لكانتون فـُـو حيث لا زال ممسكا حتى الآن بمقاليد وزارة الصحة والعمل الإجتماعي.

ولد عام 1951 في فراونفلد (شرق) متزوج وأب لثلاثة أبناء. تخرج من المدرسة الفلاحية في Strickhof بزيورخ ثم استلم الشركة الزراعية لوالديه في بلدةWängi  بكانتون تورغاو.

في عام 1999، انتخب الرئيس الحالي للإتحاد السويسري للمزارعين لعضوية مجلس النواب. وفي 5 ديسمبر 2011، انتخب رئيسا لنفس المجلس الذي يُعتبر الغرفة السفلى (أو غرفة الشعب) للبرلمان الفدرالي.

في الإنتخابات التكميلية لسد الشغور في الحكومة الفدرالية سنة 2008، أيدت أحزاب الوسط واليسار السيد فالتر ضد إرادته في مقابل أولي ماورر، المرشح الرسمي لحزب الشعب السويسري (يمين شعبوي). ولم يتسنّ حينها انتخاب عضو مجلس النواب عن كانتون تورغاو لعضوية الحكومة الفدرالية بفارق صوت واحد، كان صوته تحديدا.  

(نقله إلى العربية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية