مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

 المبعدون يجدون مأوى!

الفلسطينيان أحمد حمامرة وخليل عبد الله في صورة التقطت لهما من شرفة غرفة الفندق الذي أقاما فيه منذ إبعادهما من بيت لحم في لارناكا Keystone Archive

يعكس طول النقاشات التي اجرتها البلدان الأوروبية الخمسة عشرفي شان قضية المبعدين الفلسطينيين الـ 13، طبيعة التعقيدات الأمنية والقانونية للاتفاق الذي سيمكن توزيع المبعدين الفلسطينيين بين ستة بلدان اوروبية بالاضافة الى قبرص.

تخشى بلدان الاتحاد الاوروبي من أن تتحول القضية الى معضلة أمنية ـ قانونية بالنسبة لكل من الفلسطينيين من ناحية وأن تطال عواقبها العلاقات مع اسرائيل من ناحية أخرى.

وتوصلت البلدان الأوروبية بعد نقاشات مفصلة الى اتفاق يحدد الصفة القانوينة للمبعدين وحدود حرية تنقل كل منهم. ومثلما كان معلنا منذ أكثر من اسبوع، فان أفراد المجموعة الفلسطينية توزعوا، عكس ارادتهم، على ستة بلدان قبلت احتضانهم. وكان الفلسطينيون الثلاثة عشر أعربوا، غداة وصولهم الى لارنكا قادمين من بيت لحم، عن الرغبة في الاقامة في بلد أو اثنين من بلدان الاتحاد.

لكن الدوافع الأمنية تغلب الاعتبارات الانسانية. وستحتضن كل من ايطاليا واسابنا ثلاثة من المبعدين واليونان وايرلندا، اثنين لكل منهما ومبعد واحد، بالنسبة لكل من بلجيكيا والبرتغال وقبرص. وقال المبعوث الأوروبي لعملية السلام ميغيل موراتينوس بأن المبعدين “أحرار ويتم احتضانهم لأسباب انسانية”.

 تبريرات أوروبية

وينص الاتفاق على منح كل من المبعدين الفلسطينيين صفة “اللاجىء المؤقت” خلال فترة تتراوح بين ستة واثني عشر شهرا. وتتناسب هذه الصفة مع طبيعة رحيل المبعدين لأنهم مطلوبون للجيش الاسرائيلي بينما تعتبرهم القيادة الفلسطينية ضمن رجال المقاومة. وقد يعودوا من منفاهم في حال توفر الحل السياسي، وهو أمر مستبعد في ظل الظروف الراهنه.

وفي غضون ذلك، فانهم سيحصلون على حق جمع شمل عائلاتهم. إلا أن حرية تنقلهم ستكون محدودة في الظرف الراهن. وبمقتضي الاتفاق سيحرم المبعدون من حرية التنقل التي تضمنها معاهدة شينغن عبر تراب الاتحاد الأوروبي. ويلزم كل من المبعدين التقيد بتشريعات بلد الضيافة وعدم مغادرته من دون ترخيص مسبق.

وكانت البلدان الأوروبية الستة التي احتضنت المبعدين الثلاثة عشر أعلنت انفتاحها لاستيعابهم فور وصولهم الى لارناكا. لكن النقاشات غرقت في التفاصيل القانونية والتقنية الأمنية. ودار الجدل في مرحلة اولى حول صفة إقامة المبعدين لأنهم ليسوا لاجئين أو مهاجرين سريين وانما منفيين بارادة القيادة الفلسطينية ووساطة الاتحاد الأوروبي.

وتبرز المصادر الأوروبية الدور الحاسم الذي لعبته الدبلوماسية الأوروبية، قبل نحو اسبوعين، في تامين حل وسط بين قوات الاحتلال الاسرائيلي والمحاصرين داخل كنيسة المهد. وقال وزير الخارجية الاسباني ورئيس المجلس الوزاري الأوروبي جوزيب بيكي بأن “كنيسة المهد كانت ستظل محاصرة لو لم يتدخل الاتحاد الأوروبي ولكانت القوات الاسرائيلية ترابط في شوارع بيت لحم”.

 افتراضات كثيرة ومخاوف

وأجمع ممثلو البلدان الأعضاء في بروكسل حول تحديد مدة الاقامة وتقييد نطاقها الزمني والترابي داخل البلد المضيف. لكنهم اصطدموا بالمشاكل الأمنية التي يثيرها دخول ناشطين، تنسب اليهم اسرائيل اتهامات تدبير عمليات انتحارية، تراب الاتحاد الأوروبي.

وقالت مصادر دبلوماسية بأن البلدان التي أعلنت استعدادها احتضان المبعدين طلبت استكمال المعلومات في شأن كل منهم من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وذلك قبل اتخاذ القرار النهائي.

وكان وزير الخارجية الاسباني جوزيب بيكي صرح في نهاية اجتماعات وزراء الخارجية بان السلطة الفلسطينية أكدت، في مذكرة بعثتها الى المندوب السامي الأوروبي خافيير سولانا، التزامها العمل من أجل أن يحترم المبعدون الفلسطينيون تشريعات البلدان الأوروبية. وتوحي المذكرة بحرص القيادة الفلسطينية على أن لا يلازم النشطاء الفلسطينيون، بعضهم ينتمون للمقاومة المسلحة، الحياد فوق التراب الأوروبي. لكن اسرائيل لم تؤكد بصفة موثقة التزامها عدم المطالبة بتسليم المبعدين الفلسطينيين.

وتثير هذه الافتراضات خوف العديد من البلدان الأوروبية التي رفضت المساهمة في تحمل “العبء القانوني والأمني” للمبعدين. ورفضت كل من بريطانيا والدنمارك وهولندا والسويد وفنلندا والنمسا والمانيا استقبال بعض المبعدين.

وذكرت مصادر دبلوماسية في البلدان المعنية بأن استقبال المهاجرين واللاجئين يمثل جزءا من الصلاحيات الوطنية للبلدان الأعضاء التي تحدد الصفة القانونية ومدة الاقامة. وتعتبر المصادر نفسها تحديد حرية تنقلهم أمرا “ايجابيا” لأنه يحميهم من الملاحقة القضائية في حال تواجد المبعد في بلد اوروبي آخر (غير بلد الاقامة) وكان عرضة لطلب التسلم من جانب اسرائيل أو هدفا لشكوى مواطن اسرائيلي. لكن اتفاق احتضان البلدان الأوروبية الستة المبعيدن الفلسطينيين يوصي بضرورة الرد بشكل جماعي على كل طلب قد تقدمه اسرائيل لاستلام أحد المبعدين.

نورالدين الفريضي – بروكسل

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية