مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مُعظم الأموال الليبية سُـحبت من المصارف السويسرية

Keystone

بعد قرابة العام من اندلاع الأزمة بين البلدين، يتواصل مسلسل الشدّ والجذب بين طرابلس وبرن، حيث كشفت أحدث الأرقام الصادرة عن البنك الوطني السويسري، أن ودائع ليبية تفوق قيمتها 5 مليارات من الفرنكات سُـحبت من الكنفدرالية، فيما لا زال القائم بالأعمال السويسري الجديد في انتظار الحصول على تأشيرة دخول إلى الجماهيرية.

وبالفعل، انخفض مستوى الودائع الليبية في سويسرا من 5.748 مليار فرنك إلى 628 مليون فرنك في موفى عام 2008، طِـبقا لما ورد في النشرة السنوية التي يُـصدرها البنك الوطني السويسري بعنوان “البنوك في سويسرا”، وهو ما يعني أن ما لا يقِـل عن 89% من الأصول الليبية قد اختفت من الحسابات المصرفية السويسرية العام الماضي.

وفي أول ردّ فعلٍ على هذه المعلومات، أكّـد جورج فاراغو، المتحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية، أن الوزارة لم تتلقّ إعلاما رسميا بخصوص هذا السحب، وأضاف في تصريحات إلى وكالة الأنباء السويسرية “لم نتوصّـل بأي إشارة مفصّـلة حول هذا الموضوع”.

في المقابل، هوّن السيد فاراغو من المسألة، وقال “إن خسارة بهذا الحجم ليست لها انعكاسات اقتصادية بالمرة” على الإقتصاد السويسري، خصوصا وأن حجم الودائع الليبية لا يمثل سوى 0.3% من إجمالي الأموال القادمة من الخارج والمودعة في المؤسسات المصرفية السويسرية.

في الوقت نفسه، اتّـضح أن ودائع الائتمان الليبية في سويسرا، انخفضت بنسبة 54% لتتراجع من 812 إلى 373 مليون فرنك، وهو ما يعني أن مُـجمل ما سحبته ليبيا من الخزائن السويسرية، يقدر بـ 5.559 مليار فرنك.

وكان فرحات قدّارة، محافظ البنك المركزي الليبي، قد صرّح في شهر أكتوبر 2008 أن ليبيا ستقوم بسحب جميع أرصدتها في سويسرا لإيداعها في بنوك أوروبية أخرى، ردا على إيقاف أحد أبناء معمر القذافي في جنيف الصيف الماضي.

وفيما يحرص المتحدثون الرسميون باسم وارة الخارجية على التقليل من الإنعكاسات المحتملة للخطوة الليبية، إلا أنه يجدر التذكير بأن ليبيا كانت في موفى عام 2007 أهمّ شريك مالي لسويسرا في القارة الإفريقية. وفي غضون سنة واحدة، تقدّمت عليها في الترتيب ست دول إفريقية أخرى.

إشكالية جديدة

في سياق متّـصل، تواجه الدبلوماسية السويسرية إشكالية جديدة في التعامل مع الطرف الليبي، فمنذ عدة أسابيع، لم يعُـد هناك ممثل رفيع المستوى لبرن في طرابلس، ما دفع البعض إلى اعتبار أن السفارة السويسرية تجد نفسها في وضعية “إهمال”.

وفيما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية أنه “في الوقت الحاضر، هناك دبلوماسي واحد مُـعتمد” في ليبيا، ترفض الوزارة في المقابل الإعلان عن اسم ممثلها الجديد في طرابلس، طالما ظلت إمكانية التحاقه بمنصبه مستحيلة.

وكان دانييل فون مورالت، السفير السويسري السابق في طرابلس، قد تقاعد من السلك الدبلوماسي في بداية السنة الجارية في خِـضم الأزمة الدبلوماسية بين سويسرا وليبيا، التي اندلعت في منتصف يوليو 2008، إثر إيقاف هانيبال القذافي، نجل الزعيم الليبي، وزوجته ألين من طرف شرطة جنيف.

لقاء قمة في الأفُـق؟

في الأثناء، لا زالت السلطات الليبية تمنع مواطنين سويسريين من مغادرة البلاد منذ شهر يوليو 2008، رغم أن الملاحقات الجنائية التي كان هانيبال وزوجته محلا لها، قد حُـفِـظت في سبتمبر 2008 من طرف القضاء في كانتون جنيف، في أعقاب سحب شكاوى الخادمين اللذين اتهماهما بسوء المعاملة.

وفيما تستمر طرابلس في المطالبة باعتذار رسمي عما حدث، تُـصرّ برن على الرفض. ولم تُـسفِـر جميع الجهود الدبلوماسية التي بُـذلت حتى الآن من طرف سويسرا (بما في ذلك زيارة خاطفة قامت بها وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري إلى طرابلس في شهر مايو الماضي والتقت خلالها بعدد من كبار المسؤولين الليبيين ) عن أي نتيجة ملموسة.

وفي الوقت الحاضر، تحاول الخارجية السويسرية تنظيم لقاء على مستوى القمة بين رئيس الكنفدرالية هانس رودولف ميرتس والزعيم الليبي معمر القذافي على هامش حضور هذا الأخير قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في إيطاليا المجاورة في بداية شهر يوليو القادم.

وكان الرئيس السويسري قد صرّح الأسبوع الماضي لإذاعة سويسرا الروماندية (الناطقة بالفرنسية) بأنه قد تلقى اتصالا من طرف “شخصية من بلد خليجي”، للتوسُّـط بين الطرفين، ما يُـعزِّز الانطباع لدى عدد من المراقبين بأن الملف انتقل برمّـته من الخارجية إلى رئيس الكنفدرالية.

Swissinfo.ch مع الوكالات

اندلعت الأزمة بين برن وطرابلس في أعقاب إيقاف نجل الزعيم الليبي هانيبال القذافي وزوجته ألين في فندق فخم في جنيف يوم 15 يوليو 2008.

في سبتمبر 2008، حُـفِـظت التتبعات الجنائية ضد الزوجين، في أعقاب سحب شكاوى الخادمين اللذين اتهماهما بسوء المعاملة، وإثر ذلك، طلبت ليبيا تقديم اعتذار رسمي من طرف سويسرا.

في أبريل 2009، تقدّمت السلطات الليبية بشكوى مدنية ضد سلطات كانتون جنيف، معتبرة أنه حدث انتهاك لمعاهدة فيينا الخاصة بالعلاقات الدبلوماسية والقنصلية وأن قيمة الكفالة المالية التي حُـدِّدت للإفراج عن الزوجين يوم 17 يوليو 2008، كانت مرتفعة جدا (500000 فرنك).

في موفى مايو 2009، تحوّلت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري إلى طرابلس في زيارة لم يُـعلن عنها مسبقا، اصطحبت خلالها زوجتيْ المواطنين السويسريين الممنوعين من مغادرة الأراضي الليبية منذ يوم 19 يوليو 2008.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية