مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منظمات سويسرية في تونس للإعراب عن دعمها للمسار الديمقراطي

منصف المروزقي " الرئيس التونسي الحالي عند عودته من المنفى في 19 يناير 2011 Keystone

بعد ان أسهمت منظمات المجتمع المدني السويسرية بالأمس في دعم مناضلي حقوق الإنسان في تونس، ودعم الثورة عند قيامها، تعرب اليوم عن مساندتها للمسار الديمقراطي من خلال زيارة وفد يضم سياسيين من حزب الخضر والاشتراكيين ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن حقوق الإنسان.

بعد عام من قيام ثورة 14 يناير في تونس التي وضعت حدا لنظام الرئيس زين العابدين بن علي، عاد وفد سويسري يضم منظمات المجتمع المدني وممثلين عن أحزاب سياسية سويسرية للوقوف على ما تمر به الثورة التونسية في مرحلة بناء مؤسساتها الديمقراطية.

وسيقوم الوفد السويسري ما بين 2 و 5 يناير، بعدة  لقاءات مع عدد من الشخصيات التونسية في مقدمتها  رئيس الجمهورية منصف المرزوقي، ورئيس الحكومة حمادي الجبالي، ووزير حقوق الإنسان والناطق باسم الحكومة سمير ديلو، ووزراء الثقافة والصحة والخارجية والهجرة، وبعض قادة الأحزاب الحكومية وغير الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية.   

ويقول عضو الوفد ورئيس جمعية “حقوق للجميع” أنور الغربي: “إن هذه المنظمات والجمعيات والأحزاب السياسية السويسرية  التي دعمت الثورة التونسية ووقفت الى جانب انتفاضة الشعب التونسي من أجل استعادة حريته وكرامته، تزور تونس لتقول باننا ندعم الاستقرار، وندعم هذ المسار، وللتعبير عن مساندتنا لصديقنا منصف المرزوقي، الذي ناضلنا الى جانبه لأكثر من 20 عاما، والذي هو اليوم رئيس للجمهورية التونسية”.

ويرى عضو الوفد السويسري ورئيس لجنة حقوق الإنسان ببرلمان جنيف جون شارل رييل:”أنها زيارة مجاملة للرئيس التونسي منصف المرزوقي الذي ناصرنا في عام 2001 حملة من أجل المطالبة بالسماح بخروجه من سجون بن علي. وإن التاريخ يسجل موقفا اليوم بحيث أن الرجل الذي ناضلنا من أجل تمتعه بحريته هو اليوم يتولى منصب رئاسة الجمهورية، وهي لحظة تاريخية لا نرغب في تفويتها”.

كانت سويسرا من بين الدول الأولى التي سارعت لتقديم الدعم لتونس في بناء المؤسسات الديمقراطية، وبالأخص في بناء مؤسسة أمنية لخدمة المواطن بدل خدمة الحاكم. لكن ما تنوي منظمات المجتمع المدني السويسرية تقديمه يلخصه جون شارل رييل بقوله: “إن الوفد يشتمل على شخصيات ذات تخصصات مختلفة، كالصحة العمومية والبيئة وحقوق الانسان وبإمكاننا تبادل الأفكار والتجارب مع نظرائنا التونسيين في كل هذه القطاعات بدون تقديم دروس، لأن على كل شعب أن يخوض تجربته بنفسه. وهذا ما نحترمه ونعتز به لكون الشعب التونسي استطاع ان يتولى اموره بنفسه وأن يصل الى هذه المرحلة من الواقع التونسي “.

المساعدة في استعادة الأموال المجمدة

من المواضيع التي ينتظر التونسيون رؤية تحرك ملموس فيها، قضية استعادة الأموال المجمدة التابعة للرئيس السابق بن علي او لأفراد عائلته التي سارعت سويسرا لتجميدها عقب الإطاحة به في 14 يناير 2011.

بخصوص هذا الملف يقول السيد أنور الغربي: “إن الرسالة التي استُقبلنا بها من قبل التونسيين، هي أن  الجانب التونسي يضع ثقته في السلطات السويسرية والهيئات التي عليها اتخاذ القرارات في إجراءات الإفراج عن الأموال المجمدة”.  ولكن التونسيين يشددون في نفس الوقت على: “أن تونس في حاجة ماسة للأموال، وهناك حاجة ماسة لإعادة جانب من تلك الأموال على الأقل بالطريقة التي يتفق بشأنها الطرفان”.

 وأضاف انور الغربي: “نحن نعرف بأن هناك 985 مليون فرنك التي اتضحت مصادرها، ويجب إعادة هذا المبلغ على الأقل إذا ما اردنا دعم المسار الديمقراطي ووقف الهجرة نحو أوربا ، وإذا ما كنا نرغب في خلق استقرار في هذه المنطقة وبقاء التونسيين في بلدهم وعدم المجازفة عبر هجرة غير شرعية”.

