مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“المقاومة السلمية … تضمن الوصول إلى الحرية”

من اليمين سامي عوض رئيس جمعية الأرض المقدسة في بيت لحم، أياد أبوردينة وفالانتينا علامة يشرحون للحضور أهداف واسلوب عمل الجمعية في المناطق الفلسطينية swissinfo.ch

تزور جمعية الأرض المقدسة الفلسطينية سويسرا حاليا، للتعريف بنشاطها والنجاحات التي حصلت عليها في المجتمع المدني في المناطق المحتلة.

وتؤمن الجمعية بأن المقاومة الفلسطينية يجب أن تبدأ بشكل سلمي، من خلال تفاعل جميع طبقات المجتمع في مواجهة الإحتلال، مع عدم اليأس أو التفريط في الحقوق.

في ثاني محطة لها في أوروبا بعد ألمانيا، حطت جمعية الأرض المقدسة الفلسطينية، ومقرها مدينة بيت لحم، الرحال في سويسرا، في جولة بين برن وزيورخ وبازل ثم جنيف، تشرح للمهتمين بالقضية الفلسطينية، ابعاد الصراع في المناطق المحتلة على المجتمع المدني، وسعيا وراء تبادل الخبرات مع الجمعيات التي لها نفس النشاط والأهداف.

وفي المؤتمر الصحفي الذي عقدته منظمة “صانعوا السلم” السويسرية، التي استضافت جمعية الأرض المقدسة لزيارة الكنفدرالية، قالت السيدة باربارا فيغموللر إن العنف الذي تشهده المناطق الفلسطينية تحت الاحتلال، لا يجب أن يحجب صوت الداعين إلى المقاومة السلمية من الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، وانه من المهم أن يتعرف الرأي العام السويسري على منظمات المجتمع المدني الفلسطينية، التي تدعو إلى السلام وتدعم المجتمع في مجالات مختلفة.

وأعربت السيدة فيغموللر في الندوة الصحفية التي شهدتها العاصمة برن بعد ظهر الجمعة 4 مارس الجاري، عن قناعتها بأن العنف لا يحقق الأمن، ولن يجلب الحرية، (دون أن تشير حرفيا إلى العنف الإسرائيلي والمقاومة المسلحة الفلسطينية)، وأن لغة الحوار هي التي يمكن أن تمهد الطريق إلى هذا الهدف.

“نتعلم كثيرا من سويسرا .. ونريد المزيد”

وتعول جمعية الأرض المقدسة كثيرا على علاقاتها مع سويسرا، حيث يقول رئيسها سامي عوض “نتعلم كثيرا من السويسريين، فهم مثال جيد في التفاوض والنقاش السلمي ونسعد بافكارهم في حل الصراعات من خلال لغة الحوار.

فسويسرا بالنسبة للجمعية، هي صاحبة اتفاقيات جنيف، وهي التي تدعم القانون الدولي وتندد بخروقاته، وحيادها المعروف كان من اسباب تفوقها ونجاحها، ويضيف إياد ابوردينة “إن الدقة السويسرية في التعاملات تماما مثلما هي في الساعات”.

وترى فالنتينا علامة، التي تقوم بتنسيق واعداد مشروعات الجمعية، بأنها استفادت كثيرا من تعاملاتها مع السويسريين في أساليب التخطيط ومتابعة البرامج، وهو ما يجعل التعامل مع الجمعيات والمنظمات الأوروبية سهلا، لا سيما إذا توفرت الشفافية في العمل.

ويؤكد ضيوف سويسرا، على أن رسالتهم إلى المواطنين هنا هي الإستفادة والتعلم من تجارب الماضي، وعدم الوقوع في الأخطاء التي صاحبت مفاوضات السلام المتعثرة حتى اليوم، وأن دعم المجتمع المدني الفلسطيني هو أحد الطرق الصحيحة للوصول على السلام بين الجانبين.

“ليست تنازلا عن الحقوق”

وفي حديثه مع سويس انفو، قال السيد سامي عوض، رئيس منظمة الأرض المقدسة، بأن المقاومة السلمية لا تعني الإستسلام لنير الإحتلال، بل لتثبيت الحق، وترسيخ اساليب التعامل مع الطرف المحتل، رغم المعاناة اليومية التي يواجهها الشعب الفلسطيني من الأطفال إلى الشبوخ، سواء على المعابر ونقاط التفتيش، أو في الحياة اليومية العادية.

وأكد سامي عوض للحاضرين في الندوة الصحفية في برن، على أن المقاومة السلمية هي معارضة جادة من أجل التغيير وتهيئة المجتمع الفلسطيني لمرحلة السلام، التي ستأتي لا محالة، مشيرا إلى أن طريق المفاوضات يحب أن يتزامن مع نشاط متواصل لمنظمات المجتمع المدني، وأنه من الخطأ أن تفرض أية جهة حظر أنشطة تلك الجمعيات التي تساعد المواطن الفلسطيني في التغلب على معاناته في الحياة اليومية.

ويشرح عوض لسويس انفو سياسة عمل الجمعية، قائلا بأن من أهم اهدافها الوصول إلى احترام الفلسطينيين، والإعتراف بأبسط حقوقهم، وهو مسعى يتحقق من خلال المقاومة السلمية أسرع من أي طريق آخر.

ونظرا لأن أغلب جمعيات منظمات المجتمع المدني الفلسطينية تتلقى من حين إلى آخر دعوات من أطراف أجنبية للتعاون معها، فإن مهمة التعرف على الجيد منها أمر ليس سهلا، وفي هذا السياق يقول سامي عوض إلى سويس انفو “لا نتلقى تمويلا خارجيا من حكومات، ولكن نرحب بالدعم المعنوي، أما المنظمات والجمعيات غير الحكومية الدولية، فنختار منها ما يتماشى مع اهدافنا وأساليبنا، فقد رفضنا عروضا مالية من مؤسسات أجنبية طلبت ممنا أن نحذف كلمة المقاومة من برنامج عملنا، على الرغم من أننا نؤكد على أنها مقاومة سلمية، مثل التي قام بها غاندي في الهند أو ابناء جنوب افريقيا، فرسالتنا واضحة، ونريدها أن تصل إلى بقية الجهات المهتمة بمساعدة الشعب الفلسطيني”.

أما نجاح الجمعية فشرحه اياد أبو ردينة في حديثه مع سويس انفو، قائلا بأن دعوة فئات مختلفة من الشعب الفلسطيني إلى جلسات النقاش والتعامل معها حسب احتياجاتها والمشاكل التي تعاني منها، تلاقي اقبالا متزايدا من جميع الطوائف المختلفة، وربما ساعد تقسيم المهتمين بأنشطة الجمعية حسب الاهتمامات والمستوى الثقافي على تحديد اهداف مجموعات العمل واسلوب الخطاب والحوار مع الآخر.

مفاتيح السيطرة على الموقف

ويضرب أبو ردينة مثالا على ذلك قائلا، بأن الطلبة يلاقون مشكلات جمة في الوصول إلى معاهدهم ومحاضراتهم وحتى اختباراتهم، وإذا تشنج الطالب أمام الجندي الإسرائيلي (كرد فعل تلقائي على تأخيره) فإنه يماطل أكثر في السماح له في المرور، ونصيحة الجمعية في هذه الحالات هي التعامل مع الموقف بهدوء شديد، وعدم اظهار أهمية المرور، فالتجربة اظهرت ان الجنود الاسرائيليين يتعمدون التأخير وإظهار اللامبالاة إذا شعروا بأن الطالب على عجلة من أمره، وأما من يبدو هادئا فيمر دون عراقيل (في اغلب الأحيان).

ويلتقط سامي عوض الخيط من زميله أبوردينة قائلا، إن الهدف من ممارسة أكبر قدر من التعنت مع المدنيين الفلسطينيين هو تحويل حياتهم اليومية إلى عذاب لا يطاق، كي يفكر الكثيرون منهم في الهجرة والنزوح خارج فلسطين، وهو ما يجب أن تعمل الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني على منعه، من خلال المقاومة السلمية التي تقوي الإيمان بالحقوق المشروعة وضرورة الحصول عليها والتسمك بذلك، والتعامل مع المواقف المتعنته بالكياسة والفطنة، فلا حل آخر أمام الفلسطينيين، حسب رأيه.

التعايش السلمي ممكن .. أم مستحيل؟

وقد ظهرت العديد من التعليقات في الندوة الصحفية التي تشيد بعملية السلام الحالية، لا سيما بعد قمة شرم الشيخ، ورأت أن الأمل في تحقيق السلام أصبح أقرب من أي وقت سابق، إلا أن أعضاء الأرض المقدسة خالفوهم في الرأي، وقالت فالنتينا علامة، من عضوات الجمعية، بأن الواقع على الأرض يختلف عن التصريحات، فالممارسات ضد المدنيين الفلسطينيين متواصلة، ولم تتراجع اسرائيل عما كانت تقوم به قبل القمة، وحتى الإفراج عن عدد قليل من المعتقلين، ليس إلا لأهداف إعلامية فقط.

أما التعايش السلمي، فقد تشكك فيه مشارك آخر، قال إنه لا يتوقع بأن العقليات يمكن أن تصل إلى درجة كاملة من التقارب والتفاهم، في مثل تلك الأجواء التي تزداد فيها الأمور تعقيدا يوما بعد يوم، ليرد أعضاء الأرض المقدسة، مذكرين بأن فلسطين والشرق الأوسط كانت عبر قرون سحيقة ضاربة في بطن التاريخ المكان الوحيد الذي يتعايش فيه المواطنون سويا على اختلاف أديانهم من يهود أو نصارى أو مسلمين في أمن وسلام، فلماذا لا نتعلم من هذا الماضي؟ حسب تساؤل أحدهم، الذي لم يلق جوابا من الحاضرين.

تامر أبو العينين – سويس انفو

تأسست جميعة الأرض المقدسة في بيت لحم عام 1998 كمنظمة غير حكومية لتدريب المواطنين الفلسطينيين على المقاومة السلمية.
يعمل فيها 12 شخصا بصورة دائمة و100 متطوع من بينهم 20 من شباب الجامعات والمعاهد.
تعتمد في تمويلها على التبرعات العينية والمساعدات التي تقدمها لها الجمعيات والمنظمات الغير حكومية ذات الأهداف المشتركة.
تزور الجمعية برن وزيورخ وبازل.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية