مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

يوم التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني يقترن بالعجز عن فك الحصار عن غزة

أرغمت تأثيرات الحصار الإسرائيلي الشامل الغزاويين على العودة الى الأساليب القديمة للإنارة والطبخ Keystone Archive

الرسالة التي قد يستخلصها الفلسطينيون في يوم التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، هي أن المجموعة الدولية ، رغم نداءات الأمين العام للأمم المتحدة ومساعديه، غير قادرة على إرغام إسرائيل على رفع الحصار المحكم المفروض منذ 5 نوفمبر الماضي، والذي تسبب في أزمة إنسانية باعتراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

الأزمة الإنسانية التي يعاني منها سكان قطاع غزة منذ إحكام إسرائيل في 5 نوفمبر الحالي للحصار المفروض منذ انفراد حركة حماس بالسلطة في القطاع في يونيو 2007، تعتبر اختبارا للمجموعة الدولية التي لم تتمكن حتى اليوم من إثناء إسرائيل عن قرارها وهذا رغم تكاثر النداءات الموجهة للمسؤولين الإسرائيليين من مختلف المنظمات والهيئات والدول.

وفي المقابل اكتفت هذه المجموعة الدولية، في يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني الذي يحتفل به كل سنة، بتوجيه الخطب المشخصة لمعاناة الفلسطينيين منذ عقود، والتي سوف لن تفيد سكان القطاع في تحسين ظروفهم اليومية.

نداء أممي يقابل بالرفض

على الرغم من إعادة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، توجيه نداء ملح للسلطات الإسرائيلية مرتين في ظرف أسبوع واحد، من أجل السماح بمرور قوافل المساعدة الإنسانية، ردت إسرائيل في مرحلة أولية بالرفض على لسان وزير دفاعها إيهود باراك قبل أن تسمح بعد أكثر من 20 يوما من الحصار الكامل بمرور بضع شاحنات.

إذ رأى إيهود باراك يوم الأربعاء الماضي في تصريح لراديو الجيش الإسرائيلي أن “الاستقرار يجب أن يعود قبل إعادة فتح نقاط العبور”.

وكانت المفوضة السامية لحقوق الإنسان قد عبرت هي الأخرى في تصرف نادر عن “قلقها بخصوص التأثيرات الإنسانية لإحكام إسرائيل الحصار على قطاع غزة”.

أما نائب الأمين العام المكلف بتنسيق القضايا الإنسانية لمنظمة الأمم المتحدة جون هولمس فوصف حصار قطاع غزة بالأمر ” غير المقبول” مطالبا إسرائيل برفع الحصار على الفور. وحذر المسؤول الأممي من أن “الأونروا قد توقف توزيع الأغذية إذا ما لم يسمح بعبور مواد الإغاثة لقطاع غزة. وكانت منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل الفلسطينيين أونروا قد أعلنت ” بان مخزونها من المواد الغذائية لم يعد يكفي إلا لأيام معدودة”.

وضع إنساني متدهور للغاية

تعترف المسئولة عن بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة كاتارينا ريتز ” بان منذ إحكام الإغلاق الإسرائيلي على قطاع غزة في 5 نوفمبر لم يسمح إلا لشاحنة ادوية واحدة بالعبور في 17 نوفمبر الحالي”. لذلك ترى مسئولة اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن هذا الإغلاق المحكم ستكون له تأثيرات كبرى على قطاع الصحة في غزة.

ومن المواد التي تحتاج لها مستشفيات ومصحات القطاع مواد التخذير ومسكنات الآلام والمضادات الحيوية. كما أن وقف التزويد بالوقود يهدد مستشفيات القطاع بسبب وقف التيار الكهربائي وتعطيل الأجهزة الطبية.

وعن الوضع في مستشفيات القطاع تقول المسئولة باللجنة الدولية “أنها تحاول بما هو متوفر لديها من معدات وأدوية تقديم العلاج الأقرب”. كما أوضحت بأن مخزون اللجنة الدولية من الأدوية والمعدات في قطاع غزة لا يتماشى ومتطلبات الوضع الحالي لأنها تصلح لحالات جرحى الحروب والصراعات المسلحة.

وترى رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأراضي المحتلة ” أنه حتى ولو تم السماح بمرور مساعدات إنسانية بكميات قليلة فإن ذلك سوف لن يفيد في سد الحاجيات اليومية للسكان …. لأن تأثيرات سنة ونصف من الحصار خلقت احتياجات جديدة”.

والتي انتهت الى مناشدة السلطات الإسرائيلية ” بفتح المعابر على الفور للسماح بمرور المواد الأساسية والأدوية الضرورية للسكان”.

إرضاء ضمير لا غير

وفي احتفال اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي شهده بعد ظهر الاثنين 24 نوفمبر قصر الأمم المتحدة في جنيف، تعاقبت الخطب تارة للتذكير بتعثر المسار السلامي، وأخرى لمزيد من الوصف لمعاناة الشعب الفلسطيني وسكان غزة بالخصوص تحت الاحتلال والحصار.

وسواء تعلق الأمر بكلمة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، أو الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أو منظمة المؤتمر الإسلامي، فإن هذه الخطب لم تتجاوز كونها نداءات ومناشدة لا غير. أما المجموعة الأوروبية فتجاهلت في خطابها الموجه بالمناسبة لكل هذه المعاناة مفضلة التذكير بالخطى التي تمت في إطار مفاوضات السلام، ودور الرباعية والدعم الاقتصادي والمالي الذي تعد به الدولة الفلسطينية المستقبلية.

ولربما أن المتدخلة الوحيدة التي ذكرت بمسؤولية المجموعة الدولية والتي تساءلت عن دوافع هذا الصمت للمجموعة الدولية، هي ممثلة منظمات المجتمع المدني التي قالت “إننا لمصدومون ولا نقوى على فهم وإدراك أسباب صمت المجموعة الدولية في مواجهة هذه الكارثة. هذه المجموعة الدولية التي تدير وجهها في الوقت الذي تتعرض فيه آلاف العائلات الفلسطينية للمجاعة ولا تقوى حتى على ضمان قطعه خبز لأطفالها”.

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

غزة (رويترز) – فتحت اسرائيل يوم الاثنين 24 نوفمبر 2008 معابر حدودية مع قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وسمحت بدخول كميات محدودة من الطعام والوقود للمرة الثانية خلال ثلاثة أسابيع بعد أن حذرت الأمم المتحدة من أزمة انسانية تلوح في الأفق.

وذكرت جماعات إغاثة أن عمليات الشحن التي تستمر يوما واحدا سيكون لها تأثير ضئيل نظرا لان المعابر الحدودية أغلقت لفترة طويلة مما أدى لنفاد الاحتياطي من جميع السلع من الدقيق الى علف الحيوان. وقال كريستوفر جونيس المتحدث باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) “هذا ليس كافيا.”

وذكر مسؤولون أن اسرائيل وافقت على السماح بدخول 45 شاحنة محملة بالبضائع عبر معبر كيرم شالوم من بينها عشر شاحنات للاونروا. وأضاف جونيس أن وكالته تحتاج الى نحو 15 شاحنة يوميا. وقال مسؤولون فلسطينيون ان نحو 15 شاحنة محملة بالحبوب وعلف الحيوان عبرت معبر المنطار للمرة الاولى منذ ثلاثة أسابيع.

وكان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك أمر بفتح المعابر بعد تراجع عدد الصواريخ التي يطلقها ناشطون فلسطينيون عبر الحدود من قطاع غزة. وفرضت اسرائيل قيودا على الواردات الانسانية الى قطاع غزة بدءا من الرابع من نوفمبر تشرين الثاني عندما أدت غارة دامية للجيش الاسرائيلي داخل قطاع غزة الى زيادة في عدد الهجمات الصاروخية.

وكان معبر كيرم شالوم للبضائع قد افتتح آخر مرة في 17 نوفمبر تشرين الثاني للسماح بمرور نحو 30 شاحنة من البضائع. وللمرة الاولى منذ 12 نوفمبر سمحت اسرائيل أيضا بدخول وقود يموله الاتحاد الاوروبي الى محطة الطاقة الوحيدة في قطاع غزة وهي خطوة يمكن أن تقلل بشكل مؤقت من انقطاع التيار الكهربائي باستمرار.

وقال وزير الصحة في حكومة حماس باسم نعيم ان غزة واجهت أزمة حقيقية لا يمكن تخفيف حدتها من خلال تلك الحيل “الصهيونية” في إشارة الى العدد المحدود من الشاحنات التي سمح بدخولها. وأضاف جونيس أن أونروا لا يمكنها العمل بشكل طبيعي بدون تدفق مستمر من الامدادات ليس فقط الطعام بل كتب التلاميذ التي أوقفتها اسرائيل أيضا منذ أسابيع. وذكر مسؤول فلسطيني أن اسرائيل وافقت على اعادة فتح المعابر في أعقاب وساطة مصرية التزم نشطاء غزة بموجبها بوقف الهجمات الصاروخية بشكل متزامن.

وقال مسؤولون اسرائيليون ان شحنات المعونات المستقبلية تعتمد على الحد من العنف عبر الحدود الذي يعرقل هدنة جرى التوصل اليها منذ خمسة أشهر من المقرر أن تنقضي في ديسمبر كانون الاول على طول الحدود بين اسرائيل وغزة. وذكرت اسرائيل وحماس أنهما تريدان استعادة التهدئة التي توسطت فيها مصر. وتدعو التهدئة حماس الى وقف اطلاق الصواريخ وغيرها من الهجمات ضد اسرائيل.

كما تطالب التهدئة اسرائيل بالتخفيف تدريجيا من الحصار الذي فرضته على قطاع غزة قبل أكثر من عام بعد أن تغلبت قوات حماس على قوات فتح بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 24 نوفمبر 2008)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية