قمة نيويورك: التقييم السويسري يتأرجـح بين الخيبة والتشكيك
تتفق الجهات الرسمية وغير الحكومية في سويسرا على القول بأن قمة الأمم المتحدة بشأن أهداف الألفية التي أنهت أشغالها يوم الإربعاء 22 سبتمبر 2010 بنيويورك لم تأت بجديد، وبأن الأطراف المشاركة فيها كانت تفتقر إلى الإرادة السياسية الكافية، رغم تنويهها ببعض المقترحات المبتكرة.
وفي ختام ثلاثة أيام من المداولات الرامية إلى الوقوف على مستوى ما تحقق من تلك الأهداف، وما الذي يجب القيام به لتجاوز أوجه القصور في الفترة المتبقية التي تفصل عن سنة 2015، وصف مارتين داهيندن رئيس الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون البيان الختامي الصادر عن قمة نيويورك مساء الأربعاء 22 سبتمبر 2010 بكونه “وثيقة تتضمن الكثير من نقاط الضعف، ولا تعطي الإنطباع بوجود التزام جماعي قوي بتحقيق الأهداف الثمانية التي أعلنتها الأمم المتحدة في عام 2000”.
نفس التقييم تقريبا عبّر عنه ماركوس برون، ممثل تحالف الجنوب للمنظمات غير الحكومية السويسرية الناشطة في ميدان المساعدات الإنسانية، والذي يرى أن “الإنجاز الوحيد الذي قد يُحسب لهذه القمة هو أنها لفتت أنظار الحكومات إلى القصور الحاصل في التقدم نحو إنجاز أهداف الألفية، وبالتالي حثها على تدارك ما فات”.
وبالنسبة لهذا المراقب والمتابع عن قرب للسياسات الإنمائية، فإن “الإجتماعات التي عقدت خلال الأيام الماضية كانت مخيبة للآمال. فقد شهدت تكرار ما قيل في مناسبات عديدة ماضية”.
رؤية سويسرية شاملة
لتحقيق أهداف الألفية كما هو مخطط لها بحلول 2015، ترتكز الرؤية السويسرية على أربعة عناصر أساسية تتمثل في الدعوة إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار، أثناء وضع خطط التنمية في المستقبل، هشاشة الأوضاع في البلدان التي تمنح إليها الإعانات، واعتبار الصراعات والنزاعات المسلحة كأكبر عائق للتنمية، والربط الوثيق بين تحقيق التنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان، وضرورة أن يلعب القطاع الخاص دورا حيويا في العملية التنموية في نهاية المطاف.
بالإضافة إلى العناصر السابقة، يضيف رئيس الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون أنه “لا يكفي أن تفي الدول المانحة بوعودها، بل لابد أيضا من أن تبرهن البلدان المستفيدة على قدرتها وعلى نيتها في حسن استثمار تلك الأموال”.
ورغم شعور المسؤول الحكومي السويسري بالمفاجأة أمام تعدد الوعود التي قطعت خلال اجتماعات نيويورك، إلا أنه يظل متمسكا بالحذر، وبالنسبة له فإن “الإرادة السياسية هي التي سوف تحدد في النهاية ما إذا كنا سنصل إلى تحقيق أهداف الألفية بحلول عام 2015 أم لا. والمشكلة أن الوعود التي تقطعها الوفود في هذه المناسبات لا تجد بالضرورة طريقها إلى التنفيذ في آخر المطاف”.
وذكّر داهيندن بأن البرلمان السويسري وافق الأسبوع الماضي على مشروع قانون ينص على ترفيع سقف مساهمات سويسرا في جهود التنمية من 0.45% من إجمالي الناتج المحلي حاليا إلى 0.5%. لكن هذه النسبة تظل رغم ذلك دون معدّل 0.7% الذي تطالب به الأمم المتحدة والمنظمات السويسرية غير الحكومية منذ عدة سنوات.
شكوك المنظمات غير الحكومية
هذه المنظمات نفسها تنتابها شكوك وريبة في إمكانية التوصل إلى تحقيق الأهداف المرجوة بحلول 2015. وبالنسبة لتحالف الجنوب للمنظمات غير الحكومية السويسرية المعنية بقضايا التنمية والإغاثة والمساعدات الإنسانية فقد “أسدل الستار على قمة نيويورك، لكن الحصيلة التي أسفرت عنها تظل غير حاسمة”.
هذا هو شعور ماركوس برون، المسؤول عن ضبط السياسة الإنمائية بمنظمة “حركة الصوم” المسيحية الكاثوليكية، الذي يعتقد أن تحقيق تلك الأهداف يتطلب “مكافحة الأسباب العميقة لظاهرة الفقر، كالفساد الإداري، وغياب الديمقراطية في الكثير من البلدان النامية”.
الإستثناء الإيجابي الوحيد الذي تشيد به المنظمات غير الحكومية في هذه القمة، فهو طرحها لفكرة فرض رسوم على المعاملات المالية يذهب ريعها لتمويل جهود التنمية، ولمكافحة الأمراض المزمنة كالإيدز، والملاريا ومرض السل، لكن سويسرا كانت من أوّل البلدان التي عارضت هذا المقترح الفرنسي في الأصل.
وفي هذا السياق، أعلن داهيندن أمام وسائل الإعلام في نيويورك أن “سويسرا لا ترى في فرض رسوم على المعاملات المالية حلا مثاليا للحصول على مزيد من التمويل لمشاريع التنمية، وهي تقترح في المقابل، فرض ضريبة على انبعاث ثاني أوكسيد الكربون”.
ومع ذلك تشترط المنظمات غير الحكومية لإحراز تقدم حقيقي على مستوى أهداف الألفية الحد من النزيف الإقتصادي الناتج عن هروب رؤوس الأموال، ومكافحة التهرّب الضريبي، وإدخال إصلاحات حقيقية وجذرية على النظام المالي العالمي، و”أمام سويسرا مسؤولية كبيرة في هذا المستوى لابد ان تضطلع بها”، على حد قول ممثلي الهيئات والمنظمات غير الحكومية.
يبلغ عدد أهداف الألفية ثماني أهداف اتفقت البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة والبالغ عددها 192 بالإضافة إلى 23 منظمة دولية على تنفيذها وتحقيقيها ميدانيا على المستوى العالمي بحلول 2015، وتتلخص هذه الأهداف في النقاط التالية:
– القضاء على الفقر المدقع وعلى الجوع
– إتاحة التعليم الابتدائي للجميع
– تعزيز المساواة بين الجنسين وتحسين أوضاع المرأة
– تخفيض معدل وفيات الأطفال
– تحسين صحة الامهات
– مكافحة فيروس نقص المناعة المكتسب
– ضمانة وكفالة الإستدامة البيئية
– إقامة شراكة عالمية من أجل التنمية
وقد حضر قمة نيويورك التي خصصت لبحث هذه الأهداف وسبل تسريع إنجازها وتواصلت من يوم الإثنين 20 سبتمبر 2010 وحتى 22 من نفس الشهر كل من باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وأنغيلا ميركل، مستشارة ألمانيا الاتحادية، ونيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي، بالإضافة إلى 137 من زعماء ورؤساء وملوك دول العالم.
كانت سويسرا ممثلة في هذه القمة من طرف وزيرة الخارجية ميشلين كالمي- ري، ومارتين داهندن، رئيس الوكالة السويسرية للتعاون والتنمية.
بفضل برنامج خصصت له العديد من المليارات، تأمل الأمم المتحدة في إنقاذ حياة الملايين من النساء والأطفال خلال الفترة المقبلة.
ويأمل برنامح “كل إمرأة، وكل طفل” أن تتجند الحكومات والمنظمات والخواص من اجل جمع 40 مليار دولار لتمويل مبادرات لصالح هذين الفئتيْن ، بحسب ما جاء عن امين عام الامم المتحدة بان كي مون الذي كشف خلال قمة نيويورك عن هذا البرنامج.
ويقول القائمون على هذا البرنامج من شانه إنقاذ حياة 16 مليون بين إمرأة وطفل يواجهون خطر الموت بسبب الأمراض، وغياب العناية الصحية الضرورية خلال الوضع.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.