وقد ذكّر جون شارل رييل: “بأن أحزاب اليسار في سويسرا كانت واضحة في مواقفها من تجميد أموال بن علي وإعادتها للشعب التونسي”، لكنه يعترف: “بان ذلك يتطلب نفسا طويلا، وأننا في سويسرا وعلى المستوى السياسي نقوم بكل ما هو في استطاعتنا لكي تُعاد تلك الأموال للشعب التونسي”.  

ملف حقوق الإنسان

هذه الملفات المهمّة التي سيتم التطرّق إليها مسألة حقوق الإنسان. عما إذا كان هذا الموضوع سيكون من بين النقاط التي ستناقش مع مختلف المسؤولين التونسيين يقول السيد أنور الغربي” بأن هذا سيكون بكل تأكيد من بين النقاط التي سنناقشها مع الناطق باسم الحكومة  ووزير حقوق الإنسان، وهي النقاط التي أثرناها في لقائنا مع الناطق باسم حزب النهضة الحزب ذي الأغلبية المشارك في الحكومة. وهذه هي رسالتنا لأصدقائنا في تونس وهي أن التونسيين قدموا دروسا للجميع وقاموا بثورة مثالية باعتراف الجميع، لذلك نرغب في أن يستمر هذا المسار اليوم وأن نسهم في دعمه ما دام هناك احترام لحقوق الإنسان، لأن الشعب التونسي لم يثر باسم هذه المعايير لكي يفقدها بعد عام فقط  من الاطاحة بالنظام الديكتاتوري”.

أما جون شارل رييل فيرى: “أنه الوقت المناسب لحضورنا الى هنا لتبادل الأفكار، ولتبديد بعض المخاوف، ولكن السماح في نفس الوقت عبر الانتخاب الديمقراطي لهذا الشعب باختيار ما يرغب في تحقيقه”. لكنه شدد في نفس الوقت “على أن المسار الديمقراطي هو عرضة دوما لمخاطر الانحراف والتراجع . ويجب أن تكون تلك المخاوف منطلقا للنقاش ولإيجاد الحلول بدل أن تصبح عامل شلل وعرقلة، وهو ما نعرفه حتى في سويسرا رغم قدم نظامها الديمقراطي، لأن الديمقراطية تتطلب كفاحا مستمرا ومتواصلا”.

ينوي المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان المشارك في هذه الزيارة، انتهاز الفرصة لفتح فرع له في تونس بعد ان قام بفتح فروع له في مصر والأردن وفي قطاع غزة، وذلك، كما يقول أنور الغربي: “للإشراف على النشاطات التي تتم في منطقة شمال افريقيا وتنسيق عمل المنظمات الساهرة على الدفاع عن حقوق الإنسان في المنطقة”.

يتذكر السياسي السويسري جون شارل رييل سنوات التجند لصالح الافراج عن المعتقل السياسي التونسي منصف المرزوقي أثناء حكم بن علي ، و الذي اصبح اليوم رئيسا للجمهورية التونسية بعد الثورة.

ويقول في حديثه لسويس إنفو “لقد قمنا وقتها بصحبة بول بوفيي من مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في باريس بتحضير موقع على الإنترنت  يحمل شعار ” الوقاية الشاملة” وأطلقنا حملة عالمية من أجل الافراج عن منصف المرزوقي. وقد استقبلناه في مدينة نانسي واستطاع الحصول على منصب أستاذ جامعي. وقد تمكنا من مرافقته عدة مرات الى خارج البلاد للتعبير عن رأيه كمناضل لحقوق الإنسان وهو الالتزام الذي دفع من أجله ثمنا باهضا تحت نظام بن علي”.

وعن انطباعه بمناسبة رؤية مناضل ومعارض الأمس يتولى منصب الرئاسة، يقول السويسري جون شارل رييل: “عندما ترى بكل تواضع أنك ساهمت في تحرير طاقات هذا الرجل الملتزم الذي يتولى اليوم منصب رئيس الجمهورية، فإنك لن تستطيع الافلات من إحساس بشعور فياض،  خصوصا عندما نتقابل بالأحضان ( غدا او بعد غد). وستكون بكل تأكيد لحظة مؤثرة تُذرف فيها دموع الفرح بعد ان ذُرفت دموع الألم لعدة سنوات تحت حكم نظام بن علي. ولحظات الفرح هذه تعد لحظات مشجعة بالنسبة لي، للمضي قدما في الكفاح من أجل تحرير نساء ورجال آخرين لايزالون يعانون في بلدان أخرى”.     

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية